يحرج الحكومة.. مجلة إيطالية: حفتر لا ينوي الخروج من المشهد الليبي
.jpg)
ترى مجلة إيطالية أن العرض العسكري الذي نظمته قوات خليفة حفتر يوم 29 مايو/أيار 2021، يؤكد أن الجنرال الانقلابي لا ينوي التنحي أو الخروج من المشهد الليبي.
قالت مجلة "فورميكي" إن قاعدة بنينا الجوية في بنغازي، شهدت تنظيم عرض عسكري، كان من المفترض أن يقام في 15 مايو/أيار، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة لانطلاق العملية العسكرية المسماة "الكرامة" في بنغازي عام 2014 ضد جماعات مسلحة أبرزها تنظيم الدولة.
وفي تقديمه للحدث خلال مؤتمر صحفي نظم في بنغازي مساء 28 مايو/أيار، وصف أحمد المسماري المتحدث باسم مليشيات حفتر، العرض بأنه "الأكبر من نوعه في تاريخ البلاد".
عرض عسكري
وأشار إلى أن العرض "لا يحمل تهديدا لأي طرف، بل هو استعراض سلام وإخلاص للشهداء والجرحى، ولكل من أيد الحرب على الإرهاب والجريمة".
أوردت المجلة أن مئات العسكريين في مقدمتهم عبد الرزاق الناظوري الفريق التابع لقوات حفتر، حضروا العرض، كما شهد مشاركة مركبات مسلحة من كافة الوحدات والفئات بالإضافة إلى سلاح الجو.
في المقابل، لم يحضر العرض أي شخصيات سياسية بارزة باستثناء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وعضو المجلس الرئاسي المستقيل والمعروف بولائه لحفتر، علي القطراني.
وفي الصف الأمامي جلس بالقرب من منصة حفتر، أولئك الذين اعتبروا خصومه الداخليين لكنهم أظهروا بحضورهم أن صفوف قواته لا تزال متحدة بقوة، وفق قول المجلة.
حضر وكيل وزارة الداخلية، فرج قعيم، الذي دخل في صراع مع حفتر عندما عينه رئيس الوزراء السابق فايز السراج نائبا لوزير الداخلية في عام 2017.
كان من بين الحاضرين أيضا صقر الجروشي، الذي حدث بين نجله وسام ونجل الجنرال الانقلابي، بلقاسم حفتر خلاف في شهر فبراير/شباط 2021.
لفتت المجلة إلى أنه على الرغم من تصريحات المسماري حول الأهداف الوطنية للعرض، فإن محللين ليبيين، اعتبروه استعراضا للقوة الغاية من ورائه تأكيد حضور حفتر على الساحة السياسية الليبية وسيطرته القوية على برقة.
بدوره، اعتبر محمود الفرجاني المتحدث السابق باسم قوات حفتر، في حديثه للصحافة المحلية، أن "هذا العرض العسكري تاريخي، خاصة أنه يشهد استكمال تدريب جنود ليبيين، جرى في الداخل والخارج، على أسلحة حديثة متطورة يقع استخدامها لأول مرة على غرار أنظمة دفاع جوي جديدة بالإضافة إلى استلام أكثر من 130 طائرة بدون طيار جديدة".
أفادت المجلة بأن العرض لم يخل من الحوادث وبحسب وسائل الإعلام الليبية، تحطمت طائرة ميغ 21 وأسفر الحادث عن وفاة الطيار جمال بن عامر.
على الطرف المقابل، اعتبر المعسكر الغربي هذه الخطوة بمثابة إهانة فضلا عن تسببها في إحراج للقيادة السياسية بطرابلس، خاصة بعد أن نشر حفتر على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة رسمية للمشاركة في العرض موجهة إلى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، وإلى رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة.
كشفت "فورميكي" أن كليهما لم يرد على هذه الدعوة، في حين صرح المتحدث باسم الدبيبة، محمود حمودة، للمجلة الإيطالية أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية لم يتلق أي دعوة رسمية للحضور.
وبحسب المجلة، لتجنب أي إحراج، توجه المنفي يوم 29 من مايو/أيار إلى تونس في زيارة رسمية، بينما توجه الدبيبة إلى الجزائر العاصمة، حيث تم الاتفاق على إعادة فتح الحدود البرية بين البلدين. كما سافر إلى روما مساء يوم 30 مايو/أيار في زيارة رسمية.
نوهت المجلة بالقول إن ذهابهم إلى بنغازي كاد يحقق غاية سياسية لا تقدر بثمن بالنسبة لحفتر، حيث كان من المحتمل أن يحصل الأخير على اعتراف بكونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو منصب محمد المنفي في الوقت الحالي.
ناهيك عن أهمية حضور رئيس وزراء الحكومة الذي لم تطأ قدمه المدينة منذ تكليفه في فبراير/شباط 2021، والذي كان من المفترض أن يترأس مجلس وزارة ببنغازي في 26 أبريل / نيسان، لكن موالين لحفتر منعوا هبوط موكبه في مطار بنينا.
