عداء ترامب لمؤسس أمازون.. كيف أضر بالأمن القومي الأميركي؟

واشنطن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

بدأت محكمة أميركية نظر دعوى قضائية، رفعتها شركة أمازون ضد حكومة الولايات المتحدة ومايكروسوفت، بعد أن رفض قاض فيدرالي طلبا برفض القضية.

تتعلق الدعوى بنجاح مايكروسوفت في الحصول على عقد JEDI للحوسبة السحابية بقيمة 10 مليارات دولار مع وزارة الدفاع الأميركية، وهو القرار الذي تقول أمازون إنه تأثر بكراهية الرئيس السابق دونالد ترامب للشركة ورئيسها التنفيذي جيف بيزوس.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست وموقع بلومبيرغ، أنه يمكن استدعاء ترامب ووزير الدفاع السابق جيم ماتيس للشهادة، بعد أن رفضت القاضية، باتريشيا كامبل سميث، طلبا لرفض القضية في 28 أبريل/نيسان 2021.

تعد كل من أمازون ومايكروسوفت من رواد الصناعة في سوق الحوسبة السحابية، ولكن كان ينظر إلى الأولى على أنها ستتفوق على منافستها في تأمين عقد JEDI.

وعندما تم الإعلان عن فوز مايكروسوفت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، لم تتردد أمازون في تسجيل اعتراضها، متهمة ترامب بالضغط على الحكومة لاختيار منافستها.

سجل مقلق

هناك أدلة كثيرة على كراهية ترامب لأمازون، خاصة بعد شراء مالكها بيزوس لصحيفة واشنطن بوست، والتي ادعى الرئيس السابق اتباعها لأجندة سياسية ضده في تقاريرها. 

تتضمن الأدلة على نفوذ ترامب، وفق موقع "ذا فيرج" الأميركي، تقارير تفيد بأنه أخبر ماتيس مباشرة بأن "يفكك أمازون" من عقد بقيمة 10 مليارات دولار.

ردا على الأخبار، قالت مايكروسوفت إن الحكم لن يحدث فرقا.

وقال فرانك شو، رئيس الاتصالات بشركة مايكروسوفت في بيان، "ليس مرة واحدة، بل مرتين، اختار موظفو المشتريات المحترفون في وزارة الدفاع شركتنا بعد مراجعة شاملة"، مشددا على أن "العديد من العملاء الكبار والمطورين يتخذون نفس الاختيار كل أسبوع".

أشادت أمازون بالقرار، وأشار نائب رئيس الاتصالات في الشركة، درو هيردنر، إلى وجود سجل "مقلق" لترامب الذي كان يمارس نفوذه بشكل غير صحيح. 

وقال هيردنر: "ما زلنا نتطلع إلى مراجعة المحكمة للعديد من العيوب المادية في تقييم وزارة الدفاع، ونحن ما نزال ملتزمين تماما بضمان وصول الوزارة إلى أفضل التقنيات بأفضل الأسعار".

على الرغم من أن القضية ما زالت بعيدة عن التسوية، فمن الممكن أن يؤدي مجرد التهديد بمعركة قضائية طويلة الأمد إلى تغيير النتيجة.

وفي مذكرة أصدرتها في يناير/كانون الثاني 2021، ألمحت وزارة الدفاع بذلك، قائلة إن: "احتمالية الدخول في هذه الإجراءات القضائية الطويلة قد تجعل مستقبل مشتريات JEDI Cloud موضع تساؤل".

وفي بيان لها، قالت وزارة الدفاع، إن ترامب لم يلعب أي دور في القرار، فيما قالت مايكروسوفت إن "مزاعم أمازون" بالتحيز تفتقر إلى الأدلة وأنها مستعدة لتوفير التكنولوجيا اللازمة للجيش.

الأمن القومي يتضرر

يعمل جزء كبير من الجيش الأميركي على أنظمة كمبيوتر قديمة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، وقد أنفقت وزارة الدفاع مليارات الدولارات في محاولة لتحديث تلك الأنظمة مع حماية المواد السرية.

في فبراير/شباط 2021، أمرت القاضية باتريشيا كامبل سميث مايكروسوفت بالتوقف عن العمل على الصفقة حتى يتم حل الطعن القانوني الذي تقدمت به أمازون.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون)، إن التأخير لم يكن ضروريا، وأنه أدى إلى تراجع جهود تحديث تكنولوجيا الوزارة.

وحذر البنتاغون الكونغرس في يناير/كانون الثاني من أنه سيلجأ إلى طرق أخرى لتلبية حاجة وزارة الدفاع لتكنولوجيا الحوسبة السحابية، إذا وافقت المحكمة على سماع الحجج حول دور ترامب.

قال مكتب كبير مسؤولي المعلومات بوزارة الدفاع في رسالة سلمت إلى الكونغرس إن الادعاءات القائلة بأن ترامب قلب الموازين ضد أمازون "ستحتاج إلى التقاضي بشكل موضوعي" وستتطلب شهادات من كبار مسؤولي البنتاغون ومساعدي البيت الأبيض السابقين. 

وأضافت الرسالة، بأن الأولوية القصوى لوزارة الدفاع يجب أن تكون نقل التكنولوجيا إلى أيدي العسكريين، وأن المزيد من التأخير سيكون غير معقول، موضحة: "يتجاوز هذا المطلب أي عملية شراء، وسنكون مستعدين لضمان الوفاء به بطريقة أو بأخرى".

