"عدالة غائبة".. مطالب شعبية في الجزائر بإعدام المتورطين في اختطاف وقتل الأطفال

12

طباعة

مشاركة

عادت ظاهرة اختطاف الأطفال وقتلهم والتنكيل بجثثهم للظهور مرة أخرى في الجزائر، لتتعالى الأصوات الشعبية المطالبة بـ"إعدام" الجناة وتحذر من "العفو" الرئاسي عنهم.

وفي 21 يوليو/تموز 2023، اختفى الطفل جود غادي (4 سنوات)، في بوسعادة جنوب الجزائر، وعثر عليه جثة هامدة في اليوم التالي في شقة قريبة من مسكنه العائلي بالمدينة.

وأفاد أحد أقارب الطفل المقتول بأن الجاني يعد أحد الجيران في الحي، وهو ليس مجنونا كما يدعي، بل كان بصدد تقطيع الجثة وإخفائها، حيث عثر مع الطفل على أدوات تقطيع وبعض الجبس، ووجد عاريا ومكبلا، وكان يبدو تعرضه للخنق بواسطة قميصه.

بدورها، استنكرت حركة مجتمع السلم -أكبر الأحزاب الإسلامية والسياسية المعارضة في الجزائر- هذا الفعل الشنيع، داعية السلطات الأمنية والقضائية إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والردعية كافة لمحاسبة الجاني وتقديمه للعدالة.

وأوضحت على لسان رئيسها عبد العالي حساني شريف، أن الهدف من تلك الإجراءات الحد من هذه الظواهر التي باتت تهز كيان المجتمع وتهدد استقراره وأمنه وسكينته، مقدمة تعازيها ومواساتها وتعاطفها إلى العائلة المكلومة في فقيدها.

وفي مدينة وهران غرب الجزائر، كشف في 18 يوليو 2023، عن مقتل الطفل أحمد توفيق كياس (9 سنوات)، بعد اختفائه لمدة ثلاثة أيام إثر إرسال أمه له لشرائه الحليب من متجر يقع في الحي -وفق ما صرح به والده-.

وقال والد الطفل، إن "من اختطفه وقتله استغرق 10 دقائق لفعل ذلك، معربا عن صدمته عندما "عثر على بقعة دم بأحد خزانات العدادات في العمارة، التي يقطن بها، حيث بمجرد أن فتحها وجد جثة ابنه وقد تعرض لعدة طعنات في البطن والرقبة، وكان قميصه مغطى بالدماء".

كما شهدت ولاية برج بورعريريج ، منذ ما يقارب 20 يوما اختفاء الطفلة زنبوع مريم، ابنة الثلاث سنوات، التي تنحدر من أولاد دراج التابعة لولاية المسيلة، واختفت في قرية بوقطن التابعة لولاية برج بوعريريج.

تلك الحوادث وغيرها، أثارت موجة غضب واسعة بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعتهم لمطالبة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، والسلطات الأمنية والجهات القضائية والحقوقية بتطبيق "حكم الإعدام على المتورطين في جرائم قتل الأطفال".

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #إعدام_القاتل_مطلب_شعبي، #القصاص_لخاطفي_الاطفال، على تويتر، وتدويناتهم على وسم #وداعــــا_جــود على فيسبوك، ذكروا بأن القصاص سنة الله في الأرض، داعين المشرع بالجزائر لاستحداث نصوص قانونية صارمة لمعاقبة مرتكبي مثل هذه الجرائم.

وأعرب المغردون والمدونون عن غضبهم من عدم تحقيق العدالة والعقوبة الرادعة في مثل هذه القضايا ما يفتح الباب على مصراعيه لتكرارها، مستنكرين تخفيف العقوبة على المتورطين وخروجهم ضمن العفو الرئاسي ليكونوا "أكثر عدوانية واستعدادا لارتكاب الجرائم". 

وأرجعوا السبب في تكرار جرائم قتل الأطفال وتصاعدها إلى "العدالة الغائبة"، مؤكدين ضرورة "قتل القاتل بحكم الشرع والقانون حتى لا يتسبب في عدم استقرار أمن المجتمع، وحتى لا تغيب الطمأنينة، وحتى تصبح الدولة هادئة ومستقرة".

