عمر حرفوش.. مليونير لبناني مثير للجدل يستغل نفوذه الدولي لنيل منصب سياسي

لندن - الاستقلال | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في وقت تغيب فيه الزعامة السنية عن مدينة طرابلس شمالي لبنان، يتطلع المليونير، رجل الأعمال اللبناني عمر حرفوش لدخول عالم السياسة اللبنانية، على الرغم من ضعف قاعدته الشعبية حتى في معقل طائفته.

وإلى جانب اللبنانية، يحمل حرفوش الجنسية الفرنسية ويتمتع بعلاقات دولية نافذة، ويطمح حاليا لبناء اسم سياسي جديد في لبنان الذي يشهد منذ عقود تجاذبات سياسية شرسة بين زعامات الطوائف الثلاث (السنية- الشيعية- المسيحية).

ومع الشغور الرئاسي لمنصب رئيس الجمهورية منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022 بعد رحيل ميشال عون، يشهد لبنان عجزا تاما عن تحقيق اختراق بين القوى السياسية لتسمية رئيس جديد لقصر بعبدا ببيروت.

وهنا يجد حرفوش الفرصة مواتية لإظهار صوته السياسي، واستغلال الحالة الراهنة إعلاميا عبر تسجيل مواقف تحرف الأنظار إليه، ويصبح اسمه مطروقا لدى وسائل الإعلام المحلي، خاصة أنه يحابي معسكر حزب الله وحلفاءه.

 ونقل موقع النشرة اللبناني في 6 يناير/كانون الثاني 2022 عن حرفوش قوله: "كل من يهاجم زيارة قضاة أوروبا إلى لبنان يكون خائفا من إدانته كفاسد أو شريك أو مسهل للفساد".

ويأتي كلام حرفوش ردا على المعترضين على قرار الاتحاد الأوروبي إرسال محققين إلى لبنان، للتحقيق بشأن ثروة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، ومسؤولين ماليين آخرين بينهم مديرو مصارف.

وتضم الوفود مدعين عامين وماليين وقضاة تحقيق من ألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا، سيصلون بيروت تباعا بين 9 و20 يناير 2022.

النشأة والتكوين

ولد عمر حرفوش في مدينة طرابلس شمال لبنان عام 1969 لأسرة من الطائفة السنية.

ودرس التعلم على آلة البيانو الموسيقية في معاهد الموسيقى في موسكو ودنيبروبتروفسك، وآنذاك تدرب على الدبلوماسية، بعدما درس في الأكاديمية الدبلوماسية في وزارة الخارجية الروسية.

عرف حرفوش سابقا عبر عمله في وكالات عرض أزياء أوكرانية، كما ظهر على تلفزيون "الواقع" الفرنسي.

وهو يمتلك مجموعة اتصالات تعمل في أوكرانيا وروسيا مع شقيقه، كما أسس حرفوش نوعا من مسابقة الجمال حيث يكون الأشخاص على الإنترنت هم الحكام.

هو أيضا منتج أفلام لبناني، وممثل وعازف بيانو شهير، بالإضافة إلى عمله في مجال الفن والإنتاج.

ويعد حرفوش من الضيوف الدائمين في عشاء أمفار AMFAR الخيري الذي يقام في مدينة كان الفرنسية.

دائما ما يكرر حرفوش على وسائل الإعلام، أنه يريد دعوة الدول إلى تجميد أصول السياسيين الفاسدين وأقاربهم في لبنان، وإعطاء المرأة اللبنانية الحق لنقل جنسيتها لأبنائها.

لم تشغله أعماله وشركاته عن الهواية التي طالما أحبها وأتقنها وهي عزف البيانو، إذ يحصد ملايين المشاهدات على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي.

ونظم عدة فعاليات في فرنسا ولبنان لتحسين مراعاة البيئة في بيروت والاستجابة بشكل خاص لأزمة النفايات التي هددت مدينة طرابلس.

في 4 أغسطس/آب 2018، تمكن عبر علاقاته من تنظيم لقاء بين أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي حول ملف البيئة والرئيس اللبناني السابق ميشال عون.

لا يزال عمر حرفوش منخرطا بشكل خاص في قضيتين رئيسيتين في لبنان هما، البيئة ومكافحة الفساد منذ عام 2018.

ويمتلك حرفوش مجموعة اتصالات في أوكرانيا ونظم مباراة "Elite Model Look" لعرض الأزياء فيها بين العامين 1997 و2000.

وسبق أن نظم حرفوش مع شقيقه وشريكه وليد في مجموعة "سوبرنوفا" الإعلامية في كييف، نهائي “Miss Net World” في العاصمة الليبية والتي حضرها آنذاك رئيس النظام السابق معمر القذافي عام 2002.

وفي أكتوبر 2006، نشر سيرته الذاتية في كتاب حمل عنوان "عمر حرفوش: اعترافات مليونير".

تشبيك دولي

تؤكد مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، في تقرير نشرته في 20 ديسمبر 2022، أن حرفوش استعان بالأميركي ستيفن رابينوفيتز لتعزيز فرصه في النجاح بعالم السياسة اللبنانية.

وهذا الأخير مدافع شرس عن إسرائيل عمل مديرا للتخطيط الإعلامي للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون.

وأضاف التقرير أن حرفوش، وحرصا منه على كسب الدعم الأميركي، لجأ إلى شركة Bluelight للإستراتيجيات في واشنطن ورئيسها المؤسس المشارك ستيفن رابينوفيتز.

ويُشتهر رابينوفيتز باهتمامه بالدفاع عن مصالح إسرائيل والمجتمع اليهودي في الولايات المتحدة ولم يسبق أن اهتم بدعم الساسة اللبنانيين.

في 8 ديسمبر 2022، وقع حرفوش مع رابينوفيتز عقدا شهريا بقيمة 9500 دولار قابلا للتجديد لتأسيس شبكة علاقاته في الولايات المتحدة.

ووفق المجلة، عمل رابينوفيتز مع اللجنة اليهودية الأميركية ومنتدى السياسة الإسرائيلية ومركز العمل الإسرائيلي، ويشارك بنشاط في تعزيز مصالح تل أبيب في الولايات المتحدة.

وبصفته عضوا في إدارة كلينتون، ساعد رابينوفيتز في إبرام اتفاقيات أوسلو عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير واتفاقية السلام الإسرائيلية الأردنية لعام 1994.

بحسب تقرير "إنتيليجنس أونلاين"، أرسل حتى الآن أكثر من 40 طلب اجتماع إلى المشرعين ومسؤولي وزارة الخارجية وآخرين، ويستعد حرفوش للسفر إلى واشنطن لتقديم خططه حول "جمهورية لبنانية ثالثة".

ويسعى حرفوش الآن للحصول على منصب رئيس الوزراء المخصص لممثل الطائفة السنية في لبنان.

في فرنسا يرتب حرفوش بانتظام اجتماعات مع أعضاء مجلس الشيوخ كالسيناتور ناتالي جوليه، لكنه لم يعرف من قبل في السياسة اللبنانية.

وكغيره من المرشحين المستقلين الآخرين في لبنان، روج حرفوش لإنشاء نظام مالي جديد وإصلاح شامل للنظام السياسي راغبا في وضع حد للنظام الطائفي الذي أرساه اتفاق الطائف عام 1989.

ولمحاربة الفساد في لبنان، أطلق عمر حرفوش عريضة على منصة change.org جمعت ما يقرب من 100 ألف موقع لاسترداد "الأموال المنهوبة" من لبنان.

وقد أتاح نجاح هذه التعبئة الاشتراك في جدول أعمال البرلمان الأوروبي بشأن هذا الموضوع. وحينما عقد في بروكسل مؤتمر حول مستقبل لبنان في 14 نوفمبر 2019، شارك حرفوش فيه.

كما قدم حرفوش المقيم في باريس منذ عام 2006، خلال حفل استثنائي في مجلس الشيوخ الفرنسي، في 4 سبتمبر/أيلول 2020 مقطوعته الجديدة "بيروت لا تموت"، تخليدا لذكرى انفجار مرفأ العاصمة في أغسطس من العام المذكور.

فاشل انتخابيا

وفي مؤتمر صحفي بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 أعلن رجل الأعمال السني الذي لم يسبق له أن شارك في السياسة، وهو محاط بزوجته، عارضة الأزياء الروسية وأبنائه وأفراد أسرته، أنه سيخوض الانتخابات البرلمانية لعام 2022 في الدائرة الثانية بطرابلس.

وقال وقتها: إن لديه طموحات ليصبح "رئيس وزراء لبنان المقبل"، ودعا آنذاك إلى "جمهورية ثالثة" لا تقوم على أساس طائفي، مشيرا إلى أن وقت التغيير قد حان، وأنه يهدف إلى القتال في البرلمان لاستعادة "الأموال المسروقة".

وتحت عنوان "لبنان.. نحو نهضة اقتصادية بقواه الشبابية”، أطلق حرفوش في 10 فبراير/شباط 2022 مشروع "الجمهورية اللبنانية الثالثة"، عبر قناة MTV اللبنانية، بحضور شخصيات دولية بارزة، من بريطانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.

وقال حرفوش في كلمته: "نحن اليوم على مفترق تاريخي، إما أن يزول البلد أو نبني جمهورية لبنانية جديدة، أريد لبنان دولة مستقلة".

وتحدثت عن المشروع، كذلك "نتالي غولت" عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، وعضو لجنة الشؤون الخارجية وقوات الدفاع، وأشارت إلى الوضع الصعب الذي يعاني منه لبنان، وضرورة وجود مؤسسات جديدة ليستعيد سيادته.

