معتز عبدالفتاح.. أكاديمي مصري آمن بـ"بعثة السيسي" ويبشر بأفكار العسكر

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وإسقاط حكم الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، بعد 30 عاما في السلطة، تغير وجه الخارطة السياسية في مصر.

إذ حرص رواد الجمهورية الجدد من المجلس العسكري، على استقطاب شريحة الشباب التي قامت بالثورة وكانت عمودها الأساسي. 

هنا ظهر دور رجال بعينهم استخدمهم العسكر في تلك المهمة، وكان في طليعتهم الأكاديمي المصري المعتز بالله عبدالفتاح، الذي كان مجهولا آنذاك.

وضع عبدالفتاح كمستشار سياسي، للدكتور عصام شرف، أول رئيس وزراء بعد الثورة، بينما لم يبلغ آنذاك 39 عاما.

عبدالفتاح تسلسل في أروقة السلطة وتولى العديد من المناصب السياسية والأكاديمية، لكنه حرص دائما على التمسك بخيط القرب من النظام.

ذلك الحرص على القرب من السلطة بدا لافتا بعد الانقلاب العسكري الذي ضرب مصر في 3 يوليو/ تموز 2013، وقاده قائد الجيش عبدالفتاح السيسي.

إذ بشر عبدالفتاح، حينها بالسيسي كرئيس ومنقذ لمصر على حد زعمه، بل إنه تماهى معه في سائر القضايا، بما فيها قضية سد النهضة المصيرية.

وتغافل عبدالفتاح الحالم بالسلطة عن خطايا وأخطاء رئيس النظام، بل حولها إلى بطولة وعبقرية. 

تدوينة مثيرة

أزمة سد النهضة المتصاعدة، وإعلان إثيوبيا الملء الثاني لخزان السد، أقلق المصريين كونه ينذر بعواقب وخيمة على أكثر من 100 مليون مصري.

لكن السيسي كان حينها يدلي بخطابه الشهير يوم 15 يوليو/ تموز 2021، من قلب إستاد القاهرة الدولي، عن مشكلة السد.

وقال باللهجة العامية المصرية، مخاطبا جموع الشعب: "بلاش هري" ومقصد الكلمة "كلام لا يفيد أو شائعات".

رغم أن الجملة تسببت في حالة جدل وغضب، إذ اعتبر أنها تحمل استخفافا بالشعب المصري، لكن الأكاديمي المصري معتز بالله عبدالفتاح كان له رأي آخر.

وكتب في اليوم التالي عبر تدوينة بـ"تويتر": "من غير كلام معقد: أنا مش بس بحب الريس، ومش بس باحترمه لكن أنا مطمئن إن ربنا بعثه لبلدنا".

وأضاف: "وشايف إنه تجسيد لنجاح ثورتي 25 و30.. أخيرا قائد يليق بمصر".

التغريدة لاقت ردود فعل مستنكرة، وتم تداولها على نطاق واسع، للاستدلال على مدى انسحاق السياسي المصري، أمام رأس السلطة، والمبالغة في مدحه والإطراء عليه.

وغرد الناشط عبدالحافظ خليفة، منتقدا: "يا خسارة الدكتوراه والعلم وتعب السنين.. كيف يستقيم العقل والمنطق والسياسة وحتى الاحترام للذات أن تنطق بمثل هذه العبارة".

وأشار لقول عبدالفتاح: "ربنا بعثه لبلدنا"، معلقا: "وكأنه نبي من أنبياء الله أرسله الله إلى شعب مصر". 

عبدالفتاح تكلم بنفس المنطق يوم 7 يوليو/ تموز 2021، واستخدم مصطلحات شعبوية، توحي أن السيسي مبعوث من الله، ومجند بانتقاء عن سائر البشر.

إذ غرد قائلا: "من جنده الله سبحانه وتعالى لحماية مصر من الانهيار، سيجنده الله لحماية مصر من ابتزاز إثيوبيا ومن معها، ومن استفزاز الإخوان ومن معهم".

هذا الطرح أيضا أعقبه هجوم حاد على أفكار وشخص عبد الفتاح، وتساءل الناشط المصري إسماعيل أحمد: "دي وجهة نظرك يا د.معتز".

وأضاف: "بس تقدر تقول بصراحة من أخضعنا أصلا لابتزاز إثيوبيا؟ ووقع اتفاقية بشكل منفرد، لم يستشر فيها أحدا، وكانت نتائجها كارثية على شعب مصر".

وتابع الناشط مخاطبا عبدالفتاح: "وبعدين تقول يخلص مصر من ابتزاز الأحباش، اسمحلي وجهة نظرك ممجوجة". 

