علي فاضل.. إعلامي أحدثت تسريباته ضد سياسيين كبار هزة عنيفة في العراق

يوسف العلي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"مفجّر التسريبات، عميل الأميركيين"، كثيرة هي الألقاب التي أطلقها مؤيدو ومعارضو الصحفي العراقي، علي فاضل، الذي لا يزال يحدث هزات كبيرة في الساحة العراقية، جرّاء ما ينشره من مقاطع تتعلق بشخصيات سياسية كبيرة، سبق أن تولت مناصب حكومية عليا.

وأحدثت التسريبات جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية العراقية لما كشفته من تحريض هذه الشخصيات على القتل ومساس بالسلم الأهلي، وتخابر مع دول أخرى، وإهانة لرموز دينية وقيادات سياسية، إضافة إلى أن البعض منها يتعلق بفساد مالي وإداري.

مفجّر التسريبات

علي فاضل إعلامي ومدون سياسي يقيم في العاصمة الأميركية واشنطن، برز اسمه بشكل كبير بعد نشره في يوليو/تموز 2022، 7 تسريبات صوتية منسوبة إلى نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق (2006 إلى 2014)، وهو يشتم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ويستعد لقتاله في النجف لأنه ضمن "مشروع صهيوني"، بحسب قوله.

التسريبات التي نشرها الناشط العراقي علي فاضل، على حساباته في "تويتر" الذي يتابعه نحو نصف مليون متابع، و"فيسبوك" 90 ألف متابع، و"يوتيوب" 150 ألفا، حصدت ملايين المشاهدات وتناولتها وسائل الإعلام العراقية والعربية وحتى العالمية.

عمّقت التسريبات الأزمة العراقية الحالية، إذ جرى نشرها في وقت تشهد الساحة فيه انسدادا سياسيا، وخلافا كبيرا بين مقتدى الصدر، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حال دون تشكيل الحكومة منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

وبعد ذلك نشر علي فاضل، في 19 أغسطس/آب 2022، مقطع فيديو بالصوت والصورة، ظهر فيه وزير الصناعة صالح الجبوري وهو يؤدي القسم واضعا يده على المصحف، ويقسم بأنه بعد أن يباشر مهامه سيكون ولاؤه المطلق لرئيس حزبه، النائب أحمد الجبوري (أبو مازن)، وأن ينفذ توجيهاته حرفياً في إدارة الوزارة.

وتولى صالح الجبوري، أحد أعضاء حزب "الجماهير الوطنية"، وزارة الصناعة في أكتوبر/تشرين الأول 2018 وحتى مايو/أيار 2020، في حكومة عادل عبد المهدي، التي أقيلت نتيجة التظاهرات الشعبية التي عمّت العراق في السنتين السابقتين، احتجاجًا على الفساد.

علي فاضل تحدث في أكثر من مقابلة تلفزيونية أجراها، كان آخرها في 20 أغسطس 2022، عن امتلاكه تسريبات كثيرة تتعلق بأغلب سياسيي الصف الأول في العراق، وأنه سيستمر بنشرها في وقت لاحق حتى يطلع الشعب العراقي على "فساد وإجرام" الطبقة السياسية الحالية، بحسب تعبيره.

وأكد الإعلامي العراقي أنه يمتلك مقاطع فيديو "خادشة" لسياسيين عراقيين، لكنه لن ينشرها لأنها تتعلق بحياتهم الشخصية، وإنما سيستمر في نشر كل ما يتعلق بقضايا الفساد وأوامر القتل التي تصدر عنهم، وسعيهم للسيطرة على مؤسسات الدولة.

أميركي الجنسية

علي فاضل عباس، ولد في بغداد عام 1982، ويحمل الجنسيتين العراقية والأميركية. غادر العراق وعاش في الأردن، وبعدها قدم طلب اللجوء إلى منظمة الأمم المتحدة.

وحصل على لجوء إلى الولايات المتحدة الأميركية قبل اندلاع الأزمة السورية، بحسب قوله خلال مقابلة تلفزيونية في 21 سبتمبر/أيلول 2020.

عمل علي فاضل في مجال الإعلام عندما كان في الأردن، وتحديدا في قناة "أي أن بي" العراقية ومقرها في العاصمة عمّان، قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة، وإنشائه "المنظمة العراقية الأميركية لمكافحة الفساد" التي يترأسها في الوقت الحالي.

وتهدف هذه المنظمة إلى كشف رؤوس الفساد في العراق، ولطالما استضافته القنوات الفضائية العراقية لعرض وثائق تخص وزارات ومسؤولين عراقيين متهمين بالفساد، إضافة إلى سلسلة الحلقات التي ينشرها على حساباته ويستعرض فيها تلك الملفات.

وينفي علي فاضل كل الاتهامات التي تكيلها إليه قوى موالية لإيران بوصف "داعشي، بعثي، طائفي، وعميل للأميركيين" وأنه كان يعمل لدى القوات الأميركية مترجما عندما احتلوا العراق عام 2003، حسب مقابلة تلفزيونية في 21 سبتمبر 2020.

