صحيفة بريطانية: الهاتف في إيران "سلاح خطير" يوصلك إلى السجن

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة بريطانية الضوء على "القمع الشديد" الذي تمارسه حكومة طهران على الشعب الإيراني، ولا سيما المحتجين ضد سياساتها.

واستشهدت صحيفة "بي بي سي" بنسختها البرازيلية، بحادثة القبض على شاب يبلغ من العمر 20 عاما، خلال احتجاج في العاصمة طهران، في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

وأشار الشاب في سرده لحكاية اعتقاله إلى أنه قُبض عليه حينما كان يساعد امرأة -كانت قوات الأمن تحاول اعتقالها- في الهروب.

تشديد القمع

وقال الشاب لـ"بي بي سي": "طرحني أحد ضباط الشرطة أرضا، ثم وضع آخران أقدامهما على ظهري ووجهي، واستمر الثالث في ضربي لعدة دقائق". 

وأشار إلى أنهم توقفوا بعدها عن الضرب ليسألوه عن هاتفه الخلوي، وبعد حصولهم على كلمة المرور استأنف أحدهم ضربه مرة أخرى، بينما فتح الآخر هاتفه وبدأ في البحث والتفتيش.

وذكر الشاب أنه بعد بضع دقائق، قال الضابط: "لا يوجد شيء"، ثم تركه يرحل أخيرا.

ووفقا لما سرده، فإن الضباط فحصوا معرض الصور الخاص به، وذلك لمعرفة إذا ما كان قد التقط صورا للاحتجاجات في طهران.

ولو وُجدت مثل هذه الصور في هاتفه، لكان من الممكن اتهامه بـ"الدعاية ضد الدولة"، كما حدث للعديد من المتظاهرين الآخرين.

وترى الصحيفة أن "النظام الإيراني يحاول تشديد القمع أكثر مما هو عليه الآن".

وفي السياق، يدرس البرلمان مشروع قانون، قد تصل عقوبته إلى خمس سنوات، من شأنه أن يجرّم "تصوير أو تبادل الصور الإجرامية".

كما يدرس البرلمان تعديل قانون العقوبات لتكميم أفواه المشاهير، والذين كانوا من أبرز مؤيدي الاحتجاجات.

وينص التعديل على إمكانية الحكم على المشاهير بالسجن لمدة تصل 15 عاما، في حال أدلى بـ"بيان كاذب"، أو أي شيء يسبب اضطرابا.

عقوبة الإعدام على انستغرام

وفقا للصحيفة، وصف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، "الفضاء الإلكتروني" على أنه ساحة معركة، ودعا المسؤولين مرارا وتكرارا إلى "القتال ضد حرب الأعداء الهجينة".

كما أنه زعم أن "أي شكل من أشكال المعارضة هو من عمل الولايات المتحدة وحلفائها".

جريمة "إنستغرام"

كذلك نشرت "بي بي سي" اعتقال شاب مع 300 آخرين في مستودع، خلال سبتمبر/ أيلول 2022.

وتم تهديد هذا الشاب مع متظاهرين آخرين بـ"اغتصاب وإعدام واعتقال أفراد من عائلته"، وذلك لإجبارهم على فتح هواتفهم المحمولة للتفتيش فيها، ثم اُجبروا على توقيع "اعترافات كاذبة".

من ناحية أخرى، نشر القضاء الإيراني لقطات مزعومة لقصص على تطبيق "إنستغرام" ومحادثات على الإنترنت، وذلك "لإثبات" ذنب محمد بروغاني، وهو شاب في عمر الـ19، محكوم عليه بالإعدام.

وأدين بروغاني بـ"العداء لله"، واتهم بطعن ضابط أمن، فضلا عن تشجيع الناس على المشاركة في الاحتجاجات ضد حكومة طهران.

ولكن بعد حشد الناس على وسائل التواصل الاجتماعي، واحتجاجهم خارج السجن الذي كان يُحتجز فيه، أُعيدت قضيته إلى المحكمة العليا للمراجعة مرة أخرى.

