"حرب دينية".. دعوات لنصرة الأقصى ضد اقتحامات المستوطنين وتنديد بصمت المطبعين

12

طباعة

مشاركة

في انتهاك صارخ لحرمة مسرى رسول الله ﷺ، واصل مئات المستوطنين اقتحامهم باحات المسجد الأقصى لليوم الثاني على التوالي، بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، لإحياء ما يعرف بـ "عيد الغفران"، وارتدى بعضهم لباس الكهنة، ورُصد أحدهم يحمل سلاحا شخصيا.

ومنذ ساعات صباح 25 سبتمبر/أيلول 2023، شددت قوات الاحتلال إجراءاتها على أبواب المسجد الأقصى، ومنعت المواطنين من الدخول إلى المسجد، بحجة أن سنهم دون 50 عاما، كما احتجزت هويات آخرين، واعتقلت شابا من داخل باحاته.

ويُعد "يوم الغفران" أقدس أيام السنة لدى اليهود، ويأتي بحسب التقويم العبري في العاشر من شهر (تشري)، ويبدأ هذا العام مع غروب شمس 24 سبتمبر/أيلول وحتى ما بعد الغروب اليوم التالي، ويتضمن صياما وتوقفا شاملا عن كل "الأعمال الدنيوية" بما يشمل حركة المواصلات.

وأدان البرلمان العربي وعدة دول عربية بينها السعودية والأردن ومصر، اقتحام المستوطنين المتطرفين للأقصى، وقيامهم بممارسات استفزازية تنتهك حرمة المسجد والمقابر الإسلامية، بحماية قوات الاحتلال.

وتزامنت اقتحامات المستوطنين للأقصى، مع إطلاق مسلحين الرصاص على عضو مجلس بلدية الخليل، عبد الكريم فراح، ما أدى إلى إصابته في قدميه برصاصات عدة، نُقل على إثرها إلى مستشفى الأهلي بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وأدخل لغرفة العمليات الجراحية. 

وأثارت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى غضبا واستياء واسعا بين الناشطين على موقع إكس "تويتر سابقا"، أعربوا عنه عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الأقصى_في_خطر، #أقصاكم_يدنس، #الخليل_تحت_الفلتان، وغيرها.

واتهموا السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، بالوقوف وراء الجرائم التي تستهدف أعضاء المجلس البلدي في الخليل، وإشعال الأحداث في مدن الضفة الغربية، لتقديم خدمات مجانية للاحتلال الإسرائيلي وصرف الانتباه عن العدوان على المسجد الأقصى.

وصب ناشطون جام غضبهم على الأنظمة العربية المطبعة مع الاحتلال والمستمرة في مساعيها للوصول إلى اتفاق تطبيع، وتجاهل انتهاكاته وتشجيعه على التمادي في جرائمه وعدوانه على مقدسات المسلمين، داعين إلى شد الرحال للأقصى لنصرته، ومشيدين بدور المقاومة.

شد الرحال

وتفاعلا مع الأحداث، حذر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، إسماعيل رضوان، من "محاولات الاحتلال الصهيوني بإشعال حرب دينية في المنطقة واستغلال الأعياد اليهودية لفرض وقائع جديدة داخل المسجد الأقصى".

ودعا أهل القدس والضفة الغربية والداخل المحتل إلى "النفير العام وشد الرحال إلى المسجد الأقصى وتكثيف الرباط فيه إفشالا للمخططات التلمودية الصهيونية".

وأكد الصحفي خالد سلطان، أن "المسجد الأقصى يحتاج حماية"، مشيرا إلى أنه يتعرض لمحاولة "التهويد الأكبر" إذ اقتحمه مئات المستوطنين بحماية من قوات الاحتلال المدججة بالسلاح لتأمين الاستفزازات بالمسجد.

وأضاف في تغريدة أخرى "الرباط في الأقصى هذه الأيام من أعظم القربات، خط الدفاع الأول ضد تغول الاحتلال ضد التدنيس ومحاولة فرض الأمر الواقع".

