خبير أفغاني: طالبان نجحت بالحكم رغم غياب الاعتراف الدولي والدعم الخارجي (خاص)

يوسف العلي | منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

قال رئيس "المركز الأفغاني" للإعلام والدراسات، عبد الجبار بهير، إن حكومة طالبان تمكنت لأول مرة من إدارة الحكم في أفغانستان طيلة الأعوام الأربعة التي تلت الانسحاب الأميركي بلا أي تمرد مسلح.

وفي حوار مع صحيفة "الاستقلال"، أكد بهير أن حركة طالبان شهدت تغيرا واضحا عما كانت عليه في تسعينيات القرن العشرين، وذلك لأن الظروف تبدلت، وأصبح لها رؤية مغايرة تجاه العديد من القضايا.

ولفت إلى أن حكومة طالبان استطاعت أن تقدم كل الخدمات على جميع الأصعدة الوطنية، رغم أنها غير معترف بها ولا تحظى بالدعم الدولي، مشيرا إلى وجود مشاريع كبرى بدأت تنفذ في أفغانستان.

وتحدث الخبير الأفغاني عن دوافع انفتاح حكومة طالبان على روسيا والصين ودول آسيا الوسطى، والتلكؤ الحاصل في عملية تطبيع العلاقة مع أقرب جارين لأفغانستان، وهما: إيران وباكستان.

وأكد بهير أن الحكومة تمكنت من منع زرع وبيع المخدرات في جميع المدن بأفغانستان، إضافة إلى أنها نفذت قرار العفو عن الأشخاص الذين عملوا في المؤسسات العسكرية السابقة أو في دوائر أخرى مدنية خلال حكومة ما قبل عام 2021.

وشدد على أن الرؤية التي يقدمها الغرب والولايات المتحدة تجاه أفغانستان ليست صحيحة، خصوصا في موضوع أن حركة طالبان لا تراعي حقوق الإنسان في ما يتعلق بالمرأة.

وعبد الجبار بهير يرأس حاليا "المركز الأفغاني" للإعلام والدراسات، ويُعد أحد أبرز الخبراء في الشأن الأفغاني، وله حضور مستمر على القنوات الفضائية العربية.

حكم طلبان

  • كيف تقيم تجربة حكم حركة طالبان بعد 4 أعوام من توليها السلطة في البلاد عقب الانسحاب الأميركي؟

عندما تسلمت حكومة تصريف الأعمال بعد توليها السلطة في أغسطس (آب) عام 2021، كان يتوقع ألا تستطيع تقديم نموذج مقبول لشعبها، ولم يتعامل معها المجتمع الدولي بالشكل المطلوب.

لكن بعد مضي الأعوام الأربعة استطاعت الحكومة الأفغانية الحالية تقديم رؤيتها الواضحة تجاه الحكم والسياسة والرؤية الخارجية إلى المجتمع الدولي.

هناك اعتراف بشرعية الحكومة من روسيا، وثمة 43 بعثة أفغانية فوضتها إلى خارج البلاد سواء في دول الجوار أو حتى في البلدان الأوروبية مثل النرويج وألمانيا وإسبانيا، وغيرها.

الحكومة الحالية استطاعت أن تحكم جميع الأراضي الأفغانية، بمعنى أن أكثر من 420 مديرية في 34 محافظة أفغانية تخضع لسيطرتها الكاملة، وتمكنت من إدارتها خلال الأعوام الأربعة.

ولأول مرة لا يكون هناك تمرد مسلح تجاه الحكومة في البلاد، وهذه من أهم مكتسباتها حاليا. 

  • هل تغيرت طالبان اليوم عما كانت عليه في مرحلة الحكم الأول قبل الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2001؟

إذا ما نظرنا إلى حركة طالبان الإسلامية، فإن بعض الأمور لا تزال تحسب عليها، ومن أهمها القراءة الدينية المتشددة تجاه قضايا عدة تتعلق بالجوانب الشخصية الفردية، والأخلاق المجتمعية وغيرها من المظاهر.

لكن الحكومة الجديدة تتعاون مع المجتمع الدولي وتناشد العالم وحتى الولايات المتحدة للتعامل معها.