مناشدات للرئيس

وتفاعلا مع الأحداث، ناشد الصحفي خير الدين ربا، الرئيس تبون، لتفعيل عقوبة الإعدام بحق المجرمين والقتلة.

وعرض نسيم النايلي، صور أطفال مختطفين منهم من وجد مقتولا ومنهم من لم يعثر عليه بعد، مناشدا رئيس الجمهورية بقوله إن عقوبة الإعدام والقصاص "مطلب شعبي".

وكتب في تغريدة أخرى: "إلى رئيس الجمهورية تبون نتوجه إلى سيادتكم من أجل تفعيل عقوبة الإعدام ضد #قتلة_الأطفال، بعدما تحولت قضايا اختطاف والقتل إلى مسلسل تتجدد حلقاته بين الفينة والأخرى".

وتساءل أحد المدونين: "أين الأمن أين الأمان أين السلطات أين نواب البرلمان.. أين.. ما محلكم من الإعراب، إلى متى سنبقى فى هرع وخوف مستمر على أبنائنا.. متى سيطبق شرع الله؟".

وناشد تبون بتطبيق القصاص للقتلة قائلا: "وقفوهم إنهم مسؤولون".

وطالبت ياسمينة طويل، بوقف العفو الرئاسي مع تطبيق عقوبة الإعدام، ومحاربة الجريمة بشتى أنواعها، داعية الدولة للضرب بيد من حديد.

وأشارت في تغريدة أخرى، أن أخاها حمزة طويل قتل في 10 يونيو 2019، مؤكدة ضرورة تطبيق القصاص للحد من تفشي ظاهرة القتل في الجزائر، لأن "القاتل يجلس في السجن يأكل ويعمل رياضة ويكمل حياته بشكل عادي".

وكتب المغرد فاتح: "لا يمكن للدولة أن تترك الجناة في قتل الأطفال والمتاجرة بالمخدرات وأعمال السحر وحرق الغابات ووو.. سالمين غانمين، إنهم مفسدون في الأرض لا يهمهم مأساة الناس ولا يخافون الله في جيرانهم وإخوانهم".

وتساءل: "أين الجمعيات للمطالبة بتفعيل حكم الإعدام؟ أين البرلمانيون ممثلو الشعب؟"

مطالبات بالقصاص

وبرزت المطالبات بالقصاص من قاتل الأطفال، وتحدثوا عن التأثير الإيجابي والانعكاس على المجتمع حال تنفيذ حكم الإعدام بحق مرتكب جريمة القتل.

واستشهد أحد المغردين، بقوله تعالى في الآية 178 من سورة البقرة: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى"، موضحا أن القصاص "عقوبة مقدرة شرعا تقضي بمعاقبة الجاني بمثل ما فعل، فيقتل كما قتل ويجرح كما جرح وهكذا".

ووجه تساؤلا لمن ينكر عقوبة القصاص: "كيف تأخذكم الشفقة على القاتل ولا تأخذنا على المقتول؟".

كما ذكرت ليندا طيبي، بالآية ذاتها، قائلة: "مادامت العدالة الدينية غائبة ومادام المجرم الخطير يعفى عنه في كل عفو رئاسي، فالإجرام سيتجلى في أبشع صورة والمجرم سيزداد تنكيلا". ورأت المغردة لينة، أن "القصاص إكرام للنفس الإنسانية، وبدونه صارت البلد مسرحا للجريمة". وقال سليمان علي ثابت الشمري: "لو تطبق حدود الله على الجناة بمختلف أنواعهم لوقي المجتمع شرورهم". ودعا سامي أنس، إلى العمل على جمع أكبر عدد ممكن من التوقيعات ومراسلة السلطات العليا والدفع باتجاه اعتماد القصاص.

وقال يوسف الحارثي الجزائري: "لا مكان للقاتل بين الأحياء".

تضامن ورثاء

وأبدى ناشطون تعاطفهم مع ما يتعرض له الأطفال في الجزائر، ودعوا الآباء والأمهات لأخذ الحيطة والحذر ومنع الأطفال من الخروج بمفردهم والإبلاغ عن أي مشتبه في تورطه بالاختطاف، معربين عن استيائهم من اتهام المغرب بدعم شبكات خطف الأطفال بالجزائر.

