وساطات بلا إنجازات.. هل الغرب قادر على حل أزمة كوسوفو وصربيا؟

قسم الترجمة | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز دراسات تركي الضوء على المواجهات المستمرة بين كوسوفو وصربيا، والتي من الممكن أن تتحول إلى صراع في منطقة البلقان، متطرقا إلى مبادرات الاتحاد الأوروبي لمنع ذلك.

وقال مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام": انتقلت أزمة كوسوفو إلى مرحلة جديدة بعد أن كانت قد بدأت في أبريل/نيسان 2022، ونتج عنها احتجاجات واسعة على إثر قرار تنفيذ بطاقات الهوية الموحدة ولوحات الترخيص (للسيارات) في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.

تصاعد التوتر

ومع عودة رؤساء البلديات الذين تولَّوا مناصبهم بناءً على الانتخابات التي أجريت في المناطق ذات الأغلبية الصربية في شمال البلاد بدءا من مايو/أيار 2023، وقعت احتجاجات عنيفة في المنطقة.

وقال  الكاتب التركي "دوغان جان باشاران": كما هو متوقع، وضعت هذه العملية بريشتينا في مواجهة إدارة بلغراد، التي لا تعترف باستقلال كوسوفو. 

وبلغراد، التي تعتنق المثل الأعلى لـ "صربيا الكبرى" وتدعي أنها حامية جميع الصرب، أبدت اهتماماً بالتطورات في المناطق ذات الأغلبية الصربية في شمال كوسوفو. 

والواقع أن وضع الجيش الصربي في حالة تأهب والتصريحات القاسية للغاية الصادرة عن بلغراد تؤكد ذلك.

وأشار الكاتب إلى أن كوسوفو ترى أن مقاطعة الصرب للانتخابات في شمال البلد استفزاز ضد سيادتها واستقلالها. 

وعلاوة على ذلك، فإنها تعد دعم صربيا لصرب كوسوفو تدخلاً في شؤونها الداخلية، وهذا يؤدي إلى تصعيد التوترات على خط بلغراد - بريشتينا.

وكما يمكن فهمه، فإن تصاعد التوترات بين الطرفين له علاقة وثيقة بالديناميكيات الداخلية للبلقان نفسها وتصاعد النزعة القومية الصربية في هذا السياق. 

ومع ذلك، فإن الاتجاه التصاعدي للأزمة لا يرجع فقط إلى التطورات الإقليمية بل يتأثر أيضاً بالتطورات الجيوسياسية في المعادلة العالمية. 

وبهذا المعنى، فإن حقيقة أن المنطقة لديها خطوط صدع هشة من الناحية الجيوسياسية تجعل البلقان واحدة من ملاعب الصراع العالمي على القوى. 

في الواقع، لا يمكن تجاهل حقيقة أن الأزمة ظلت على جدول الأعمال منذ أبريل 2022 بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022.

دور موسكو

واستدرك باشاران: كوسوفو حالياً بلد يجذب الانتباه بقربه من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى قوتها التي تُعد قوات حفظ سلام متعددة الجنسيات بقيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وهذه القوات التابعة للناتو مكلفة بتوفير الأمن في كوسوفو التي حصلت بالفعل على استقلالها بدعم من الغرب.

وأضاف الكاتب باشاران: من ناحية أخرى، لا تعترف روسيا وكذلك صربيا باستقلال كوسوفو. 

في الواقع، كان إعلان استقلال كوسوفو على الرغم من رفض موسكو هزيمة واضحة للسياسة السلافية (العالم الروسي أو الاتحاد السوفيتي) لإدارة الكرملين، التي أرادت استغلال الصرب لمصالحها الخاصة بهدف زيادة نفوذها في المنطقة. 

وبعبارة أخرى، كانت كوسوفو المكان الذي ذكَّرَت فيه الولاياتُ المتحدةُ وحلفاؤُها روسيا بحدود وقيود القومية السلافية. 

وعلى الرغم من ذلك، تريد موسكو ممارسة نفوذها في البلقان من خلال الصرب وصربيا في إطار الحجج السلافية. لذلك ليس من قبيل المصادفة أن الأزمة تصاعدت في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية. 