وخرج إعلامي يدعى باسم الكعبي وهو قريب من قوى الإطار التنسيقي (شيعي) القريب من إيران، يدافع عن المالكي بعد التسريبات، ويتهم علي فاضل بأنه مدفوع من جهات خارجية، وأن اسمه عباس فاضل بديوي الشمري، وأنه من أهالي محافظة بابل وليس بغداد.

وذكر الكعبي أن علي فاضل كان يسكن منطقة حي العامل ببغداد، وأن والده، كان يعمل معاونا طبيا في مستشفى الكندي ببغداد، ورشح للانتخابات البرلمانية لدورتين مع قائمة لحزب الدعوة- تنظيم الداخل، بقيادة هاشم الموسوي، ولكنه فشل ولم يصل إلى قبة البرلمان.

واتهم علي فاضل، بأنه كان ينصب ويحتال على أهالي منطقته في بغداد، وأن لديه اثنين من أشقائه منتسبين في الجيش العراقي، وأنه احتال على أهالي منطقته بعد أخذ أموالهم وهرب إلى الأردن، وبعدها طلب اللجوء لدى الأمم المتحدة وهاجر إلى الولايات المتحدة.

وادعى أن علي فاضل يعمل بدعم من الرئيس العراقي الحالي برهم صالح، بمساعدة الإعلامي الكردي فخري كريم رئيس مؤسسة المدى في العراق، وأنه هو من نظم جيوشا إلكترونية ينتمي إليها علي فاضل، ويمولها، بحسب قوله.

وكذلك يتهم الكعبي، علي فاضل، بأنه مدعوم من المعارض العراقي انتفاض قنبر المقيم في الولايات المتحدة، ووزير الكهرباء السابق السياسي أيهم السامرائي.

وبين أن رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي أيضا ضالع في دعمه، لأنه من ضمن المجموعة التي عملت مع الرئيس برهم صالح منذ كان رئيسا لحكومة إقليم كردستان العراق 2009 إلى 2012.

"حيدر الصدري"

وفي عام 2020، طالت علي فاضل اتهامات بإدارة حساب وهمي على موقع "تويتر" يحمل اسم "حيدر الصدري" والتواصل مع عدد من السياسيين، بعد انتحال شخصية سياسية أخرى عن طريق التواصل معهم عبر "واتساب".

وفي الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، تحدث زعيم حزب "الجماهير الوطنية" العراقي، أحمد الجبوري (أبو مازن)، عن تفاصيل وقوعه ضحية هذا الحساب المزيف، وذلك بعد انتشار مقطع صوتي له يخاطب فيه سفير العراق الحالي في لندن محمد جعفر الصدر، وشقيق زوجة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وقال الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية إن "رسالة وصلتني من رقم على الواتساب، يحمل صورة محمد جعفر الصدر، وقال لي: الأخ أبو مازن أعرفك حريص على البلد، ونحن الآن بأزمة كبيرة تخص الحشد واستهدافه والأميركيين عادين العدة وبعد الانتخابات ممكن يشنون ضربة، وتكلم بكلام وطني". 

وأضاف: "بدوري أخبرته بأن لدي لقاء مع رئيس الجمهورية، والقوى السياسية والأمنية بخصوص تلافي الأزمة، وهو قال لي أنه لديه توجه بعقد لقاء موسع للكتل السياسية والقيادات الامنية من قوات الحشد الشعبي، لإخبارهم بأنه لا نريد أن نعرض البلد للاستهداف، وأن استهداف السفارات شيء غير أخلاقي وغير منطقي".

وتابع الجبوري، قائلا: "أنا صدقت به، وظننت أنه فعلا محمد جعفر الصدر، بعدها بيوم طلب مني أموال، فأخبرته بأن يأتي بغير طريقة (ليس عبرالابتزاز) وأعلنت استعدادي لمساعدته ومساعدة غيره"، لافتا إلى أنه "بعد ذلك اتصل بي ودار حديث بيننا، ومن ثم حظرته من التواصل، وحاول معي بأرقام أخرى وأيضاً حظرته". 

وذكر أبو مازن أن "صاحب الرسائل يعود لحساب مزيف يدعى حيدر الصدري يبتز السياسيين"، كاشفا أنه "جرى التعرف على صاحب الحساب ويدعى (علي فاضل) ويسكن في الولايات المتحدة الأميركية". 

وفي تلك الفترة انتشر حساب على "تويتر" باسم "حيدر الصدري" ينتحل صفة شخصيات سياسية بارزة، ويبدأ محادثات مع سياسيين آخرين، ثم ينشر المحادثات ويثير جدلا بشكل مستمر، ومن بين الشخصيات التي زعم أنه أوقع بهم، رئيس حركة إرادة حنان الفتلاوي.

وكذلك النائبة عن دولة القانون عالية نصيف، والنائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي، والنائب عن كتلة صادقون حسن سالم، ورئيس الهيئة العامة لتيار الحكمة الراحل حميد المعلة، والسياسي العراقي عزت الشابندر، ونائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي.