حرب أوكرانيا تقرب بين روسيا وكوريا الشمالية.. هل تحيي التحالف القديم؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قدم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون للرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيفا في نهاية أول لقاء لهما بمدينة فلاديفوستوك في الشرق الأقصى الروسي، في 25 أبريل/نيسان 2019.

وقال جونغ أون آنذاك: "هذه هدية أعددتها من أجلك، السيف يجسد قوة روحي وروح شعبنا الذي يدعمك".

في المقابل، أهدى بوتين إلى جونغ أون مجموعة أكواب مذهبة مصنوعة يدويا ووعد بزيارة كوريا الشمالية قريبا قبل أن يحول تفشي جائحة كورونا دون ذلك.

إلا أن الزعيمين تعهدا في تلك المناسبة بتعزيز العلاقات بين بلديهما.

تعايش تاريخي

وقال موقع إيطالي إن "كيم وبوتين باتا اليوم أقرب ويعود ذلك جزئيا إلى التعايش التاريخي بين الروس والكوريين الشماليين لأسباب أيديولوجية، في حقبة الاتحاد السوفيتي وأخرى سياسية". 

ويشرح موقع "إنسايد أوفر" بأن اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أجبر روسيا على تحويل مركز ثقلها الجيوسياسي نحو آسيا، لتشكيل تحالفات جديدة وتقوية القديمة، فضلا عن إقامة شراكات تجارية قيمة، بالإضافة إلى علاقاتها مع الصين.

ويذكر الموقع الإيطالي أن رد الفعل الأوكراني على اعتراف كوريا الشمالية باستقلال جمهوريات دونيتسك ولوغانسك الواقعة في إقليم دونباس في يوليو/تموز 2022 كان فوريا بالإدانة وإعلان قطع العلاقات الدبلوماسية. 

كما أفادت وسائل الإعلام المحلية أن وزيرة خارجية كوريا الشمالية، تشوي سو هوي، أعربت عن رغبة بيونغ يانغ في تطوير العلاقات مع كليهما.

وبعد أيام قليلة، أكد السفير الروسي في بيونغ يانغ، ألكسندر ماتسيغورا، في مقابلة مع صحيفة "إزفيستيا" الروسية، فرضية التقارب بين البلدين. 

وتحدث ماتسيغورا عن "العديد من الفرص" للتعاون بين دونباس وكوريا الشمالية، مشيرا إلى أن بلاده اتخذت قرارا بإرسال مجموعة من العمال لإعادة إعمار الإقليم.

وأوضح السفير "شركاؤنا الكوريون مهتمون بشراء قطع غيار والمعدات المصنعة في دونباس وإعادة بناء مرافق الإنتاج الخاصة بهم".

بعد شهر، بالتزامن مع الصعوبات المتزايدة التي يواجهها الروس في أوكرانيا، لم يعد هناك حديث عن العمال الكوريين الشماليين في دونباس وإنما عن جنود، يشير الموقع الإيطالي. 

كشف عن هذا السيناريو الخبير العسكري الروسي إيغور كوروتشينكو في تصريحات للقناة الأولى في روسيا بالقول: "هناك تقارير تفيد بأن 100 ألف متطوع كوري شمالي مستعدون للحضور والمشاركة في الصراع". 

وأشاد  بالخبرة الواسعة للجيش الكوري الشمالي ولا سيما في الحروب التي يتخللها استعمال المدافع. 

من ناحية أخرى، في 15 أغسطس/آب 2022، أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة تهنئة لزعيم كوريا الشمالية بمناسبة عيد تحرير بلاده الذي يصادف ذكرى يوم استسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية.

 أشار بوتين في رسالته إلى أن موسكو وبيونغ يانغ "تكرمان ذكرى جنود الجيش الأحمر والوطنيين الكوريين الذين حاربوا معا لتحرير كوريا".

وأضاف بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الروسية أن "تقاليد الصداقة والتعاون المجيدة التي جرى وضعها في تلك السنوات العصيبة، تشكل أساسا موثوقا لتنمية علاقات حسن الجوار" بين روسيا وكوريا الشمالية اليوم.

