بنيامين نتنياهو.. لماذا يعجز "ساحر العلاقات" عن التطبيع مع السعودية؟

12

طباعة

مشاركة

كشف موقع "ذا ميديا لاين" الأميركي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصفه بـ"ساحر تل أبيب"، بدأ يفقد تأثيره على العديد من الدول العربية.

وأضاف الموقع، في تقرير له، أن ما وصفها بـ "شعبية نتنياهو" قد انخفضت حتى في تلك البلدان التي أبرمت اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، كالإمارات.

فعلى الرغم من سمعته كزعيم يتمتع بكاريزما عالية، جعلت الأحداث الأخيرة الكثيرين في الخليج العربي يشعرون بخيبة أمل من نتنياهو وأسلوب قيادته، وفق الموقع.

وأشار التقرير إلى أنه خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، تمتع نتنياهو بعلاقات وثيقة معه وأيضا مع حكام دول الخليج العربي.

هذه العلاقة قدمت لنتنياهو دعما سياسيا وعسكريا كبيرا، بما في ذلك الوصول إلى أنظمة أسلحة متطورة وطائرات شبحية من طراز إف 35.

ونتيجة لذلك، كان يُنظر إلى نتنياهو على نطاق واسع على أنه شخصية مؤثرة للغاية على المسرح الدولي، حسب موقع "ذا ميديا لاين".

وفي تحول كبير عن هذه المكانة المتميزة التي حازها في السابق، يواجه نتنياهو الآن عدة تحديات في إقامة علاقات مع دول الخليج، يضيف التقرير.

وكان نتنياهو قد صرح عقب فوزه بالانتخابات البرلمانية في "إسرائيل"، في ديسمبر/كانون الأول 2022، أنه سيسعى لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع السعودية.

وأضاف نتنياهو، خلال مقابلة مع قناة العربية السعودية، أن خطوة التطبيع مع المملكة "ستكون نقلة نوعية لسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي. ستغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها".

منع التأشيرات

وأورد الموقع الأميركي أن مبعوثي نتنياهو يُمنعون من الحصول على تأشيرات الدخول ويواجهون صعوبات عند وصولهم لبعض الدول العربية، إذ لا يقدَّم لهم سوى القليل من الدعم، هذا إن قُدّم أصلا.

أدى هذا التغيير في المعاملة إلى عودة العديد من ممثلي نتنياهو من زياراتهم لهذه الدول العربية خاليي الوفاض، مع عدم قدرتهم على عقد اجتماعات مع المسؤولين في تلك الدول، أو إيصال رسائلهم.

وعلى الرغم من تمتع نتنياهو بعلاقة قوية مع دول الخليج والإدارة الأميركية السابقة، فإن قادة هذه الدول أظهروا أنهم غير مهتمين بمواصلة العلاقات مع إسرائيل في الوقت الحالي، وفق التقرير.

يرجع هذا التحول بشكل كبير إلى علاقة نتنياهو بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأمر الذي أثار الشكوك حول وعود رئيس وزراء الاحتلال السابقة فيما يتعلق بشراء الأسلحة من الولايات المتحدة بناء على العلاقات الوثيقة التي تجمعه بها.

وعلى هذا، يجب على نتنياهو أولا إصلاح علاقاته بالإدارة الحالية في البيت الأبيض، قبل محاولته الارتقاء بمستوى العلاقات مع الدول الأخرى، يضيف التقرير.

وانتقل الموقع للحديث عن العلاقات السعودية-الأميركية، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة، هناك جهود جارية بالفعل لإصلاحها، بعد أن تدهورت منذ صعود إدارة بايدن.

ولقيت هذه الجهود ترحيبا في المملكة، حيث بدأ مبعوثو ولي العهد، محمد بن سلمان، مناقشات مكثفة مع المسؤولين الأميركيين.

وذكر التقرير أن الذي يترأس الوفد السعودي هو الأمير بندر بن سلطان، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه دبلوماسي ماهر ومخضرم.

ويساعده في ذلك ابنته ريم، سفيرة المملكة في واشنطن، بالإضافة إلى العديد من كبار المسؤولين الآخرين.

جفاء سعودي

ونقل "ذا ميديا لاين" عن مصادر سعودية أن جهود مبعوثي نتنياهو لإقامة علاقات مع السعودية غير مجدية، فهم يتحدثون إلى أفراد لم يعودوا يتمتعون بنفوذ أو سيطرة كبيرة داخل المملكة.

ونتيجة لذلك، فإن النقاشات حول توسيع دائرة التطبيع قبل التوصل إلى حل مع الفلسطينيين تعد كلاما فارغا.

