"فوضى وصدع".. هذا ما تعنيه انتقادات قديروف لأخطاء روسيا بأوكرانيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

قال موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إن العلاقات بين موسكو وغروزني ليست على ما يرام ولا يعود ذلك إلى الإعلان الغامض للرئيس الشيشاني رمضان قديروف عن إمكانية استقالته فحسب.

وألمح الرئيس الشيشاني اعتزامه أخذ استراحة "نهائية وطويلة" من منصبه في خضم الحرب الروسية على أوكرانيا، لا سيما أنه يحكم قبضته على الحكم منذ مارس/آذار 2007. 

وفي 3 سبتمبر/أيلول 2022 نشر قديروف مقطع فيديو على قناته الخاصة بتطبيق "تلغرام"، قال فيه مبتسما: "أدركت أني موجود في منصبي هذا منذ وقت طويل، وأني أكثر رئيس تولاه، وأعتقد أن وقتي قد حان قبل أن أُطرد".

وأطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدي قديروف في الشيشان مقابل دعم مطلق على المسارح الدولية.

أولا في سوريا، ثم في أوكرانيا، حيث أرسل منذ الأيام الأولى من الحرب في فبراير/شباط 2022، ما لا يقل عن 10 آلاف مقاتل للقتال إلى جانب القوات الروسية.

أضاف الموقع أن الهجوم المضاد الأوكراني والانسحاب الروسي من بعض المناطق الأوكرانية خاصة من إقليم خاركيف، تسبب في ظهور المزيد من الشقوق على المحور الروسي الشيشاني.

وهو ما أثار تساؤلات وانتقادات عديدة لعل أبرزها ما صدر عن الرئيس الشيشاني قديروف.

انتقادات لروسيا

وذكر الموقع أن الزعيم الشيشاني انتقد في تسجيل صوتي، مدته 11 دقيقة نُشر على قناته بموقع تلغرام، قيادة الجيش الروسي على خلفية الانسحاب من خاراييف.

هدد في التسجيل بأنه "إذا لم يتم إجراء أي تغييرات في الإستراتيجية اليوم أو غدا، فسأضطر إلى التحدث مع قيادة وزارة الدفاع وقيادة البلاد لأشرح لهم الوضع الحقيقي على الأرض".

وتابع "أنا لست خبيرا إستراتيجيا مثل وزارة الدفاع. لكن من الواضح أنه ارتكبت أخطاء، أعتقد أنهم سيستخلصون بعض العبر". 

وبحسب الموقع الإيطالي، يعد التسجيل الصوتي فرصة لقديروف للتأكيد على أن مقاتليه مستعدون خصيصا لمثل هذه المواقف وبأن عشرة آلاف منهم مستعدون للقتال هناك وبلوغ أوديسا.

من جانبه، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن بلاده استعادت 6 آلاف كيلومتر مربع من أراضيها من القوات الروسية.

بينما أكد مصدر عسكري انسحاب قوات روسيا من خاركيف شمال شرقي أوكرانيا.

على الطرف المقابل، حاولت وزارة الدفاع الروسية  في 10 سبتمبر/أيلول وصف الانسحاب من خاركيف بأنه إعادة تركيز مخططة للجهود إلى منطقة دونيتسك.  

وقالت أيضا إنه "من أجل تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة لتحرير دونباس، اتُّخذ قرار بإعادة تجميع القوات الروسية المتمركزة في منطقتي بالاكليا وإيزيوم، لدعم الجهود على الجبهة في دونيتسك".

لاحظ الموقع أن هذه التفسيرات مشابهة لتلك المقدمة على أثر الانسحاب من كييف قبل أشهر. 

من جهته، سخر إيغور ستريلكوف، القائد الذي قاد القوات المدعومة من روسيا خلال الصراع الانفصالي في دونباس عام 2014 من تفسير انسحاب وزارة الدفاع الروسية.

وأشار إلى أن تسليم الأراضي بالقرب من الحدود يأتي في إطار "اتفاق مع أوكرانيا". في الأثناء، لفت الموقع الإيطالي إلى أن الرئيس الروسي يتظاهر بالعمل كالمعتاد في موسكو.

 وذلك على أثر مشاركته عبر تقنية الفيديو في افتتاح عجلة الملاهي "شمس موسكو" في معرض إنجازات روسيا شمال العاصمة، في إطار مراسم الاحتفال بالذكرى الـ875 لتأسيس المدينة.

بينما تأتي من الشيشان إشارة إلى وجود فوضى بين القادة، وفق وصف الموقع الإيطالي.

