طارق الهاشمي.. مسؤول عراقي سابق فضحت شهادته أكاذيب عمرو موسى

يوسف العلي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

عاد طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي السابق، إلى الأضواء مجددا، بعدما ظهر في مقابلة تلفزيونية كشف خلالها العديد من الحقائق التي عاصرها إبان ممارسته العمل السياسي في مرحلة تاريخية حساسة أعقبت الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.

وكان الهاشمي نائبا للرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني للمدة من 2006 وحتى 2013، ويقيم خارج العراق منذ عام 2012، متنقلا بين مدينة إسطنبول التركية، والعاصمة القطرية الدوحة.

غادر الهاشمي بغداد عام 2011، متوجها إلى إقليم كردستان العراق بعد توجيه حكومة نوري المالكي تهمة "الإرهاب" إليه، والتي نفاها جملة وتفصيلا، وعدّها استهدافا سياسيا بأوامر إيرانية، ثم خرج من البلاد نهائيا في عام 2012 ولم يعد إليها حتى اليوم.

شهادات تاريخية

ظهر الهاشمي على قناة "إم بي سي" السعودية في حلقتين ضمن برنامج "السطر الأوسط" عرضتا في 10 و18 فبراير/شباط 2023، بعد غياب طويل عن وسائل الإعلام، وتحدث خلالهما عن محطات مهمة عاصرها أثناء الاحتلال الأميركي للبلاد وفي مراحل تأسيس العملية السياسية.

وقال السياسي العراقي الذي كان يشغل منصب أمين عام الحزب الإسلامي العراقي بين 2004 و2009، إن "السنة انقسموا حيال المشاركة في العملية السياسية، فالكثيرين من أبناء المكون انضموا إلى صفوف المقاومة المسلحة، لكن الحزب (الإسلامي) ذهب باتجاه العمل السياسي".

وأوضح أن "الحزب الإسلامي رأى أنه ثمة فراغ حاصل في العمل السياسي، لذلك من خلال فقه الموازنات لجلب المصالح ودفع المفاسد، رأى أنه من الضروري- مع احترام وجود مقاومة ضد الاحتلال لأنها حق طبيعي- توفر جهة معينة تتبنى المشاركة السياسية".

وأردف: "كنا نسعى لتكامل بين الجانب السياسي والمقاوم، وأن الحزب احترم خيار الأغلبية السنية في مقاومة المحتل بالسلاح، وأنه لم يكن بعيدا عنهم فقد كان هناك منتدى سياسي تجتمع فيه المقاومة مع الحزب ومستقلين وأكاديميين بشكل أسبوعي، لمراجعة مواقفه، لذلك هم كانوا شركاءنا".

وفي واحدة من أهم المحطات التي توقف عندها الهاشمي خلال الحلقة الثانية من المقابلة كانت مرحلة كتابة الدستور العراقي الجديد عام 2005.

وتحدث عن إصراره على احتفاظ البلد بهويته العربية رغم محاولات الشركاء السياسيين شطبها، بالقول إن قضية هوية العراق أثارت حفيظتنا في تلك الفترة وأريد لها أن تكتب بالدستور، ما نصه أن "الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية".

وأشار إلى أن هذه الصياغة كان يطالب بها الأكراد، لكنني اعترضت عليها، لأن العراق مرتبط بالعالم الإسلامي والعربي، وكان بالإمكان أن نصل إلى صيغة ترضي الجميع.

وأضاف الهاشمي أن عمرو موسى الأمين لجامعة الدول العربية آنذاك، اتصل و"طلب مني التنازل قليلا" في موضوع الهوية العربية، فرفضت واستغربت من طلبه.

وأوضح أن "عمرو موسى طلب اعتماد التجربة المغربية، فهي مؤسسة للجامعة العربية لكنها لم تثبّت نفسها دولة عربية".

وأردف: "وطلب مني التفاوض مع الأكراد والتساهل في الأمر، لأن الجامعة عربية تقبل بنموذج مشابه لما حصل مع الرباط، وليكون العراق مثله".

وأردف نائب الرئيس العراقي السابق، قائلا: بعدها اقترحت صياغة جديدة، وهي أن "العراق مؤسس للجامعة العربية ويلتزم بميثاقها". ووافق الأكراد  على هذا الشيء، وهي الآن مثبتة في الدستور.

وكان عمرو موسى قد خرج في حلقة سابقة من البرنامج نفسه عام 2020، وقال إنه أبلغ القادة العراقيين أن الجامعة العربية لن تتنازل أو تقبل بصياغة تجرّد العراق من هويته العربية.