كما يُنظر إليها على أنها محاولة لتحقيق مكاسب سياسية داخل إسرائيل وتشتيت الانتباه عن المشاكل الأخرى التي يواجهها نتنياهو، وفق وصف الموقع.

وأوضحت هذه المصادر أن السعودية والكويت وقطر غير معنيين بمشاكل نتنياهو سواء قضاياه القانونية أو الاتهامات الموجهة إليه في المحاكم الإسرائيلية.

وكان نتنياهو قد دعا إلى مفاوضات سرية مع العرب، قائلا: "أعتقد أن مبادرة السلام العربية مؤشر على الرغبة في إنهاء الصراع بكل شروطه".

وأضاف: "لكنني أعتقد أنه بعد 20 عاما نحتاج إلى رؤية جديدة وأنا لن أقول ما هي، أعتقد أننا بحاجة إلى التحدث عن ذلك، ربما نتحدث بتكتم".

لكن يؤكد الموقع أن دول الخليج اليوم "تنظر إلى إسرائيل حاليا على أنها دولة تمتلك الكثير من الموارد ولكنها غير قادرة على التحرك أو إحراز أي تقدم".

ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، من بينها الصعوبات داخل التحالف العربي-الإسرائيلي في وضع حل للقضية الفلسطينية، والعواقب المحتملة للعمل العسكري ضد حزب الله في الشمال، ومعارضة الولايات المتحدة لأي تدخل عسكري ضد البرنامج النووي الإيراني.

ووفق التقرير، فإن دول الخليج تفضل حلا سياسيا لأي صراع محتمل، وتدفع باتجاه نهج غير عسكري لحل المشكلات مع إيران، ونتيجة لذلك، لا ترى ضرورة للتعاون مع إسرائيل، في ظل غياب واضح للدور القيادي الأميركي.

صعوبات غير مسبوقة

وحسب الموقع البريطاني، فإن محاولات نتنياهو لإقامة علاقات مع دول الخليج تواجه صعوبات غير مسبوقة، إذ يعيش حالة من التعثر والارتباك، ويقابَل برفض لم يعتد عليه.

وفي المقابل، يُنظر إلى سلفيه في المنصب، نفتالي بينيت ويائير لابيد، على أنهما اتخذا نهجا أكثر تماسكا.

 إذ امتنعا عن تقديم وعود غير واقعية، ونتيجة لذلك، كسبا الاحترام والمصداقية على الرغم من الاختلافات الواسعة في الآراء، وفق التقرير.

وتحاجج دول الخليج بأن حل مشاكل إسرائيل لا ينبغي أن يقع على عاتقها أو على عاتق الولايات المتحدة أو أوروبا.

بل ترى أن على نتنياهو أولا إبرام اتفاقيات في الداخل قبل طلب المساعدة السعودية في الصراع الفلسطيني، أو المساعدة القطرية في الوضع في غزة، أو المساعدة الإماراتية في الأمور المتعلقة بإيران، يضيف التقرير.

وخلال لقاء نتنياهو مع قناة العربية، أوضح أن "الجميع قالوا: عليك أولا أن تحل المشكلة الفلسطينية، وإلا فلن تحصل على السلام مع العالم العربي".

لكنه استدرك قائلا: "قد يحصل العكس. قد يكون الأمر أنه بينما تعمل على توسيع السلام مع الدول العربية، ستتمكن بالفعل من التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، وأنا أؤمن بذلك بشدة".

ورغم ذلك، رفض نتنياهو حينها قبول مبادرة السلام العربية لعام 2002 كأساس للمفاوضات، قائلا إنها "كانت مؤشرا على وجود استعداد، في تلك الأيام، للتفكير في كيفية الخروج من القيود والوصول إلى سلام شامل".

وأضاف: "أعتقد أن الأمور تغيرت، لكن الحاجة إلى هذا النوع من التفكير الجديد مهمة. إذا تمسكنا بالأخاديد القديمة، فسنكون عالقين فيها".

ونقل "ذا ميديا لاين" احتجاج دول الخليج على خريطة الشرق الأوسط المكتوبة باللغة العبرية، والمعلقة في مكتب نتنياهو.

ويظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي عادة وخلفه هذه الصورة، في المكتب الذي يسجل منه مقاطع الفيديو والرسائل الموجهة لدول الخليج، لكن الاعتراض الخليجي ينبع من أن الخريطة تصف الخليج العربي بـ"الفارسي".

"وهذا يجعلك تتساءل كيف لم يخبر أحد من مساعدي نتنياهو أو الخبراء في الشؤون العربية أن هذا المصطلح يسبب إهانة كبيرة لدول الخليج العربي؟"، يختم الموقع.