غياث دلا.. عميد سوري تدعمه إيران يقود الحملة العنيفة ضد درعا

مع عودة درعا مهد الثورة السورية إلى واجهة المشهد، وحشد النظام السوري قواته بدعم إيراني استعدادا لاقتحامها، برز اسم العميد غياث سليمان دلا كقائد للحملة العسكرية عليها.
يعرف دلا المنحدر من بلدة بيت ياشوط بريف اللاذقية بـ"دمويته" واتباعه سياسة الأرض المحروقة في إعادة السيطرة على المدن السورية.
ينتمي إلى إحدى العوائل العلوية المعروفة بولائها المطلق لنظام بشار الأسد، ولهذا وقع عليه الاختيار لقيادة العملية العسكرية على درعا.
يد إيران
عمل غياث في اللواء 42 التابع لمليشيا "الفرقة الرابعة" - دبابات، التي يقودها ماهر الأسد شقيق رأس النظام بشار، قبل أن يتمكن من تأسيس مليشيا خاصة تتبع له بدعم من إيران حملت اسم "قوات الغيث".
ويحسب غياث دلا على المحور الإيراني داخل الهيكلية العسكرية لقوات الأسد، ويوصف بأنه يد ماهر الأسد العسكرية على الأرض.
وبدا أن دلا منذ اجتياح قوات النظام السوري للمدن السورية لإخماد الحراك الشعبي ضد حكم آل الأسد، ينسق عملياته مع المليشيات الشيعية العراقية واللبنانية المدعومة من إيران، وهذا ما تكرر في درعا اليوم.
ولهذا يؤكد موقع "مع العدالة" الذي يعنى بإحقاق مبدأ المساءلة ومنع الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان، أن "قوات الغيث" في بداية تأسيسها تكونت من "حوالي 500 عنصر جلهم من العلويين الذين تم انتقاؤهم على أسس طائفية".
وبالتركيز أكثر على "قوات الغيث"، فهي لا تشبه الألوية والتشكيلات العسكرية في قوات الأسد، حيث لا يلتزم الكثير من عناصرها باللباس الرسمي لقوات النظام ولا بحلاقة الذقن أو الشعر ضمن قواعد الانضباط المتبعة فيه.
ولهذا باتت تلك القوات التي توسعت بعد ضم عناصر أجروا تسويات أمنية مع النظام، تشبه إلى حد كبير مليشيا حزب الله اللبناني، فضلا عن مد "قوات الغيث" بمقاتلين من جنسيات عراقية ولبنانية عند كل معركة تستعد لخوضها.
ودلا على الرغم من أنه ضابط برتبة عميد، إلا أنه دائما ما يخرج بدون رتبة عسكرية على كتفيه.
ولقب غياث دلا الذي يقارب عمره الـ 50 عاما، من قبل مواليه بـ "أسد الغوطتين"، وفي هذا كناية صريحة للجرائم التي ارتكبها في الغوطة الغربية والشرقية بريف دمشق من قتل وتدمير وتهجير.
القائمة السوداء
ورد اسم غياث دلا، ضمن القائمة السوداء التي أعدها رئيس الوزراء السوري المنشق عن النظام رياض حجاب، عام 2019 بالتعاون مع محامين وضباط منشقين عن النظام ارتكبت جرائم بحق السوريين.
وتقدم الائتلاف السوري المعارض حينئذ بطلب لرفع دعوة قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأرسل للمحكمة ملفا يتضمن لائحة بجرائم ضباط وأزلام النظام، بينهم العميد غياث دلا الذي ورد اسمه بتسلسل القائمة في الرقم 87.
وفور ظهور العميد "دلا" في تسجيلات مصورة وهو يحشد قواته وآلياته للهجوم على درعا أخيرا، ضمن الاستعدادات لاقتحامها، استذكر السوريون على مواقع التواصل جرائمه السابقة بحق المدنيين.
وبحسب "مع العدالة"، فإن العقيد غياث دلا شارك كضابط في مليشيا "الفرقة الرابعة" بعملية اقتحام مدينة معضمية الشام بريف دمشق، في 21 أغسطس/آب2012، وأدت لارتكاب مجزرة فيها راح ضحيتها 86 قتيلا.