وبين أنه تلقى اتصالا من وزير خارجية العراق آنذاك هوشيار زيباري، وسفير الولايات المتحدة لدى بغداد في حينها زلماي خليل زادة، والسياسي الكردي برهم صالح (الرئيس العراقي السابق) وطالبوني بأن "أهدأ وسيتحقق ما أريده".

وأضاف موسى: طلب من برهم صالح صياغة العبارة التي أريدها، وبالفعل كتبت أن العراق عضو مؤسس في جامعة الدول العربية ملتزم بميثاقها وتنفيذ قراراتها، ثم جرى الاتفاق عليها، وربما رفع منها عبارة "تنفيذ قراراتها".

وبخصوص موعد عودته إلى العراق بعد كل هذه المدة من الغياب، قال الهاشمي إنه "سيعود إلى البلد متى ما توفرت فرصة قضاء عادل"، مؤكدا أنه "رجل سلام وليس إرهابيا كما لفقت إليه السلطات العراقية".

ضابط سابق

طارق أحمد بكر الهاشمي سياسي عراقي من مواليد بغداد عام 1942، ينتمي لعائلة سنية محافظة، أسهمت بتأسيس الدولة العراقية الحديثة.

إذ تقلد والده منصبا حكوميا رفيعا حتى عام 1957، وكان عمه محمود مدرس مادة التاريخ للملك غازي بن فيصل الأول بن حسين بن علي الهاشمي (ثاني ملوك العراق للمدة من 1933 إلى 1939).

كما أن خاله ياسين الهاشمي كان رئيسا لوزراء العراق لفترات متعاقبة حتى عام 1936، إضافة إلى خاله الآخر طه الذي توفي عام 1961 وأشرف على الملك غازي عندما كان يافعا ثم أصبح وزيرا للدفاع لفترات متعاقبة أيضا، ومن ثم أصبح رئيسا للوزراء إبان العهد الملكي 1941، ثم رئيسا لمجلس الإعمار حتى عام 1958.

أكمل طارق الهاشمي دراسته في مرحلتيها الابتدائية والإعدادية في بغداد، ثم التحق خلال العام 1959 بالكلية العسكرية ليتخرج برتبة (ملازم ثاني) في الجيش العراقي في صنف الدروع في 1962، وحصل عام 1969 على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد  من الجامعة المستنصرية، في العراق.

حصل على الماجستير في العلوم الإدارية والعسكرية من كلية القيادة والأركان العراقية خلال العام 1971، واستمر في الخدمة العسكرية حتى تقاعده نهاية الثمانينيات، ثم سافر إلى الكويت بعد ذلك حيث عين بالكلية العسكرية في الكويت.

وفي العام 1978 حصل على الماجستير في الاقتصاد من جامعة بغداد، وكان قد سجل عام 1988 دراسة الدكتوراه في الاقتصاد لدى جامعة بليموث البريطانية، إلا أنها ألغيت وحُرم من مناقشتها بعد عدم منحه سمة الدخول عام 1991 بسبب غزو العراق للكويت.

وبعد حصوله على الماجستير في الاقتصاد حصل على وظيفة مدير فرع العراق في شركة الملاحة العربية المتحدة، ونقل بعدها إلى المقر الرئيس في دولة الكويت مديرا عاما لتسويق الخليج، ثم جرت ترقيته ليتولى إدارة منطقة الشرق الأوسط كنائب لرئيس الشركة.

ولم تتوفر له فرصة العودة إلى الوطن إلا بعد أحداث الغزو العراقي للكويت، لذلك فإنه بعد عودته إلى العراق عام 1991 بدأ يزاول التجارة كرجل أعمال من خلال شركته الخاصة بالتجارة العامة والوكالات.

نائب رئيس

في العام 1957 أصبح طارق الهاشمي ناشطا سياسيا في إطار حركة الإخوان المسلمين، فقد انطلق في الستين لكن كانت هناك بوادر عمل إسلامي.

وفي 1958 - 1959 كان هناك احتكاك مع الشيوعيين والأحزاب القومية في الأعظمية وكان يشارك في المظاهرات وتعليق اللافتات.

انضم الهاشمي عام 1975 إلى صفوف الحزب الإسلامي العراقي (ذراع إخوان العراقي السياسي) وأصبح عضوا بمجلس شوراه. في يونيو/حزيران 2004 اختير أمينا عاما للحزب.

 ثم فاز بمقعد برلماني بعد انتخابات جرت عام 2006 عن جبهة التوافق العراقية (السنية)، ومن ثم رشحته الجبهة لمنصب نائب رئيس جمهورية العراق في 22 أبريل/نيسان 2006.

