وعود بضخ المساعدات.. هل تتقرب أميركا من إفريقيا على حساب الصين؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

انتقدت صحيفة نيغريسيا الإيطالية "علاقات التنمية المشتركة الجديدة" المعلن عنها بين الولايات المتحدة الأميركية وإفريقيا خلال زيارة كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي، إلى بعض بلدان القارة.

وفي 26 مارس/آذار، وصلت كامالا هاريس، غانا في أول محطة لها في جولتها الإفريقية التي تشمل تنزانيا وزامبيا.

وتأتي جولة هاريس بعد 8 سنوات من زيارة أجراها باراك أوباما، أول رئيس أميركي من ذوي البشرة السمراء، إلى المنطقة حينما كان رئيسا.

وقالت هاريس في مقابلة إذاعية، في 24 مارس "سأذهب إلى إفريقيا للتحدث مع القادة الأفارقة ليكون لنا دورنا في الاستثمار في مستقبل القارة".

مخططات قديمة

وانتقدت الصحيفة ما قالت إنها "أمطار الدولارات التي تهطل على الديمقراطيات الإفريقية المتعطشة"، قائلة إن هذه العلاقات "تتبع المخططات القديمة ذات الطبيعة القائمة على الرفاهية في الغالب". 

ورأت أنها تأتي ضمن دفعة متجددة وفق ما يسمى بالقوة الناعمة وفي التجارة، تحت منظور مواجهة النفوذ الصيني والروسي في القارة.

ونقلت عن رئيس الحزب الاشتراكي في زامبيا "فريد ممبي"، قوله "ليست الديمقراطية وحقوق الإنسان هي ما تسعى إليه الولايات المتحدة في إفريقيا، وإنما ما يسعون إليه هو مصالحهم الجيوسياسية والاقتصادية الخاصة، لا يفعلون ذلك لأجلنا ولكن من أجل أنفسهم". 

وعلقت بأنه لخص بهذه الكلمات مشاعر وأفكار العديد من الأفارقة فيما يتعلق بتقارب الولايات المتحدة مع القارة.

وتابعت بأنه شعور ربما يشاركه جزئيًا أيضًا القادة الذين رحبوا بكامالا هاريس في زيارات إلى القارة التقت خلالها برؤساء دول غانا وتنزانيا وزامبيا، وأيضًا النساء والشباب.

ولفتت إلى أن المصلحة المشتركة هي العنصر الرئيس في تجديد العلاقات بين واشنطن وإفريقيا، وقادتهما مستعدون "للاستفادة" من كل ما هو متاح، مؤكدة أن اللعبة تتمثل بحساب المليارات ووعود المساعدة.

ومنها تذكر تمويلات بما يعادل مليار دولار لمبادرات تهدف إلى تمكين المرأة الإفريقية و100 مليون دولار أخرى لمحاربة التطرف في غرب القارة. 

وتضيف كذلك المزيد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لتشجيع التجارة والاستثمار الخاص، على غرار الإعلان عن تمويل بـ500 مليون دولار لمساعدة الشركات الأميركية على تصدير السلع والخدمات إلى تنزانيا.

بحسب الصحيفة، شددت "كل من هاريس ومعاونوها في الأيام الأخيرة، بين السطور، على أن هذه الزيارة لم يجر تنظيمها بدافع من الوجود الصيني الهائل في إفريقيا". 

وتضيف بأنهم "ألمحوا إلى أن سياسة التقارب والعلاقات الجديدة بين أميركا وإفريقيا تتجاوز الصين وتأثيرها على القارة"، دون أن تشير إلى كيفية فعلهم ذلك.

كما تطرقت الصحيفة إلى نقطة إرسال وزارة الخزانة الأميركية مستشارين متفرغين خلال العام 2023 لمساعدة وزراء المالية في تطوير وتنفيذ الإصلاحات المتوسطة والطويلة الأجل اللازمة لتحسين الاستدامة وإعادة هيكلة الديون.

وذكرت أن البداية ستكون من غانا قبل أن تشمل المبادرة بلدانا أخرى بما في ذلك الكاميرون وكينيا ومدغشقر وناميبيا وتنزانيا وغامبيا وزامبيا. 

سيعمل المستشارون في سياسة وإدارة الإيرادات وكذلك الميزانية والمسؤولية المالية، فضلا عن إصدار الدين العام وتمويل البنية التحتية والخدمات المصرفية والمالية والجرائم الاقتصادية.