في وقت سابق من أبريل/نيسان 2021، ضغطت وزارة الدفاع على المحكمة لتحديث الجدول الزمني للقضية، وكتب بريان بوينتون، القائم بأعمال مساعد المدعي العام، في ملف المحكمة: "استمرار التأخير يستلزم استمرار -وإلى حد ما مضاعفة- تداعيات على الأمن القومي".

تراشق بالاتهامات

خارج أزمة "JEDI"، لدى ترامب خلافات كبيرة وعلنية مع أمازون ورئيسها التنفيذي جيف بيزوس، وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، اتهم ترامب الشركة بالاحتيال في أسعار تسليم خدمات البريد.

وبعدها أشار ترامب إلى صحيفة واشنطن بوست (التي يملكها جيف بيزوس) باعتبارها "أداة روسيا" لتغطية إعلامية غير نزيهة.

في فبراير/ شباط 2019، اتهم جيف بيزوس، أغنى رجل في العالم، مجلة ناشيونال إنكوايرر الأميركية، المعنية بنشر الفضائح والإشاعات المتعلقة بحياة المشاهير، بمحاولة ابتزازه بصور "فاضحة".

ولمح بيزوس لدور محتمل لترامب، صديق الناشر، وربما للسعودية إثر تغطية صحيفة واشنطن بوست التي يملكها لقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وقال إن شركة أميركا ميديا المالكة لناشيونال إنكوايرر، تريده أن يوقف تحرياته بشأن كيفية حصولهم على رسائله الخاصة.

وكان بيزوس وزوجته ماكنزي قد أعلنا طلاقهما مطلع 2019، وبعد ذلك بساعات، نشرت المجلة التفاصيل بما في ذلك الرسائل الخاصة بعلاقة خارج إطار الزواج. 

قال بيزوس إن امتلاكه للواشنطن بوست خلق له "أعداء أقوياء" من بينهم ترامب صديق ديفيد بيكر رئيس أميركا ميديا.

وأضاف قائلا: "إن بعض الأقوياء الذين تعرضوا لتغطيات واشنطن بوست يستنتجون بالخطأ أنني عدو لهم، وترامب أحدهم من خلال تغريدات عديدة، كما أن تغطية الصحيفة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جعلتها بالتأكيد لا تحظى بشعبية لدى بعض الدوائر."

وكانت شركة أميركا ميديا، قد اعترفت بأنها نسقت مع حملة دونالد ترامب الرئاسية لدفع مبلغ 150 ألف دولار لعارضة مقابل صمتها بشأن علاقتها مع الرئيس السابق.

لمح بيزوس حينها، إلى احتمال وجود دور سعودي من وراء الكواليس، ونوه إلى دور "واشنطن بوست" في تغطية مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.

وكتب بيزوس:" لأسباب لم تكشف بعد، تبدو الزاوية السعودية وكأنها تضرب عصبا حساسا لدى شركة أميركان ميديا".

أسباب العداء

في 2013 حصل جيف بيزوس على صحيفة واشنطن بوست، التي يصفها ترامب بصحيفة الأخبار الكاذبة، مقابل 250 مليون دولار.

لم يكن ترامب حينها يكره بيزوس بهذه الشدة، ففي 2014 قبل ترشحه للرئاسة، أشاد به في تغريدة على تويتر جاء فيها "إن كنت تريد أن تصنع أعداء لا تخترع أبدا شيئا جديدا".

كان المقصود اختراع بيزوس شعار واشنطن بوست المستفز للديمقراطيين: "الديموقراطية تموت في الشفق".

وبعدها رصدت الصحيفة في تحقيقات بالأدلة الفساد والتعسف في استخدام السلطة في زمن دونالد ترامب ليصبح بيزوس بذلك عدوا للأخير.

ومنذ نهاية 2015 ركزت واشنطن بوست على سياسة القمع التي يروج لها المرشح وقتها دونالد ترامب ضد المهاجرين المسلمين، لتعلن الحرب رسميا بين الرجلين.

وكتب ترامب في تغريدة بتاريخ في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2015، أن "واشنطن بوست تخسر المال حسبما أتصور وتمنح مالكها جيف بيزوس سلطة الاحتيال على الجمهور بشأن الضرائب الضعيفة المطبقة على أمازون.. إنه ملاذ ضريبي جميل"، وأضاف: الصحيفة تستخدم كجماعة ضغط ولذلك عليها أن تسمى بهذا المسمى.

تذهب تقارير صحفية إلى أن واشنطن بوست ليست السبب الوحيد في عداء الرجلين، بل الثروة أيضا.

ففي مارس/آذار 2018، أصبح جيف بيزوس الرجل الأكثر ثراء في العالم وفق قائمة مجلة فوربس بثروة قدرت بـ 112 مليار دولار.

كان الخبر صعبا على ترامب الذي كانت تقدر ثروته بـ 3.5 مليارات دولار يوم تنصيبه، لكنه خسر 400 مليون دولار في السنة الأولى من ولايته.

احتل ترامب في عام 2018 المرتبة 766 في قائمة أغنى رجال الأعمال في العالم، ليتراجع بـ 200 رتبة في القائمة ذاتها، أما بيزوس فقد  تصدر قائمة مجلة فوربس، وحافظ على رتبته للعام الثالث على التوالي إلى غاية 2020. 

وزاد تراجع تصنيف ترامب بعد أن أثر فيروس كورونا بشدة على نشاط المباني الإدارية والفنادق والمنتجعات التابعة له.

وفي قائمة 2020، تراجع ترتيب ترامب إلى المرتبة 352 نزولا من 275، بعد انخفاض صافي ثروته إلى 2.5 مليار دولار من 3.1 مليار دولار.