قبل أسبوع واحد من تسلمه مسؤولياته الدستورية نائبا لرئيس الجمهورية، قتلت المليشيات المسلحة شقيقه محمود في 13 أبريل 2006. وبعد أسبوعين فقط من ذلك التاريخ تكرر الأمر مع قتل شقيقته ميسون.

وفي 10 يوليو/تموز 2006، قتلت المليشيات شقيقه الفريق أول عامر الهاشمي في بيته، بعد مواجهة القتلة بسلاحه الشخصي، وبالطريقة نفسها التي استشهد بها مئات الضباط والطيارين العراقيين في بيوتهم على أيدي مليشيات الاغتيال المنظم.

وفي عام 2009 أعلن الهاشمي الاستقالة من الحزب الإسلامي، والذهاب إلى تأسيس حركة "تجديد" والتي شارك ضمنها في إشهار قائمة وطنية مستقلة للمشاركة في الانتخابات العامة 2010 تحمل اسم "العراقية" برئاسة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي.

وجرى التجديد له نائبا لرئيس الجمهورية في عام 2010 بعد فوزه بمقعد برلمانية عن بغداد بحصوله على 250 ألف صوت، بعدما رشحته كتلته لمنصب الرئيس لكن القوى الكردية تمسكت بالمنصب وسمّت زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني رئيسا للبلاد لولاية ثانية.

متهم مطارد

في ديسمبر/كانون الأول 2011، وجهت له الحكومة العراقية اتهامات بالإرهاب وذلك بعد اعتقال عدد من أفراد حمايته وموظفي مكتبه بعد مداهمة مقر إقامته داخل المنطقة الخضراء في بغداد.

وخرج الهاشمي إلى إقليم كردستان، ثم توجه إلى دولة قطر عام 2012، وبعدها استقر به المقام في تركيا بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث مايزال هناك يتنقل بين الدوحة وإسطنبول.

وخلال عام 2012، صدرت عن المحكمة الجنائية العراقية المركزية ثلاثة أحكام غيابية بالإعدام شنقا بحق طارق الهاشمي، والتي علق عليها بالقول إنها محاكمة سياسية لأنها في رأيه "تهدف إلى إقصائه عن ممارسة دوره في العملية السياسية التي يحتاجها العراق للنهوض من كبوته".

في 30 ديسمبر 2013 أعلن الهاشمي رسميا استقالته من منصبه الذي بقي محتفظا به رغم مغادرته للبلاد عام 2012.

وجاءت استقالة الهاشمي بعدما قدم عدد من نواب كتلته السياسية (القائمة العراقية) في البرلمان استقالاتهم، احتجاجا على حملة عسكرية شنتها قوات حكومية ضد اعتصام شعبي في محافظة الأنبار خرج للتنديد بـ"السياسات الطائفية" لرئيس آنذاك الوزراء نوري المالكي.

وفي مارس/آذار 2016، ألغت الشرطة الجنائية الدولية الإنتربول مذكرة اعتقال بحق الهاشمي، كانت قد صدرت بناء على طلب من الحكومة العراقية، التي أحالته إلى القضاء بتهم "تدبير وتمويل هجمات إرهابية".

ورأى نائب الرئيس العراقي السابق، طارق الهاشمي، أن استهدافه مع سياسيين آخرين، واتهامه بالوقوف خلف عدد من العمليات الإرهابية عام 2012 في العراق، كان بهدف "إبعاده وإضعاف كتلة العراقية"، بحسب ما صرح به خلال مقابلة تلفزيونية في 26 يناير/كانون الثاني 2017.

وأكد الهاشمي أن ثلاثة أفراد من فرقة حمايته الخاصة "قُتلوا تحت التعذيب، لأنهم رفضوا الإدلاء باعترافاتٍ كاذبة"، حيث إن "120 شخصا من فرقة حمايتي معتقلون، وبعضهم حُكم عليه بالإعدام".

وعن التُهم الموجهة ضده بتنفيذ عمليات تفجير واغتيال عديدة، والتي اعترف بعض المقربين منه بالتخطيط لها، قال الهاشمي، إن "محققين كانوا يلقنون أفرادا من فرقة حمايتي تحت التعذيب بما عليهم قوله".

وشدد على أن هذه الاعترافات أُخذت بـ"القوة"، مستدلا على صحة كلامه، بقوله إن "الإنتربول أسقط التهم المنسوبة إلي، بعد تحقيقات واستفسارات طلبوها من حكومة المالكي (رئيس الوزراء العراقي الأسبق للمدة من 2006 إلى 2014)".

ويروي طارق الهاشمي، أن النائب موفق الربيعي سأل رئيس الوزراء نوري المالكي، عن سبب استهداف الهاشمي، ليجيبه "اسأل حجي قاسم"، في إشارة إلى قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.