شائعات تسقط عشرات الضحايا.. ماذا وراء أعمال الشغب في أوزبكستان؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

في الأيام الأخيرة، تسببت الشائعات المتداولة بشأن احتمالية تعديل الوضع القانوني لإقليم "قرقل باغستان" ذاتي الحكم في أوزبكستان، في اندلاع أعمال شغب واسعة تسببت في مقتل 18 شخصا وإصابة العشرات.

وأوضحت صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية، في مقال للكاتب "إيفان بولوفينين"، أنه باستثناء القتلى والجرحى فإن الوضع بقي على ما هو عليه، في ظل إعلان السلطات حالة الطوارئ ونفيها إجراء أي تغيير بالإقليم.

احتجاجات واسعة

وذكرت الصحيفة أن  المدعي العام لأوزبكستان أبرور ماماتوف كشف في 4 يوليو/ تموز 2022، مقتل 18 شخصا نتيجة أعمال الشغب الجماعية في إقليم قرقل باغستان، فضلا عن إصابة العشرات.

وقبل ذلك بيوم، أعلن الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيايف حالة الطوارئ في الإقليم ذاتي الحكم غرب البلاد لمدة شهر، على خلفية الاحتجاجات.

وبموجب المرسوم الذي وقعه ميرضيايف، تعلن حالة الطوارئ في جمهورية قرقل باغستان حتى 2 أغسطس/ آب 2022، وذلك للحفاظ على سلامة المواطنين وحقوقهم وحرياتهم، وضمان مراعاة القوانين والحفاظ على النظام العام.

ووفق المرسوم، يمنع التجول في قرقل باغستان من الساعة 21.00 مساء إلى 07.00 صباحا، إضافة إلى تشديد حراسة المباني الحساسة، وتقييد حركة الدخول والخروج إلى المنطقة، وإلغاء الفعاليات العامة ومنها الرياضية والترفيهية.

فيما تم تأسيس رئاسة لجنة حالة الطوارئ في قرقل باغستان بموجب المرسوم، وعُيّن قائد الحرس الوطني رستم جوراييف، رئيسا لها.

كما أجرى الرئيس الأوزبكي زيارة إلى مدينة نكوص عاصمة قرقل باغستان، والتقى وجهاء المنطقة.

وفي كلمته خلال الزيارة، طمأن ميرضيايف أهالي المدينة بأن أوزبكستان لن تغير المواد الدستورية المتعلقة بوضع قرقل باغستان، وسيتم رفض أي مقترح في هذا الإطار.

وبعد الاحتجاجات التي استمرت من 1 إلى 2 يوليو، تمكنت قوات الأمن في النهاية من استعادة النظام العام. 

تنازلات قسرية

ورأت الصحيفة أن خبراء كثيرين لا يرون قرارات أوزبكستان هزيمة، إذ يعتقد الأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد الروسية "أندري كازانتسيف"، أن رئيس البلاد أظهر قدرته على حل الأزمات من خلال الوسائل السياسية.

فينما أظهر قوة السلطات بقمع الاحتجاجات، أظهر أيضا أن هذه القوة ذكية ومستعدة للتفاوض في الحالات التي يكون فيها ذلك في مصلحة الدولة. 

ويتفق معه مدير معهد الدول الحديثة الروسي "أليكسي مارتينوف"، وبحسبه، لا يمكن تتبع هزيمة طشقند، لكن درجة النقص في الإصلاح الدستوري تثير الدهشة.

وأضاف: "كان تاريخ هذه المنطقة محيرا للغاية منذ الحقبة السوفيتية، فقد كانت جزءا من خوارزم الاشتراكية السوفيتية، ثم تم إدراجها كجزء من قيرغيزستان، ثم كازاخستان، وسقطت في النهاية في أوزبكستان.

وتابع: أي أنها تعكس جميع ميزات وتعقيدات الانطواء الصعب للحدود الإقليمية داخل الاتحاد السوفيتي.

ومضى يقول: "إذا رسمنا تشبيها، فإن قرقل باغستان بشكلها الحقيقي تشبه جمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي أصبحت جزءا من أوكرانيا خلال الاتحاد السوفيتي".

فيما رأى المدون الأوزبكي "فيروزخان يعقوب خوجهايف"، أنه "ليس من الممكن حتى الآن التوصل إلى نتيجة نهائية حول ما حدث بالضبط في قرقل باغستان".

وقال عبر تيلغرام، "على أية حال، بالنسبة للفترة الجديدة لأوزبكستان، التي بدأت مع وصول الرئيس "شوكت ميرزيوييف" إلى السلطة، فإن هذا نشاط غير طبيعي".

حكمة لافتة

وأضاف: "فعادة، إذا بدأ نوع من النشاط الاحتجاجي في مكان ما في البلاد، تحاول السلطات تلبية طلبات الناس بسرعة أو على الأقل تشرح لهم ما هي الأحجام والشروط التي يمكن تسوية مطالباتهم بها". 

وأردف: "يظهر ما حدث في قرقل باغستان أن بعض الأدوات لم تعمل أو تم تطبيقها في الوقت الخطأ، أي قد وصلت في الوقت الخطأ، أو بدأت في التحدث في الوقت الخطأ، أو أجروا حوارا مع الأشخاص الخطأ".

"لذلك، قرر الرئيس إغلاق هذه القضية شخصيا عن طريق السفر جواً إلى قرقل باغستان. وفي هذه الحالة قررت السلطات تقديم تنازلات حتى لا تسفك الدماء"، يؤكد الكاتب الأوزبكي.

وأشار الكاتب إلى أنه لا توجد مظاهرات داخل قرقل باغستان في الوقت الحالي خصوصاً خلال فرض حظر تجول في المنطقة.

وحسب وسائل الإعلام المحلية، قٌبل قرار السلطات بشأن حالة الطوارئ، تعهد أحد منظمي الاحتجاج "دولتمورات تازيموراتوف" بالدعوة إلى اجتماع حاشد جديد بالأيام المقبلة.

ومن وجهة نظر الباحث بالمدرسة الوطنية العليا للاقتصاد بجامعة الأبحاث الوطنية الروسية "أندري كازانتسيف"، ستتصرف سلطات البلاد بطريقة العصا والجزرة.

وعلق "أندري" قائلا: "هذا يعني أنهم قالوا إنه لا يوجد ما يدعو للقلق وسيتم الحفاظ على جميع الحريات في قرقل باغستان، لكنهم أيضا مستعدون لاستخدام القوة إذا استمرت الاحتجاجات. وهذا نهج متوازن إلى حد ما". 

في الوقت نفسه، فإن "ألكسي مارتينوف" من معهد الدول الحديثة مقتنع بأن أوزبكستان لم يكن لديها عادة أي مشاكل خاصة مع المنطقة، وأن القضية الحالية أغلقت خطوة الحفاظ على أحكام الدستور، على حد تعبيره.