وتبعها المحامي الفرنسي ويليام بوردن، وبعده فاديم ستولر، وهو عضو في البرلمان الأوكراني، ومن كبار رجال الأعمال في أوكرانيا، الذي أعلن عن استعداده لوضع إمكانياته في لبنان.

ورمى حرفوش ورقته الأولى لتجربة حظوظه في الشأن السياسي اللبناني، حينما ترشح للانتخابات النيابية في لبنان التي جرت في مايو/أيار 2022، إلا أنه فشل في انتزاع مقعد برلماني ممثلا عن مدينة طرابلس المعقل الأكبر للسنة ومسقط رأسه.

ويقول حرفوش: "لا أريد أن أدافع عن حزب الله، لكني لا أريد أن أقول إن المشكلة في لبنان فقط معهم".

ولذلك حينما ترشح للانتخابات البرلمانية في مايو 2022 اتهمه البعض بأنه تابع للحزب، قبل أن يخرج ويقول من وسط طرابلس: "أنا لست مرشح حزب الله، ولا تربطني علاقة مع أي حزب أو تيار، ولا مصلحة لي مع أي زعيم أو رجل أعمال في لبنان. أنا لبناني الهوية ولا أحمل سوى الجنسية اللبنانية".

حينما ترشح للبرلمان وكدعاية انتخابية، زار حرفوش ضاحية لبنان الجنوبية معقل حزب الله المدعوم بالسلاح من إيران، وقال في 19 فبراير 2022: تكلمت مع شبابها ولم أر أي شخص حامل سلاح، شاهدت كنيسة فتفاجأت".

وفي هذا السياق، يقول عنه الكاتب الصحفي مايز عبيد في مقال رأي نشره في 24 مايو 2022 بموقع "نداء الوطن": " عمر حرفوش لم يهاجم العونيين والعهد العوني ولو بكلمة طالب بإخراج القوات من طرابلس بالانتخابات، فأخرجته، لم يفهم الواقع الطرابلسي".

ويقصد بـ"العهد العوني" من يدورون في فلك الرئيس اللبناني السابق ميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، والمتحالف مع حزب الله والنظام السوري.

سجال داخلي

وفي 27 أكتوبر 2022 وقع لبنان مع إسرائيل، واللذان لا يزالان من الناحية الفنية في حالة حرب منذ عام 1948، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما بوساطة أميركية لإزالة العقبات أمام إنتاج الغاز الطبيعي قبالة سواحلهما، بعد مراسم أقيمت في قاعدة للأمم المتحدة بالقرب من الحدود.

ويأمل لبنان أن يمهد ترسيم الحدود البحرية الطريق للتنقيب عن الغاز للمساعدة في انتشاله من أزمته الاقتصادية التي دخل بها منذ عام 2019، وأوقعت ثلاثة أرباع سكانه في براثن الفقر.

وعقب التوقيع قال حرفوش: "اعترف لبنان رسميا اليوم بدولة إسرائيل ووضع حجر الأساس لمعاهدة سلام بعدما وعدت (تل أبيب) بعدم التعرض عسكريا له".

ومضى يقول: "سندخل في مرحلة أمن وسلام أمني واقتصادي على أمل أن لا تسرق عائدات النفط كما يسرق كل شيء في لبنان".

ويرى حرفوش أن "الحل الوحيد لحفظ عوائد الغاز هو صندوق سيادي مستقل، تحت إشراف لجنة رقابة شفافة من المجتمع المدني الاغترابي غير المسيس، وبمؤازرة شركات عالمية معروفة بمصداقيتها".

في مقابلة تلفزيونية على قناة الجديد المحلية، في 5 أكتوبر 2022: قال حرفوش: "أنا لا أعترف بالدستور اللبناني ولا النشيد الوطني فنحن دولة مزيفة وإذا أصبحت رئيس حكومة رح غير".

وينظر حرفوش بإيجابية إلى رئيس التيار الوطني الحر اللبناني، جبران باسيل، المتزوج من شانتال ابنة ميشال عون، على الرغم من أن الإعلام اللبناني يتهم صهر الرئيس السابق بالفساد، فضلا عن أنه مدرج منذ ديسمبر 2020، على قائمة عقوبات فرضتها عليه وزارة الخزانة الأميركية.

واعتبر حرفوش في لقاء على قناة "أو.تي.في" المحلية في 4 أكتوبر 2022 أن :"جبران باسيل هو الوحيد الذي لديه برنامج رئاسي جدي".

دخل حرفوش في سجال مع حزب القوات اللبنانية الذي يقوده سمير جعجع والذي يناهض حزب الله في لبنان، واتهمه بأنه "ممول من قبل إسرائيل".

وقررت القوات اللبنانية في 27 أبريل/نيسان 2022، الادعاء على حرفوش، وقالت إنه "يقدم أوراق اعتماده لأولياء أمره في محور الممانعة (حزب الله وحلفائه) وسندعي عليه ونطالب بملاحقته".