ملفات خلافية عديدة.. ما شروط تركيا لإتمام زيارة أردوغان إلى العراق؟ 

يوسف العلي | منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

مع تولي الإطار التنسيقي الشيعي إدارة السلطة في العراق، يجرى الحديث عن زيارة مرتقبة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى بغداد، ولاسيما بعدما أجرى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، محادثات مع الأخير بالعاصمة التركية أنقرة، في 21 مارس/آذار 2023.

وتركزت محادثات السوداني- الذي تولى السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2022-، مع أردوغان على التعاون بين بغداد وأنقرة في مجال مكافحة الإرهاب ونشاط "حزب العمال الكردستاني"، وإعادة إعمار العراق، وتعزيز التعاون في مجالات المياه والتجارة والطاقة.

لكن زيارة الرئيس التركي إلى بغداد ورغم الحديث عنها في وسائل الإعلام العراقية، لم تتحقق حتى الآن، الأمر الذي أثار جملة من التساؤلات بخصوص مصيرها، خصوصا أنها تمثل أهمية كبيرة بالنسبة إلى بغداد.

واشنطن تتدخل

وعن أسباب تأخر الزيارة المرتقبة، نشرت صحيفة "ذا كرايدل" الأميركية، تقريرا في 7 سبتمبر/أيلول 2023، كشفت فيه أمورا عدة تقف وراء تأجيلها، بعد أن كانت مقررة في أغسطس/آب 2023، مشيرة إلى وجود خلافات بين بغداد وأنقرة تدخلت واشنطن لحلها.

وقالت الصحيفة إن مصادر من داخل أنقرة أكدت لها بأن أردوغان "قرر" تأجيل زيارته إلى بغداد نتيجة لطلب تقدمت به الأخيرة إلى واشنطن للتدخل وإجبار الحكومة التركية على تنفيذ قرار محكمة النزاعات الدولية بدفع تركيا غرامة إلى العراق بقيمة 1.5 مليار دولار.

ففي 25 مارس/آذار 2023، أوقفت تركيا صادرات العراق الشمالية البالغة 450 ألف برميل يوميا، بعد حكم غرفة التجارة الدولية بباريس، الذي أمر أنقرة بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار عن صادرات غير مصرّح بها من حكومة إقليم كردستان بين عامي 2014 و2018.

وبيّنت الصحيفة أنه "رغم استمرار المباحثات، فإنه من الواضح أن أردوغان لن يزور بغداد حتى الحصول على اتفاق خطي طالب به يضمن تخلي العراق عن التعويض، فضلا عن إيقاف إجراءات دعوى قضائية أخرى رفعتها بغداد ضد أنقرة قبل سنوات وما تزال مستمرة حتى اللحظة".

ولفتت إلى أن "الأنباء التي تحدثت عن تأجيل الرئيس التركي لزيارته إلى شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2023 غير دقيقة"، مؤكدة نقلا عن مسؤول في الحكومة العراقية (لم تكشف هويته)، أن "السلطات التركية لم تبلغ بغداد رسميا حتى الآن بموعد دقيق للزيارة".

ونوهت الصحيفة إلى أن "الزيارة من المؤمل أن تحصل بعد حلّ مجموعة من المشكلات الشائكة ومن أهمها التعاون في مجال الطاقة، ومعضلة تصدير النفط من إقليم كردستان"، بحسب وصفها.

وأكد المسؤول العراقي أن "المباحثات التي تهدف لحل تلك المشكلات قبيل زيارة أردوغان قد تستمر لأشهر"، مؤكدا أنها "قد تحصل في أي وقت في حال قررت الحكومة التركية تنفيذها من دون الحاجة للتوصل إلى اتفاقات كاملة بشأن تلك المسائل الشائكة".

وعلى الصعيد ذاته، نشر موقع "ميدل ايست آي" البريطاني، تقريرا في 8 سبتمبر 2023، كشف فيه عن رفع تركيا دعوى ضد العراق أمام محكمة أميركية، تطالب بموجبها بغداد بدفع تعويضات لها قدرها 950 مليون دولار.