ونحن نرى أن كل المؤسسات التعليمية والثقافية والسياسية والاقتصادية تسير بالشكل الذي كانت تسير عليه حكومة ما قبل الانسحاب الأميركي، والتي لم نشهدها طوال حكم طالبان في عقد التسعينيات من القرن العشرين.

وذلك لأن الحركة كانت تحارب القضايا التي تخص البلاد بشكل عام، لكنها حاليا أصبحت تتعامل مع العالم أجمع، وتريد أن تقنع المجتمع الدولي بالتعامل معها كدولة تمثل شعب أفغانستان.

الظروف اليوم تختلف عما كانت عليه طالبان في السابق، وهناك ظروف أثرت في الحركة غيرت من رؤيتها تجاه العديد من القضايا، خاصة في مجال التكنولوجيا والتقدم الثقافي والإعلامي في البلاد.

كذلك آليات تطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبحت مختلفة تماما عما كان الأمر عليه في عقد التسعينيات.

الحركة كانت في تلك المرحلة تتهم بتلقي الدعم من جماعات خارجية، رغم أنها وقبيل الاحتلال الأميركي نفت ذلك أكثر من مرة، ونفت أي صلة لها بالتنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم القاعدة.

طالبان حاليا تحارب تنظيم الدولة في أفغانستان، وقدمت وعودا واضحة في اتفاق الدوحة (للسلام مع الولايات المتحدة) أنها لا تسمح لأن تكون البلاد ملاذا آمنا لأي جماعة إرهابية، أو تسبب ضررا لأي أحد أو تعارض المصالح الغربية والأميركية في المنطقة والعالم.

هناك ظروف فرضت على الحركة في الوقت الحالي، ومواضيع واضحة تتعلق بمستقبل طالبان، على عكس ما كانت عليه في السابق كونها حصرت نفسها في أفغانستان والقضايا التي تخص الشعب الأفغاني. 

  • في ظل عدم الاعتراف الدولي بإدارتها.. كيف تدير طالبان دفة الحكم في أفغانستان، خصوصا من الناحية الاقتصادية؟

طبعا من أهم المكتسبات التي نراها نحن المواطنين الأفغان، هو أن الحكومة استطاعت أن تقدم كل الخدمات على جميع الأصعدة الوطنية، رغم أنها غير معترف بها ولا تحظى بالدعم الدولي. 

هناك مشاريع كبرى بدأت تنفذ في أفغانستان، سواء وطنية أو مشاريع ذات تعاون مشترك مع دول أخرى مثل باكستان وأوزباكستان، مثل سكك الحديد أو أنبوب الغاز والأسلاك الكهربائية وغيرها.

فقد استطاعت بدون دعم دولي أن تكون ميزانيتها من الدخل الوطني، من غير الاعتماد على المساعدات الأجنبية، وهذا من أهم المكتسبات التي حققتها الحكومة من الناحية الاقتصادية.

الحكومة ما زالت تعاني في تنفيذ بعض المشاريع ليس لأنها لا تتلقى الدعم، وإنما لأن التعامل الاقتصادي والبنكي بين أفغانستان ودول الجوار لا يزال حتى اليوم تحت العقوبات الأميركية والغربية، وهذا لا يجعل المشاريع تتم بسهولة.

لكن مع كل هذا، حققت الحكومة الأفغانية مكتسبات في الجانب الاقتصادي وتقديم رؤية واضحة للتنمية المستدامة والتقدم نحو الأمام. 

الانفتاح الخارجي

  • شاهدنا توجه حكومة أفغانستان نحو الصين وروسيا.. لماذا برأيكم قررت طالبان الانفتاح على هذين البلدين؟

بعد أن سيطرت طالبان على الحكم في أفغانستان عام 2021، أعلنت أن السياسة الخارجية تعتمد على شيئين أساسيين، هما: السياسة المتوازنة، والمصالح الاقتصادية.

لكن العداء الأميركي تجاه سلطة طالبان في أفغانستان، دفع الحكومة لأن تكون لها صلة مع دول المنطقة والجوار الأفغاني، وبدأت تتعامل بشكل ثنائي بين دولتين، أكثر من التعامل مع المجتمع الدولي.

