نقاش أميركي ساخن حول التطبيع العربي مع نظام الأسد.. ما رأي بايدن؟

تحدثت صحيفة "يني شفق" التركية عن سياسة الولايات المتحدة الأميركية بخصوص وتيرة تطبيع الدول العربية المتصاعدة مع نظام بشار الأسد في سوريا.
وقال الكاتب التركي "قدير أوستون"، إن الخبراء السياسين الأميركيين حذروا من هذا التطبيع ودعوا الرئيس جو بايدن إلى اتخاذ موقف واضح ضد نظام الأسد.
دبلوماسية الزلازل
وأردف أوستون: "يستخدم النظام السوري حركة دبلوماسية الزلازل تجاهه الدول العربية لكسب المزيد من الشرعية وتسريع عملية التطبيع في المنطقة".
والتقى وزير الخارجية المصري "سامح شكري" برئيس النظام السوري "بشار الأسد" في دمشق بعد الزلزال وقدم مساعدات إنسانية له.
وفي اليوم التالي لزيارة وزير الخارجية الإماراتي "عبد الله بن زايد آل نهيان"، الذي يحاول قيادة التطبيع مع سوريا، سمح الأسد لفرق الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بالعبور إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.
واستدرك أوستون: من المعروف أن العديد من الدول العربية، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة ومصر، تفضل التطبيع مع النظام السوري.
وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية أعربت عن معارضتها لجهود التطبيع مع نظام الأسد في المنطقة، فإنه ليس هناك ما يشير إلى أنها تمارس ضغوطا جديةً من أجل ذلك.
وأشار الكاتب التركي إلى أن الأسد لم يفوت فرصة دبلوماسية الزلزال، ويحاول إرسال رسالة مفادها أنه ليس معزولا في المنطقة برحلاته إلى دول مثل عُمان وروسيا والإمارات.
كما عززت اتصالات تركيا المحدودة مع النظام السوري حول القضايا الأمنية آمال دمشق في التطبيع.
على الرغم من هذه التطورات، تُعَدُّ عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية من أقوى إشارات التطبيع للأسد ولكن المملكة العربية السعودية تعارض عودتها، وفق رأيه.
ولفت الكاتب النظر إلى أن تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في مؤتمر ميونيخ للأمن (19 فبراير/شباط 2023) بأن الوضع الحالي لا يمكن الحفاظ عليه وأنه سيتعين معالجة مسألة دمشق في مرحلة ما، يشير إلى أن التطبيع مدرج أيضا على جدول أعمال السعوديين.
ويرى أن الولايات المتحدة تكتفي باعتراض مبدئي على أنها تجد شرعية النظام خاطئة، وذلك من خلال عدم ممارسة ضغوط دبلوماسية على شركائها في الشرق الأوسط الذين يميلون إلى التطبيع مع سوريا.
وقلصت إدارة بايدن سياستها في ذلك البلد إلى سياسة "هزيمة تنظيم الدولة بشكل دائم" من خلال دعم هيكل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
ويبدو أن الإدارة الأميركية، التي ليس لديها حاليا ممثل خاص لسوريا، قد سلمت سياستها تجاهها إلى الجنود في الميدان.
وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي، الذي سافر إلى شمال شرق سوريا خلال مارس/آذار 2023، إن الهدف من زيارته تقييم سلامة القوات الأميركية بشكل صحيح، والتي تعرضت في بعض الأحيان للتهديد من قبل المليشيات الإيرانية.
وعلق الكاتب التركي على أن الإدارة التي لا تحاول حتى وضع وجودها في المنطقة ضمن إطار السياسة العامة، لن تتمكن من طرح خطة سلام لحل القضية السورية.
إذ تتمثل سياسة واشنطن بسوريا في دعم قوات قسد ضد تنظيم الدولة والمساعدات الإنسانية والعقوبات غير الفعالة ضد النظام.
رسالة تحذير
وأردف أوستون: حذر خبراء واشنطن في الشأن السوري إدارة بايدن نهاية مارس 2023، وقالوا إن هذه السياسة غير الفعالة تعني فعليا غض الطرف عن تطبيع النظام السوري.
وأضاف: أصدر مجموعة من المسؤولين الحكوميين المؤثرين المتخصصين في الشأن السوري رسالة تدعو الإدارة الأميركية إلى اتخاذ موقف فعال ضد إضفاء الشرعية على نظام الأسد.
وتدعو الرسالة، التي وقع عليها السفراء السابقون "جيمس جيفري" و"فريد هوف" و"جيفري فيلتمان"، إلى سياسة شاملة تجاه سوريا لا تأخذ في الحسبان عواقب الحرب فحسب، بل أسبابها أيضا.
وتلفت الرسالة الانتباه إلى عدة نقاط مثل حقيقة أن النظام مسؤول عن مشاكل مثل الهجرة والإرهاب، وأنه لا يملك القدرة على اتخاذ خطوات من شأنها تحقيق الاستقرار، وأن هذا مفيد لتنظيم الدولة.
بالإضافة إلى أن غالبية الشعب السوري لا يريد العيش تحت سيطرة النظام، وأن خطوات التطبيع في دول المنطقة لا تهدف إلى إيجاد حل سياسي.
وتدعو الرسالة إلى اتخاذ موقف واضح ضد نظام الأسد، والتحقيق في جرائم الحرب والمفقودين المحتجزين، ومكافحة المعلومات المضللة، وانحياز الإدارة إلى إسرائيل ضد إيران في سوريا.
وأشار الكاتب إلى أنه من غير الواقعي توقع أن يكون لهذه الدعوة تأثير كبير على إدارة بايدن. فعندما ننظر إلى موقفها من تجنب التوترات المتزايدة مع إيران في سوريا، يبدو أنه لن يكون هناك تغيير كبير في السياسة السورية.
وقد أرسلت إيران في 23 مارس 2023، طائرة بدون طيار انتحارية إلى قاعدة أميركية في شمال شرق سوريا، مما أسفر عن مقتل مواطن أميركي متعاقد مع البنتاغون (وزارة الدفاع) وإصابة 6 أميركيين.
وفي اليوم التالي، جاء الرد على الهجوم من قبل القوات الأميركية بـ "ضربات دقيقة"، وفق ما أعلن البنتاغون دون الحديث عن نتائج. وبعدها أجاب بايدن على أسئلة حول تصعيد الصراع.
وقال بايدن إنه لا يريد مواجهة مع إيران ولكن القوات الأميركية ستحمي نفسها، وأعلن أن المليشيات المقربة من إيران نفذت 78 هجوما، كبيرا وصغيرا، على القواعد الأميركية منذ يناير/كانون الثاني 2021.
واستدرك أوستون: "على الرغم من هذه الصراعات منخفضة الحدة بين الولايات المتحدة وإيران في سوريا، فمن المعروف أن الجانب الأميركي يريد التركيز على روسيا والصين.
فعلى عكس سابقه دونالد ترامب، يتجنب بايدن رؤية سوريا كمسرح للصراع الإقليمي مع روسيا وإيران.
وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: حقيقة أن اعتراض إدارة بايدن على التطبيع مع سوريا يبقى فقط في الخطاب ينبع من أن السياسة السورية قد اختزلت إلى عدد قليل من الأولويات وأنه لا توجد إستراتيجية شاملة.
وبين أن موقف الولايات المتحدة، التي لا تريد دفع تكاليف في الشرق الأوسط وتمتنع عن القيادة، يجعل اقتراحات واشنطن ضد التطبيع مع الأسد غير فعالة في المنطقة حيث تهب رياح التطبيع.