ثلاث سنوات على تطبيع البحرين مع إسرائيل.. إلى أين وصل ؟ وما الموقف الشعبي؟ 

قسم الترجمة | منذ ٨ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بوصول وزير خارجية إسرائيل إيلي كوهين، إلى البحرين وافتتاحه "المقر الجديد والدائم" لسفارة تل أبيب في العاصمة المنامة، تعالت أصوات بشأن ردود الفعل الشعبية حول مسار التطبيع.

وهذه هي الزيارة الأولى لكوهين إلى البحرين، التي سبق وأعلنت في يوليو/ تموز 2023 تأجيل الزيارة المقررة مطلع أغسطس/آب.

ووقتها، بررت البحرين تأجيل زيارة كوهين بأن ملك البلاد "سيكون في الخارج"، بينما قالت وسائل إعلام عبرية إن السبب الحقيقي للتأجيل هو اقتحام وزير الأمن الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، للمسجد الأقصى أواخر يوليو 2023.

ووقعت إسرائيل مع كل من البحرين والإمارات اتفاقين لتطبيع العلاقات في سبتمبر/أيلول 2020 برعاية أمريكية.

محدود ومتواصل

ورأى "معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي أن "داخل البحرين سجلت (قبل افتتاح مقر السفارة) أحداث احتجاج محدودة، ولكن متواصلة، ضد إسرائيل وداعمة للفلسطينيين".

وحول رد الفعل الإسرائيلي على هذه الاحتجاجات، أفاد "معهد دراسات الأمن القومي" أن المسؤولين الإسرائيليين تبنوا الحجة التي قدمتها العائلة المالكة البحرينية، والتي رأت أن الاحتجاجات منشؤها مواطنون شيعة موالون لإيران".

فعلى سبيل المثال، عندما تظاهر مئات البحرينيين قبيل زيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى المملكة في ديسمبر/ كانون الأول 2022، اتهم المسؤولون الإسرائيليون إيران بـ"إثارة الروح المعنوية".

وزعم المعهد صحة هذه الادعاءات، مقدرا أنها "لا تخلو من مؤشرات تدل عليها"، مدعيا أن "المتظاهرين ضد إسرائيل ينتمون بالفعل إلى حزب الوفاق الشيعي".

وخلافا للمزاعم السابقة، ذكر المعهد أن سلسلة من استطلاعات الرأي العام التي أجريت في البحرين تشير إلى "عدم وجود اختلاف حقيقي بين موقف السنة والشيعة في البحرين إزاء التطبيع مع إسرائيل".

وأضاف: "من المثير للاهتمام أيضا الانخفاض الحاد في دعم الاتفاقية على مر السنين".

فعند توقيعها عام 2020، نظر إليها حوالي 40 بالمئة من المشاركين البحرينيين بشكل إيجابي، وفي استطلاعات الرأي التي أجريت منذ ذلك الحين انخفضت هذه النسبة بنحو 50 بالمائة، حسب "معهد دراسات الأمن القومي".

وأشار إلى احتمالية أن يكون الانخفاض المذكور أعلاه ناتجا عن الفجوة بين التوقعات والواقع الناشئ في السنوات الثلاث الماضية.

وفي توصيف هذا الواقع، أفاد المعهد بأن "البحرين، على عكس الإمارات والسودان والمغرب، لم تحصل على وعود ملموسة ومعروفة من قبل الإدارة الأميركية مقابل انضمامها لاتفاقات إبراهيم".

وأتبع: "لكن كان من المفترض أن تستفيد البحرين بشكل مباشر من العلاقات الجديدة مع إسرائيل، عسكريا وأمنيا من خلال التعاون في التعامل مع التهديد الإيراني، واقتصاديا من خلال الفرص التي سيوفرها السوق الإسرائيلي للاقتصاد البحريني".

ولفت إلى أن التعاون الأمني قد تصدر المشهد بقوة منذ ذلك الحين، ففي غضون حوالي عام ونصف من تطبيع العلاقات، قام رئيس الوزراء آنذاك نفتالي بينيت ووزير الخارجية يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس ورئيس الأركان أفيف كوخافي بزيارة البحرين.

والتقوا بكبار ضباط العائلة المالكة البحرينية والجيش البحريني، وذلك بهدف تنسيق التعاون الأمني ​​بين البلدين. 