وهذا أدى إلى اعتمادها على دول في المنطقة مثل روسيا والصين، إضافة إلى أن الصراع الروسي الأميركي من ناحية، والصيني الأميركي من ناحية أخرى، جعل من هذه الدول تتقدم نحو تطبيع العلاقة مع أفغانستان.

بناء على ذلك، كانت الصين أولى الدول التي قبلت أن يكون التمثيل الأفغاني لديها على مستوى سفير يمثل حكومة طالبان، وكذلك فإن روسيا كانت أول دولة تعترف بشرعيتها. 

وبدأت أيضا دول آسيا الوسطى التعامل من الناحية الاقتصادية والتجارية مع أفغانستان.

  • وعن العلاقة مع إيران.. كيف تتعامل طالبان مع هذا الملف، وكيف تقيّم العلاقة بين البلدين اليوم؟

إيران كانت تُعد من أعداء طالبان، خصوصا من الناحية الأيديولوجية والمذهبية، فقد كان هناك عداء من الجانب الإيراني تجاه الحركة في عقد التسعينيات.

وهذا أدى إلى مقتل الدبلوماسيين الإيرانيين في شمال أفغانستان في ولاية مزار شريف (هجوم نفذته طالبان عام 1992 ردا على دعم إيراني لجماعات أفغانية غالبيتها شيعية تحت اسم تحالف الشمال).

إيران كانت تدعم "التحالف الشمالي" الأفغاني (يضم مجموعات أفغانية مسلحة غالبيتها شيعية) الذي كان يعادي حكومة طالبان السابقة، وكذلك دعمها وترحيبها بمجيء الحكومة الأفغانية في ظل الاحتلال الأميركي.

لكن بعد وصول طالبان إلى السلطة مجددا، لم يعد أمام إيران إلا الاعتراف بالواقع الأفغاني والتعامل مع طالبان، لكن حتى الآن هناك لهجة شديدة في الإعلام الإيراني ضدها.

ولم نشهد حتى الآن أي تقدم إيراني أكثر من التعامل الحالي، إذ لا تزال السفارة الأفغانية في طهران خالية من السفير، وإنما الدبلوماسيون العاديون هم من يديرونها، لأن إيران لم تعترف حتى الآن بالإدارة الأفغانية الجديدة.

كما أن إيران لم تقدم الدعم الواضح للمشاريع الإقليمية المرتبطة بالبلدين لدعم الحكومة الأفغانية، وهذا كله يعني أن طهران ليست في ميدان الواقع، وإنما لا تزال تنتظر المستقبل.

لذلك ليس أمامها إلا أن تتعامل مع الحكومة الأفغانية، وفي المقابل ستتعامل معها الأخيرة كدولة جارة، خصوصا أن هناك نحو 7 ملايين لاجئ أفغاني في إيران.

وهذا يدفع البلدين للتعامل بينهما من أجل التعاون الثقافي والتجاري والاقتصادي والاجتماعي، ليس لأنهما أصدقاء، وإنما لأجل الظروف التي تحتم عليهما التعاون.

  • وماذا عن علاقة أفغانستان مع باكستان.. هل تمكنت حركة طالبان من التوصل لإعادة تطبيع العلاقة معها؟

على عكس إيران، كانت باكستان من الدول التي تتهم بأنها تدعم طالبان ومقاتليها خلال العقدين الماضيين عندما كانت الحركة تحارب الحكومة الأفغانية التي جاءت في ظل الاحتلال الأميركي، وفرضت على الشعب الأفغاني.

لكن بعد وصول طالبان إلى السلطة، فإن باكستان خابت آمالها في مستقبل آمن مع أفغانستان، وهناك ظروف عدة أسهمت في ذلك.

أهمها أن إسلام آباد لا تريد جارا قويا أو آمنا، وذلك من أجل الأيديولوجية العدائية التي تتخذها باكستان تجاه أفغانستان.

إضافة إلى ذلك، لا تزال الحكومة الباكستانية تتهم حركة طالبان الأفغانية بدعم طالبان باكستان عسكريا.

كما تتهمها بالتحريض على الحكومة الباكستانية، ووجهت لها اتهامات أكثر من مرة في هذا السياق.

