"سرقة الثمار".. يني شفق: لهذا تستمر اليونان في محاربة تركيا منذ سنوات

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

انتقدت صحيفة "يني شفق" التركية استمرار رجال الدولة اليونانيين باستهداف أنقرة خلال خطاباتهم في الأشهر الأخيرة. 

وقالت الصحيفة: "لم يمض يوم خلال عام 2021، دون أن يصدر فيه بيان أو تصريح يستهدف تركيا سواء كان ذلك من قبل رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس أو وزير الخارجية نيكولاس دندياس".

وقال جلال الدين يافوز الأكاديمي في جامعة أيفان ساراي بإسطنبول: "اليونان لم تكتف برمي الشجرة بالحجارة، بل نرى أنها تحاول سرقة الثمار والشجرة كلها من جذورها". 

لذلك علينا متابعة التصريحات والخطوات التي يتخذها رجال الدولة اليونانيون في كل ما هو متعلق بتركيا، عن قرب، وفق قوله.

بعين بريطانية

وبحسب يافوز، كانت مشاكل اليونان تتفاقم منذ بداية القرن التاسع عشر وتزداد شيئا فشيئا. 

وتحدث المؤرخ البريطاني الشهير أرنولد توينبي، الذي كان موجودا في منطقة الأناضول كصحفي أثناء الاحتلال اليوناني (1921)، عن "العداء" بين الشعبين اليوناني والتركي.

ونقل الكاتب عن توينبي قوله: "غرق الشعبان التركي واليوناني في غرب الأناضول في كراهية قاتلة تجاه بعضهما البعض، وذلك بعد أن عاشا جنبا إلى جنب في سلام لما لا يقل عن خمسمائة عام".

وأضاف أن "مثل هذه المجازر ما هي إلا شكل متطرف من صراع الدول القومية الحديثة الذي أثارته المثالية الغربية القاتلة بين الجيران الذين هم في أمس الحاجة لبعضهم البعض".

 وتتجلى في ممارسات مثل الاستيلاء على الممتلكات، والتهجير القسري، والتدخل في التعليم والعبادة والتحدث باللغة الأم، والقضاء على فرص المطالبة بالحقوق في المحاكم، بحسب المؤرخ.

وعلق الكاتب: "بينما ينتقد توينبي الدول الغربية بما فيها بريطانيا باعتبارها من حرض على الاحتلال اليوناني، يحاول على الناحية الأخرى الكشف عن الوجه الوحشي والقاسي لأثينا". 

واللافت أن اليونانيين الذين عاشوا مع الأتراك في إزمير والأناضول في سلام، لعبوا دورا في الاحتلال، وتخلوا ما بين ليلة وضحاها عن صداقتهم وحق جوارهم مع الأتراك، ولم يكتفوا بذلك، بل سعدوا بمعاناتهم وألمهم أيضا، وفقا للكاتب التركي.

ويعزو توينبي الدعم الغربي لليونانيين إلى الأسس التالية قائلا: "هناك مستعمرات يونانية في عواصم أوروبا الغربية والولايات المتحدة التجارية والاجتماعية مثل لندن وباريس وفيينا ومانشستر وليفربول ومرسيليا وتريست ونيويورك، وشيكاغو وسان فرانسيسكو".

 إذ تعيش العديد من العائلات اليونانية في الغرب منذ عدة أجيال، وتحصل على المواطنة في هذه البلدان، وفي النهاية تصبح بريطانية أو فرنسية أو أسترالية أو أميركية في كل شيء باستثناء ولائها التقليدي لوطنها الأصلي، بحسب الكاتب.

ويضيف: "على الناحية الأخرى، فإن هذا يسمح للمعارضين الأثرياء والمثقفين من مختلف الطبقات ممن يعيشون خارج بلدانهم، بأن يعملوا على إيصال أصواتهم إلى رجال الأعمال والسياسيين الغربيين والكنائس ورجال الدين وأخيرا وليس آخرا، الصحافة هناك".

إضافة إلى ما قاله توينبي، يمكن ملاحظة أن الثنائي اليونان وقبرص الرومية تطوران مثل هذه الأنشطة المناهضة لتركيا بالنظر إلى أنشطة اللوبي القبرصي اليوناني في الولايات المتحدة الذي يتعاون فيها مع الاتحاد الأوروبي. 