واستنكر المدون عباس حمريط، تزايد ظاهرة اختفاء وقتل واختطاف الأطفال، ووصفها بأنها "كابوس اجتماعي يرعب العائلات الجزائرية".

وحث أحد المدونين على الحذر على أطفالهم أو إخوانهم وألا يتركوهم بمفردهم ولا يرسلوهم للمحلات للشراء بمفردهم، ونصح قائلا: "أخرجوهم معكم ووفروا لهم شروط الراحة في البيت حتى لا يخرجوا عند غيابكم".

وأشارت أسماء عالية، إلى أن "الطفل جود عذب وضرب قبل أن يخنق، ووجد عاريا ملقى على بطنه مربوط اليدين والرجلين، وواجه أسوأ اللحظات قبل أن يموت"، وأشارت إلى أن "القاتل وجد عنده أدوات بهدف تقطيعه، مطالبة بعدم الرحمة مع القاتل". ووصفت سحر الأطرش، جريمة قتل الطفل جود ابن الـ4 سنوات، بأنها "جريمة بشعة هزّت الجزائر"، لافتة إلى أنه "كان يلعب أمام منزله ليختفي فجأة، ثم عُثر عليه مقتولا بعدما تم اغتصابه، وقد كان القاتل يجهّز لتقطيعه، وسط غضب شعبي من حالات خطف وقتل الأطفال المتكررة". وأشار حرباز نبيل، إلى أن "الجزائر تحتل الرتبة الأولى مغاربيا وعربيا في اختطاف الأطفال"، مستنكرا أن "الشماعة التي يعلق عليها ذلك هي اتهام المغرب بدعم شبكات خطف الأطفال بالجزائر". وحث الكاتب والقاص عبد القادر كلول، على إعمال العقل في الخبر كما قال ابن خلدون، قائلا: "ربما ما تدعيه الجزائر بشأن دعم المغرب لشبكات خطف الأطفال بالجزائر يعد قرعا لناقوس الخطر من افتعالها لسرقات الأطفال لتجنيدهم لصالح إرهابيي البوليزاريو وإلصاق تهم اختفائهم للمغرب."

وأكد أن كل أصابع الاتهام الدولية تشير إلى تورط جبهة بنبطوش في عمليات تجنيد الأطفال.

وحثت روزا تاسعديت زموري، على زيادة الضغط لتنفيذ القصاص العادل وإلغاء قرارات العفو الرئاسي، قائلة: "لا فائدة إن كنت ستبلغ عن جارك المجرم أو المشعوذ فيحاكم ويسجن ثم يخرج بعد أول عفو رئاسي لينتقم منك ومن المجتمع كله".

صور الضحايا

وتداول ناشطون صورا للأطفال المقتولين، معربين عن استيائهم من إنهاء مجرم لحياتهم بهذه الصورة البشعة.

وحث أحد المغردين على تفعيل عقوبة الإعدام، قائلا لمن يرفضها إن "استشرافك ومزاعمك ومبادءك المبنية على الديمقراطية ستسقط بمجرد أن تفقد شخصا معينا بسبب psychopathe، ويخرج كل مرة بعفو رئاسي ليعاود ممارسة ساديته في ضحايا جدد".

وأضاف: "القصاص حق، القصاص حياة، القصاص رحمة".

ورأت هويام خانوم، أن "عدم تطبيق الشريعة الإسلامية في تنفيذ الحدود والقصاص من المجرمين واتباع قانون الغرب هو السبب في تفشي الجرائم الجنائية"، مؤكدة أن "من أمن العقوبة أساء الأدب". وقالت سيلا جيميتش: "رجعنا لسيناريو قتل واختطاف الأطفال، كابوس اجتماعي يزداد حدة يوما بعد يوم في غياب حل جذري لهذه الظاهرة التي تكاد تصبح جزءا من يوميات المواطن الجزائري، والمتسبب الرئيس فيها في أغلب الحالات مجموعة من المسبوقين قضائيا". وقالت الدكتورة سمية: "الأطفال أمانة من الله وأن نتمادى في تعنيفهم أمر بشع، والأبشع أن نسكت عن المجرمين فذلك عند الله عظيم"، داعية إلى "نشر ثقافة التبليغ عن المجرم، والحد من العفو الرئاسي لكل مجرم ظالم لم يرحم البراءة فلا يستحق الرحمة أبدا".