أردفت المجلة أن العرض العسكري الأخير أثار حفيظة وسخط قوى عملية "بركان الغضب" في غرب ليبيا.
لذلك كشف المتحدث باسم العملية لمجلة فورميكي عبد المالك المدني، عن نية تنظيم عرض عسكري مماثل في ذكرى تحرير العاصمة من قوات حفتر في 4 يونيو/حزيران.
بينما نشر لواء مشاة مصراتة الثالث على صفحته الرسمية على موقع فيسبوك صورا لترسانته من صواريخ سكود الجاهزة للاستخدام، والتي كان قد غنمها من قوات حفتر في هجومها على طرابلس قبل عام.
قلق كبير
على الصعيد السياسي، أشارت المجلة إلى وجود قلق كبير في العاصمة، حيث انتقدت عضو المجلس الأعلى للدولة ومنتدى الحوار السياسي من طرابلس، ماجدة الفلاح في حديثها لـ"فورميكي" الموقف الذي اتخذه أحد أعضاء مجلس الرئاسة الليبي فيما يتعلق بما حدث في بنغازي ووصفته بالغامض والضعيف تجاه حفتر.
وقالت إن "التصريح الصادر عن هذا العضو يوجه رسائل محليا ودوليا تكشف عن انقسام المجلس وأن القائد العام للجيش لا يملك القوة لبسط سيطرته على كامل البلاد.
بالإضافة إلى أنه يشير إلى أننا لم نبلغ بعد مرحلة توحيد المؤسسات العسكرية وهو أحد متطلبات خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية، وفق قوله.
أفادت المجلة بأن الفلاح قصدت بكلامها التصريحات التي أدلى بها العضو عبد الله اللافي الذي طالب، في زيارة لتركيا، بتجنب أي عمل أحادي ذي طبيعة عسكرية من قبل أي طرف، بما في ذلك إجراء التدريبات والتحركات الميدانية والاستعراضات العسكرية، لتفادي المزيد من الانقسامات.
بينت المجلة أن تصريحات اللافي تعكس أجواء متوترة بعض الشيء في ليبيا، ففي حين تعمل حكومة الوحدة الوطنية، بدعم من الأمم المتحدة، للتمهيد للانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول، تجري مليشيات حفتر وقوات عملية "بركان الغضب" استعدادات ميدانية لصراع عسكري محتمل.
وذكرت في هذا الإطار أن وسائل الإعلام الليبية الموالية لطرابلس، ولا سيما التي تبث من تركيا، تعرض كل يوم صورا مسربة أو تقارير عن أنشطة مرتزقة فاغنر الروس في الجفرة وسرت وأيضا وصول المزيد من المرتزقة السوريين على متن طائرات تغادر من قاعدة حميميم الروسية في سوريا لدعم حفتر.
علاوة على ذلك، تشرح المجلة بأنه لا توجد بوادر مشجعة من البرلمان ومن منتدى الحوار السياسي، وذلك بعد أن أرجأ مجلس النواب في طبرق المصادقة على مشروع قانون موازنة 2021 المطروح من حكومة الوحدة الوطنية.
أعلن الناطق باسم مجلس النواب الليبي، عبد الله بلحيق، أنه تقرر تشكيل لجنة لإعداد ملاحظات حول قانون الموازنة، ودعوة وزير المالية للرد على تساؤلات النواب لاسيما وأن العديد من البرلمانيين يواصلون الطعن في حجم الإنفاق الوارد في الميزانية.
وبدوره، يشهد منتدى الحوار الليبي المقام تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم، خلافات حول المصادقة على القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات المقبلة.
أوضحت افتتاحية صحيفة ''الشرق الأوسط'' العربية الصادرة في لندن، أنه بعد يومين من النقاشات الساخنة، انتهى اجتماع عبر الفيديو لمنتدى الحوار السياسي الليبي دون التوصل إلى اتفاق ملموس على القواعد الدستورية للانتخابات، ينص على صياغة مقترح لتمريره إلى البرلمان ومن ثم المصادقة عليه من قبل المجلس الأعلى للدولة.
وبحسب الصحيفة "السعودية"، ظهرت خلافات جديدة حول الدستور وآلية انتخاب الرئيس المقبل.
وهو ما دفع المبعوث الأممي يان كوبيس للقول إن "العديد من التدخلات أثارت مشاكل كما لو أنها تحاول إيجاد حلول لجميع المشاكل المتراكمة في ليبيا في السنوات العشر الماضية".
وخلصت المجلة إلى القول إن كل هذا يحدث بينما يعود رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح، للتقرب أكثر فأكثر من حفتر.
ومن ناحية أخرى يؤدي رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، زيارة إلى تركيا. لذلك من الواضح أنه يوجد في طرابلس وبنغازي من لا يثق بالسياسة الليبية ويستعد لأي احتمال.