اتهامات بالخيانة.. ما الذي أشعل الاحتجاجات ضد رئيس وزراء أرمينيا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تتواصل الاحتجاجات في العاصمة الأرمينية "يريفان" ضد رئيس الوزراء نيكول باشينيان منذ 17 أبريل/نيسان 2022، وصلت إلى حد اعتقال السلطات 244 متظاهرا في شوارع يريفان في الثاني من مايو/أيار من العام نفسه.

وأوضح موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي أن سبب الاحتجاجات الرئيس يعود إلى تصريح رئيس الوزراء في البرلمان خلال أبريل، الذي أيد فيه الحاجة إلى اتفاق سلام مع أذربيجان "وهو ما عد خيانة جديدة للبلاد".

وذكر الموقع أن الصراع بين أرمينيا وأذربيجان يتعلق بالمنطقة المتنازع عليها، وهي إقليم قره باغ الذي يتبع لأذربيجان ولكنه كان يخضع للسيطرة الأرمينية منذ التسعينيات. 

وعلى إثر اندلاع صراع خريف عام 2020 الذي استمر ستة أسابيع، طالبت أذربيجان باستعادة مناطق حول الإقليم الذي تعده جزءا من أراضيها بموجب قرارات الأمم المتحدة لعام 1993. 

وكان الجيش الأذربيجاني قد أطلق في 27 سبتمبر/أيلول 2020، عملية لتحرير أراضيه المحتلة في إقليم قره باغ، عقب هجوم شنه الجيش الأرميني على مناطق مأهولة مدنية.

وبعد معارك ضارية استمرت 44 يوما، أعلنت روسيا في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، توصل أذربيجان وأرمينيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ينص على استعادة باكو السيطرة على محافظات محتلة.

"أرمينيا بدون نيكول!"

وفي الوقت الذي يسير فيه الوضع هذا العام نحو حل، أسمعت المعارضة الأرمينية صوتها من خلال حملة "أرمينيا بدون نيكول!". 

ويتابع بأنها نصبت خياما في غرة مايو 2022 في وسط يريفان للاحتجاج وأقامت حواجز من حاويات القمامة في ساحة فرنسا، التي تربط الشوارع الرئيسة الأربعة بالعاصمة ما تسبب في تعطل حركة المرور، وذلك لمطالبة رئيس الوزراء بإعلان الاستقالة.

قاد الاحتجاج اشخان سغاتليان نائب رئيس البرلمان وحث المواطنين على مواصلة الاحتجاجات في شوارع المدينة.

وذكر الموقع الإيطالي بأن حملة الاعتقالات في بداية الشهر رافقها استخدام القوة ووجهت للموقوفين تهم مفادها رفض الانصياع لأوامر ضباط الشرطة، فيما جرى منع الصحفيين من تغطية الاحتجاجات.

بحسب الموقع الإيطالي، ربط الجانبان الأحداث بالغزو الروسي لأوكرانيا وزعم الأرمن أن الأذريين يستغلون الحرب لاستغلال موقعهم في الإقليم المتنازع عليه.

بعد ذلك، أرسلت أذربيجان إلى أرمينيا خطة من خمس نقاط تضم مبادئ أساسية لتطبيع العلاقات. 

دعا الجانب الأذربيجاني إلى الاعتراف المتبادل بالسيادة ووحدة الأراضي، وإعادة التأكيد المتبادل على عدم وجود مطالبات بضم أراضي والالتزام الملزم قانونا بعدم تقديم مثل هذه المطالبات في المستقبل إلى جانب ترسيم الحدود وتسهيل التنقلات.

وردت أرمينيا بأن طلبت من الرئاسة المشتركة لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تنظيم مفاوضات لتوقيع اتفاق سلام.

في 6 أبريل، اتفقت يريفان وباكو على بدء محادثات سلام بشأن منطقة قره باغ بعد اجتماع بين زعيمي البلدين. 

