بعد الانقلاب.. هل مازال الغرب قادرا على توجيه مسار الأحداث في النيجر؟

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع روسيا اليوم عن إمكانية تأثير الغرب على مسار الأحداث في النيجر، بعد أن أطاح الجيش برئيس البلاد محمد بازوم في 27 يوليو/ تموز 2023. 

وتولى الجنرال عبد الرحمن (عمر) تشياني قائد الحرس الرئاسي في النيجر الذي يقف وراء الانقلاب، السلطة بصفته الرجل القوي الجديد في البلاد واتخذ خطوة ضد الغرب ما عزز احتمالات تدخل الأخير.

وأشار تشياني في أول خطاب له 28 يوليو، إلى أنّ "النهج الأمني الحالي لم يسمح بتأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب النيجر والدعم الملموس والمقدر من شركائنا الخارجيين"، وعلى رأسهم فرنسا والولايات المتحدة.

وأعلنت وزارتا الخارجية الفرنسية والإيطالية إجلاء مواطنيهما من النيجر، بعد أن أطاح الجيش ببازوم وتولي تشياني السلطة في البلاد.

وفي الوقت الحالي، يلفت إلى أن القيادة المؤقتة في النيجر تخشى محاولات التدخل من قبل باريس والدول الأعضاء الإفريقية في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس". 

ووفقا للخبراء، ستحاول فرنسا ودول غربية أخرى الحفاظ على نفس المستوى من التأثير على اقتصاد وسياسة النيجر. 

موقف العالم

في الأول من أغسطس/آب 2023، بدأت باريس في إجلاء الفرنسيين وغيرهم من مواطني الاتحاد الأوروبي من النيجر، كما تعتزم إيطاليا إخراج مواطنيها من البلاد. 

ويشير الموقع إلى أن أولى قرارات القيادة الجديدة للجمهورية كان تعليق تصدير اليورانيوم والذهب إلى فرنسا.

وبحسب تقارير إعلامية، فإن النيجر تساهم بنحو 15 بالمئة من اليورانيوم المستخدم في توليد الكهرباء في فرنسا.

في 31 يوليو 2023، اندلعت احتجاجات حاشدة مناهضة للفرنسيين خارج سفارة الجمهورية الخامسة في العاصمة النيجر. 

وبحسب تقارير إعلامية أجنبية، تجمع عدة آلاف من الأشخاص بالقرب من البعثة الدبلوماسية ورددوا هتافات مؤيدة لروسيا.

وفي المقابل، يلفت "روسيا اليوم" إلى أن السلطات الجديدة تخشى أن تغزو الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا النيجر، بمساعدة الغرب.

وفي 30 يوليو، فرضت دول غرب إفريقيا حصاراً اقتصادياً على النيجر، معلّقةً "جميع التبادلات التجارية والمالية" معها، وأمهلت الانقلابيين أسبوعاً لإعادة النظام الدستوري إلى الحكم، دون أن تستبعد "استخدام القوة".

جاء ذلك في بيان نشرته مجموعة "إيكواس" على موقعها الإلكتروني، عقب انعقاد القمة الاستثنائية في عاصمة نيجيريا (أبوجا) بدعوة من رئيسها بولا أحمد تينوبو، لتقييم الوضع الأمني في النيجر.

وبدورها، أعلنت حكومتا بوركينا فاسو ومالي، المجاورتان للنيجر، عدم جواز استخدام القوة ضد الجمهورية. 

وأكدتا في بيان مشترك، صدر في 31 يوليو 2023، أن "أي تدخل عسكري في شؤون النيجر سيكون بمثابة إعلان حرب على بوركينا فاسو ومالي".

بالإضافة إلى ذلك، يشير الموقع إلى أن حكومتي هاتين الدولتين هددتا بالانسحاب الدائم من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في حال غزو النيجر.

وعلى الصعيد الدولي، يوضح أن واشنطن، التي تمتلك قاعدة عسكرية في النيجر، أعربت عن قلقها بشأن الوضع في الجمهورية الإفريقية. 

وبحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، لم يقرر البيت الأبيض بعد ما "إذا كان سيعد الأحداث في الدولة الإفريقية انقلابا"، لكن إدارة الرئيس جو بايدن تعمل على "استعادة سلطة محمد بازوم".

