بعد وفاة برلسكوني.. كيف يواجه حزب فورزا إيطاليا خطر التلاشي؟ 

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على مصير حزب فورزا إيطاليا، بعد وفاة مؤسسه الملياردير وقطب الإعلام والسياسي الإيطالي سيلفيو برلسكوني في 12 يونيو/حزيران 2023.

ويواجه فورزا إيطاليا خطر التلاشي أو إمكانية الاندماج في حزب إخوة إيطاليا، بقيادة رئيسة الوزراء الحالية جورجيا ميلوني. 

وقالت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية إن حزب فورزا إيطاليا تأسس على يد برلسكوني رئيس الوزراء الأسبق سنة 1993.

وفي السنة التالية لتأسيسه، فاز التحالف بقيادة فورزا إيطاليا مع رابطة الشمال والتحالف الوطني في الانتخابات. ومن هنا، وصل برلسكوني إلى قصر شيغي لأول مرة.

ومنذ ذلك الحين وحتى الانتخابات العامة الأخيرة في سبتمبر/أيلول 2022، مرورا بإعادة تأسيسه في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، كان فورزا إيطاليا مرتبطا بمؤسسه، برلسكوني الذي لم يترك المجال لأي من ورثته لكي يحجب صيته. 

مستقبل ضبابي

ونوهت الصحيفة بأن وفاة برلسكوني جعلت مستقبل فورزا إيطاليا ضبابيا. من ناحية، يطمح نائب رئيس الحزب، أنطونيو تاجاني، لقيادته.

ومن ناحية أخرى، في حالة اندثار الحزب، وهو أمر غير مستبعد، فمن المرجح أن يحتد التنافس للظفر بمساحة برلسكوني السياسية بين رئيسة الوزراء وزعيمة إخوة إيطاليا، جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء السابق للحزب الديمقراطي والزعيم الحالي لإيطاليا فيفا، الوسطي ماتيو رينزي.

ومن المثير للفضول أنهما كانا الزعيمين الأكثر بروزا في مدحهما لبرلسكوني بمجرد الإعلان عن وفاته، وفق ما تقول الصحيفة الإسبانية.

بشكل خاص، كان رينزي سريعا في التعليق على خبر وفاة برلسكوني، بالكاد بعد ثلاث دقائق من نشر وكالة الأنباء الإيطالية أنسا، الخبر.

في الحقيقة، كانت ردة فعل عدتها الصحفية الإيطالية، سوزانا توركو، في تقرير لها على "الإسبريسو"، أنها محاولة استحواذ متكاملة الأطراف. 

في حسابه على موقع تويتر، كتب رينزي الذي ربطته علاقة جيدة به، هذه العبارات: "صنع سيلفيو برلسكوني التاريخ في هذا البلد. لقد أحبه كثير من الناس، وكرهه كثيرون".

وأردف: "الآن يجب على الجميع أن يعترف بتأثيره على الحياة السياسية والاقتصاد والرياضة والتلفزيون، التي لم يكن لها مثيل". 

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن رينزي، كالحرباء مثل السياسي الراحل، قدم نفسه مع هذا الاحترام لزعيم فورزا إيطاليا، على أنه خيار أمام أتباع برلسكوني، حيث إنه يميل إلى الوسط أكثر من إخوة إيطاليا أو حزب الرابطة.

ومع ذلك، على قدر ما يجد برلسكوني متعاطفين معه حتى من قبل منتقديه، لا يجد رينزي متعاطفين معه حتى بين ورثته المحتملين.  

من جهتها، سجلت رئيسة الوزراء، جورجيا ميلوني، التي كانت وزيرة الشباب في حكومة برلسكوني الرابعة، بين عامي 2008 و2011، رسالة مدتها 45 ثانية على موقع تويتر بعنوان "وداعا، سيلفيو".

وجاء فيها: "كان سيلفيو برلسكوني مقاتلا قبل كل شيء. لقد كان رجلا لا يخشى أبدا الدفاع عن قناعاته، تعلمنا معه أنه لا ينبغي الاستسلام، قاتلنا معه وانتصرنا في العديد من المعارك". 

أزمات وديون

وتمكن حزب فورزا إيطاليا من الظفر بخمس وزارات في الحكومة الإيطالية الأخيرة، التي تشكلت في 25 سبتمبر/أيلول 2022، بفضل الانضمام إلى كتلة يمين الوسط، الفائزة في الانتخابات.

وخلال هذه المناسبة الانتخابية، كان الحزب الأكثر حظا في التصويت هو إخوة إيطاليا، بقيادة جورجيا ميلوني، أول امرأة تترأس مجلس الوزراء في البلد الأوروبي.

من جهته، كسب فورزا إيطاليا نسبة ثمانية بالمائة من الأصوات، وهي نتيجة كانت ستصبح أسوأ بكثير لو لم يكن برلسكوني على رأس السلطة.

