مركز تركي: لهذه الأسباب حوار السعودية مع الحوثيين لا يكفي لإنهاء حرب اليمن

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في 8 أبريل/ نيسان الجاري، أجرى وفدان من السعودية وسلطنة عمان مباحثات مع قادة بجماعة الحوثي اليمنية في صنعاء استمرت 6 أيام، تناولت سبل تمديد الهدنة وإنهاء الحرب في اليمن.

وفي الشهور الأخيرة، تضاعفت مساعٍ إقليمية ودولية لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، على أن يبدأ بتجديد هدنة استمرت 6 أشهر وانتهت في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وسط تبادل الحكومة والحوثيين اتهامات بشأن المسؤولية عن فشل تمديدها.

ورغم الأجواء الإيجابية المبشرة في هذا الملف الشائك، أكد "مركز دراسات إيران" التركي، أن تفاهمات السعودية مع جماعة الحوثي لا تكفي لإنهاء حرب اليمن، مؤكدا أهمية إشراك بقية الأطراف المحلية المنخرطة في الصراع بالمباحثات، وفي مقدمتها الحكومة الشرعية.

ومنذ نهاية 2014، يعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على صنعاء وعدة محافظات، واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد تدخل تحالف سعودي إماراتي لإسناد قوات الحكومة الشرعية، في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

خطوة مهمة

وقال المركز التركي، إنه في البداية شاركت سلطنة عُمان في محادثات السلام مع الأطراف المتحاربة في اليمن لبعض الوقت بالتوازي مع جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، ثم شاركت مع السعودية في مباحثات مباشرة مع الحوثيين.

بينما صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن "هانز غروندبرغ" أن الأمم المتحدة لم تشارك في هذه المحادثات الأخيرة.

لكنه رحب بالمحادثات، قائلا إن ما يحدث حاليا هو أقرب مراحل اليمن إلى السلام منذ بدء القتال. وفي حالة التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، من المتوقع أن تتدخل الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة في اليمن.

وكان قد غرد سفير  السعودية في اليمن، "سعيد آل جابر"، عبر تويتر في 10 أبريل 2023، أن "الغرض من زيارته لصنعاء استئناف المفاوضات السياسية لاستعادة وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع المستمر منذ تسع سنوات".

فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول حكومي يمني كبير أن السعوديين والحوثيين اتفقوا من حيث المبدأ على وقف جديد لإطلاق النار لمدة ستة أشهر لتمهيد الطريق لعامين من المحادثات "الانتقالية". 

وعلى الرغم من أنه لم يصدر بعد أي قرار عن المحادثات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، فقد أفادت وسائل إعلام محلية بأن الطرفين اتفقا على الاجتماع مرة أخرى.

وعقب هذه المحادثات، أعلن رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين عبد القادر المرتضى في 16 أبريل، عن اتفاق جديد مع الحكومة يتضمن الإفراج عن 1400 شخص إضافي من الجانبين، دون معلومات مفصلة عن تاريخ الاتفاق. 

فيما قال رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي، إن تبادل الأسرى مع الحوثيين "منارة أمل للسلام الشامل في البلاد".

رؤى الأطراف

ورأى المركز التركي أن مبادرات السلام في اليمن اكتسبت زخما مع قرار السعودية وإيران استعادة العلاقات الدبلوماسية بوساطة صينية. 

وأضاف أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يريد إنهاء الحرب في اليمن من أجل تحقيق أهداف 2030، والتي ستقلل من اعتماد بلاده على النفط حيث إنها تمتلك العديد من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية.

فبينما تبذل السعودية جهودا كبيرة لجذب المستثمرين الأجانب إلى البلاد بمشاريع كبيرة، فإنها لا تريد التعامل مع الصواريخ التي يطلقها الحوثيون. 

ولا شك أن هجمات الحوثيين بالطائرات بدون طيار والصواريخ تعطل آفاق السياحة المحتملة وتطوير المنشآت النفطية. 

من ناحية أخرى، فإن الحوثيين قد فقدوا قادتهم المهمين وآلاف المسلحين في الحرب التي استمرت 8 سنوات.

كما أنهم في حالة حسار كبير، مع إغلاق المطارات والموانئ. وعلى الرغم من أنهم تلقوا أسلحة من إيران، إلا أن الحفاظ على الوضع على المدى الطويل يبدو صعبا.

ويريد الحوثيون إعادة فتح الموانئ التي يسيطرون عليها ومطار صنعاء بالكامل ودفع رواتب المسؤولين الحكوميين وجهود إعادة الإعمار وإخراج القوات الأجنبية من البلاد.

فيما تطالب السعودية بإنشاء منطقة عازلة بين المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وقوات الحكومة، ورفع الحصار عن تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، والالتزام بالمشاركة في المفاوضات الرسمية مع الأطراف اليمنية.

مشاركة ضرورية

وأوضح المركز التركي أنه في السنوات السابقة، انخرطت السعودية وجماعة الحوثي بشكل رئيس في مفاوضات غير مباشرة لتبادل الأسرى أو وقف إطلاق النار. 

وكانت المفاوضات الأكثر جدية التي تهدف إلى حل الأزمة، قبل مفاوضات عام 2023، قد عُقِدَت في عام 2019 حيث اتفق الحوثيون والقوات الحكومية على خطة عسكرية. 

ومع ذلك، فإن المحادثات الحالية واعدة من حيث إنها تجرى في ظرف بدأت فيه العلاقات السعودية الإيرانية في التطبيع وتمت مناقشة مطالب أخرى غير وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في المحادثات.

والحقيقة أن السبب الرئيس للحرب الأهلية في اليمن كان نزاع السعودية وإيران. ويمكن اعتبار سحب الدعم من الجماعات المسلحة في البلاد ووقف إطلاق النار خطوة رئيسة نحو إقامة سلام دائم في اليمن. 

ومن الضروري التعامل مع مسار المفاوضات بحذر؛ لأن جميع الجهات الفاعلة التي هي أطراف في الحرب في اليمن لم يتم إشراكها بعد في المحادثات. 

وعلاوة على ذلك، قد لا يعترف الحوثيون بالجهات الفاعلة خارج المملكة العربية السعودية كجهات فاعلة شرعية. 

في الواقع، أراد الحوثيون أن توقع السعودية على أي اتفاق مستقبلي كطرف، وليس كوسيط، وتم رفض هذا الطلب من قبل السفير السعودي "سعيد آل جابر".

وهذا يمكن أن يدفع أطرافا أخرى إلى محاولة تقويض المفاوضات. 

لكن تمت معالجة هذه المشاكل بجهود سطنة عُمان وبضغط من إيران.

وهكذا أصبح الحديث عن التسوية في الملف اليمني ممكنا، خاصة بعد التفاهمات السعودية الإيرانية الأخيرة  والتي نأمل أن تسهم في إزالة غيوم الحرب وإحلال السلام وإعادة الأنشطة التجارية والاقتصادية، وتحديدا عمليات تصدير النفط وإنتاجه.

وعلى الرغم من أن السعودية وإيران لاعبان مهمان في أزمة اليمن، إلا أن الأزمة اليمنية هي في نهاية المطاف أزمة داخلية. 

ويمكن أن تساعد المحادثات السعودية الحوثية في بدء عملية من شأنها إنهاء النزاع المسلح وقيادة البلاد إلى حل سياسي. ولكن لكي تنتهي الحرب، فإن الحوار الوطني الشامل بين جميع الأطراف أمر بالغ الأهمية.