وحاليا، من الواضح أن المشاكل القائمة بين اليونان وتركيا، بدأت تتحول إلى معضلة تتفاقم شيئا فشيئا وتصل إلى طريق مسدود، ناهيك عن حلها، بحسب رأي الكاتب.

رأس المشاكل 

واستدرك يافوز: يمكن القول إن رأس المشاكل وأمها فكرة ميغالي (الفكرة العظمى) والتي تمثل المبدأ الأول لليونانيين. 

ويعبر هذا المفهوم الذي يعود إلى القرن الثامن عشر، عن حلم الشعبين اليوناني وقبرص اليونانية لاستعادة وطنهم، والتوسع خارج شبه جزيرة بيلوبونيز، وإقامة "دولة يونانية مستقلة" تضم بونتوس وتراقيا ومقدونيا وإبيروس وكريت وقبرص، وتكون عاصمتها "القسطنطينية" (إسطنبول).

تحدث عن هذا الحلم الكبير، رئيس الوزراء اليوناني الموالي لفرنسا آنذاك (جورجيوس) كوليتيس خلال المحادثات الدستورية في البرلمان اليوناني عام 1844.

وقال كوليتيس وقتها: "إن مملكتنا لا تعني اليونان، إنها مجرد جزء صغير منها. واليونانيون ليسوا فقط من يعيشون داخل حدود المملكة".

وتابع: "أي شخص ينتمي إلى العرق اليوناني فهو يوناني بغض النظر عن موقع الأراضي التي عاش فيها وفي أي وقت في التاريخ".

 وهناك مركزان رئيسان للهيلينية (اليوننة): أثينا وإسطنبول. الأولى هي عاصمة المملكة أما الثانية فهي العاصمة الرئيسة التي تمثل فرحة وأمل جميع الهيلينيين، وفق كوليتيس.

بعد ذلك، استخدم رجال الدولة اليونانيون فكرة ميغالي التوسعية كعنصر قوة وطنية في المجالات الدبلوماسية والسياسية، حتى تم اعتبارها "واجبا مقدسا". 

وقد دعمت القوى الأوروبية العظمى التي أنشأت "اليونان" الجديدة، هذه الفكرة طالما لم تؤثر بالسلب على مصالحها الشخصية، وفق الكاتب.

وبحسب قوله، كانت جامعة أثينا، تأسست عام 1837، أيضا عنصرا مهما في تعزيز الهوية الوطنية اليونانية والهيلينية. 

إذ أخذت الجامعة على عاتقها مهمة "تدريب الكوادر اللازمة لإدارة الدولة والعمل لنقل الحضارة الغربية إلى الشرق!"، وتبنى الأطباء والصحفيون والمحامون في الجامعة، مبدأ نشر الثقافة واللغة اليونانية بين الأرثوذكس في المنطقة الجغرافية العثمانية من خلال الجمعيات المختلفة.

وعقب قائلا: كان الأرثوذكس يعيشون في مناطق مختلفة من الأناضول في ذلك الوقت ولم يكونوا يملكون ثقافة ولا لغة موحدة.

 فبينما تحدث اليونانيون اليونانية في إزمير وسواحل بحر إيجة وفي بعض أجزاء منطقة كابادوكيا، كان "اليونانيون البونتيك" يتحدثون يونانية تعود إلى العصور الوسطى. 

وعلى الرغم من استخدام الأبجدية اليونانية في بعض القرى، فإن لغتهم كانت التركية، يقول الكاتب.

ثم بعد عام 1881 أصبحت فكرة ميغالي أداة لا غنى عنها للسياسة الداخلية لليونان. 

وكخطوة أولى، حاولت الحكومات ربط جزيرة كريت باليونان، ثم اعتبرت أثينا مركزا لها، مع أن غالبية اليونانيين رأوا في إسطنبول المركز الأول، يلفت الكاتب التركي.

وختم يافوز بالقول: "لطالما احتلت فكرة ميغالي التي تتبنى أيديولوجية التوسع اليوناني، مقدمة الأسباب التي أدت إلى نشوء التوترات بين تركيا واليونان سواء كان ذلك في الماضي أو في الحاضر، حتى كانت لتتسبب في نشوب الحروب بين البلدين".