وفي 13 أبريل، قال رئيس الوزراء الأرميني في خطاب ألقاه في البرلمان إن حكومته تخطط لتوقيع اتفاق سلام مع أذربيجان في أقرب وقت ممكن. 

يشرح الموقع بأن نية باشنيان تهدف إلى ضمان جميع الحقوق والضمانات الأمنية للأرمن في الإقيلم في مقابل التنازل عنه.

من جانبه، رد الرأي العام في أرمينيا على تصريحات باشينيا، فيما أثار الغضب احتجاجات في جمهورية قرة باغ غير المعترف بها. 

في 14 أبريل، دعا برلمان جمهورية قرة باغ الحكومة الأرمينية إلى التراجع عن "موقفها الخبيث".

تغيير جذري

بالاعتراف بوحدة أراضي أذربيجان، أظهر رئيس الوزراء تغييرا جذريا في فلسفته التفاوضية وهو موقف يقوض السياسة التي تطبقها يريفان، على حد قول الموقع. 

واستدرك بأن هذا النهج الجديد كان نتيجة لتقييم أكثر واقعية للحقائق، خصوصا وأن أرمينيا خسرت الحرب في عام 2020، بينما لا تقدم روسيا ليريفان أي ضمانات للأمن، فيما يبدو أن الرأي العام العالمي يؤيد وحدة أراضي أذربيجان.

شدد باشينيان في خطابه على الدور الذي تلعبه روسيا، لكنه أعطى وزنا أكبر للجهود التي يبذلها الاتحاد الأوروبي، وفق تعبير الموقع. 

وقال إن رئيس الوزراء الأرميني يريد تشكيل منظمة دولية أوسع حول قضية قرة باغ، حيث ستكون الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي، هي الأطراف المهيمنة. 

وبهذه الطريقة ستشجع يريفان هؤلاء الفاعلين على الضغط على باكو لضمان الحقوق الأرمينية الكاملة في قرة باغ.

في المقابل، فسر الشعب موقف باشينيان مرة أخرى على أنه "خيانة" لمصالح البلاد، وهو ما أثار احتجاجات ضد السياسة الجديدة. 

وفي مارس/آذار، حاول المحتجون اقتحام أحد مباني المجمع الحكومي في العاصمة للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء خلال مظاهرة نظمها حزب الاتحاد الثوري الأرميني المعارض. 

ويخشى أعضاء الحزب من أن توقيع اتفاق سلام سيعني التخلي عن تطلعات "استقلال منطقة قرة باغ".

انتخب رئيس الوزراء الأرميني الحالي لأول مرة في عام 2018 بعد "الثورة المخملية"، التي أدت خلالها العديد من الاحتجاجات السلمية إلى استقالة الرئيس السابق سيرج سركسيان.

وقاد الاحتجاجات آنذاك باشينيان، زعيم حزب المؤتمر الوطني الأرميني (ليبرالي معارض).

ومنذ انتخابه لأول مرة، حاول رئيس الوزراء تنفيذ إصلاحات جذرية لإنعاش الاقتصاد الأرميني ومحاربة الفساد، وحصل على دعم الشعب.

وعام 2021 ادعى أنه حقق ثورة ثانية في ثلاث سنوات دعت في الواقع إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بعد الهزيمة العسكرية التي تعرضت لها البلاد عام 2020 في قرة باغ.

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن توقيع  اتفاق وقف إطلاق النار هو بالتحديد ما أجاز إنهاء الصراع، بينما اتهم باشينيان بخيانة المصالح الوطنية.

وفي فترة الانتخابات، نزل أنصار ومناهضون لرئيس الوزراء إلى الشوارع. ويرجح الموقع أن فوزه في الانتخابات كان نتيجة الخوف من عودة النظام القديم.

في الختام، أكد الموقع بأن هذه المخاوف قد لا تبرر الخيانة الثانية التي يتهم بها باشينيان، وقد يستسلم لنفس الأسلحة التي وصل بها إلى السلطة.