رغم تبعيتها للرياض وأبوظبي.. لماذا تأخرت البحرين في التطبيع مع قطر؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

على الرغم من انفراج الأزمة الخليجية وعودة العلاقات بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي بعد قمة "العلا" التي عقدت بالسعودية في 5 يناير/ كانون الثاني 2021، فإن الخلافات لا تزال قائمة بين الدوحة والمنامة، ولم تعقد الدولتان أي اجتماعات ثنائية.

وفي ظل غياب المنامة، كان واضحا التقارب الذي حصل بين الدوحة والرياض وأبوظبي، ولاسيما بعد لقاء جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ومستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد في 17 سبتمبر/ أيلول 2021.

توتر متجدد

ولعل آخر صور التوتر التي ظهرت على السطح هو اتهام البحرين لدولة قطر عبر بيان لوزارة الداخلية في 27 سبتمبر/ أيلول 2021 بـ"التحريض عليها عبر إعلامها في إطار ممنهج، والعمل على تجنيد عدد من المواطنين العسكريين والأمنيين البحرينيين" لصالحها.

وقالت الداخلية البحرينية إن "حملات التشويه القطرية المعادية لمملكة البحرين، عبر المنبر التحريضي (قناة الجزيرة) ومن بينها ما بثته من محادثة مزعومة بين شاب بحريني وأحد منتسبي الأجهزة الأمنية، فضلا عن ترديدها المعتاد لمزاعم التعذيب ومنع زيارات النزلاء، وما تسميهم الأطفال المسجونين، تأتي في إطار ممنهج وفي توقيت مدروس".

وأضافت أن "وطأة هذا التحريض تشتد كل عام، بالتزامن مع الاجتماع السنوي للمجلس العالمي لحقوق الإنسان في جنيف".

ولفتت إلى أنه "ليس غريبا هذا الاستهداف من قناة الجزيرة التي ترعاها قطر، ضد البحرين وما حققته من مكتسبات وطنية ومنجزات حضارية، ومن بينها برنامج (العقوبات البديلة) ذلك المشروع الحضاري والإنساني الطموح، الذي أطلقته المنامة ويحظى بتقدير عدد كبير من الدول والمنظمات والخبراء العاملين في مجال حقوق الإنسان".

وأردفت: "كان الأجدى أن تسعى قطر لتطوير قوانينها وبرامجها التي تحفظ حقوق الإنسان، بدلا من الطعن في نجاحات الآخرين"، لافتة إلى أنه "أصبح واضحا ومكشوفا للجميع، منهجية قناة الجزيرة القائمة على التحريض وشراء الذمم في إطار الحملة ضد البحرين وشعبها".

وختمت الداخلية البحرينية، قائلة: "أصبح معلوما كذلك، تلك الممارسات العدائية التي تناقض كل المواثيق والعهود. ومن ذلك ما بثته تلك القناة، أنه محاولة تجنيد لشاب بحريني، في حين أنه ثابت بالأدلة والبراهين، استهداف قطر تجنيد عدد من المواطنين العسكريين والأمنيين البحرينيين".

وكشف برنامج "المسافة صفر" على قناة الجزيرة القطرية في تحقيق عنوانه "الحوض الجاف" عن تعرض ما لا يقل عن 607 أطفال في البحرين لألوان مختلفة من التعذيب بين عامي 2011 و2021، وفق بيانات قضائية وحقوقية حصل عليها البرنامج.

كما عرض الفيلم الذي بثته القناة القطرية في 26 سبتمبر/ أيلول 2021 وثائق للنيابة العامة البحرينية، تكشف أن التحقيقات مع الأطفال المعتقلين تمت دون وجود ذويهم وبلا محامين.

وكشفت مصادر في النيابة بالبحرين للقناة عن وجود أكثر من 150 طفلا في السجون البحرينية.

تأخر اللقاء

وبخصوص مبادرات إنهاء الخلافات بين البلدين، قال وزير الخارجية البحريني عبد الطيف الزياني في 22 يونيو/ حزيران 2021 إن المملكة وجهت دعوتين رسميتين إلى قطر لإرسال وفد من أجل إجراء محادثات ثنائية في المنامة "لتسوية الموضوعات والمسائل العالقة بين الجانبين، تنفيذا لما نص عليه بيان قمة "العلا"، إلا أن الدوحة "لم تستجب".

وكانت البحرين أعلنت، في فبراير/ شباط 2021، أنها أرسلت دعوة أولى في الشهر الذي يسبقه إلى قطر بغية إجراء محادثات، لكن لم تتلق ردا.

لكن الأكاديمي القطري، علي الهيل قال إنه "بعد القمة التي عقدت في السعودية 5 يناير/كانون الثاني 2021، اجتمع الدبلوماسيون القطريون في دولة محايدة، وهي الكويت، باعتبارها صاحبة الوساطة إلى جانب الولايات المتحدة في المصالحة الخليجية، مع نظرائهم من الإمارات في 22 فبراير/شباط، ثم مع دبلوماسيين من مصر في 23 من الشهر نفسه".

بينما لم يبد البحرينيون رغبتهم في الاجتماع مع دبلوماسيين قطريين، وفق ما قال الهيل خلال تصريحات صحفية في 16 يوليو/ تموز 2021.

