لم يصدر عنه بيان ختامي.. هل فشل اجتماع باريس الخماسي بشأن لبنان؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "هنا بيروت (Ici Beyrouth)" الناطق بالفرنسية الضوء على أسباب عقد اجتماع باريس الخماسي، الذي جمع سفراء الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر والسعودية حول لبنان.

وفي 6 فبراير/شباط 2023، عقد سفراء الدول الخمس اجتماعا بالعاصمة الفرنسية باريس، خصص لمناقشة الوضع في لبنان، من دون أن يصدر بيان ختامي عنه.

وفي 13 فبراير، قالت رئاسة مجلس الوزراء اللبناني إن رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، استقبل سفراء الدول الخمس التي عقدت اجتماعا في باريس قبل أيام لبحث الملف اللبناني.

وحسب البيان، فقد اجتمع "ميقاتي"، مع سفيرة فرنسا "آن غريو"، وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية "دوروثي شيا"، وسفير مصر "ياسر علوي"، وسفير قطر "إبراهيم عبدالعزيز السهلاوي"، والمستشار في السفارة السعودية "فارس حسن عمودي"، نظرا لوجود السفير "وليد البخاري" خارج لبنان.

وخلال الاجتماع مع "ميقاتي" أوضح السفراء "أن عدم صدور بيان عن اجتماع باريس مرده إلى أن الاجتماعات لا تزال مفتوحة ومستمرة من أجل دعم لبنان والتشجيع على انتخاب رئيس جديد للجمهورية".

وانتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، دون الاستقرار على رئيس جديد حتى الآن بسبب تعثر انتخاب آخر في مجلس النواب.

ووفق مصادر مطلعة تحدثت للموقع، فإن الدول الخمس (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) أصبحت بمثابة الهيئة العليا التي تتمثل مهمتها في إخراج لبنان من أزمته.

وألمح التقرير إلى أن هذا النهج يذكّر بتشكيل لجنة من جامعة الدول العربية في خضم الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990) لإجراء اتصالات على المستوى المحلي والإقليمي من أجل إيجاد حل للحرب.

ويرى الموقع أن اللجنة المكونة من خمس دول، التي تشكلت في اجتماع باريس هي بالأحرى، لجنة من ست دول، إذا ما أضفنا إيران، الداعمة لحزب الله اللبناني، الذي أصبح الآن أحد اللاعبين الرئيسين في المنطقة.

محور النفط والغاز

وبحسب مراقبين، فإن اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعه "حزب الله" مع إسرائيل يعكس الثقل الإقليمي للحزب، ويجعله من أصحاب القرار في خدمة مصالح إيران.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، وقع كل من الرئيس السابق عون، ورئيس الحكومة الإسرائيلية حينها يائير لابيد، رسالتين منفصلتين للموافقة على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين.

وأتى هذا الاتفاق بعد مفاوضات استمرت عامين بوساطة أميركية إثر نزاع على منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي بالبحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعا.

وفي مقر الأمم المتحدة في جنوب لبنان، جرى تسليم الرسائل إلى الوسيط الأميركي أموس هوكستين، كما سلم الطرفان الإحداثيات الجغرافية المتفق عليها إلى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في بيروت يوانا فرونتسكا، لإيداعها لدى الأمم المتحدة.

وبحسب دبلوماسي غربي، فإن الخطوة التالية في المنطقة ستركز على الاقتصاد، إذ إن العالم يبحث عن الغاز والنفط، بعد أن حرمت روسيا أوروبا من صادرات الطاقة عقب الحرب الروسية-الأوكرانية.

لذلك، فإن لبنان سيكون له دور يلعبه في هذا الصدد، بجانب مصر وعدة دول أخرى في المنطقة، حسب التقرير.

بدوره، أعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني، وليد فياض، منتصف فبراير 2023، أن الحفر في حقل "قانا" النفطي في البقعة رقم 9 جنوبي البلاد سيبدأ أواخر الصيف المقبل، مشيرا إلى أن المعلومات تظهر أنه "واعد جدا".

وفي 29 يناير/كانون الثاني 2023، أعلنت الحكومة اللبنانية دخول "شركة قطر للطاقة" شريكا مع "توتال إنيرجيز" الفرنسية و"إيني" الإيطالية، ضمن اتفاقية استكشاف وإنتاج الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية.

