بين الطعن والدهس.. المقاومة الفلسطينية تتحدى الاحتلال في بيسان والعفولة

شدوى الصلاح | منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

في أعقاب مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملياته العسكرية في الضفة الغربية، وإطلاق يد المستوطنين، واستمراره في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، نفّذ فلسطيني عملية قرب تل يوسف شمال الأراضي المحتلة، أسفرت عن مقتل إسرائيلية، فيما قُتل إسرائيلي آخر في هجوم دهس قرب مدينة بيسان.

وقالت هيئة البث العبرية، في السادس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 2025، إن عدد القتلى في عمليتي الطعن والدهس في مدينتي العفولة وبيسان شمال الأراضي المحتلة ارتفع إلى اثنين، موضحة أن منفذ العملية من بلدة قباطية قرب جنين شمالي الضفة الغربية، وكان قد وصل إلى المنطقة قبل عدة أيام.

وأفادت الشرطة الإسرائيلية في بيان بأن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادث بدأ في مدينة بيسان بدهس أحد المشاة، ثم طُعنت شابة على الطريق السريع رقم 71، موضحة أن “الحادث انتهى بتحييد المشتبه به في منطقة تقاطع السكن الطلابي بمدينة العفولة على يد أحد المارة”.

وذكرت الشرطة أن المنفذ فلسطيني من الضفة الغربية، نُقل إلى المستشفى وحالته متوسطة، مشيرة إلى أن التحقيق لا يزال جاريا في موقع الحادث.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن العملية المزدوجة التي وقعت في المدينتين استمرت نحو خمسين دقيقة، فيما نقلت عن جيش الاحتلال قوله: إن منفذ العملية “مقيم غير شرعي يعمل في إسرائيل منذ سنوات”.

بدورها، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، نقلا عن مصدر أمني، أن منفذ العملية معروف لدى الأجهزة الأمنية، وقد سُجن قبل عشر سنوات على خلفية مواجهات مع قوات الجيش.

ومن جانبها، أعلنت نجمة داود الحمراء (الإسعاف الإسرائيلي) مقتل إسرائيلي دهسا في شارع هاشومرون بمدينة بيسان، متأثرا بإصابات متعددة في أنحاء جسده، كما أعلنت مقتل إسرائيلية طعنا على الطريق السريع 71، متأثرة بإصابات نافذة.

وقال جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) إن منفذ العملية هو الشاب الفلسطيني أحمد أبو الرب (37 عاما) من بلدة قباطية جنوب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وهي البلدة التي تواجه، منذ يناير/كانون الثاني 2025، عملية عسكرية إسرائيلية واسعة.

وقد أطلق الاحتلال على تلك العملية اسم “السور الحديدي”، وأسفرت عن نزوح آلاف الفلسطينيين، وتدمير منازل وبنى تحتية في المدينة، فيما تتعرض قباطية لمداهمات واعتقالات إسرائيلية متواصلة، أسفر آخرها عن استشهاد فتى فلسطيني بعد إطلاق قوات الاحتلال النار عليه مباشرة.

وفي رد رسمي، أصدر وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تعليماته للجيش “بالتحرك بقوة وفورا ضد قرية قباطية التي انطلق منها المنفذ”، وفق بيان صادر عن مكتبه.

في المقابل، أشادت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بالعمليتين اللتين وقعتا في بيسان والعفولة، ووصفتها بـ”البطوليتين”، مؤكدة أنهما “تأتيان ردا على سياسة الإجرام المتمادي بحق أبناء شعبنا في وطنه، وتأكيدًا على تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحقوقه مهما تصاعد عدوان الاحتلال وممارساته الإجرامية”.

وحمّلت الحركة “الحكومات والأنظمة كافة المسؤولية عن تمادي الاحتلال في جرائمه بحق شعبنا، وبحق شعوب المنطقة، في ظل استمرار الصمت الدولي عن جرائمه وعدم ملاحقة مجرمي الحرب في الكيان ومحاسبتهم”.

وأكدت “الجهاد الإسلامي” أن الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة “لن ترهبه حملات الاحتلال ولا إجراءاته القمعية”، مشددة على أن المقاومة ستستمر حتى نيل الحرية وتحقيق التحرير.

من جهتها، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن العملية المزدوجة تعبير عن حالة الغضب الشعبي المتراكم، ونتيجة مباشرة لجرائم الاحتلال اليومية، والمجازر المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وتصاعد سياسات القتل والتهجير والاستيطان والتهويد في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.

وأكدت الحركة أن “المقاومة بجميع أشكالها تمثل حقا مشروعا كفلته القوانين الدولية والشرائع الإنسانية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال”، محذّرة الاحتلال الإسرائيلي من “مغبة الاستمرار في سياساته العدوانية”.

وشددت حماس على أن محاولات كسر إرادة الفلسطينيين “مصيرها الفشل”، داعية الفلسطينيين إلى تعزيز وحدتهم وصمودهم، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمّل مسؤولياته، والعمل على وقف الانتهاكات الإسرائيلية، ومحاسبة تل أبيب على جرائمها.

