مناورات الأسد الإفريقي تُثير غضبًا بالمغرب: "أصبحنا محمية إسرائيلية"

منذ ١٨ ساعة

12

طباعة

مشاركة

إثر مشاركة لواء جولاني صاحب الدور الكبير في الإبادة الإسرائيلية بقطاع غزة، في مناورات الأسد الإفريقي التي جرت على أراضي المغرب في الفترة من 12 ـ 23 مايو/أيار 2025، تعالت الأصوات الغاضبة التي ترى أن" ما يحدث ليس إلا دليلا على أن المغرب أصبح محمية إسرائيلية".

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية: إن مركز تدريب "تيفنيت"، جنوب مدينة أكادير المغربية، شهد تدريبات على يد "وحدة جولاني الإسرائيلية".

حكومة “خائنة”

وكانت هذه التدريبات موجهة للقوات الخاصة بالمملكة وتخص بالذات تقنيات حرب الأنفاق. وقد أثار هذا المشهد، الموثق بالصور التي نشرها الجيش الأميركي، جدلا واسعا في المغرب. 

وفي الحقيقة، لا يردّ هذا الاستياء لمشاركة الكيان الإسرائيلي في مناورات الأسد الإفريقي واسعة النطاق، التي أصبحت شائعة منذ التطبيع الدبلوماسي سنة 2020، بل إلى السياق التي تتنزل فيه.

حيث جاءت هذه التدريبات في خضمّ الهجوم الإسرائيلي المتصاعد على قطاع غزة، والذي خلّف أكثر من 54 ألف قتيل خلال 20 شهرا، معظمهم من المدنيين، وحوّل القطاع الفلسطيني إلى أنقاض.

وأشارت الصحيفة إلى أن كريم حسون، الناشط والمؤسس المشارك لمؤسسة هند رجب، وهي منظمة مقرها بروكسل تُقاضي الجنود الإسرائيليين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في غزة أثناء سفرهم إلى الخارج، كان أول المنددين بالتدريبات التي يجريها جيش الاحتلال على الأراضي المغربية. 

ونقلت الصحيفة عن النشاط المغربي قوله: "بصفتي مغربيا، كانت هناك القليل من المناسبات التي شعرت فيها بمثل هذا الشعور العميق بالخيانة". 

وأضاف: "إن التدريب مع وحدة معروفة بتورطها في جرائم حرب في وقت تجري فيه إبادة جماعية أمر لا يمكن عدّه إستراتيجية، بل هو تواطؤ مباشر". 

لواء دموي

وأشارت الصحيفة إلى أن لواء جولاني تأسس سنة 1948، وشارك في الحروب العربية الإسرائيلية المتتالية. وهو الآن تحت المجهر بسبب دوره في العملية العسكرية الحالية في القطاع. 

وفي مارس/ آذار 2025، شاركت إحدى كتائبه في عملية في رفح أسفرت عن مقتل 15 عاملا في المجال الإنساني، وفقا لمنظمات غير حكومية ووكالات الأمم المتحدة، واستهدفت سيارات الإسعاف التي كانت متجهة لمساعدة ضحايا القصف الإسرائيلي العشوائي. 

وخلال هذه العملية، التقطت هواتف جنود الاحتلال صورا توثق جريمتهم بعد دقائق من إطلاق النار. وفي وقت لاحق، أُخفيت جثثهم في مقبرة جماعية بالقرب من موقع الهجوم.

وأوردت الصحيفة أن وجود هذه الوحدة على الأراضي المغربية، التي أعلنت السلطات أنها تهدف إلى تبادل الخبرات التكتيكية وتعزيز "التوافق التشغيلي" بين الحلفاء، موجة من الانتقادات بين المواطنين العاديين والمعارضة على حد السواء. 

ونقلت الإندبندينتي عن علي المرابط، الصحفي المغربي المنفي في كتالونيا والناقد المخضرم للنظام الملكي، أن "ما حدث هو فضيحة لم يسبق لها مثيل. لقد تحولنا إلى محمية إسرائيلية في خضمّ إبادة جماعية وحشية". 

ويضيف الصحفي: "سيفسر البعض هذا التواطؤ المريع بأنه نتيجة للخوف من الجزائر. أعتقد أن النظام المغربي قد طبّع عقودا من العلاقات السرية، والتي تكن في كنف السرية التامة نوعا ما". 

وأضاف: "دعونا لا ننسَ أن الحسن الثاني سمح للموساد في ستينيات القرن الماضي بالتجسّس على القادة العرب في اجتماع للدول العربية في الدار البيضاء، قبيل حرب 67".