وبحسب الصحيفة، تقول الباحثة في التكنولوجيا والقانون وحقوق الإنسان بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، أفسانه ريجوت، إن الأجهزة المحمولة يتم تحويلها إلى "مسرح جريمة".

وقالت أفسانه: "نرى هذا التكتيك يستخدم بشكل أساسي في السياقات القمعية، حيث تسعى أنظمة الدولة والشرطة إلى مقاضاة الناس على جرائم الفكر والتعبير، وحتى الهوية".

وأشارت إلى أن الأدلة الرقمية التي يتم الحصول عليها "بشكل غير قانوني" في معظم الأحيان، مثل الصور ومقاطع الفيديو أو حتى تثبيت بعض التطبيقات، يتم التعامل معها كأدلة قاطعة.

واستدركت: "في دول مثل إيران، لا يوجد احتمال بالبراءة، يُفترض دائما أنك مذنب، والأدلة فقط يُعثر عليها أو تُلفق".

خطير للغاية

كما توجه الصحيفة الأنظار إلى أن "الاستيلاء على الأجهزة الإلكترونية في إيران يتم بشكل روتيني، دون أوامر أو إجراءات قانونية".

واستشهدت على ذلك بمداهمة العشرات من عملاء وزارة المخابرات منزل عائلة صحفي في طهران، خلال أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

واعتقل الصحفي لعدة أسابيع، لكنه لم يكن الشخص الوحيد المُتأثر، فقد صادر ضباط بزي مدني الهواتف المحمولة للجميع، ثم فتشوا هواتف الأشخاص دون سن الأربعين بحثا عن "أدلة رقمية".

وأفاد شاهد عيان لـ"بي بي سي" بأن "الضباط قاموا بتمشيط المحادثات على تطبيقات إنستغرام وواتساب وتلغرام، وفحصوا منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، لكنهم ركزوا في الغالب على معارض الصور".

وقال الشاب: "بدأ أحد الضابط في استجوابي حول ما وصفه بالزي غير التقليدي لامرأة في إحدى صور عائلتي".

وأكمل: "عندما بدأت أتجادل مع الضابط قائلا إن تلك الصور خاصة، تدخلت العائلة، وأمره قائد فريق الشرطة أن يبحث فقط عن صور وفيديوهات الاحتجاج ويتجاهل الصور الشخصية". 

ويعتقد الشاب أن الضباط استهدفوهم بسبب أعمارهم وخلفياتهم، بصفتهم الأكثر احتمالية للتظاهر في الشوارع.

ووفقا للصحيفة، منذ أن بدأت السلطات الإيرانية في إعدام المتظاهرين، أصبحت المظاهرات في الشوارع متقطعة، وتحول مركز حركة الاحتجاجات إلى الجنازات.

كما يفرض النظام سيطرة مشددة على وسائل الإعلام، فكل المحطات تسيطر عليها الدولة، والصحف تكرر الرواية الرسمية.

بالإضافة إلى أن الدولة تلجأ إلى الحظر والتهديد والاعتقالات لإسكات الصحف التي تنتقد سياسات الحكومة.

ومع تكميم وسائل الإعلام التقليدية، يعتمد معظم الإيرانيين على القنوات التلفزيونية والإنترنت للحصول على الأخبار.

وفقا للإحصاءات الصادرة عن حكومة طهران، يستخدم 70 بالمئة من سكان البلد البالغ عددهم 84 مليونا، الإنترنت، رغم أن إيران واحدة من أكثر الدول رقابة على مواقع الإنترنت في العالم.

وذكرت الصحيفة أن "جميع منصات التواصل الاجتماعي وأدوات المراسلة محظورة في إيران".  

ولفتت إلى أنه للتحايل على هذه القيود، يستخدم الناس الشبكات الخاصة الافتراضية وتطبيقات فك الحظر "VPN"، والتي تستهدفها الدولة أيضا.

بالنسبة للباحثة ريجوت: "لا شيء من هذا جديد، لكن المخاطر باتت كبيرة جدا".

واختتمت: "بالنسبة للدول الاستبدادية، يعد الدليل الرقمي سلاحا خطيرا للغاية".