وبين أن الدعوتين البحرينيتين "لم تكونا لائقتين"، مضيفا "لم أسمع عن مثل هذا العرف السياسي من قبل، أن تقول وزارة الخارجية البحرينية لقطر أرسلي لنا وفدا قطريا لكي نتفاوض معه حول النقاط العالقة. هذا أمر مضحك جدا".

وأشار إلى أن "قطر ترى أن البحرين ليست مؤهلة سياسيا ودبلوماسيا للدخول معها في حوار، أو فيما تسميه المنامة النقاط العالقة. لم تعد ثمة نقاط عالقة؛ فهذه النقاط عفا عليها الدهر، ولم تعد ذات جدوى سياسية أو شعبية"، على حد قوله.

وزاد الهيل قائلا: "رغم أن المصالحة هشة لكن على الأقل مصر والسعودية فتحتا سفارتيهما وأعادت سفيريهما إلى الدوحة، إذن لماذا لا تقتدي البحرين بذلك؟".

وأضاف "إذا كانت البحرين تريد لقاء جادا ونقاشا حقيقيا يعكس ما وقعه ولي عهدها سلمان بن حمد آل خليفة في قمة العلا، فعليها التجاوب مع قطر للاجتماع على الأقل في دولة محايدة، وأن تصوغ الدعوة بصيغة أخرى مختلفة عن الدعوتين السابقتين".

وفي المقابل، قال المحلل السياسي البحريني سعد راشد خلال تصريحات صحفية في 14 سبتمبر/ أيلول 2021، إن "البحرين خاطبت قطر أكثر من مرة، إلا أنها لم ترد ولم تلتزم بما جاء في بيان العلا".

وأضاف أن "قطر لم تلتزم بما نص عليه اتفاق العلا والجلوس على طاولة المفاوضات، وهو ما بادرت به المملكة البحرينية".

وأشار إلى عدم تدخل أي دولة بشأن التجميد الذي استمر عقب اتفاق العلا، إلا أنه يمكن لمجلس التعاون الخليجي أن يبحث الأمر ويلزم قطر بتنفيذ الاتفاق.

أزمة تاريخية

لكن هناك سبب آخر يرى بعض المراقبين أنه قد يكون وراء تأخر تطبيع العلاقة بين الدوحة والمنامة، وهو الخلاف على مدينة "الزبارة" التاريخية غرب دولة قطر، والتي يروج الإعلام البحريني بأحقية المملكة فيها.

المحلل الهيل رأى خلال تصريحات صحفية أخرى في 14 سبتمبر/ أيلول 2021 أن "ما ترتب على الحملات الإعلامية بشأن أحقية المنامة بمدينة الزبارة التاريخية أدى إلى تجميد العلاقات".

وأوضح الهيل في تصريحاته أن "ادعاءات من الجانب البحريني يروجها الإعلام بأحقية المملكة في أرض مدينة الزبارة غرب قطر التي جرى البت فيها من الناحية القانونية في محكمة العدل الدولية منذ وقت كبير (عام 2001)".

وفي ظل عدم التوصل إلى نتائج إيجابية بين الجانبين عاد ملف مدينة "الزبارة" إلى الواجهة من جديد، حيث تناولت صحيفة "الوطن" البحرينية سلسلة حلقات ومقالات عن أحقية البحرين في مدينة الزبارة.

وسميت مدينة "الزبارة" بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرضها، كما يشار إلى أن الاسم نسبة لأهالي "الزبير" الذين وفدوا إليها من جنوب العراق أيضا.

من جهته، يرجع أمجد طه الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط، التباطؤ في إعادة العلاقات بين الدوحة والمنامة إلى ما وصفه بـ"الحساسية التاريخية للنظام القطري تجاه البحرين".

وقال طه خلال تصريحات صحفية في 16 يوليو/ تموز 2021 إن "هذه الحساسية ليست وليدة اللحظة أو اتفاق العلا أو ما قبله، لذلك تتعامل الدوحة مع المنامة بشكل مختلف عن باقي الدول الأربع".

وأوضح رئيس مركز الدراسات خلافات تتعلق بحدود المياه الإقليمية والحدود الجوية بين البلدين، أنه "وفقا للتاريخ، قطر كانت جزءا لا يتجزأ من البحرين"، على حد قوله.

وفي يوليو/ تموز 2018، أثار ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الجدل بادعائه "عائدية" قطر إلى المملكة البحرينية.

ونشرت صحيفة "أخبار الخليج" البحرينية بعنوان "الملك يؤكد حكم وسيادة آل خليفة على قطر منذ 1762".

وقالت إننا "سنظل مع أهلنا في شبه جزيرة قطر شعبا واحدا يجمعنا النسب والتاريخ"، مضيفة أنه "لن يمحى من ذاكرتنا الوطنية ما تعرض له أهلنا في الزبارة من عدوان سنة 1937".

​وعلق أستاذ الأخلاق السياسية، محمد المختار الشنقيطي، في تغريد على "تويتر" قائلا: "يبدو أن إمبراطور البحرين قد قرر ضم دولة قطر إلى أملاك التاج البحريني التي لا تغيب عنها الشمس، أو كلف وزارة خارجيته بابتلاعها ووضعها تحت وصاية مكتب المستعمرات وما وراء البحار".