"جحيم الأرض".. إعلام عبري يعلق على أحاديث العلاقة بين طالبان وإسرائيل

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تلقف إعلام عبري تصريحات الناطق باسم حركة طالبان الأفغانية محمد نعيم، التي أثارت جدلا واستغرابا واسعين بشأن تضمنها نوايا أو انفتاحا على تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.

وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، أنه رغم اللهجة التصالحية تبقى حركة طالبان التي نعتتها بـ"المتطرفة"، هي من "حولت أفغانستان من جنة رائعة إلى جحيم على الأرض". 

فيما نشر موقع "إن 12" العبري، تقريرا عن قدرات أفغانستان الاقتصادية والسياحية، مؤكدا أنها كانت قبل حكم طالبان جنة تتمتع بعديد من المواقع الطبيعية والسياحية البكر.

سوء فهم

وفي الذكرى السنوية الأولى لعودة حكم طالبان بأفغانستان في 15 أغسطس/ آب 2021، استضافت قناة “الجزيرة مباشر” القطريّة، في مداخلة عبر الإنترنت المتحدث باسم الحركة محمد نعيم.

وقال نعيم في المداخلة إن سياسات الحركة تُريد حل المشاكل عبر الحوار والتفاهم، ومع الجميع، "ومن لديه مشكلة ويريد حل مشكلة، فنحن مستعدون تماما".

ورغم عدم تطرّق متحدث طالبان لإسرائيل، سأله مذيع الجزيرة إذا كان هذا النهج يشمل إسرائيل، فأجاب نعيم: “ما هي مُشكلتنا مع إسرائيل؟”، ما فُهم على أنه يتضمن نوايا تطبيعية.

ومنتقدا سؤال المذيع، أضاف نعيم، أنه "قد يأتي أحدهم في المرّة القادمة ليسأل ما إذا كنا مستعدين للحوار مع المريخ، ثم ماذا، إذا كانت لديك مشكلة مع أحد فأنت تحلها، نحن نريد الحوار مع من لديه مشاكل معنا".

في إشارة إلى أن حركته تريد حل الأمر مع من معه مشاكل، أما إسرائيل فلا مشاكل معها كي تحلها.

ومع الجدل حول تصريحاته، تدخل نعيم عبر حسابه في “تويتر” لتوضيح الأمر وقال: “نعم نحن قلنا إننا منفتحون على الجميع، على من لديه مشاكل معنا، إذا كان هناك بلد أو شخص لا يوجد له مشكلة معنا، فهل ستسأل عما إذا كان سنحل مشاكل مع أشخاص لا علاقة لنا بهم، أظن هذا غير معقول".

وقطع الشّك باليقين حول موقف طالبان من الكيان الصهيوني، قائلا: ”موقف الإمارة الإسلامية بشأن بيت المقدس ثابت وواضح، وقد عبرنا عنه من حين لآخر، القدس هي القبلة الأولى للمسلمين والقيمة المشتركة والمقدسة للأمة الإسلامية جمعاء ، وما تفعله إسرائيل في فلسطين ظلم كبير وواضح. وأننا لن نکون مع الظالم".

وأضاف أن "مسألة الاعتراف بإسرائيل أو إقامة علاقات معها ليست موضوع بحث أو تباحث على الإطلاق، وهي ليست من سياسة الإمارة الإسلامية التي تمضي في ضوء الشريعة الإسلامية ومصالحنا الوطنية".

"لهجة تصالحية"

وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إنه على الرغم من اللهجة التصالحية للمتحدث باسم طالبان، إلا أنه منذ تأسيس حكم طالبان في أفغانستان، والبلاد في حالة سقوط مدوٍّ.

سواء فيما يتعلق بحقوق الإنسان أو الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين .

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن المقابلة أجريت بمناسبة مرور عام على حكم طالبان وإنشاء ما بات يعرف بـ"إمارة أفغانستان الإسلامية ".

وأضافت أن "ذلك جاء بعد الاستيلاء السريع للتنظيم على العاصمة في أغسطس 2021، والذي انتهى بهروب متسرع ومميت للأميركيين من البلاد".

وتابعت أن طالبان تشترك في أحد الحدود مع إيران، وكان قد جرى تسجيل عدد من الحوادث خلال عام 2021 بين القوات العسكرية لبلدان المنطقة .

ولفتت إلى أنه قبل نحو أسبوعين، نُشر عامود خاص كتبه "عباس" وهو اسم مستعار من كابل، قال إن " التغيير في النظام والحكومة أدى إلى أزمات اقتصادية غير متوقعة وتسبب في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بينما تتناقص القوة الشرائية للشعب ".

وبالمثل، فإن حالة النساء والفتيات مزرية بشكل خاص حيث جرى تقييد حقوقهن وفرصهن، وهذا يشمل القيود المفروضة على التعليم والعمل والسفر وغيرها الكثير .

وكان للأزمات مجتمعة تأثير سلبي للغاية على الوضع المعيشي للأفغانيين، وهكذا حولت طالبان أفغانستان من جنة رائعة إلى جحيم على الأرض.