في الواقع، سيطر الحزب على خمس وزارات بفضل قوتهم في المفاوضات. أما الشيء الوحيد الذي لم يحققه برلسكوني في حياته السياسية فهو حلمه الأخير: أن يكون رئيسا للجمهورية.

ونقلت الإندبندينتي عن المؤرخ، ستيفن فورتي، من جامعة برشلونة المستقلة أن "فورزا إيطاليا كان حزبا شخصيا يعتمد كليا على زعيمه. لا أعتقد أنه سيختفي بين عشية وضحاها، لكن لم يكن هناك من يخلفه، لقد قضى برلسكوني على ورثائه المحتملين".

وأردف: "حدث ذلك مع جيانفرانكو فيني أولا، ثم مع أنجيلينو ألفانو. لقد استمر على رأس الحزب حتى وفاته". ومن ناحية أخرى، كان حزب برلسكوني يعتمد ماليا على رجل الأعمال الراحل.

وبحسب صحيفة لا ريبوبليكا، تراكمت على فورزا إيطاليا ديون بنحو 90 مليون يورو جرت تغطيتها بضمانات شخصية من برلسكوني، والآن سيتعين على ورثته، وأبنائه الخمسة، سداد هذا الدين.

وبينت أن نائب الرئيس والمؤسس المشارك للحزب، أنطوني تاجاني، هو الأحق بلقب الوريث السياسي لبرلسكوني. كما أنه يمثل الجناح الأكثر اعتدالا ضد الصقور مثل ليكيا رونزولي وأليساندرو كاتانيو.

في الأثناء، أظهرت مارتا فاسسينا، 33 عاما، آخر زوجات برلسكوني التي انتخبت نائبة عن منطقة كامبانيا في آخر جلسة تشريعية، علامات على رغبتها في أن ترث شريكها، كما بدأت السياسية في تشكيل التيار الخاص بها. 

صراعات داخلية

ونقلت الصحيفة عن  الأستاذ الإيطالي ماتيو ري، من جامعة راي خوان كارلوس الإسبانية، أن "من أكبر الأخطاء التي ارتكبها برلسكوني عدم ترك خليفة له. لقد فعل ذلك من أجل الشهرة".

وتوقع أن تبدأ الآن صراعات داخلية لمعرفة من يقود فورزا إيطاليا، ومن المتوقع حدوث تراجع الدعم للحزب وأيضا نفور الناخبين. 

ويواصل الخبير: "تاجاني شخصية محترمة وقد تجتذب الناخبين، لكني لا أعرف ما إذا كانت ستلاقي قبولا لدى أعضاء الحزب. أما مارتا فاسسينا، فلا يمكن إلا أن تزعزع الاستقرار. لو كانت هي الوريثة، فستكون هذه هي نهاية الحزب". 

بهذه الطريقة، سيكون التحدي الأول لفورزا إيطاليا هو إبقاء قائده على قيد الحياة. في الأثناء، يواجه الحزب خطر التلاشي أو الاندماج في حزب آخر.

وهنا، أظهر إخوة إيطاليا استعداده لاستقبال أعضاء حزب برلسكوني. وبالمثل، يفتح حزب إيطاليا حية، الوسطي أكثر من السابق، أبوابه أمام حزب فورزا إيطاليا.  

وفقا لستيفن فورتي، فإن "رأس المال السياسي لفورزا إيطاليا دون برلسكوني سيتراجع كثيرا". ويواصل: "أشك في إمكانية الحفاظ عليه".

وتابع: "يمكن أن يسعى أعضاء فورزا إيطاليا للتمركز من جديد في أحزاب أخرى لأنهم يعدون الحزب شيئا من الماضي. سنرى اندماجا داخل حزب إخوة إيطاليا التابع لميلوني".

وأوضحت الصحيفة أنه "حتى إذا استمر فورزا إيطاليا، فقد يكون هناك نقل للأصوات إلى ميلوني".

وبحسب ماتيو ري، فإن "كثيرا ممن صوتوا للحزب كانوا غير مشروطين بشخص برلسكوني. يمكن أن يذهب جزء كبير من هذه الأصوات لصالح ميلوني، ليس من أجل الانسجام السياسي ولكن للانضمام إلى ركب المنتصر".

وتحديدا، تأخذ ميلوني زمام المبادرة على اليمين، ولا تواجه الكثير من الانتقادات، وفق قوله. ونوهت الصحيفة بأن نهج حزب الرابطة بقيادة ماتيو سالفيني يعد أقل احتمالا، حيث لم تربطه مع برلسكوني علاقة جيدة.

في المقابل، تعد ميلوني أكثر موثوقية في نظر الناخبين المؤيدين لبرلسكوني. كما كانت هي والسياسي الراحل يحترمان بعضهما البعض، رغم أنهما "بعيدان في طريقة تصور معنى السياسة" مثلما أكدت رئيسة الوزراء الحالية.