اتفاق الدوحة بين واشنطن وطالبان.. لماذا فشل في أفغانستان وعرض أمن باكستان للخطر؟

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع أميركي التداعيات السلبية التي تعاني منها باكستان، جراء "اتفاق الدوحة"، الذي وقعته الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية.

ونشر موقع "يوراسيا ريفيو" مقالا للمحاضر في جامعة "بيشاور" الباكستانية، لارياب خان، قال فيه إنه "كان من المفترض أن ينهي هذا الاتفاق الحرب، التي استمرت 20 عاما في أفغانستان، وأن يحقق السلام والاستقرار في المنطقة".

"لكن بدلا من أن تتحقق هذه الأهداف، أطلق الاتفاق العنان لموجة من العنف وعدم الاستقرار امتدت إلى باكستان المجاورة"، وفق خان.

عدم تنفيذ الاتفاق

وأضاف: "تعرضت باكستان -التي تشترك في حدود ممتدة ومليئة بالثغرات مع أفغانستان- لسلسلة من الهجمات الدامية، من قبل الجماعات المسلحة المتحالفة مع حركة طالبان الأفغانية".

وأشار الكاتب إلى أن هذه الجماعات هي: "حركة طالبان باكستان (TTP)، وتنظيم الدولة - ولاية خراسان".

وأوضح أن "هذه الجماعات استغلت فراغ السلطة الناجم عن الانسحاب الأميركي واستيلاء طالبان على أفغانستان، لشن حملات إرهابية ضد الدولة والمجتمع الباكستاني".

وألمح المحاضر الباكستاني إلى أن اتفاق الدوحة كان ينص على "أن تسحب الولايات المتحدة جميع قواتها العسكرية، وحلفاءها وشركاءها في التحالف، من أفغانستان في غضون 14 شهرا، شريطة امتثال طالبان لالتزامات مكافحة الإرهاب".

ونص الاتفاق كذلك على أن "طالبان ستمنع أيضا أي جماعة أو فرد -بما في ذلك تنظيما الدولة والقاعدة - من استخدام أراضي أفغانستان لتهديد أمن الولايات المتحدة وحلفائها".

كما نصت الاتفاقية على إطلاق سراح ما يصل إلى 5 آلاف سجين من طالبان، مقابل الإفراج عن ألف فرد من قوات الأمن الأفغانية، كإجراء لبناء الثقة.

"كذلك كان من المفترض أن تتناول المحادثات خارطة الطريق السياسية المستقبلية لأفغانستان ووقف إطلاق نار دائما وشاملا"، وفق خان.

ومع ذلك، أشار إلى أن "تنفيذ الاتفاق واجه عدة تحديات وتأخيرا، بالتزامن مع تصاعد العنف في أفغانستان، وسيطرة طالبان على معظم البلاد بالقوة في أغسطس/آب 2021".

وأردف أن "الولايات المتحدة أكملت انسحابها في الثلاثين من الشهر نفسه، تاركة وراءها أزمة إنسانية، ووضعا سياسيا يشوبه الغموض".

وأكد خان أن "باكستان تأثرت من تداعيات الصفقة؛ لأنها تشترك في حدود طويلة وسهلة الاختراق مع أفغانستان".

وأوضح أن إسلام أباد كانت قد اتُهمت بدعم حركة طالبان، لكنها في الواقع واجهت معظم الهجمات من مجموعة متفرعة منها تسمى "تحريك طالبان باكستان (TTP)"، والتي تسعى للإطاحة بالحكومة الباكستانية وفرض نسختها الخاصة من الشريعة الإسلامية.

هجمات مكثفة

وتابع: كثفت حركة "طالبان باكستان" هجماتها في البلاد منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عندما انسحبت من اتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة الباكستانية.

وفقا للبيانات التي جمعها المعهد الباكستاني لدراسات السلام (PIPS)، وهو منظمة بحثية مقرها إسلام أباد، فقد نفذت "طالبان باكستان" أكثر من 100 هجوم خلال عام 2022، ما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص، معظمهم من أفراد الأمن".

وقال خان: "تعرضت باكستان لسلسلة من الهجمات الدامية من قِبل الحركة المذكورة، وولاية خراسان الإسلامية، وهما جماعتان متشددتان متحالفتان مع طالبان في أفغانستان"، حسب زعمه.