وتابع: في الواقع، ترتبط الحرب في أوكرانيا ارتباطاً وثيقاً بزيادة تأثير الوحدة السلافية في السياسة الخارجية الروسية.

لذلك فإن إدارة موسكو، التي سئمت من العقوبات التي فرضها الغرب بشكل جماعي ولا يمكنها تحقيق النتائج التي تريدها على الأرض بسبب الدعم العسكري المقدم لأوكرانيا، ترسل رسالة إلى الاتحاد الأوروبي مفادها أنه يمكنها زعزعة استقرار بيئتها القريبة من خلال البلقان، أي جنوب شرق أوروبا.

بعبارة أخرى، يشير الكرملين ضمناً إلى أن الحرب التي يُهزَمُ فيها قد تتطور إلى عملية يخسر فيها الغرب أيضاً وخاصة أوروبا.

وعند هذه النقطة، ينبغي التأكيد على أن هدف صربيا المتمثل في عضوية الاتحاد الأوروبي منع الأزمة من الخروج عن نطاق السيطرة، وأن محاولة بلغراد انتهاجَ سياسة توازن دقيق ضمنت بقاء قنوات المفاوضات مفتوحة.  

مخاوف أوروبا

وأردف باشاران: الاتحاد الأوروبي، الذي لا يريد أزمة في جواره المباشر، يبذل أيضاً جهداً فعالاً في الوساطة. 

ومن الواضح أنه إذا انفجرت الأسلحة في المنطقة، فإن الاتحاد الأوروبي سيواجه عبئاً خطيراً بسبب الهجرة، والتطرف في سياق اليمين المتطرف، وسيتعامل مع التكلفة الاقتصادية الباهظة للعملية. 

ولذلك، يحاول الأمناء التوفيق بين الجهتين الفاعلتين من خلال الجمع بين قيادتي كوسوفو وصربيا على مختلف المنابر. وبعبارة أخرى، فإن الاتحاد الأوروبي يحاول منع الصراعات من التحول إلى حرب.

وكان آخر مثال على هذه المبادرات زيارة الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لغرب البلقان ميروسلاف لاجاك مع الممثل الخاص للولايات المتحدة لنفس المنطقة غابرييل إسكوبار إلى بريشتينا وبلغراد.

وذكر لاجاك، الذي أدلى بتصريحات بشأن الزيارات في 12 يونيو/حزيران 2023، أن الاتحاد الأوروبي يواصل جهوده للتوصل إلى حل سياسي للأزمة بين الطرفين. 

وقال إنَّه على الرغم من بعض الإشارات الإيجابية، فإن التوترات بين كوسوفو وصربيا لا تزال مرتفعة.

وكما يمكن أن نرى، يكشف هذا البيان أن الخلافات بين الطرفين واضحة جداً وأن الاتحاد الأوروبي لم يقترب بعد من تحقيق نتائج ملموسة من حيث ضمان استقرار البلقان، الذي ينظر إليه في سياق أمنه. 

وهذا يكشف عن هشاشة العملية ويبين أن احتمال نشوب صراع ساخن لا يزال قائما، وفق الكاتب التركي.

وختم مقاله قائلا: يعتقد الاتحاد الأوروبي أنه إذا خرجت الأمور عن السيطرة في البلقان، فسوف يتأثر سلبا بالعملية وهو لا يريد صراعات وأزمات في محيطه المباشر. ولذلك، فإنه يكثِّف جهود الوساطة بين كوسوفو وصربيا. 

بيد أن المصالحة بين بريشتينا وبلغراد لا تبدو سهلة، لأنه على الرغم من أن الأزمات تدخل مرحلة الانفراج من وقت لآخر، توجد هناك خلافات ذات طبيعة هيكلية بين الطرفين. 

بالطبع، ليس من السهل حل هذه القضايا. ومع ذلك، من الممكن التنبؤ بأن الاتحاد الأوروبي سيواصل مبادرات الوساطة الخاصة به، بحسب تقييم الكاتب التركي.