تقاتل إلى جانب بوتين ضد أوكرانيا.. ما قصة قوات "أحمد" الشيشانية؟

لندن - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تواصل قوات "أحمد" الشيشانية، التي يقودها "أبتي علاء الدينوف" الزج بعناصرها في خطوط القتال الأولى وأكثر النقاط الساخنة في الجبهة الأوكرانية إلى جانب الجيش الروسي ومليشيات فاغنر.

وتحاول روسيا تحقيق تقدم ميداني في العام الثاني لغزو أوكرانيا، الذي اندلع في 24 فبراير/شباط 2022، مستعينة ببعض قوات جمهوريات الاتحاد السوفيتي الذي انهار عام 1991.

ألف متطوع

وأكد الدينوف، أن دبابات "ليوبارد" الألمانية، لم تظهر على الجبهة بعد، ورجح استخدام قوات كييف لها في محاولة لفك حصار الجيش الروسي عنها في أرتيوموفسك (باخموت).

وفي مقابلة على قناة "روسيا-1" وهي محطة يديرها الكرملين، قال علاء الدينوف في 10 مارس/آذار 2023: "لدى شباننا رغبة جامحة في أن يصبحوا أثرياء، فهم جميعا على أتم الجهوزية لمقابلة ليوبارد".

ومضى يقول: "لقد جرى الإعلان عن مكافآت مالية ضخمة مقابل كل دبابة يتم اصطيادها، ولذلك فإن شبابنا ينتظرونها بفارغ الصبر".

وبعد ثلاثة أسابيع من بدء غزو أوكرانيا، أكد رئيس الشيشان رمضان قديروف، في 17 مارس 2022 على حسابه في تلغرام أن "ألف" متطوع شيشاني في طريقهم للانخراط في صفوف القوات الروسية.

وأوضح حينها أن أحد أقاربه ويدعى آبتي علاء الدينوف "يقود ألف متطوع من جمهورية الشيشان توجهوا للمشاركة في العملية الخاصة لنزع النازية والصفة العسكرية عن أوكرانيا".

وتعرض المستشار الألماني أولاف شولتز لانتقادات بسبب تأجيله قرار إمداد أوكرانيا بدبابات هجومية من طراز ليوبارد الألمانية الصنع قبل الموافقة على ذلك نهاية يناير/كانون الثاني 2023.

ووافقت برلين على إرسال 18 دبابة "ليوبارد 2 إيه 6 إس" من مخزون الجيش الألماني، وكذلك على إعادة تصدير دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا من دول أخرى من بينها السويد وفنلندا والبرتغال وبولندا. وتقضي الخطة بإرسال أكثر من 30 دبابة ليوبارد إلى كييف.

ويبدو أن تصريح علاء الدينوف، جاء ردا على إعلان رئيس شركة "راينميتال" الألمانية لصناعة الأسلحة، "أرمين بابيرغر"، بأنه يجري محادثات "واعدة" لبناء مصنع دبابات في أوكرانيا عقب الغزو الروسي.

وقال "بابيرغر" لصحيفة "راينيشه بوست" الألمانية في 4 مارس 2023: "يمكن بناء مصنع راينميتال في أوكرانيا بكلفة تبلغ حوالي 200 مليون يورو" لإنتاج ما يصل إلى 400 دبابة من طراز بانثر سنويا.

وتوقع "بابيرغر" اتخاذ قرار بشأن هذا المخطط خلال شهرين، موضحا أن موقعا مماثلا يمكن حمايته من هجوم روسي بواسطة منظومة دفاع جوي.

وبين أن أوكرانيا تحتاج إلى ما بين 600 و800 دبابة لطرد القوات الروسية من البلاد، ومن هنا تأتي الحاجة إلى إنتاج دبابات جديدة بسرعة، وفق قوله.

لكن الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن القومي حاليا دميتري ميدفيديف هدد في منشور عبر قناته في تلغرام بأن يواجه افتتاح المصنع "بوابل من (الصواريخ الروسية) كاليبر وصواريخ أخرى".

مقاتلون شرسون

وأبتي علاء الدينوف شغل عام 2018 منصب وزير الداخلية بالوكالة في جمهورية الشيشان الروسية التي يحكمها الرئيس رمضان قديروف (46 عاما) بيد من حديد منذ 2007، حينما كان عمره 30 عاما، والذي أنشأ نظامه السياسي الخاص.