ووقعت واحدة من أكثر الهجمات تدميرا في فبراير/شباط 2023، عندما فجر انتحاري نفسه داخل مسجد يقع في مجمع شديدة الحراسة تابع للشرطة الباكستانية في "بيشاور"، عاصمة ولاية "خيبر بختونخوا".

وقد أسفر الانفجار عن مقتل ما لا يقل عن 100 شخص، معظمهم من ضباط الشرطة، وإصابة أكثر من 200 آخرين.

وأعلنت "طالبان باكستان" مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنه كان يستهدف الشرطة لدورها في محاربة الحركة.

وقبل ذلك بشهر، أي في يناير/كانون الثاني 2023، نصبت مجموعة من المسلحين كمينا لقافلة عسكرية في ولاية "وزيرستان" الشمالية، وهي منطقة قبلية على الحدود مع أفغانستان.

ووفق المقال، فتح المهاجمون النار على المركبات العسكرية، ما أسفر عن مقتل 6 جنود وإصابة آخرين.

كما أعلنت "طالبان باكستان" مسؤوليتها عن هذا الهجوم أيضا، قائلة إنه جاء ردا على مقتل أحد قادتها على يد الجيش الباكستاني.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، وقع هجوم آخر من حركة "طالبان باكستان"، في مدينة "كويتا"، عاصمة إقليم "بلوشستان".

إذ انفجرت قنبلة في سوق مزدحمة، مخلفة ما لا يقل عن 10 قتلى، وعشرات المصابين، وأكدت حينها الحركة مسؤوليتها عن الهجوم، قائلة إنها كانت تستهدف "الشيعة الهزارة"، التي تعدها طائفة مهرطقة.

جماعات عديدة

وشدد خان على أن "طالبان باكستان ليست الجماعة الوحيدة التي تنفذ هجمات في المناطق القبلية الباكستانية".

إذ ينشط في المنطقة فرع آخر من تنظيم "ولاية خراسان الإسلامية"، المتحالفة أيضا مع حركة طالبان الأفغانية"، وفق ادعاء خان.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2021، قتلت إحدى هجمات "ولاية خراسان" 40 شخصا على الأقل، وجرحت أكثر من 100 آخرين، بعدما فجر انتحاري نفسه في مسجد في منطقة "كورام"، وهي منطقة قبلية بالقرب من الحدود الأفغانية.

وأعلن تنظيم الدولة في خراسان مسؤوليته عن الهجوم، قائلا إنه كان يستهدف أعضاء في مليشيا موالية للحكومة قاتلت التنظيم.

وفي سبتمبر/أيلول 2021 ، أدى هجوم آخر لتنظيم الدولة في خراسان إلى مقتل 3 جنود وإصابة اثنين آخرين.

إذ فتح مسلح النار على نقطة تفتيش، يديرها جنود من القوات شبه العسكرية في "خيبر"، وهي منطقة قبلية أخرى متاخمة لأفغانستان.

وبالمثل، أعلن تنظيم الدولة في خراسان مسؤوليته عن الهجوم، قائلا إنه كان ينتقم لمقتل جنوده.

وفي أغسطس/آب 2021، انفجرت قنبلة على جانب الطريق بالقرب من مدرسة في "باجور"، وهي أيضا منطقة قبلية تقع بالقرب من الحدود الباكستانية-الأفغانية، ما أسفر عن مقتل 4 أطفال وإصابة 6 آخرين.

ويرى الكاتب أن "اتفاق الدوحة شجع ومكّن الجماعات المسلحة المعادية والتي تتعهد بالإطاحة بالحكومة الباكستانية وفرض نسختها الخاصة من الشريعة الإسلامية".

وقال خان: "تكافح الحكومة والجيش الباكستاني لاحتواء التهديد الذي تشكله هذه الجماعات، التي نسجت روابط مع التنظيمات المتطرفة الأخرى في المنطقة".

وشدد على أن "الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان لم يفشل في إحلال السلام في أفغانستان فحسب، بل عرّض أمن باكستان واستقرارها للخطر أيضا".

وختم خان بالتأكيد على أن "باكستان تحتاج إلى إعادة التفكير في إستراتيجيتها وسياستها تجاه أفغانستان وجماعاتها المسلحة، والسعي إلى مد جسور التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة هذا الخطر، وإلا فإنها تخاطر بأن تصبح ضحية للاضطرابات لدى جارتها".