نزاع مسلح؟

طرح موقع "روسيا اليوم" تساؤلات حول "أسباب الأحداث المضطربة التي وقعت في الأيام الأخيرة في النيجر نفسها والمناطق حولها، وهل هناك خطر اندلاع نزاع مسلح في القارة؟".

وبحسب يفجيني كوريندياسوف، رئيس مركز العلاقات الروسية الإفريقية والسياسة الخارجية الإفريقية في معهد الدراسات التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فإن السبب الرئيس يعود إلى رغبة النيجر ودول إفريقية أخرى في الحصول على مزيد من السيادة.

وفي رأيه، العقبة الرئيسة أمام تلك الرغبة هي أنانية الدول الغربية، التي لا تزال تعد نفسها دولا حضارية، ولكنها في الواقع تتبع سياسة استعمارية على أراضي هذه البلدان. 

ويوضح الخبير أنه في الوقت الحالي، كما ينقل الموقع، تحاول فرنسا الحفاظ على موقعها السابق في النيجر. 

كما يمكن لباريس وواشنطن استخدام أدوات نفوذهما لإطلاق العنان لنزاع مسلح في الجمهورية، وفقا لكوريدياسوف.

ومن ناحية أخرى، يرى دميتري إيغورشينكوف مدير معهد الدراسات الإستراتيجية والتنبؤات بجامعة الصداقة بين الشعوب في روسيا، أن الوضع في النيجر هو موجة جديدة من إنهاء الاستعمار الإفريقي. 

إذ تحاول العديد من دول القارة تقليص العلاقات مع الدول الأم السابقة، لأنها تدرك عدم جدوى الحفاظ على الدور الفعلي للمستعمرة، بحسب الموقع الروسي.

على سبيل المثال، يقول الخبير إن "النيجر ومالي وبوركينا فاسو والجزائر ودولا أخرى تراجع مبادئ التعاون الاقتصادي وحماية مصالحها الخاصة على الأقل".

ومع ذلك، أضاف أنه ليس من السهل تطوير عمليات إنهاء الاستعمار، ويعود ذلك إلى أن فرنسا ودولا غربية أخرى احتفظت -منذ الستينيات- بنفوذ كبير على النخب المحلية. 

تأثير الغرب

يعتقد يفجيني كوريندياسوف أن الغرب الجماعي في إفريقيا يُمثل بشكل أساسي بفرنسا، التي امتلكت في ذروة قوتها الاستعمارية 5 ملايين كيلومتر مربع من القارة. 

ومع انهيار السيطرة الاستعمارية، يوضح الخبير أن فرنسا لم تكن قادرة على إعادة هيكلة سياستها وجعلها أكثر ملاءمة ومسؤولية فيما يتعلق بالممتلكات السابقة.

في الوقت نفسه، يلفت الخبير إلى ازدياد تعاطف الدول الإفريقية مع روسيا في السنوات الأخيرة فقط، وهو ما ظهر بوضوح في القمة الروسية الإفريقية الأخيرة التي عقدت في سان بطرسبرغ نهاية يوليو.

إذ أعربت الوفود المشاركة عن استعدادها لتطوير العلاقات مع روسيا في مختلف المجالات. 

وفي النيجر بشكل أخص، ترى موسكو دولة يمكن التعاون معها على قدم المساواة، كما تذكر "روسيا اليوم".

من جانب آخر، يذهب خبير المعهد الدولي للدراسات الإنسانية والسياسية، فلاديمير بروتر، إلى الاعتقاد بأن "الغرب في مرحلة الانتظار الآن". 

فمن ناحية، يريد إعادة الرئيس المخلوع الموالي تماما له، ومن جهة أخرى، لا يمكنه تجاهل حقيقة أن الجيش والسكان يعارضون حقا محمد بازوم، الذي سمح للشركات الغربية بنهب الموارد الطبيعية للبلاد.

وبحسب بروتر، على الأرجح، سيضغط الغرب على النيجر من خلال المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، مما يجعل تصرفات فرنسا والولايات المتحدة تعتمد على ميزان القوى في المنطقة.