تعاون إستراتيجي

إلى ذلك، قبل أسبوعين، في الأول من نفس الشهر، أرسل وزير الدفاع الكوري الشمالي رسالة إلى نظيره الصيني يشيد فيها بإنجازات جيش بكين بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ95 لتأسيسه. 

وبحسب وكالة الأنباء الكورية الشمالية، أكدت "الرسالة أن الجيش الشعبي الكوري سيجري عمليات إستراتيجية وتكتيكية منسقة مع نظيره الصيني".

لاحظ الموقع الإيطالي بأنه في كلتا المناسبتين، وللمرة الأولى، استخدمت بيونغ يانغ مصطلح "التعاون الإستراتيجي والتكتيكي" لوصف علاقاتها الأمنية مع موسكو وبكين.

وأوضح أن هذا يقود إلى ما كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن المخابرات الأميركية في سبتمبر/أيلول أن موسكو ستشتري ذخيرة مدفعية من كوريا الشمالية.

من جانبه، نفى الكرملين صحة هذه التقارير وفي وقت لاحق، أنكرت بيونغ يانغ ذلك قائلة إنها لم تصدر أسلحة إلى روسيا خلال الحرب وليس لديها نية لفعل ذلك.

يذكر الموقع الإيطالي أن العلاقات الروسية الكورية الشمالية ظلت منذ بداية الوباء في أوائل عام 2020، شبه مجمدة، لأكثر من عامين خاصة أن الخوف من انتشار الفيروس أدى إلى عزلة شديدة لبيونغ يانغ. 

نتيجة لذلك، توقفت التجارة وجميع الاتصالات البشرية بين موسكو وبيونغ يانغ بالكامل تقريبا. كما توقفت العمليات الدبلوماسية أيضا قبل أن تعود إلى الحياة في الأشهر الأخيرة.

وعلى أثر إعلان كوريا الشمالية الانتصار على كورونا في اجتماع مع حاكم منطقة بريمورسكي في روسيا، أعلن سفير كوريا الشمالية لدى موسكو، سين هونغ تشول، أن بلاده ستستأنف حركة السكك الحديدية مع روسيا لنقل البضائع في سبتمبر/أيلول.

وبالعودة إلى الحرب في أوكرانيا، تتهم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" روسيا بالتقرب من كوريا الشمالية لطلب أسلحة وذخيرة. 

وبحسب الموقع الإيطالي، إذا أرسلت باكستان، كما ذكرت بعض التقارير، ذخيرة إلى أوكرانيا، وأبرمت كوريا الجنوبية صفقات أسلحة مهمة مع بولندا، لماذا لا يمكن لكوريا الشمالية بيع أسلحة إلى الطرف الآخر من الصراع، وبالتالي لروسيا؟

وبالنظر إلى أن العديد من أسلحة بيونغ يانغ تستند إلى المعايير السوفيتية، يمكن أن تكون ذخيرتها متوافقة مع أنظمة الأسلحة التي يستخدمها الجيش الروسي، يقول الموقع.

واستنتج بأنه قد تكون موسكو وبيونغ يانغ على وشك إعادة تأسيس التحالف الذي كان قائما بينهما خلال الحرب الباردة قبل أن ينحل بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. 

وعلى عكس الماضي، يرجح إنسايد أوفر أن الارتباط الجديد بينهما يمكن أن يتخذ خصائص التوافق الإستراتيجي بدلا من التحالف الرسمي القائم على معاهدة ملزمة.

في نفس السياق، يرى الموقع أن كيم جونغ أون بات يمتلك قدرات ردع نووي ولم يعد بحاجة إلى التزامات دفاعية من بوتين. 

ويفترض الموقع أن يندرج تحالف محتمل بين موسكو-بيونغ يانغ في إطار توافق ثلاثي أوسع يمكن أن يشمل أيضا الصين وتحت قيادتها. 

وفي انتظار الكيفية التي يمكن أن يتحرك بها هذا الاصطفاف الثلاثي الناشئ، أكد الموقع أن أي كتلة صينية روسية وكورية شمالية سيكون لها تداعيات عميقة على توازن القوى في آسيا وبقية العالم.