وفي إطار الرد العقابي، شرع جيش الاحتلال بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في بلدة قباطية، بذريعة أن منفذ عمليتي الدهس والطعن ينحدر من البلدة، وادعاء العمل على “إحباط الإرهاب”، كما اعتقلت قوات الاحتلال والد منفذ العملية، يونس أبو الرب.

ونفذ جنود الاحتلال تفتيشا دقيقا لمنزل منفذ العملية، في إطار سياسة العقاب الجماعي التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي بحق البلدات الفلسطينية، وهي سياسة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي، وتُعد جريمة حرب وفقا لاتفاقيات جنيف.

كما أشار موقع “واللا” العبري، نقلا عن مصدر عسكري إسرائيلي، إلى أن قوات هندسية بدأت مسح منزل المنفذ تمهيدا لهدمه، في إطار سياسة العقاب الجماعي، كما شرعت قوات الاحتلال في التحقيق مع أفراد من عائلة المنفذ عقب اقتحام منزلهم في البلدة.

ويحظر القانون الإنساني الدولي بشكل صريح فرض العقوبات الجماعية بحق السكان المدنيين على جرائم لم يرتكبوها، بما في ذلك المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على حظر العقوبات الجماعية واعتبارها من جرائم الحرب.

وأفادت مصادر محلية بأن نحو 44 آلية عسكرية وعدة جرافات اقتحمت البلدة، مع فرض حظر تجوال، وانتشار الجنود في شوارعها، واعتلاء قناصة أسطح عدد من المباني، وإغلاق طرق رئيسية تؤدي إلى البلدة، بحسب وكالة الأناضول.

وفي السياق ذاته، أفادت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية بأن العملية جاءت عقب “تعليمات صدرت للجيش بالاستعداد لتوسيع نشاطه العسكري في قباطية”، في إطار “رسالة سياسية وأمنية تهدف إلى تحميل البيئة المحيطة بمنفذ الهجوم مسؤولية غير مباشرة، وردع عمليات مماثلة مستقبلا”.

بالتوازي، رحب ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بالعملية المزدوجة في بيسان والعفولة، واعتبروها رد فعل طبيعي على الظلم والإجرام الإسرائيلي المتصاعد في غزة والضفة الغربية، ودليلا على أن المقاومة لا تتخلى عن خيار الرد، وستواصل مقاومة الاحتلال بمختلف الوسائل.

وأكد ناشطون عبر منشوراتهم على منصتي “إكس” و”فيسبوك”، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها: #بيسان، #العفولة، #الضفة_الغربية، أن العملية تعكس فشل الاحتلال الإسرائيلي أمنيا واستخباراتيا، وتداولوا صور منفذ العملية، مشيدين به، ومستنكرين في الوقت ذاته الإجراءات العقابية التي اتخذها الاحتلال بحق ذويه وبلدته.

كما ندد ناشطون برد الاحتلال عبر اقتحام قوات من وحدة “دوفدوفان” الخاصة، إلى جانب المظليين والشرطة، بلدة قباطية، وتنفيذ عملية عسكرية مكثفة بأوامر من وزير الدفاع الإسرائيلي، فضلا عن نشر قوات جوية لتوفير الدعم الناري والمراقبة فوق منطقتي جنين وقباطية.

رسالة واضحة

وتحت عنوان "في بيسان.. الخبر اليقين"، قال الأكاديمي إياد إبراهيم القرا، إن العملية النوعية التي قادها شجاع، جاءت لتؤكد من جديد أن خيارات الاحتلال تتساقط أمام ضربات لا تتوقف، حتى في عمق المناطق التي ظنّها آمنة.

ورأى أن "الرسالة واضحة: لا أمن زائف، ولا معادلات ثابتة أمام إرادة الفعل والمبادرة".

وأكد الباحث في الشأن السياسي مأمون أبو عامر، أن ما حدث في بيسان من دهس وطعن هو تعبير عن حالة من الغضب المكتوم في قلوب الناس، ولذلك ما حدث يعد سلوكا طبيعيا لردود الفعل ردا على العربدة والإجرام التي تمارسها عصابات المستوطنين برعاية من الجيش أو بالدعم احيانا.

وأكد أن الاحتلال هو من يفرض قواعد اللعبة في الميدان، وعليه أن يتحمل نتائج هذا الإجرام ضد شعبنا في الضفة.

وقال يحيى اليعقوبي، إن كل عمل مقاوم بالضفة هو رد فعل على استمرار الظلم، وكل مقاوم يقرر المواجهة يعرف أنه الخيار الأمثل للثأر، مؤكدا أن عملية الدهس والطعن في بيسان مثلت انفجار البركان بوجه الوحشية الإسرائيلية.

وأشار الباحث في العلاقات الدولية علي أبو رزق، إلى أن كل التحليلات تقول إن الظرف الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، وعاميْن من الإبادة الوحشية في غزة، ستقود الضفة الغربية إلى انفجار شعبي حتمي، مهما حاولت كل الأطراف العمل على إبطاء وتيرة هذا الانفجار.