 وينقل عن قديروف قوله "لو لم تكن القيادة الروسية ترغب في الانسحاب، لما انسحبت القوات"، مضيفا أن الجنود الروس "لم يكن لديهم تدريب عسكري كافٍ وهذا أدى بهم إلى التراجع". 

علامات على الصدع

بدورهم، انتقد المدونون العسكريين المؤثرون في روسيا الانسحاب وكانوا أكثر صراحة من قديروف وركبوا الموجة، على حد وصف الموقع الإيطالي.

وذكر بأن مقدم البرامج زخار بريلبين، الذي تضم قناته على  تلغرام أكثر من 250 ألف مشترك، أعاد نشر تعليق يصف الانسحاب الروسي في خاركيف بأنه "كارثة" وفشل استخباراتي كامل.

رأى الموقع أن هذا النقد المفتوح في حد ذاته يمكن أن يكون علامة على الصدع، كما تشير انتقادات قديروف إلى أن بوتين ليس على علم بالوضع الحقيقي للمعركة. 

ولفت إلى أن هناك من يعتقد أن  الكرملين يستخدم الزعيم الشيشاني كفزاعة، لتحذير القادة الروس في أوكرانيا من أن تفهمه قد نفذ. 

في الأثناء، لم يصدر عن بوتين، القائد الأعلى للقوات المسلحة الروسي ولا وزير الدفاع سيرجي شويغو أي تصريح علانية على عملية الانسحاب.

 بينما صرح المتحدث باسم الرئاسة، دميترو بيسكوف بأن "كل ما يحدث، أي إجراء يتخذه الجيش خلال العملية الخاصة يجرى إبلاغ القائد الأعلى به. الرئيس بوتين على اتصال دائم، على مدار 24 ساعة، مع وزير الدفاع وجميع القادة العسكريين ". 

وأضاف أن "القيادة العسكرية تبلغ بوتين بوضع القوات الروسية في ساحة المعركة في أوكرانيا وأن العملية العسكرية الخاصة مستمرة إلى غاية تحقيق الأهداف المحددة في البداية".

أردف إنسايد أوفر بأن السخط والقلق امتد أيضا إلى البرلمان الروسي الخاضع عادة للسيطرة. 

وقال زعيم حزب المعارضة  سيرجي ميرونوف، في منشور على حسابه بموقع تويتر إنه يجب إلغاء عرض للألعاب النارية  بمناسبة الاحتفال بالذكرى 875 لتأسيس موسكو نظرا للوضع العسكري. 

بدوره، انتقد مراسل الحرب البارز سيميون بيغوف الاحتفالات في موسكو ووصف موقف السلطات بـ "انفصام الشخصية" في منشور على حسابه في تويتر.

في غضون ذلك، يعد الرئيس الشيشاني باستعادة جميع المدن المفقودة في اتجاه خاركيف. 

وقال في التسجيل الصوتي: "أنا رمضان قديروف أعلن لكم رسمياً أن كل هذه المدن ستُستعاد، ورجالي جاهزون لهذه المهمة".

وأردف: "هناك أيضاً أكثر من 10 آلاف متطوع على أهبة الاستعداد والجهوزية للانتقال إلى المعركة في أقرب وقت، وسنصل إلى أوديسا".

وأضاف: "لا يمكنني إلقاء اللوم على أي شخص، لأنني لا أفهم تماما الإستراتيجية التي جرى تطويرها. لكنني أعرف شيئا واحدا: روسيا ستفوز ".

على الرغم من أن قديروف يبدو شديد الولاء لموسكو، فإنه إحدى الشخصيات السياسية القليلة التي لا يملك الكرملين سيطرة كاملة على رسائلها، وفق وصف الصحافة الغربية. 

ألمح الموقع الإيطالي إلى أن كل الأنظار الآن ستكون مركزة على كيفية استجابة بوتين للانسحاب ولا سيما أنه تجاهل سابقًا انتقادات بأنه ارتكب خطأً فظيعا في التقدير في فبراير/شباط عندما اعتقد أن الجيش الروسي يمكن أن يغزو أوكرانيا في غضون أيام. 

وأضاف بأنه ذهب في ظهوره الأخير إلى حد الادعاء بأن روسيا "لم تخسر شيئا" خلال الحرب. 

وبحسب الموقع الإيطالي، سيكون من الصعب عليه تفسير الخسائر الكبيرة في الأيام الأخيرة للشعب الروسي، لمؤيدي الحرب داخل الكرملين وخارجه وبشكل خاص للمحيطين به.