الصين تشن حملة قمعية جديدة ضد مسلمي الإيغور لمدة 100 يوم.. ما الأسباب؟

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة برتغالية الضوء على حملة أمنية جديدة تشنها السلطات الصينية لقمع أقلية الإيغور المسلمة، في إقليم شينجيانغ (تركستان الشرقية).

وقالت "إيه ريفرانسيا" إنه "في أحدث حملة قمع في شينجيانغ، فرضت السلطات الصينية حظرا على أي تجمع يتجاوز عدد 30 شخصا، وبدأت موجة من التدابير الاستبدادية التي ستستمر لمدة 100 يوم".

ومنذ 1949، تسيطر بكين على إقليم "تركستان الشرقية"، الذي يعد موطن الأتراك "الإيغور" المسلمين، وتطلق عليه اسم "شينجيانغ"، أي "الحدود الجديدة".

وتشير إحصاءات صينية رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في البلاد، 23 مليونا منهم من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز 100 مليون، أي نحو 9.5 بالمئة من مجموع السكان.

وفي تقريرها السنوي لحقوق الإنسان لعام 2019، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الصين تحتجز آلاف المسلمين بمراكز اعتقال، بهدف "محو هويتهم الدينية والعرقية".

قيود جديدة

ونقلت الصحيفة البرتغالية عن صفحات إعلامية محلية، واثنين من رجال الشرطة في المنطقة، أن "حملة القمع الجديدة تستهدف التراث الثقافي الإيغوري المسلم".

وأوضحت أن "عمل قوات الأمن الصينية يتمثل في عمليات تفتيش في منازل المسلمين، بالإضافة إلى فرض قيود على الممارسات الإسلامية، واستهداف ثقافة الإيغور ولغتهم كمجموعة عرقية، تمثل أقلية".

وأفادت بأن الأخبار حول انطلاق الحملة الأخيرة انتشرت على تطبيق "تيك توك"، في 3 يوليو/ تموز 2023، حيث أشارت إلى تنفيذ الحملة في مُحافظة هُوْتَان الواقعة جنوب غرب شينجيانغ بالصِّين.

وفي إطار الحملة ينفذ قِسْمُ الأمن العام الصيني في تلك المنطقة سلسلة من العمليات الصيفية، المجدولة ما بين 25 يونيو/ حزيران و30 سبتمبر/ أيلول، بهدف "ضمان الأمان في المنطقة"، وفق زعمهم.

وفي أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانغ ذاتي الحكم، وفي كورلا، ثاني أكبر مدينة في المنطقة، بُثت إعلانات لحملة الـ100 يوم عبر وسائل إعلامية أخرى.

وتنفذ أجهزة الأمن العام المحلية هذه الحملة في مناطقها المختلفة، مركزة على مكافحة الجرائم التي تشكل تهديدا للنظام العام، حسبما ذُكِرَ في تقارير نشرتها وسائل إعلام صينية.

والأنشطة غير القانونية المستهدفة تشمل: التحريض على الفتنة، والتورط في مشاجرات جماعية، والترهيب، والابتزاز، والاحتكار التجاري، والمشاركة في اجتماعات غير قانونية، ونشر الشائعات بنوايا خبيثة. 

كما أضافت التقارير الصينية أنه سيتم استهداف "العصابات غير القانونية والمنظمات الإجرامية" من قِبل السلطات خلال هذه الحملة.

ومن بين الأنشطة المصنفة كـ"غير قانونية"، مشاهدة المحتوى الذي تحظره الحكومة، أو مشاركته.

وحسب مسؤول شرطي صيني، فإن "قراءة القرآن الكريم مسموح بها فقط تحت إشراف إمام تعينه الحكومة، كما أنه من المحظور على المسلمين مناقشة كتابهم المقدس بأنفسهم".

أما بالنسبة للزوار الأجانب الذين يصلون إلى شينجيانغ، بما في ذلك أولئك الذين يزورون ذويهم، فيجب عليهم تسجيل بياناتهم لدى لجان الأحياء أو مراكز الشرطة المحلية في غضون ثلاثة أيام من وصولهم؛ وإلا فسيواجهون إجراءات عقابية.