التحكم والسيطرة

لاحظت الصحيفة الإيطالية أن المساعدة في الخيارات المستدامة تعني في الواقع أيضًا "التحكم" في بنود الإنفاق والدخل. 

وأشارت إلى أن أحدا لم يتحدث علانية عن الديون التي تعاقدت عليها العديد من الدول الإفريقية مع الصين، مشيرة إلى أن غانا لديها ديون تبلغ 1.9 مليار.

وبالحديث عن قضية الديون، ذكرت أن الحكومة الصينية كانت قد دعت أخيرا الولايات المتحدة للتوقف عن الضغط عليها لتخفيض الديون والتركيز على تجنب التخلف عن السداد من جانب الحكومة المحلية، "مما قد يكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي".

وهنا الإشارة بحسب الصحيفة إلى زامبيا، أول دولة إفريقية تعلن التخلف عن السداد خلال فترة وباء كورونا، بإجمالي ديون يصل إلى 17 مليار دولار.

وأردفت أن الشخص الوحيد الذي أورد خطابًا بخصوص حقوق المواطنين الأفارقة فيما يتعلق بالعلاقات مع الغرب كانت الرئيسة التنزانية، سامية سولوهو حسن. 

وقالت لنائبة رئيس الولايات المتحدة إن " إصدار التأشيرات، طويلة الأمد كذلك، لتسهيل حركة الأشخاص والسلع والخدمات بين بلدينا تعد مسألة لا تقل أهمية عن غيرها".

وحثت حكومة الولايات المتحدة على مراجعة وضع التأشيرات، معبرة عن يقينها بأنه بهذه الطريقة "سيشهد بلدانا زيادة كبيرة في التجارة والسياحة والاستثمار".

 وصفت الصحيفة زيارة هاريس إلى زامبيا، حيث عاشت لفترة من الوقت مع جدها، بالرمزية. وكانت قد التقت بالرئيس هاكيندي هيشيليما، الذي استضاف أخيرا قمة الديمقراطية بحضور الولايات المتحدة.

ورأت الصحيفة أن "مسألة الديمقراطية  حساسة للغاية ليس فقط في إفريقيا، حيث لا يعد إجراء الانتخابات ضمانا لحكومات ديمقراطية حقا، ولكن للولايات المتحدة نفسها التي، باسم هذا المفهوم، ساهمت بانهيار حكومات وشعوب".

وبالعودة إلى الصين،  تذكر نيغريسيا بأن طائرة نائبة الرئيس الأميركي هبطت في مطار بنته شركات صينية وبأموال صينية، كما شيد الصينيون الطرق التي سافر عليها الوفد الأميركي. 

ونقلت عن الباحثة في مركز غانا للتنمية الديمقراطية، إديم سيلورمي، قولها إنه "يُنظر إلى تأثير الصين في إفريقيا على نطاق واسع على أنه إيجابي". 

وتشرح بأنه غالبا ما يتعلق الاختلاف بين الولايات المتحدة والصين "بما يراه المواطنون على الأرض"، مثل مشاريع البنية التحتية  و"هو سياق تغيب فيه الولايات المتحدة منذ فترة طويلة".

تضيف الصحيفة أن واشنطن تغيب أيضا في السياقات الأخرى التي تمثل اليوم أسس الوجود الصيني. 

ثقافيا، على سبيل المثال، استضافت زامبيا معهد كونفوشيوس منذ عام 2009، بينما جرى افتتاح مدرسة أخيرا في تنزانيا لتدريب الكوادر الإدارية الإفريقية. 

سميت المدرسة على اسم والد البلاد، يوليوس نيريري وبدعم من حركات التحرير في جنوب إفريقيا وموزمبيق وأنغولا وناميبيا وزيمبابوي، ومولت من قبل الحزب الشيوعي الصيني.

وأقر الرؤساء الأفارقة الثلاثة (غانا وتنزانيا وزامبيا) وشكروا المساعدات الأميركية، السابقة، مثل خطة Pepfar لمكافحة الإيدز، كما ذكر الرئيس التنزاني.

 لكنهم يعلمون أن وجود معين لا يستبعد "الآخر"، لا الصين وكذلك روسيا، التي لم يأت منها أعضاء مجموعة مرتزقة فاغنر بمبادرة منهم ولكن تعاقد معهم رؤساء الدول لدعم الأمن، وفق قول الصحيفة.

وتذكر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد قال إن إفريقيا يجب أن تحل مشاكلها بنفسها مما يعني ضمنا الخطاب المعتاد بأن القارة في حاجة للمساعدة لأنها مليئة بالمشاكل.