ويعرف عن قديروف ولاؤه المطلق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعرب عدة مرات عن قناعته بأن الأخير يجب أن يظل رئيسا لروسيا إلى الأبد، وهذا ما دفعه للزج بالمقاتلين الشيشان في حرب أوكرانيا منذ الأسابيع الأولى.

وأكد رئيس جمهورية الشيشان الروسية رمضان قديروف، بتصريحات صحفية في 2 ديسمبر/كانون الأول 2022، أنه بفضل شجاعة القوات الروسية لم يحدث أي فشل دفاعي أو اختراق في أي قطاع بمنطقة القتال الموكلة لقائد قوات "أحمد" أبتي علاء الدينوف.

واللواء أبتي علاء الدينوف، البالغ من العمر 50 عاما، هو أيضا نائب قائد الفيلق الثاني بالجيش الشيشاني، ومساعد قديروف للتعاون مع وكالات إنفاذ القانون.

وقوات "أحمد" تعمل إلى جانب عدد من الكتائب المؤلفة من أفراد مجندين حصريا من مواطني الشيشان وهي جمهورية روسية خاضعة لولاية موسكو. 

وتعد قوات "أحمد" أحد أشرس الكتائب التابعة لمجموعة القوات الشيشانية التي تقاتل إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا.

وتخضع قوات "أحمد" المؤلفة من متطوعين وعناصر سابقين في الجيش الشيشاني والأجهزة الأمنية، لتدريبات عسكرية وطب الطوارئ وطريقة اقتحام المباني واستخدام الأسلحة وركوب المدرعات على مدار شهر، في العاصمة غروزني قبل نقلهم إلى إقليم دونباس الأوكراني.

وبحسب تقرير تلفزيوني أعدته قناة "روسيا اليوم" من داخل معهد القوات الخاصة في مدينة "غوديرميس" بجمهورية الشيشان، فإن مدربين مختصين يشرفون على تدريب هؤلاء المتطوعين قبل ضمهم لقوات "أحمد" بعد نقلهم جوا من مطار غروزني للقتال ضد "النازيين الجدد والقوميين المتطرفين في أوكرانيا"، وفق ما جاء بالتقرير.

في الخطوط الأولى

اللافت أن قوات "أحمد" بحسب سير المعارك في أوكرانيا، موزعة في أكثر من جبهة، وقد كانت على رأس القوات المهاجمة للمدن الأوكرانية، في محاور أبرزها: أرتيموفسك وسوليدار في جمهورية دونيتسك، وماريوبول وباخموت.

إذ كان أبتي علاء الدينوف، يظهر بتسجيلات مصورة في مواقع القتال، أو من خلال مشاركته الإعلامية في وسائل الإعلام الروسية الحكومية. وصرح بأن الوحدات الروسية تتقدم في باخموت في 9 فبراير 2023.

كما تمركزت قوات "أحمد" على جبهة كريمينايا الرئيسة التي شكلت نقطة انطلاق نحو مدينة ليمان شرق أوكرانيا والتي استولت عليها القوات الروسية في مايو/ أيار 2022، وظلت تحت سيطرتهم حيث استخدمها الروس مركزا للوجستيات والنقل لعملياتها في شمال منطقة دونيتسك.

وبعد ستة أشهر من السيطرة الروسية، أعلنت كييف في مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2022، "استعادة السيطرة الكاملة" على ليمان في أكبر انتصار لأوكرانيا في ميدان المعركة وقتها.

وعلاء الدينوف ضيف منتظم على التلفزيون الحكومي الروسي، حيث يقدم تحديثات عن ساحة المعركة، وهو يصف غزو أوكرانيا بأنه "حرب مقدسة" ضد القيم "الشيطانية" للغرب.

وفي 13 فبراير 2023، أعلن رمضان قديروف، أن أبتي علاء الدينوف نقل إلى مستشفى في موسكو للعلاج، بعد تلقيه رسالة منقوعة في مادة سامة، قبل أن يتعافى بعد أقل من أسبوعين.

وظهرت قوات "أحمد" في أكثر من مدينة أوكرانيا بعد انسحاب القوات الروسية منها وهم ينفذون عمليات إجلاء المدنيين، وتنظيم قوائم بالمطالب اللازمة من السكان من الأدوية والغذاء.