ورأى المعهد أن "الزيارة العلنية من كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى المملكة الصغيرة، التي تبعد حوالي 150 كيلومترا عن الساحل الإيراني، وإبرام اتفاقات للتعاون في المجال الاستخباراتي والطائرات بدون طيار، "حملت رسالة واضحة مفادها أن على إسرائيل والبحرين الوقوف في جبهة موحدة ضد إيران".

تعاون ضئيل

لكن على النقيض من ذلك، "تخلفت العلاقات على المستوى الاقتصادي بين البلدين عن الركب".

حيث تظهر بيانات المكتب المركزي للإحصاء وجود تباين كبير بين التجارة الإسرائيلية مع البحرين والإمارات.

ففي حين بلغت تجارة الإمارات مع إسرائيل، في 2021-2022، حوالي 2.5 مليار دولار (باستثناء الماس والخدمات)، فإن التجارة مع البحرين كانت حوالي 20 مليون دولار فقط. 

وفي حين وصل ما يقرب من مليون إسرائيلي سائح إلى الإمارات عام 2022، لم يزر البحرين سوى بضعة آلاف من الزوار من إسرائيل.

وهنا عقب المعهد: "يمكن تفسير هذه الفجوة جزئيا بكون دبي مركزا سياحيا واقتصاديا عالميا، ووجهة وسيطة للرحلات الجوية إلى آسيا.

وفي عام 2022، زار إسرائيل 1400 سائح من الإمارات، و400 فقط من البحرين.

وأكد المعهد أن العلاقات الاقتصادية مهمة للشعب البحريني، مفترضا أنها ملموسة أكثر من العلاقات الأمنية بين البلدين.

وأفاد بأن "العوائد الاقتصادية المحتملة يمكن أن تتسرب إلى قطاعات شعبية في البحرين خارج الدوائر الحاكمة".

واعترف مسؤول مقرب من الحكومة في المنامة لوسائل الإعلام العبرية أن "البحرين ترغب في رؤية استثمارات إسرائيلية في المملكة، وليس فقط رجال الأعمال الإسرائيليين الذين يأتون في زيارات قصيرة من أجل جمع الأموال لمشاريع في إسرائيل".

وذهب معهد دراسات الأمن القومي إلى أن "سياسة الحكومة الإسرائيلية على الساحة الفلسطينية والاحتجاجات في البحرين ضد التطبيع مع إسرائيل لا تشكل تهديدا للعلاقات في هذه المرحلة، رغم أنها وصلت إلى طريق مسدود". 

كما يجب فهم معارضة إسرائيل والاتفاق معها في إطار صراع المعارضة البحرينية في البيت الملكي، لكن لا ينبغي الاستهانة بخيبة الأمل البحرينية من التطبيع والهياج المحلي ضده.

وعلى المدى الطويل، قد تؤدي خيبة الأمل هذه أيضا إلى تآكل العلاقات الأمنية والعسكرية المزدهرة بين البلدين، وبالتأكيد تؤثر سلبا على قرار الدول الأخرى التي تفكر في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وتدرس التكلفة والأرباح الكامنة في ذلك.

وأردف: "ورغم أن الحكومة البحرينية لها مصلحة في إبقاء العلاقات مع إسرائيل منفصلة قدر الإمكان عن القضية الفلسطينية، إلا أنه لا يمكن تجاهل الثقل الكبير لهذه القضية لدى الجمهور البحريني". 

ويجد المعهد أن "سلوك الحكومة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية وأحداث الضفة الغربية يخلق صعوبة أمام المنامة في تعزيز الشراكات الاقتصادية والمبادرات المدنية، وهو ما قد يخفف من خيبة الأمل من التطبيع، في حين أن الواقع الحالي يعطي زخما للاحتجاج ضده". 

ورغم صغر حجمها وثقلها الاقتصادي، تلفت الصحيفة إلى أن أهمية العلاقات مع البحرين "تكمن في موقعها الإستراتيجي، إلى جانب تعاونها مع الولايات المتحدة وارتباطها السري بالسعودية". 

ولذلك، من وجهة نظر المعهد، "تتجاوز أهمية الاتفاق بين إسرائيل والبحرين مزايا التعاون الثنائي، فهي بمثابة بالون اختبار للسعودية التي تدرس إيجابيات وسلبيات العلاقات مع إسرائيل، على خلفية المبادرة الأميركية".