لكن حكومة طالبان تتعامل مع باكستان كدولة ذات سيادة، لكن لا تزال إسلام آباد لا تعترف حتى اللحظة بالإدارة الأفغانية الجديدة ولم تقبل تعيين السفير الأفغاني لديها.

تردد نائب رئيس الحكومة الباكستانية (إسحاق دار) على أفغانستان الذي زار البلاد مرتين خلال الشهرين الماضيين، وطلب من القيادة الأفغانية تعاملا إيجابيا.

فالحكومة الأفغانية أكدت أكثر من مرة أنها لا تريد العداء مع باكستان، وهذا لعله يؤثر في توطيد العلاقة بين البلدين.

لكن أنا أستبعد أن يتغير الموقف العدائي الباكستاني الذي تخططه القوى "الناعمة" العاملة وراء الكواليس.

  • هل تتوقع إقامة أفغانستان علاقة مع الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب؟

بعد اتفاق الدوحة بين الحركة وواشنطن عام 2020، كان من المتوقع أن تكون هناك علاقات جيدة أو عادية بين أفغانستان التي ترأسها طالبان وبين الولايات المتحدة.

لكن الأخيرة بدأت تكشف عن رؤيتها العدائية تجاه البلد، فهناك تدخل في الشأن الأفغاني وتصريحات استفزازية تجاه القيادة الأفغانية وحكومة طالبان.

وبناء على ذلك كنا نستبعد أن تكون علاقات طبيعية بين الجانبين، لكن على العكس من ذلك لأول مرة كانت هناك زيارة رسمية رفيعة المستوى من مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأسرى، والمبعوث الخاص للولايات المتحدة السابق زلماي خليل زادة.

وكان هناك حديث عن صفقة بين الجانبين لإقامة علاقة بين البلدين، لكن يبدو أنه لا يوجد تقدم نحو الأفضل، لذلك أستبعد أن يكون هناك توطيد للعلاقات بشكل أفضل.

خاصة أن ترامب دائما يتهم طالبان وأفغانستان بأنه لا يستطيع أن يتحمل ما يجري هناك، خصوصا أن الأسلحة الأميركية بيد الحركة.

 فهو يشعر بالخزي عندما يرى عناصر الحركة فوق الدبابة الأميركية وإجراء الحركة استعرضا عسكريا في قاعدة بهرام العسكرية التي كانت تسيطر عليها الولايات المتحدة والجيش الأميركي في العقدين الماضيين.

الوضع المجتمعي

  • شكل قرار طالبان إيقاف زراعة وبيع المخدرات تحولا كبيرا في البلاد.. هل تمكنت الحكومة من إنهاء هذا الملف؟

الحكومة الأفغانية تمكنت من منع زرع وبيع المخدرات في جميع المدن بأفغانستان، لكنها لا تستطيع وحدها تقديم بدائل من أجل الشعب والمزارعين، سواء زراعة الزعفران أو غيرها؛ لأن المجتمع الدولي لا يزال لا يدعمها.

لا يزال هناك ظروف مالية وفنية تعاني منها الحكومة الأفغانية، لكن الأمم المتحدة وافقت خلال اجتماع في الدوحة قبل سنة ونصف السنة، أن تدرس الوضع الجاري في أفغانستان من أجل مساعدة المزارعين الأفغان، لكن حتى الآن ليس هناك مؤشرات واضحة على تغير الوضع. 

  • هل نجحت طالبان في ترسيخ السلم المجتمعي بتطبيق سياسة العفو خصوصا أن المجتمع الأفغاني ذو طبيعة قبلية؟

تمكنت الحكومة الأفغانية من تنفيذ العفو وعدم مس أحد بسوء سواء لمن عملوا مباشرة في الدوائر والمؤسسات العسكرية السابقة أو في دوائر أخرى مدنية خلال حكومة ما قبل عام 2021.

وكل يوم نرى عناصر من الجيش والاستخبارات يعودون إلى أفغانستان، كما أصدرت الحكومة الأفغانية قرارا أن كل من يريد محاكمة موظف سابق فعليه أن يتقدم بشكواه إلى اللجنة المختصة أولا، وبعدها يقدمها إلى المحكمة.