إبادة ثقافية

ووفق الصحيفة البرتغالية، فإن حملة القمع هذه تتزامن مع الذكرى الحساسة سياسيا للعنف العرقي الذي وقع في "أورومتشي"، في 5 يوليو/ تموز 2009.

فحسب البيانات الرسمية من الصين، قُتل حينها حوالي 200 شخص، وأُصيب 1700 آخرون خلال ثلاثة أيام فقط من المواجهات العنيفة بين الأقلية العرقية "الإيغور"، والصينيين من أغلبية "الهان".

وأشارت إلى أن "هذا القمع الذي وقع في أورومتشي أدى إلى سلسلة من التدابير التي اتخذتها الحكومة الصينية، لاستهداف ثقافة ولغة ودين الإيغور، من خلال تطبيق الرقابة الشاملة وحملات الاحتجاز".

بدوره، أكد عمير بيكالي -وهو أويغوري من أصل قازاقي، قضى تسعة أشهر في معسكرات "إعادة التأهيل" في شينجيانغ بتهم تورطه في أنشطة إرهابية- أن "هناك قضايا ذات أهمية لم يُفصَح عنها تقف خلف الإجراءات القمعية للحزب الشيوعي الصيني".

وقال بيكالي إن "سياسات الحكومة الصينية الحالية في المنطقة يمكن تفسيرها على أنها شكل من أشكال "الإبادة الجماعية العرقية والثقافية".

وأضاف أن "السلطات الصينية تبرر تعريضها الإيغور للضرر الجسدي والنفسي كإجراءات ضرورية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي".

وتشرح الصحيفة أن الحكومة الصينية تنفذ في حملات "الضربة الكاسحة" كإستراتيجية لقمع السكان الإيغور والسيطرة عليهم.

ويُشار إلى مصطلح "الضربة الكاسحة" على أنه حملة تهدف إلى فرض إجراءات صارمة وقمعية، وعادة ما يرتبط بنهج أكثر عدوانية وقسوة، للتعامل مع مشكلات معينة أو مجموعات تعدها الحكومة تهديدا.

وأردفت أن "هذه الحملات تشمل عمليات اعتقال جماعية، واقتحامات للمنازل من قِبل الشرطة، وفرض قيود على الحرية الدينية والثقافية، إلى تقييد ثقافة وهوية الإيغور، وإذابتها داخل الثقافة الصينية السائدة".

ولفتت إلى أن مثل هذه السياسات كانت "عرضة للنقد والإدانة الدوليين لانتهاكها حقوق الإنسان وممارستها التمييز العرقي".

تعذيب وتعقيم قسري

وأوضحت الصحيفة البرتغالية أن ثمة تقارير تكشف عن أن بكين تستخدم التعذيب، والتعقيم والعمل القسري، وسوء المعاملة، لتنفيذ التطهير العرقي والديني في شينجيانغ.

وفي أغسطس/آب 2022، أصدرت الأمم المتحدة تقريرا مطولا يتحدث عن "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" ارتكبت في شينجيانغ.

وسلط التقرير الضوء على "أنماط التعذيب أو سوء المعاملة، بما في ذلك العلاج الطبي القسري، وظروف الاحتجاز المعاكسة، وكذلك الادعاءات المتعلقة بالحوادث الفردية للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي".

لكن التقرير لم يذكر كلمة "إبادة جماعية"، التي تستخدمها بعض الدول الغربية في توصيف ما يحدث في إقليم شينجيانغ.

وفي هذا الصدد، أشارت الصحيفة البرتغالية إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، كانت أول من استخدم مصطلح "الإبادة الجماعية"، لوصف سياسات الصين تجاه الإيغور.

ثم بدأت المملكة المتحدة وكندا أيضا في استخدام هذا التوصيف، وانضمت ليتوانيا إليها أخيرا.

واهتمت الصحيفة البرتغالية بلفت الانتباه إلى أن "بكين تصف التقارير التي تتحدث عن انتهاكاتها بحق الإيغور بأنها كذبة القرن".