من جانبه، ذكر موقع "إن 12" العبري أن عقودا من الحرب وسفك الدماء والأزمات الإنسانية تركت اليوم هذه أرض أفغانستان الغامضة ممزقة ومدفونة بالكنوز.

وأوضح أنه عُزفت أغاني النصر وأقيم استعراض عسكري بمعدات تخلى عنها جنود أجانب، في احتفال حركة طالبان، قبل أيام، بالذكرى الأولى لانسحاب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من أفغانستان وعودتها إلى السلطة بعد 20 عاما من الحرب.

وأضاف أن العديد من سكان كابل فضلوا البقاء في منازلهم، فيما تجمع أنصار طالبان في ساحة مسعود بالقرب من السفارة الأميركية السابقة، وسار في الشوارع المجاورة مسلحون بأعلام بيضاء كتب عليها إعلان العقيدة الإسلامية "الشهادة".

دوامة متواصلة

وزعم الموقع العبري أنه في خلال عام واحد قامت طالبان بطرد النساء من الحياة العملية وتخلصت من مجموعات الجنود والموظفين المدنيين.

ورأى أن الشعب الأفغاني، الذي تمكن من الشروع في مسار الحياة الطبيعية النسبية في العقدين الأخيرين، يعيش الآن في دوامة لا نهاية لها من الفوضى، ويواصل الانغماس في الأزمة الإنسانية الحادة.

بطبيعة الحال، خلال العشرين عاما الماضية، لم تكن أفغانستان وجهة شهيرة بشكل خاص للسياح من جميع أنحاء العالم.

وتشير التقديرات إلى أنه جرى توزيع ما بين 15 إلى 20 ألف تأشيرة دخول للأجانب كل عام، لكن الأرقام غير مؤكدة، ولا توجد سجلات رسمية للفنادق أو الشركات السياحية.

واستدرك: لكن ربما على وجه التحديد بسبب الوضع الذي ساد هناك لفترة طويلة، لا تزال أفغانستان تبهر العالم بأسرارها .

فالأرض التي تم احتلالها مرارا وتكرارا، تقع على واحدة من أهم التقاطعات الجغرافية، مع ثقافة تعود إلى آلاف السنين.

وكتب شاعر القرن التاسع عشر "محمد إقبال" ذات مرة في قصيدة أن "روعة كابل لا يمكن وصفها بالكلمات، وأثنى على مناخ المدينة "على غرار الجنة "، و"مياهها تتلألأ وتجعل الأرض تلمع ".

وكتب عن مجد كابل في ثلاثينيات القرن العشرين، عندما اشتهرت المدينة التي يبلغ عمرها 3500 عام بمساجدها وحدائقها وطقسها المعتدل على مدار العام.

وكانت عاصمة أفغانستان مرتعا للابتكار والحداثة والأفكار التقدمية والحياة الحضرية، ومثلت أوقاتا متسامحة لكل من البلاد وجنوب غرب آسيا في الستينيات والسبعينيات، وفق الموقع العبري.

باريس آسيا الوسطى

وتابع الموقع أنه في تلك السنوات، ازدهر سكان كابل في مدينتهم الآمنة والحديثة، ومع تطور أفغانستان من الثلاثينيات إلى السبعينيات، حصلت كابول على لقب "باريس آسيا الوسطى".

ووُصفت هذه العقود بأنها " العصر الذهبي لكابل"، عندما كانت المدينة رمزا لمزيج من الحداثة والتقاليد.

وكانت هذه أوقات تجمع فيها النساء بين التنانير القصيرة وأغطية الرأس، ويتمتع الناس بالحريات الشخصية، ويتدفق السائحون إلى العاصمة من جميع أنحاء العالم.

وأصبحت مدينة الحدائق التي تحيط بها الجبال الثلجية وجهة سياحية مختلفة وغير عادية .

وكان الأبرز قبل كل شيء "مسار هيبي"، وهي رحلة بدأت في أوروبا الغربية وعبرت البلقان والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.

وعلى الرغم من أن المسار كان يحتوي على العديد من الطرق، إلا أن المسافرين عادة كانوا يمرون عبر مدن "هرات وقندهار وكابل " قبل أن يشقّوا طريقهم إلى باكستان.

وفر هذا التدفق السياحي فرصا اقتصادية للسكان المحليين الذين بدأوا في تشغيل وكالات لتلبية الطلب المتزايد على النقل والإقامة.

وترسم القصص التي تُروى على مسار "الهبيز" صورة لعالم ضائع، أفغانستان التي كانت مستقرة نسبيا ومنفتحة على السياحة الأجنبية. لكن بقايا هذا الطريق لا تزال موجودة في شوارع كابل.

وعلى الرغم من أنها شهدت أياما أفضل، إلا أن شارع الدجاج لا يزال مأهولًا بباعة الفنون والحرف اليدوية، الذين يتوقون إلى البيع .

وخلص الموقع إلى أن العديد من المسافرين يتذكرون باعتزاز كرم ضيافة الشعب الأفغاني، وبلدهم لا تزال حية وجيدة اليوم على الرغم من عقود من الصراع.