وذكرت الصحيفة أن التعاون لا يقتصر على التدريبات الرمزية، بل يتعدى ذلك، ويشمل التدريبات على حرب الأنفاق. وبحسب مصادر عسكرية ووثائق رسمية، ركزت التدريبات على هذا الجانب، وهو أحد التكتيكات التي استعملها جيش الاحتلال في غزة وجنوب لبنان. 

وفي هذه المناورات، استخدمت أنظمة روبوتية وأنظمة مراقبة متطورة. وأُجري التدريب في عدة مدن في أنحاء البلاد، منها أكادير، وتيزنيت، والقنيطرة، وبن جرير. 

ويُصرّ حسون على أن "الصور تُظهر بعضا من نفس التكتيكات المُستخدمة لقتل المدنيين ودفنهم أحياء في غزة. وتُشكّل هذه التدريبات، في خضمّ إبادة جماعية، انتهاكا للقانون الدولي وعارا أخلاقيا".

نفاق واضح

ونوَّهت الصحيفة إلى أن الاستياء الشعبي أصبح ملموسا في المغرب. فضلا عن ذلك، يعد الشعب المغربي من أكثر الشعوب العربية احتجاجا على الوضع في غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.

وفي الوقت الراهن، أصبحت حالة اللامبالاة في طي النسيان. وقد أجّج التناقض بين الخطاب الرسمي الداعم لفلسطين والتعاون العسكري مع الكيان التوترات على أراضي البلد المغاربي.

يرى الخبير الاقتصادي والمعارض، فؤاد عبد المومني، أن "النظام يريد أن يُظهر للولايات المتحدة وإسرائيل تأييده الكامل، بينما يتظاهر بالالتزام بالحقوق الفلسطينية. 

لكن مع فظاعة الجرائم الإسرائيلية، أصبح هذا الموقف غير قابل للاستدامة".

ونقلت الصحيفة أن مناورات "الأسد الإفريقي"، التي تُنظمها الولايات المتحدة والمغرب سنويا بمشاركة دول حليفة، أصبحت واجهة لواقع جيوستراتيجي جديد في شمال إفريقيا. 

وفي نسختها الحادية والعشرين، شاركت وفود من أكثر من 20 دولة، من بينها عدة دول عربية. ولم يكن الوجود الإسرائيلي خافيا. فقد ذكر تقرير لتلفزيون الكيان، مكان، أنه "لأول مرة، صُوِّر وصول الجنود الإسرائيليين ونُشر مع العلم. لم تعد العلاقات سرية".

أشارت الصحيفة إلى أن التحالف المغربي الإسرائيلي واقع صمد أمام عاصفة الاستياء الشعبي الهائل الذي لحق به. لكن، كانت صور جنود الاحتلال وهم يتدربون على الأراضي المغربية، في وقت يتدهور فيه الوضع في غزة، معطى قلب كل الحسابات رأسا على عقب. 

وبالتزامن مع ذلك، أعيد فتح معضلة قديمة في السياسة الخارجية المغربية: إلى أي مدى يُمكن الحفاظ على التحالف مع إسرائيل دون تقويض الرابط العاطفي والتاريخي مع القضية الفلسطينية؟

ونقلت الصحيفة عن حسون أن "الشعب المغربي متفق، وبأغلبية، على دعم القضية الفلسطينية. وبالمثل، لا يحظى التطبيع بدعم المغاربة. إنها أجندة نظام لا يمثل أحدا". 

وواصل: "إن التواطؤ في جرائم الحرب ليس أمرا غير قانوني فحسب، بل هو أيضا غير مقبول أخلاقيا". 

ونوهت الصحيفة إلى أن عزلة الكيان المتزايدة على الساحة الدولية تعقّد مهمة محمد السادس وحاشيته في تحقيق التوازن. 

ويشير عبد المومني إلى أن "هذا الموقف أصبح صعبا للغاية في ظل فظاعة الجرائم الإسرائيلية وتسارع إدانتها، حتى من قِبَل المؤسسات الغربية والإسرائيلية".

ويحذر المعارض المغربي من أن "الانتقادات اللاذعة للمواقف المغربية الرسمية تتزايد في الشارع وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، ولكن حتى الآن لا توجد أي مؤشرات على انفجارات وشيكة. 

وكما هو الحال دائما مع الأنظمة القمعية، لا يُعلن عن الانفجارات قبل أن تظهر على أرض الواقع".