"بيلا تشاو".. موقع أميركي: أطفال المنوفية غرقوا بينما يشاهد السيسي عروضا مسرحية
.jpg)
سلط موقع أميركي الضوء على الجدل الدائر في مصر حول عمالة الأطفال، في أعقاب غرق ثمانية كانوا على متن شاحنة تقل 24 شخصا وقعت في نهر النيل بمحافظة المنوفية شمالي البلاد.
وذكر "المونيتور" أن أطفال المنوفية غرقوا ورئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي كان يشاهد عروضا مسرحية بمؤتمر "شباب العالم" في منتجع شرم الشيخ السياحي شرقي مصر.
وغرق الأطفال الثمانية في 10 يناير/ كانون الثاني 2022 أثناء عودتهم إلى بيوتهم من العمل في مزرعة دواجن على الطريق المؤدي إلى مدينة الإسكندرية الساحلية الشمالية.
ونجا 15 طفلا من الحادث، مع سائق الشاحنة، لكن ثمانية غرقوا، تاركين وراءهم عائلات ثكلى وأظهروا الوجه القبيح لعمالة الأطفال في مصر.
وافتتح السيسي فعاليات النسخة الرابعة لمنتدى الشباب في الفترة بين 10 - 13 يناير، وسط انتقادات لاذعة في ظل ما تشهده مصر من تراجع كبير في الحريات وانهيار الوضع الاقتصادي.
تنديد ودعوات
وذكر الموقع أن الحادث أثار تنديدا كبيرا ودعوات للسلطات المصرية لاتخاذ مزيد من الإجراءات للحد من عمالة الأطفال.
ونقل عن دعاء عباس، رئيسة الجمعية القانونية لحقوق الأطفال بمصر قولها إن "السلطات بحاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لضمان إنهاء عمالة الأطفال".
وأضافت أن "عمالة الأطفال ستنتج جيلا جديدا يعاني من دمار نفسي".
وعمالة الأطفال هي حقيقة من حقائق الاقتصاد غير الرسمي الذي يوظف 55 بالمئة من عمال مصر الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 سنة ويساهم بحوالي 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويميل أصحاب العمل غير الرسميين إلى الاعتماد على القصر للقيام بمعظم الأعمال في مؤسساتهم لأن أجورهم أقل بكثير من البالغين.
وعلى سبيل المثال، هناك الآلاف من مزارع الدواجن في مصر التي تعتمد على القصر في التنظيف وإطعام الدجاج وجمع البيض وتعبئته.
وأصبحت عمالة الأطفال في مصر ظاهرة متفشية، فمن المحاجر الحجرية في المنيا إلى الأراضي الزراعية في وادي النيل والدلتا، وعشرات الآلاف من المصانع والورش غير المصرح بها، يشكل القصر العمود الفقري للقوى العاملة.
وهناك 1.8 مليون طفل عامل في مصر، منهم 1.6 مليون يعملون في أعمال خطرة، وتقدر بعض منظمات المجتمع المدني أن عدد الأطفال العاملين أعلى من ذلك بكثير.
وقالت عباس: "أعتقد أن العدد أكبر من مليونين، أعتقد أن عمالة الأطفال موجودة في جميع المدن المصرية تقريبا".
وتحظر المادة 64 من قانون الطفل المصري عمل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما. ومع ذلك، تلزم نفس المادة المحافظين بترخيص عمل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما في المهن الموسمية التي لا تضر بصحتهم.
وعادة ما يكون الأطفال العاملون متسربين من المدرسة ويفضلون كسب لقمة العيش على حضور فصولهم الدراسية، ما يهدد بولادة جيل قادم من المصريين الأميين.
وفي عام 2019، كان هناك 18.4 مليون أمي في مصر، أي 24.6 بالمئة من تعداد السكان البالغ 100 مليون.
واقع مرير
وأوضح الموقع أن أطفال محافظة المنوفية غرقوا في النيل عندما لم يتمكن سائق الشاحنة من إيقاف سيارته بعد فترة وجيزة من قيادته إلى عبارة كان ينبغي أن تنقلهم بأمان إلى الجانب الآخر.
وتوفي الأطفال بينما كان السيسي يشاهد العروض المسرحية في منتدى شباب العالم، الذي يزعم أنه آلية للتبادل الثقافي بين الشباب المصري وأقرانهم من الدول الأخرى.
ومن المفارقات أن السيسي كان يشاهد فرقة شباب ندلوفو الجنوب إفريقية تؤدي أغنية "بيلا تشاو"، وهي أغنية شعبية إيطالية تُغنى احتجاجا على ظروف العمل القاسية في حقول الأرز بشمال إيطاليا في القرن التاسع عشر.
وأشار الموقع الأميركي إلى أن وزارة العمل المصرية شكلت لجنة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية للقضاء على عمل الأطفال، كما شكلت مكتبا خاصا لإيجاد سبل للحد من عمل الأطفال واقتراح مبادرات لتنفيذ الخطة الوطنية في هذا الصدد.
ونقل عن عبد الفتاح يحيى، عضو لجنة العمل في مجلس النواب قوله إننا "نتوقع أن تسفر هذه الجهود عن نتائج إيجابية في السنوات المقبلة".
ومع ذلك، فإن عمالة الأطفال مشكلة ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية ستحتاج إلى أكثر من مجرد قوانين لحلها، كما يقول المتخصصون.
وتميل الأسر الفقيرة والكبيرة في الريف المصري إلى إجبار أطفالها على ترك المدرسة والذهاب إلى العمل لكسب لقمة العيش وإطعام الأسرة.
من جانبه، يقول أستاذ علم الاجتماع في جامعة عين شمس حسن الخولي إن "الفقر المستشري هو السبب الرئيس لعمالة الأطفال في بلادنا، عادة ما تجبر العائلات الفقيرة أطفالها على ترك المدرسة والعمل لكسب لقمة العيش".
وحقيقة استمرار الأطفال في العمل تظهر أن تدابير الحماية الاجتماعية التي اتخذتها الحكومة بعيدة عن أن تكون كافية.
وكان الأطفال الثمانية الذين غرقوا في النيل يتقاضون رواتب تتراوح بين 30 و50 جنيها مصريا (1.90 دولار - 3.20 دولار) يوميا، وفقا لأفراد أسرهم.
وبعد فترة وجيزة من انزلاق الشاحنة في النهر في تلك الليلة المأساوية، هرع القرويون وعمال الإنقاذ إلى الموقع، وتمكنوا من انتشال سبع جثث من النهر.
وعثر على الضحية الثامنة، شروق ياسر التي تبلغ من العمر 16 عاما، بعد سبعة أيام.