شهدنا خلال الأعوام الأربعة الماضية تقدما واضحا، هو أن أفغانستان لم تشهد انقلابات؛ لأن التجربة الحالية جاءت بدماء مئات المواطنين الأفغان، بعد هزيمة الولايات المتحدة والجيش الذي صنعته في البلاد.

هناك تقارير أممية- ترفضها الحكومة الأفغانية- تحدثت عن حصول حالات انتقامية، في بداية تولي طلبان السلطة، لكن وبعد قرار العفو ومتابعته من السلطات الأفغانية أصبح المجتمع هادئا، ولم نلمس الانتقام والثأر العدائي، باستثناء حوادث منفردة شخصية.

  • وماذا عن حقوق الإنسان وحرية المرأة.. التي يرى الغرب أن طالبان قيدتها؟

هناك أمور واضحة تتعلق بالقراءة الدينية لطالبان، فالحركة معروفة بذلك منذ تسعينيات القرن العشرين، لكن القراءة المتشددة تجعل تصرفات الحكومة الأفغانية محلا للانتقاد سواء من المواطنين الأفغان أو المجتمع الغربي.

لكن الحرية المطلقة للمرأة والتي تعادي قيم الإسلام والتقاليد الوطنية مرفوضة لدى طالبان، والحركة رسمتها كخطوط حمراء.

فهي لا تبالي بالانتقادات الغربية ولا بالشكاوى والانتقادات المحلية، وإنما ترى تطبيقها واجبا دينيا تعمل على تنفيذه مهما كان الثمن.

الرؤية التي يقدمها الغرب والولايات المتحدة تجاه أفغانستان ليست صحيحة، خصوصا في موضوع أن طالبان لا تراعي حقوق الإنسان في ما يتعلق بالمرأة.

تعليم المرأة هو القضية الأساسية لدينا، ليس من منظور ديني فقط، وإنما من منظور اجتماعي وقبلي وثقافي وغيرها.

من ناحية الحقوق، فإنه لأول مرة تقرر طالبان أن المرأة لا يمكن أن تقدّم عرضة للتصالح بين النزاعات كما كان يحصل في القبائل البشتونية والأفغانية بشكل عام، ولا يستطيع أحد أن يمسها بسوء، وكذلك التحرش ممنوع.

كما أن لها الحق في الميراث، وتعطي رأيها في الاختيار بموضوع الزواج، وكل هذا قررته حكومة طالبان، التي رفضت أن تكون المرأة أداة للبيع والشراء، بل هي إنسان له حقوق وشخصية لا بد أن تحترم.

أما تعليم وعمل المرأة، فهي قضية لا تنحصر في طالبان وإنما قضية عامة، ونحن نتوقع كأفغان أن تكون هناك حلول واضحة من السلطات الأفغانية في المستقبل القريب.

  • كيف تقيم واقع الأقليات الدينية والعرقية في أفغانستان.. هل لهم كامل الحقوق في البلاد؟

تقريبا لا توجد أقليات دينية في البلاد سوى الهنود، وهؤلاء أعدادهم قليلة جدا، أما العرقية فإن أفغانستان بلد العرقيات المختلفة، لكن لا توجد صراعات فيما بينها.

وهؤلاء كلهم لهم حقوقهم، سواء السنة والشيعة أو البشتون والطاجيك والأوزبك وغيرهم، وهناك قرار واضح من القيادة الأفغانية يمنع أي شكل من أشكال التعصب.

الحروب التي دامت لأربعة عقود جعلت الشعب الأفغاني يعاني من هذا الناحية، ولا تزال كل فئة تحسب على عرق معين.

طالبان يحسبونها على البشتون وهذا غير صحيح، فالحركة ترفض التعصب القومي منذ التسعينيات، وكل من يمارسه يحاسب عليه كجرم.

طالبان منعت ممارسة تقاليد باسم الدين سواء للشيعة أو السنة، ورأى أن ليس لها أصل من الدين، مثل إقامة ذكرى محرم أو نوروز أو أعياد الميلاد.