وأوضح الكاتب والباحث عزات جمال، أن "الاعتداء على المسجد الأقصى يقابله تصاعد في العمل البطولي"، مشيرا إلى أنها "معادلة أصبحت واقعا حقيقيا نجحت المقاومة في الحفاظ عليها".

ولفت إلى "اعتراف الاحتلال بوقوع ثلاث عمليات إطلاق نار باتجاه مستوطنات شمال الضفة منذ الصباح".

وأشار المستشار الإعلامي والإستراتيجي، روني ألفا، إلى أن فقط في الكيان الغاصب يترافق ما يُسمّى "عيد الغفران" بتشديد الحصار وخنق الحياة والحركة من وإلى الضفة وغزة.

وتساءل: "عن أي غفران وأي عيد يتكلمون في ظل تدنيس المسجد الأقصى؟"، قائلا إن الغفران توبة عن المعاصي وعند الصهاينة إمعان فيها، عيد التمييز العنصري بأسوأ صورة أفضل تسمية لوصف حقارة المحتل.

وكتب المحلل السياسي، ياسر الزعاترة، تحت عنوان "القدس في يوم الغفران.. اعتقال مدينة بسكانها: يوم بدأ مساء أمس، وفق تقويم المحتلين، وينتهي مساء اليوم.. إغلاق للشوارع وإجراءات هستيرية لتأمين اقتحامات الغزاة للأقصى.. كل ذلك يفرض على المقدسيين عطلة وإقامة إجبارية.. هنا القدس القديمة، حيث تتأكد ديمومة الصراع ويُفضَح باعة الأوهام". وحذرت المغردة مريم، من أن "المحتل سيتمادى أكثر، وسيدنس ما استطاع من الأقصى بجرأة ويقين ان لن يمسه أذى، فلا خوف من إدانة أو شجب"، مؤكدة أنه "سيتمادى ويحكم قبضته على ما أخذ من فلسطين وعيناه على باقي ما وعد به حسب معتقده الديني".

وأضافت: "أعانكم الله أبطال الضفة، الساحة ساحتكم والحرب حربكم، هذا عدوكم يتمادى فألجموه".

استهجان التطبيع

واستنكر ناشطون حشد جماعات "الهيكل" المتطرفة المستوطنين تأهبا لاقتحام الأقصى فيما يسمى "عيد الغفران" اليهودي، بينما تواصل الأنظمة العربية تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتساءل الكاتب والباحث أحمد سليمان العمري: "ماذا حقّقت اتفاقيات التطبيع العربية مع الاحتلال؟ غير مزيد من اقتحامات المسجد الأقصى وتدنيس المقدسات على مرأى من العالم، والعالم العربي، إضافة إلى التنكيل والقتل".

وأشار إلى أن عُرّاب التطبيع يتغنون بنجاح عملية سلام وهمية، وعندما يقتحم  المستوطنون الأقصى بحماية الشرطة يعتريهم الهوان والإذلال، فلا يقولون ولا يعلنون ولا يستبشرون، لأن هناك قوة "المقاومة" تردّ وتردع وتهدم كُل مشاريع الاستسلام؛ تسوّق باسم الحرية.

واستهجن عضو مجلس الأمناء بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، محمد الصغير، اقتحام عصابة إسرائيلية للأقصى مع بدء "يوم كيبور" الذي يعني "يوم الكفارة" أحد أهم أيام التقويم العبري، تحت غطاء من القمع، وحماية من شرطة الاحتلال.

واستنكر أيضا "اقتحام الصهاينة مخيم نور شمس بالضفة الغربية وقتل رجلين وإصابة عدد من الجرحى، في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة التطبيع!".

وتمنى إياد قانوع، أن "يعيش كل عربي خائن تطاول على الشعب الفلسطيني وفرحان بالتطبيع مع إسرائيل، ما عاشه الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال من قتل واعتقال وسرقة أرض وتدمير بيت".