وأشار إلى أن "تركيا لا ترفض دفع أي مبلغ للعراق وحسب، بل تؤكد ضرورة أن يدفع لها الأخير مبلغ 956 مليون دولار، وأن المبلغ الذي على بغداد دفعه لها سيكون أكبر من الذي عليها هي أن تدفعه للجانب العراقي".

ولفت الموقع البريطاني إلى أن "تركيا تريد احتساب نسبة الفائدة التي حددتها هيئة التحكيم الدولية في باريس للتعويضات التي يجب على كل من البلدين دفعها للآخر".

وبحسب قوله، فإن "العراق سيحصل على 2.6 مليار دولار بعد احتساب الفوائد، فيما من المقرر أن تحصل تركيا على 3.5 مليارات دولار"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

شروط أخرى

عقب زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى العراق في 22 أغسطس 2023، أكد مسؤول في وزارة الخارجية العراقية أنّ زيارة الأخير، لم ينتج عنها التوصل إلى تفاهمات نهائية بين بغداد وأنقرة حيال ملفات وصفها بأنها "شائكة ومعقدة"، حسبما نقلت وكالة "بغداد اليوم".

وذكرت الوكالة العراقية خلال تقرير لها في 25 أغسطس 2023، نقلا عن المسؤول العراقي (لم تكشف هويته) أنّ "زيارة الرئيس التركي أردوغان للعراق، والمتوقعة في شهر سبتمبر 2023، مرتبطة بتجاوب العراق مع ما عرضه فيدان".

وأوضح المسؤول أنّ "تركيا تُطالب العراق بتصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، والعمل على منع استخدام الأراضي العراقية، لتنفيذ اعتداءات مسلحة داخل الأراضي التركية".

ولفت إلى أن "فيدان قدم وثائق وصورا جوية للمسؤولين العراقيين تظهر كيفية انتقال مسلحي الكردستاني من داخل العراق إلى تركيا وتنفيذهم اعتداءات، وأنشطتهم المسلحة في مناطق قنديل ومخمور وسيدكان والزاب ومحافظة السليمانية في إقليم كردستان".

ولفت المسؤول أن "فيدان الذي التقى كبار المسؤولين العراقيين في بغداد وأربيل، أكد أن مسلحي حزب العمال الكردستاني يحظون فيها برعاية من أطراف سياسية كردية، في إشارة منه إلى الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني".

وتطرق فيدان إلى ملف النفط أيضا، إذ أشار إلى أن "تركيا تعد نفسها طرفا غير معني بالخلاف النفطي بين بغداد وأربيل والذي على أثره جرى رفع دعوى في باريس من الحكومة العراقية، بالنظر إلى أن نفط إقليم كردستان يجري تصديره عبر الأراضي التركية إلى ميناء جيهان للتصدير".

وفي هذه النقطة، طالب وزير الخارجية بعدم تحميل بلاده أي تبعات مالية في هذا الملف لقاء الموافقة على استئناف تصدير النفط، مشيرا إلى أن تركيا أبدت مرونة في مسألة مساعدة العراق تجاوز أزمة شح المياه بزيادة ضخ المياه عبر نهر دجلة.

وأوضح المسؤول العراقي أنّ تركيا تنتظر "ردا عراقيا على ما جرى عرضه من طلبات خلال الفترة المقبلة، وتحديدا ملف حزب العمال الكردستاني واستئناف تصدير النفط، لقاء المضي بزيارة أردوغان التي يفترض أنها تشهد توقيع اتفاقيات نهائية حول تلك الملفات".

ولم يصدر عن بغداد حتى 12 سبتمبر 2023، أي موقف واضح حول ملف حزب العمال باستثناء بيان للخارجية العراقية صدر، عقب لقاء وزير الخارجية فؤاد حسين بنظيره التركي، وجاء فيه: أن "الدستور العراقيّ لا يسمح لأي منظمة باستخدام العراق منطلقا للهجوم على دول الجوار".

ويتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية"، في الأراضي العراقية بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، كان آخرها عام 2022 عندما اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك، والتسبب بقتل عدد من المواطنين وهو ما نفته أنقرة.

وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة بغداد ونظيرتها التركية بشأن إنهاء وجود "العمال الكردستاني" في العراق بعوامل عدة، أبرزها وجوده في مناطق وعرة يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان.

إلى جانب ذلك، فإن "العمال الكردستاني" الذي تصنفه تركيا على لوائح الإرهاب، يتلقى دعما من مليشيات عراقية شيعية موالية لإيران، خاصة في مناطق سنجار غربي نينوى، والتي تعد منطقة إستراتيجية وممرا مهما بالنسبة لها إلى سوريا، بحسب مراقبين عراقيين.

زيارة مهمة

وتكمن أهمية زيارة أردوغان إلى العراق، في الملفات التي تعول بغداد على حسمها مع أنقرة، وخصوصا أزمة المياه وتراجع مناسيب نهري دجلة والفرات، وحزب العمال الكردستاني، إضافة إلى استئناف ضخ النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي.

وعلى ضوء زيارة وزير الخارجية التركي إلى بغداد، أعلن وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب، في 24 أغسطس 2023، عن زيادة إطلاقات نهر دجلة، مشيرا إلى أن العراق قريب من تجاوز أزمة المياه.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية "واع"، عن ذياب قوله بأن "هناك زيادة في إطلاقات نهر دجلة، في حين لا تزال الإطلاقات في نهر الفرات قليلة".

ولفت إلى أن "الوزارة بذلت جهودا كبيرة، من بينها إقامة محطة ضخ كبيرة على الثرثار (بحيرة عراقية غرب البلاد)، للاستفادة من المخزون المتاح في البحيرة وتعزيز نهر الفرات".

وفي 25 يوليو 2023، كشفت الحكومة العراقية، عن زيارة "مرتقبة" للرئيس التركي أردوغان للعراق، هي الأولى له منذ آخر زيارة له إلى بغداد عام 2011.

وقال بيان صادر عن المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء العراقي، إن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني استقبل، سفير أنقرة لدى بغداد علي رضا كوناي، وبحث معه ملفات عدة بينها "الزيارة المرتقبة للرئيس أردوغان إلى العراق".

وأضاف البيان أن الجانبين بحثا كذلك "إقامة منتدى العمل الاقتصادي المشترك بين البلدين في البصرة، فضلا عن التداول بشأن مساهمة تركيا في مشروع طريق التنمية إلى جانب بقية دول الجوار".

كذلك شهد اللقاء بحث ملفات "المياه المشتركة وخطط إقامة مركز قياس مشترك على الحدود العراقية التركية"، حسب البيان الرسمي لمكتب السوداني.

وفي 27 مايو 2023، أعلن السوداني خلال مؤتمر دولي ببغداد، عن مشروع ضخم للنقل والبنية التحتية يربط مدينة البصرة العراقية بقارة أوروبا مرورا بتركيا، عبر خط للسكك الحديدية وطرق معبدة.

وفي الوقت الذي لم يكشف فيه البيان توقيت الزيارة، أفادت وسائل إعلام محلية عراقية بأنها ستتم مطلع أغسطس 2023.

ونقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية عن مصدر حكومي مطلع (لم تكشف هويته) في 25 يوليو 2023، القول إن أردوغان "سيجري زيارة رسمية إلى العراق الأسبوع المقبل (مطلع أغسطس)، سيلتقي خلالها مع الرئاسات العراقية الثلاث، ومع القيادات السياسية العراقية أيضا".

وأضاف المصدر الحكومي العراقي، أن "زيارة أردوغان تهدف إلى مناقشة 3 ملفات مهمة مع السوداني، تتعلق بمكافحة حزب العمال الكردستاني وملف المياه، وكذلك إعادة تصدير نفط إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي".

وعن تداعيات توقف صادرات نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، فقد أكد الخبير الاقتصادي العراقي نبيل المرسومي عبر تدوينة له في 11 أبريل 2023، نشرها على حسابه بموقع "فيسبوك"، أن تأخر استئناف التصدير يتسبب في فقدان العراق مليار دولار شهريا.