كل هذه ممنوعة، ليس فقط لأجل العرقيات، وإنما لأجل الشرع، لأن طالبان قراءتها دينية، خاصة في القضايا والمظاهر الاجتماعية.

الواقع الاقتصادي

  • في ظل الموقف الدولي من حكم طالبان.. كيف تقيّم الواقع الاقتصادي وعلى ماذا تعوّل الحكومة في أفغانستان؟

الوضع الاقتصادي ليس عاديا لأنه مرتبط بالتعامل الدولي، لكن رغم ذلك استطاعت طالبان تقديم نموذج واضح للتعاطي مع القضايا والمؤسسات والمواضيع الاقتصادية.

بطبيعة الحال، تعوّل الحكومة الأفغانية على واقعها الحالي والمعادن والإيرادات الداخلية، إضافة إلى ذلك محاربة الفساد في البلاد، وهو ما ساعدها في النمو الاقتصادي.

تعتمد أيضا على التبادل التجاري الثنائي مع العديد من الدول، وهذا الذي ساعد في أن تنمو إيرادات الصادرات بين أفغانستان ودول الجوار والمنطقة، وخصوصا آسيا الوسطى، يوما بعد يوم.

محاربة الفساد رفعت من مستوى دخل الميزانية الوطنية، إضافة إلى التعاملات الخالية من العملية البروتوكولية الفاسدة التي أثرت في تحسين الوضع الاقتصادي للحكومة الأفغانية.

  • هل يشكل عودة أفغان الخارج خصوصا القادمين من إيران عبئا إضافيا على الاقتصاد الأفغاني؟

دول الجوار وتحديدا إيران وباكستان حاولتا الضغط على أفغانستان بطرق عدة ولم ينجحا.

لكن العامل الوحيد الذي يمكنهم من ممارسة الضغط من خلاله هو الخروج القسري للمهاجرين والمقيمين الأفغان- وهم بالملايين- في الأراضي الإيرانية والباكستانية.

وقد شكلت الحكومة الأفغانية لجنة للتعامل مع الأزمة بشكل جاد، وهي بالتأكيد تؤثر على الوضع الاقتصادي، وموضوع البطالة في أفغانستان.

إضافة إلى تأثيرها على الحكومة التي لا تستطيع أن توفر لكل هؤلاء سكنا وبيئة مناسبة تساعدهم في الاعتماد على حكومتهم.

لكن الحكومة تحاول تحسين وضع هؤلاء العائدين إلى أفغانستان معولة على الإمكانيات الوطنية، والمجتمع الدولي.

وكذلك، ثمة خطر في هذا الملف- لم يحصل حتى الآن- وهو تسلل عناصر من إيران وباكستان إلى أفغانستان لديها سجلات جنائية، خاصة من تنظيم الدولة وتنظيمات إجرامية أخرى.

وفي الختام، أعتقد بضرورة أن نعتمد على الحكومة الأفغانية كونها هي من تدير البلد، وذلك بعد أربعة عقود من الحروب والاحتلالات، والتي جلبت كل الويلات والدمار لأفغانستان، ولم ينفع البلاد الاحتلالان الروسي والأميركي ولا الدعم الأجنبي.

الحل الوحيد يكمن في الوثوق بإمكانيات البلد والقيادة الوطنية، ونأمل في تحسين الوضع، فبعد مرور أربعة أعوام من انتهاء الاحتلال الأميركي نشهد تقدما ملموسا في تغيير الأفكار منذ الأيام والأشهر الأولى للسلطة الحالية.

هناك تغيير في التعامل مع الناس، إضافة للتغيّر في الأفكار، والقبول ببعض ما يدور في الواقع الأفغاني، وهذا يعني أنه ثمة تنازلات إيجابية من الحكومة من شأنها أن تساعد في تقبلها من الشعب والمجتمع الدولي.

أفغانستان بلد عُرف بكثرة الحروب والانقلابات، لكن الهدوء السائد اليوم، والأمن المتحقق على مستوى كل البلاد، بدون أي تمرد مسلح، يعزز الآمال في أن يكون هناك تغير إيجابي في القضايا الاجتماعية والثقافية التي لا نزال نعتقد أنها بحاجة إلى تغيير.