وأرجع الناشط تامر قديح، عملية الدهس إلى تزايد هجمات المستوطنين واعتداءاتهم على الأهالي الفلسطينيين، والاستفزاز والقتل اليومي.

وأشار إلى أن منفذ عملية الأمس صرح بأن مشاهدة الفيديوهات لهجمات المستوطنين الإسرائيليين هو ما دفعه للانتقام.

وعلق عبدالرحمن سعيد، على إعلان هيئة البث الإسرائيلية عن وقوع قتيلان وإصابة 6 آخرين دهسا وطعنا بمنطقة بيسان، قائلا: "لم يفهم ولا يريد أن يفهم العدو الصهيوني أن الشعب الفلسطيني لن يقبل إلا بالتحرر".

إشادة واستحسان

وترحيبا بالعملية وتسليطا للضوء عن انعكاساتها، أعرب المحلل السياسي ياسين عزالدين، عن سعادته بحادث الطعن في بيسان والعفولة، قائلا: "رغم كل إجراءاتهم الأمنية المشددة وعنفهم وبطشهم إلا أن المقاوم اخترق كل جدرانهم، فأمنهم لن يتحقق ما دام هناك احتلال على هذه الأرض".

وأشار إلى تنفيذ عملية إطلاق نار صباح اليوم تجاه حاجز "حشمونئيم" قرب نعلين وقوات الاحتلال تغلق مداخل بلدات غرب رام الله، قائلا إن ما نراه هو انعاكس للدافعية العالية لمقاومة الاحتلال بالضفة.

وأكد أن ما يعيق انطلاق الدافعية لمقاومة المحتل بشكل أقوى هو إجراءات الاحتلال والسلطة الأمنية والقمعية المشددة.

وتساءل عز الدين: “هل يستطيع الاحتلال الاحتفاظ بمستويات عالية لتأهب قواته في الضفة للأبد؟ أم أن الحروب التي قد تندلع في المنطقة ستضعفها؟ وهل تستطيع السلطة ضبط إيقاع الشارع الفتحاوي للأبد أم أن قرار قطع رواتب الأسرى وعائلات الشهداء سيقوض كل شيء؟”

ورأى قباري البدري، أن عملية الدهس القاتلة في بيسان والعفولة تعكس مدى هشاشة الوضع الأمني حتى في ظل القوة العسكرية لدولة الاستعمار وتغولها على المنطقة كلها.

وقال إن على (بنيامين) و (بن غقير) أن يتوقعا مزيدا من ردود الفعل على إرهاب كيانهما الغاصب، مضيفا: "العرب لن يظلوا ضحايا إلى الأبد.. على الضامنين الرعاة لمؤتمر سلام (شرم الشيخ) التحرك السريع الجاد لوضع حد للظلم المأساوي قي الضفة والقطاع".

وقالت فاطمة الشيخ: "الله الله على العمليات الفدائية.. اللهم اشف صدور قوم مؤمنين ".

وأكدت مايا رحال، أن عملية بيسان النوعية تكشف عن مدى هشاشة المنظومة الأمنية العسكرية الإستخبارية بإسرائيل بتقويض العمليات الفدائية لأنها تعتمد على عنصر المفاجأة، وأن هذه لن تكون العملية الأخيرة فطالما قطعان المستوطنين يعربدون بالضفة بدعم الجيش ستتصاعد وتيرة هذه العمليات.

وكتب صاحب حساب طوفان الأقصى: "ها هي ضربات المقاومة تتوالى، فليعلم العدو أن الدم لا يبرد، والثأر لا يُنسى! الله أكبر والعزة للمجاهدين".

ووجه صاحب حساب الحرية لفلسطين التحية لأبطال الجهاد، قائلا إن العملية تؤكد أنه طالما هناك احتلال فهناك مقاومة ورد قوي ضد جرائمهم الحقيرة.

إجراءات عقابية

واستنكارا لتجاوزات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين واستغلال الحادث لمهاجمة قباطة بدعوى أن منفذ عملية بيسان والعفولة منها وتنديدا باعتقال ذوي المنفذ، عرض طلال إبراهيم، مقطع فيديو يوثق لحظة اعتقال قوات الاحتلال الصهيوني والد منفذ العملية.

وأشار أحد المغردين إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت الشاب أحمد أبو الرب من بلدة قباطية جنوب جنين؛ بزعم أنه نفذ عملية طعن ودهس في العفولة.

ولفت إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت أيضا بلدة قباطية، وأخذت قياسات منزل العائلة، فيما اعتقلت والده عقب قيامها بالتحقيق ميدانيًا مع العائلة والأقارب.

وأشارت أمنية خالد إلى أن جيش الاحتلال النازي اعتقل بطل عملية بيسان المزدوجة جريحا بعد إطلاق النار عليه، كما اعتقلوا والده ولازالو يحاصرون قباطية منذ مساء أمس وينكّلون بالأهالي تغطية على فشل الاحتلال بإختراق منظومته الأمنية!