وتشير المعطيات الميدانية إلى أن وزارة الدفاع الروسية وزعت ميدانيا، قوات "أحمد" مع الفيلق الثاني لجيش جمهورية لوغانسك الانفصالية.

وخاضت قوات "أحمد" معارك إلى جانب مجموعة مرتزقة "فاغنر" شبه العسكرية الخاصة، وقوات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين.

ففي 20 سبتمبر/أيلول 2022، أعلن علاء الدينوف في رسالة فيديو، "تصفية حوالي 200 فرد من أفراد القوات المسلحة الأوكرانية، إلى جانب تدمير معدات عسكرية".

كما تسحب قوات "أحمد" تسجيلات مصورة لها بعمليات استطلاع وترصد مواقع تمركز القوات الأوكرانية باستخدام طيران استطلاع ومسير، قبل تنفيذ عمليات القصف الجوي لتلك الموقع.

ولعبت قوات "أحمد" دورا كبيرا إلى جانب القوات الروسية في السيطرة على بلدة إزيوم الواقعة بمقاطعة خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا، مطلع أبريل/نيسان 2022.

لكن القوات الأوكرانية تمكنت في سبتمبر 2022 من استعادة بلدة إزيوم من القوات الروسية، وحينها أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، العثور على "مقبرة جماعية" فيها.

بديل قديروف

وأمام حاجة روسيا لمساندة عسكرية في أرض الميدان الأوكراني، حيث تواجه القوات الروسية دفاعا كبيرا من قبل نظيرتها الأوكرانية التي تلقت أسلحة حديثة من الغرب، اتخذ الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، خطوة داعمة للكرملين.

فقد أعلن قديروف تشكيل قوات "أحمد - 1" الخاصة الجديدة، التابعة للحرس الوطني الروسي في جمهورية الشيشان، قوامها 2000 فرد، في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وأشار قديروف في منشور على "تلغرام"، إلى أن القوة الجديدة تتكون بشكل رئيس من المقاتلين ذوي الخبرة والضباط المتميزين في العديد من العمليات الخاصة.

ولفت إلى أن "الوحدة مجهزة بأسلحة ومعدات حديثة وجرى تزويد أفرادها بكل ما يلزم لأداء المهام العملياتية والقتالية الموكلة إليهم مهما بلغت درجة تعقيدها".

والحرس الوطني الروسي يتبع للحكومة الروسية، وتوكل له مهام حفظ الأمن الداخلي، وتنفيذ المهام الخاصة خارج أراضي روسيا، بما فيها عمليات مكافحة الإرهاب.

ويحق للرئيس الروسي إرسال قوات الحرس الوطني إلى خارج البلاد، دون الرجوع للبرلمان.

وأعلن قديروف الذي يطلق على نفسه اسم "جندي مشاة بوتين"، في 11 يناير 2023، أن أكثر من 21 ألف مقاتل شيشاني شاركوا في العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، وأكثر من 9 آلاف آخرين على خط المواجهة، وفق قوله.

وقديروف ومليشياته "قاديروفتسي" التي تقاتل حاليا على الأراضي الأوكرانية داعمة الروس، متهمون من جماعات حقوق الإنسان والشهود والناجون على مدى عقود بارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القضاء واختطاف وتعذيب خصوم رئيس الشيشان.

ويسعى رمضان قديروف إلى إنشاء أربع كتائب تابعة للجيش الشيشاني تحت اسم "أحمد شمال - أحمد جنوب - أحمد شرق - أحمد غرب"، بهدف تطويق المدن الأوكرانية من الجهات كافة، وفق ما كتب على تلغرام في أغسطس/آب 2022.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي محمد الأمين الوغليسي،، فإن "رمضان قديروف يعاني من فشل كلوي حاد، في الوقت الذي يتصاعد نفوذ آبتي علاء الدينوف قائد القوات الخاصة (أخمات) المدعوم من طرف المخابرات الروسية FSB".

ومضى يقول في تغريدة على حسابه في تويتر بتاريخ 2 مارس 2023: "من المؤكد؛ أن من سيخلفه يوما سيكون أسوأ بكثير من قديروف، فعلاء الدينوف قائد متمرس، لكنه أبطش منه".