ليدخلها مرة أخرى في سبتمبر/أيلول عام 2012 ويرتكب مع تلك المليشيا مجزرة ثانية، وثق فيها مقتل 60 مدنيا.
وفي أغسطس/آب 2012 شارك "دلا" فيما يعرف بمجزرة داريا الكبرى، بريف دمشق، والتي راح ضحيتها أكثر من 700 قتيل بينهم أطفال ونساء وعوائل كاملة.
ويشير موقع "مع العدالة"، إلى أنه في مارس/آذار 2013، شنت مليشيا "الفرقة الرابعة" حملة أشد قسوة ضد معضمية الشام بريف دمشق، قتل فيها حوالي 2000 مدني بينهم أكثر من 60 سيدة و100 طفل، وتجاوز عدد الجرحى 3000 آلاف بينهم عدد كبير من أصحاب الإعاقات الدائمة.
وأشار الموقع نفسه إلى أن دلا يتحمل إلى جانب ضباط في مليشيا "الفرقة الرابعة" التي يقودها اللواء ماهر الأسد المسؤولية المشتركة عن الجرائم التي وقعت في تلك الفترة.
مجرم حرب
كان دلا كان على رأس المشاركين في كافة عمليات اللواء 42 دبابات، وبالأخص في داريا وفي معضمية الشام التي جرى اقتحامها وارتكاب أفظع المجازر فيها عام 2016، وفق الموقع.
وكان تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" صدر منتصف ديسمبر/كانون الأول 2011، تحدث عن ممارسات "الفرقة الرابعة" الهمجية في قمع المحتجين، وفي حصارها لمعضمية الشام، وهو ما اضطر أهلها إلى أكل أوراق الشجر، وكان كل من يحاول الخروج أو الدخول إليها يتم قنصه.
ويعتبر دلا أيضا من المشاركين فيما يعرف بمجزرة داريا الكبرى في أغسطس/آب 2012، والتي راح ضحيتها أكثر من 700 قتيل بينهم أطفال ونساء وعوائل كاملة.
كما برزت همجية غياث دلا بصورة واضحة في معركة المليحة بريف دمشق عام 2014، والتي استمرت أكثر من 40 يوما، وانتهت بسيطرة قوات النظام السوري على البلدة بعد تدميرها بالكامل، حيث كانت "الفرقة الرابعة" المشاركة بقيادة دلا آنذاك.
وشارك دلا في معارك حرستا بريف دمشق عام 2018، والتي أسفرت عن تدمير المدينة وتهجير أكثر من 150 ألف مدني، حيث استخدم دلا صواريخ "جولان" التي جلبها اليوم أيضا إلى محيط أحياء "درعا البلد.
وتستخدم صواريخ "جولان" محلية الصنع، بهدف تكثيف النار في المعركة فقط كونها تفتقر إلى دقة التصويب، مما يزيد من وقوع خسائر بشرية ودمار كبير في المنازل.
في تأكيد على دور غياث دلا في ارتكاب جرائم حرب ضد السوريين، أدرجته وزارة الخزانة الأميركية في 20 أغسطس/آب 2020، ضمن حزمة عقوبات ضد مسؤولين في النظام السوري ضمن ما يعرف بـ "قانون قيصر" المصمم لمعاقبة داعمي النظام من جماعات وأفراد ودول.
وتتهم مليشيا "الفرقة الرابعة" بالارتباط المباشر بإيران لميل قائدها ماهر الأسد نحو الكفة الإيرانية وتلقيه الدعم منها، وبالتالي فإن "غياث دلا" ينظر إليه اليوم كواحد من القادة المحسوبين على إيران والساعين إلى تنفيذ إستراتيجيتها في الجنوب السوري.
ولا سيما أن اتفاقية التسوية المبرمة في درعا منتصف يوليو/تموز 2018 تنص بنودها على منع تغلغل مليشيات إيران مسافة 80 كم من الحدود الأردنية.
ودائما ما يوضع "دلا" بوصفه رجل إيران العسكري الأول بسوريا، في الخانة المقابلة للعميد سهيل الحسن قائد "الفرقة 25" المدعوم من روسيا، وذراعها الأول في البلاد.
لكن ما يجمع دلا والحسن هو حالة التبني للأول من إيران والثاني من قبل روسيا، في وقت تعد فيه قوات "الحسن" أكثر عددا وانتشارا ودعما لوجستيا.