صعود ملغم

الطرح المثير للأكاديمي المصري، يسقط الضوء على سيرته الأولى وبداية صعوده، إذ إنه ولد في 12 أغسطس/ آب 1972، وكان أول الجمهورية في الثانوية العامة (القسم الأدبي) عام 1989. 

رغم تفوقه إلا أنه مر بحادثة غريبة، أوردها الكاتب المصري مهدي مبارك، في مقال بصحيفة "البوابة" المحلية، يوم 14 يوليو/ تموز 2015.

مبارك خاطبه قائلا: ارجع بذاكرتك لعام 1989، بدأ معتز رحلة تفوقه، وكان مدمنا للحفظ، ونشرت الصحف صورته كصاحب المركز (الأول - أدبي) بالثانوية العامة.

وأضاف: "الطالب معتز بالله محمد.. الوجه الأصلي لـ(معتز عبدالفتاح)، أنقل ما كتبه أحد النشطاء زملائه على فيسبوك عن حالة (الطالب الحنطور)، في إشارة لوصف أحد زملائه له.

وتساءل: "كيف يفكر؟ وهل يفكر أصلا؟ ولماذا أصبح سياسيا لكل العصور، ومستشارا عابرا للرؤساء، معتز وراءه ألف قصة تستحق أن تروى".

ثم أورد: "عندما سأله المذيع (إيه شعورك وأنت الأول على الجمهورية؟) ترك السؤال، ورد عليه قائلا (أنا بشكر السيد الرئيس حسني مبارك وبشكر ماما سوزان".

ونقل باقي إجابة الطالب عبدالفتاح، وهو يخاطب السلطة مبكرا: "كنت دايما بشوف خطب الرئيس مبارك فى التليفزيون، ونزلت السنة اللي فاتت الانتخابات الرئاسية)". 

وذكر: أنه "بعد قرابة 20 سنة، رأيت ذلك الفتى كثيرا فى الفضائيات بعدما أصبح ذا شأن، واستمر يمارس هوايته (التزلف للحاكم) باحتراف شديد كل يوم".

معتز واصل تفوقه الدراسي، وحصل على ماجستير العلوم السياسية من جامعة القاهرة، ثم ماجستير الاقتصاد ودرجة الدكتوراه في العلوم السياسية من أميركا.

ثم أدار وحدة "دراسات الإسلام والشرق الأوسط" في جامعة ميشيغان في أميركا.

ويكتب الأكاديمي المصري مقالا أسبوعيا في جريدة "الشروق" المصرية، التابعة للنظام، وله العديد من الكتب والأبحاث المنشورة باللغتين الإنجليزية والعربية.

نظرية "الخرم" 

الصعود الأكاديمي والعلمي لأستاذ العلوم السياسية المصري، لم يثنه عن طرح نظريات غريبة، أثارت سخرية واسعة، في كثير من القضايا المصيرية بالغة الأهمية والتعقيد لبلاده. 

فعلى سبيل المثال أطلق تغريدة يوم 23 مارس/ آذار 2021، عن أزمة سد النهضة، وتوقعاته بكيفية تعامل مصر معها.

وقال: "مصر هتعمل خرم (ثقب) في السد، وده (هذا) كفاية جدا"، وذلك في تغريدة أثارت موجة استهزاء واستهجان من متابعين له.

الموقف الآخر تمثل في شرحه ودفاعه عن موقف نظام السيسي، الداعم للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في سباق الانتخابات الأميركية.

إذ نشر أستاذ العلوم السياسية مقطع فيديو ثم تغريدة، بتاريخ 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وكتب يقول: "إيه الفرق بين بايدن وترامب في التعامل مع مصر؟".

وأضاف: "بايدن هيلعب في مناخيرنا وودننا، بس مش هيرجع الإخوان".

ويتخذ معتز موقفا مناهضا للإسلاميين، ومتسقا مع منهج دولة السيسي الرامي إلى إقصائهم وإبادتهم، وهو ما تحدث عنه في إحدى اللقاءات التلفزيونية يوم 31 يناير/ كانون الثاني 2021.

حينها قال في لقائه بفضائية "إم بي سي مصر": إن "الدولة المصرية تخلصت خلال 10 سنوات من أكبر عقبة تواجه الديمقراطية فى مصر وهما المتاجرين بالدين".

وأوضح أن "هناك معدلات نمو جيدة، ويوجد دولة قوية، وليست معادية للدول الأخرى، ومنحاز للرئيس عبدالفتاح السيسي وعايزه يكمل لـ 2030".