دبلوماسية الصحة.. ذراع جديد لإيران في دول عصيت على التغلغل الديني

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

انتقد مركز دراسات إيراني "سياسة طهران المخادعة" باستخدام بطاقة الصحة والتعليم مرة أخرى تجاه الأردن والسودان "للتغلغل إلى داخل الدولة والحصول على معلومات مهمة".

وقال مركز "إيرام" ومقره أنقرة في مقال للكاتب "أورال توغا": في أكتوبر/تشرين الأول 2022، التقى وزير الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني، بهرام عين اللهي، بنظيريه السوداني والأردني خلال حدث في مصر. 

استغلال الفرص

ودعا عين اللهي خلال الاجتماعات إلى تنفيذ زيارات متبادلة لوزيري البلدين من أجل زيادة قدرة التعاون في مجال الصحة. 

وفي الوقت الذي يرسل فيه الأردن وإيران رسائل إيجابية متبادلة، أكد عين اللهي أنه يمكن للبلدين التعاون في مجالات الطب والمعدات الطبية والبحوث ومن خلال تنظيم برامج تبادل المحاضرين والطلاب.

بالإضافة إلى ذلك، أشاد وزير الصحة السوداني "هيثم محمد إبراهيم" بمكافحة إيران للأمراض وقال إنهم مستعدون للتعاون معها في هذه القضايا.  وأعرب عن رغبتهم في الاستفادة من تجربة طهران في التعليم الطبي والصحة والعلاج. 

ولفت الكاتب التركي إلى أنه "على الرغم من أن كل هذا يبدو وكأنه تعاون عادي بين الدول في مجال الصحة للوهلة الأولى، فإن هذه القضية في الواقع انعكاس لسياسة تنفذها إيران منذ فترة طويلة".

بعبارة أخرى، دأبت إيران على بناء المستشفيات أو العيادات لفترة طويلة، وخاصة في بلدان الشرق الأوسط وإفريقيا.

فهي ترسل العاملين الصحيين إلى هناك وتعمل في هذه البلدان من خلال الذهاب إلى مختلف أوجه التعاون في مجال الصحة. 

وأشار الكاتب إلى أن "رغبة إيران في التعاون مع الأردن في مجال الصحة بعد أن دعت عمان إلى إجراء حوار مع طهران في يوليو/تموز وتعزيز العلاقات الثنائية، ليست من قبيل الصدفة". 

وأردف: إيران بلد ينشر دعاية حول الصحة ويشيد بنظامه وهناك احترام خاص للأطباء والعاملين الصحيين فيها. ويجرى استخدام هذه القضية كأداة للقوة الناعمة في السياسة الخارجية الإيرانية وكذلك محليا، وفق الكاتب.

فهذه المستشفيات، التي بنيت في الغالب تحت إشراف الهلال الأحمر الإيراني، تواصل وتوسع أنشطتها تحت أسماء مختلفة في العديد من البلدان من عمان إلى دبي، ومن بنين إلى أوغندا.

ولفت الكاتب إلى أنه "على الرغم من أن مثل هذه المبادرات توصف بأنها انعكاس لسياسة إيران المغرورة المستضعفة، فلا ينبغي أن ننسى أن لها جانبا مهما على الصعيدين الدبلوماسي والاستخباراتي".

ففي محاولة لاكتساب مساحة في إفريقيا والشرق الأوسط، ترسل إيران رسالة "نحن معكم" بالمعنى الإنساني بمثل هذه المبادرات إلى تلك البلدان وشعوبها.

وأضاف: من المهم أن تنفذ أنشطتها من خلال المساعدات الإنسانية مثل المدارس والمستشفيات في البلدان التي لا تستطيع فيها ممارسة قوتها الناعمة عبر الدين والشيعة، وتقدم أدوات أخرى لزيادة نفوذها.

سياسة مخادعة

وأشار الكاتب إلى أن "المنظمات غير الحكومية أو المدارس أو المستشفيات التي تعمل لأغراض إنسانية توفر خلفية مثالية لإخفاء موظفي الاستخبارات فهذه واحدة من أقصر الطرق للوصول إلى المعلومات الشخصية للأشخاص الذين يأتون إلى المستشفى". 

وفي هذا السياق، توفر إيران لنفسها مساحة للعمل في كل من البلدان ذات الصلة بالمؤسسات مثل المراكز الثقافية التابعة لها والمرافق التي يبدو أنها ذات فائدة عامة مثل المستشفيات والمدارس. 