ونقل الموقع عن "مصادر موثوقة"، أن مصر ستحقق فائدة أكبر، لأنه من المقرر أن يمر الغاز اللبناني عبر أراضيها ليجري تصديره، وهذا أيضا سبب مشاركة القاهرة في الاجتماع الخماسي بباريس.

ويعتقد الموقع أن ما أسماه "محور النفط والغاز" الممتد من مصر إلى اليونان يتوقع أن يشهد سلاما واستقرارا. 

وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة الدول الراغبة في ذلك، إذ تدفع إلى الاستمرار على نفس المنوال مع اتفاقات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، بهدف إنهاء الصراع الإقليمي وحل المشكلة الفلسطينية، يضيف التقرير.

وأوضح: "وهكذا، سيقام نوع من الترويكا (لجنة ثلاثية)، مؤلفة من تركيا وإسرائيل وإيران، للإشراف على المشاريع النفطية وضمان الاستقرار والسلام في هذه المنطقة من العالم".

اختيار رئيس

وأشار التقرير إلى أن اختيار رئيس في لبنان أصبحت مبعثا للقلق بشكل متزايد، إذ يأتي في سياق من التوترات الإقليمية والدولية.

هذه التوترات، بدورها، لها تداعيات على الساحة الداخلية، وعلى القوى السياسية، التي تعرقل العملية الانتخابية، حسب التقرير.

وأورد الموقع أن السفراء الخمسة اتهموا الطبقة السياسية اللبنانية بسوء إدارة البلاد، وانتقدوا فشلها في انتخاب رئيس دولة، ودعوا إلى الإسراع في العملية، والتعاون مع عدة دول لتنفيذ خطة الإنقاذ.

وتقول بعض الأوساط السياسية إنه سيكون من الأهم تحديد هوية لبنان ودوره في المنطقة قبل انتخاب رئيس جديد للبلاد.

وفيما يتعلق بدور الرئيس الذي حددته خريطة الطريق التي أقرتها القوى الدولية، فإنه سيتمحور حول عدة نقاط.

أهمها ضمان أمن البلاد واستقرارها، خاصة في الجنوب بعد ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، في محاولة لجعل المنطقة مركزا للاستثمار ومكانا للازدهار بعد التنقيب عن الغاز.

وأيضا التأكيد على بنود اتفاق الطائف وتطبيقه، ورفض أي خيار آخر ينطوي على تقسيم البلاد، إلى جانب العمل على استعادة المؤسسات لفاعليتها وإنعاش الاقتصاد.

ومن النقاط المهمة، تنفيذ القرارات الدولية، بحيث تكون الدولة هي الجهة الوحيدة المحتكرة للسلاح.

وكذلك ضبط الحدود مع سوريا للحد من التهريب وإغلاق جميع المعابر غير الشرعية بالتنسيق معها، وفي المقابل، فإن على دمشق أن تفعل الشيء نفسه من جانبها.

وعلق الموقع على هذه البنود، مؤكدا أنه بناء عليها سيكون الرئيس القادم هو رئيس كل أطياف الداخل اللبناني وليس لمعسكر واحد.

فعلى سبيل المثال، سيستحيل على هذا الرئيس أن يتجاهل حزب الله، باعتبار قدرة الأخير على عرقلة العديد من السياسات.

كما أن حزب الله، في المقابل، لن يكون الجهة الوحيدة التي ستحدد اسم الرئيس، وفق ما قال الموقع.

وبحسب بعض الدوائر الدبلوماسية الغربية، فإنه سيتعين على حزب الله التخلي عن سلاحه لبدء الجهود السياسية.

وستدعو القوى الدولية إيران لنزع سلاح المليشيات التي تستغلها بغرض زعزعة الاستقرار. ونقل الموقع عن مصدر شارك في اجتماع باريس، أن فصل الربيع القادم سيكون حاسما.

كما أنه سيكون القوة الدافعة وراء مشروع السلام الذي سيتم إطلاقه برعاية من المجتمع الدولي؛ من أجل إعادة لبنان إلى الخريطة واستعادته لدوره الإقليمي والدولي.