عدوان موثق

ونشر ناشطون مقطع فيديو وصورا توثق عدوان المستوطنين وتدنسيهم للمسجد الأقصى واقتحامهم له واستفزازهم للمسلمين والمقدسيين.

وأشار المغرد فيصل إلى أن "أصوات المستوطنين تملأ المسجد الأقصى ويغنون ويرقصون على أعتاب باب القطانين، أحد أبوابه فيما يسمى بعيد الغفران"، قائلا: "حسبنا الله ونعم الوكيل".

وعرض الناشط الحقوقي، سيدي محمد بستاتي، مقطع فيديو يظهر فوجا من قطعان المستوطنين مرتدين زي "الكهنة" يدنس المسجد الأقصى المبارك بحماية قوات الاحتلال، لإحياء عيد "الغفران" اليهودي.

ونشر المذيع ومقدم برامج تلفزيونية محمد عمر حامد، صورا تظهر مرابطات في المسجد الأقصى يقرأن القرآن في وجه اقتحامات المستوطنين. وبثت خديجة القاطه، مقطع فيديو للمستوطنين أثناء اقتحامهم للأقصى، قائلة: "في يوم الغفران يدنسون أقصانا".

حيلة السلطة

وصب ناشطون جام غضبهم على السلطة الفلسطينية واتهموها بافتعال أزمات في مدن الضفة الغربية، وبينها الخليل بهدف التعتيم على العدوان الإسرائيلي على الأقصى وإشغال الرأي العام عن انتهاكات المستوطنين وتدنيسهم له وحرف البوصلة عنه.

وعددت مروة ناصر، الجرائم التي ارتكبتها السلطة في أعقاب اقتحام المستوطنين للأقصى، ومنها إطلاق النار على عضو مجلس بلدية الخليل، عبد الكريم فراح، وأطلقت النار تجاه سيارة نائب رئيس بلدية الخليل، أسماء الشرباتي.

وأشارت ناصر إلى أن السلطة اعتقلت أيضا الأسرى المحررين والمقاومين في مدن الضفة، مؤكدة أن "كل ذلك فعلته بهدف حرف الأنظار عن الأقصى". 

وقال الكاتب يحيى بشير، إن "حادثة الاعتداء على عضو المجلس البلدي في الخليل على يد عصابات السلطة ومن تتغاضى عنهم من المنفلتين والعصابات، والذي يظهر واضحا للعيان كيف تستخدمهم السلطة كأداة قذرة لتصفية الرجال الصالحين ممن لهم تأثير حقيقي في الضفة، هو الوجه الحقيقي لهذه السلطة المأجورة".

وأكد في تغريدة أخرى، أن "مشاهد الفلتان الأمني في مدن الضفة الغربية، وحالة الانهيار التام لكل معاني الأمن والأمان على يد السلطة وعصاباتها، يوحي بأن عمل منظومة السلطة وأجهزتها الأمنية مُختصر فقط تجاه الخلايا التي تقاوم الاحتلال"، قائلا إن "من يروّج لغير ذلك فهو مأجور".

ورأى الناشط رعد علي، أن "ما حدث اليوم في الخليل يعيد إلى الأذهان ما ذكره مسؤول أمني (إسرائيلي) أخيرا حين قال: سنفعل كل شيء حتى لا تنفجر الخليل، وإذا حدث ذلك فسيكون الوضع أصعب من جنين"، قائلا: "الواضح أن السلطة ترعى الفلتان في الخليل تنفيذا لأجندة الاحتلال".
وأوضح المذيع ومقدم البرامج، إسلام بدر، أن "ما يحصل في الخليل محاولة لإعادة مجلس البلدية المنتخب لبيت الطاعة، وفي السياق حرف بوصلة الخليل عن الالتحاق بركب جنين ونابلس وطولكرم"، مختصرا ذلك بأن "أمراء الحرب مستعدون لحرق الخليل مقابل بقائها تحت سيطرتهم!!".