وهذه الأنشطة لا تقتصر على إفريقيا وبلدان المنطقة، فمن المعروف أيضا أن إيران تنفذ حاليا أنشطة توظيف للأطباء والممرضين العاملين في الميدان أو للموظفين في المؤسسات الأخرى الذين لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات الشخصية. 

بالإضافة إلى أنشطة التوظيف، فإنها توجه موظفيها إلى بلدان مختلفة تحت اسم طالب لجوء أو باحث في العديد من المهن المختلفة مثل الأطباء والممرضات والقابلات ومصففي الشعر. 

ففي عام 2017، على سبيل المثال، رحلت الولايات المتحدة طبيبا حاول دخول البلاد لإجراء أبحاث طبية ولكن تبين أن له صلات بالحرس الثوري، ومن الممكن ضرب عدد هذه الأمثلة.

وأضاف: ولإعطاء مثال على أحد أنشطة إيران في إفريقيا، أنشأت وزارة الخارجية الإيرانية سلسلة من الاتصالات في القارة عام 2015 لتحسين العلاقات الثنائية وتقوية يدها في الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، تلقى وزير الخارجية آنذاك محمد جواد ظريف، الذي زار أوغندا، تعهدا بتلقي الدعم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 

وبعد ذلك مباشرة، اجتمع مديرو إنفاذ القانون في البلدين في طهران واتفقوا على إنشاء قوة شرطة وطنية بين أوغندا وإيران وتبادل الخبرات والمعلومات لمكافحة الجريمة المنظمة والمنظمات الإرهابية. 

وبالإضافة إلى ذلك، وافقت إيران على تدريب قوات الشرطة الأوغندية، وعرض الهلال الأحمر الإيراني 1.5 مليون دولار لبناء عيادة صحية بسعة 100 سرير. 

وتابع: زار ظريف أوغندا للمرة الثانية عام 2017، والتقى بالجاليات الإيرانية المغتربة، وافتتح "المستشفى الإيراني الأوغندي" الذي يضم 50 سريرا في كمبالا، والذي بني بتمويل إيراني.

وتضطلع إيران بأنشطة مماثلة في بلدان أخرى في القارة لدرجة أن أنشطتها في جنوب إفريقيا مستمرة منذ ما يقرب من 20 عاما، بحسب الكاتب التركي.

عرض مماثل

واستدرك توغا: تنتهج إيران دبلوماسية صحية فعالة في القوقاز أيضا، ففي كل عام، يزور آلاف الأشخاص من كل من أرمينيا وأذربيجان إيران لتلقي العلاج. 

وبعد موقف إيران من حرب قره باغ الثانية عام 2020، كانت هذه المسألة إحدى القضايا التي نوقشت في أذربيجان حتى وقت قريب.

وقدمت إيران عرضا مماثلا لأرمينيا في وقت سابق من العام 2022 كما فعلت مع الأردن والسودان وأجرت بعض المحادثات حول هذه القضية. 

وأشار الكاتب إلى أنه "لا يزال القطاع الصحي موجودا كأداة قابلة للتسويق بالنسبة لإيران، التي تسعى جاهدة لأن تصبح مركزا في السياحة الصحية".

وبصرف النظر عن البلدان المحيطة بها، فإن إيران تحاول أن يكون لها وجود خاص في الشرق الأوسط وإفريقيا، بحسب تقديره. 

وأضاف: وبما أنها ترى في البلدان غير المتقدمة سوقا، فإنها تنفذ استثماراتها ذات الأولوية في هذه البلدان. 

وفي هذه البلدان، التي تدخلها تحت اسم النشاط الإنساني، تريد تعزيز صورتها بوصفها "صديقا حقيقيا" من خلال الاضطلاع بأنشطة في ميدان الصحة والتعليم. 

وتحاول إيران، التي لها تأثير على وكلائها في المنطقة من خلال دوافع دينية، تأسيس وجود لها من خلال الأنشطة الإنسانية.

وتعتمد إيران هنا مبدأ "الوقوف إلى جانب المظلومين" في الأماكن التي لا تستطيع فيها تحقيق ذلك وحيث يكون مجال عملها أكثر محدودية. 

فأينما أرادت تعزيز علاقاتها وتأسيس وجودها، فإنها تستخدم بطاقتها الصحية والتعليمية، وفق تقدير الكاتب. 

وفي هذا السياق، فإن عرضها للتعاون مع الأردن والسودان في المجال الصحي مباشرة بعد الرسائل الإيجابية القادمة من الأردن متسقة تماما في سياق السياسات التي تتبعها إيران منذ أكثر من 20 عاما، كما قال.