"فشل الرهان".. لوموند: لهذا خسرت فرنسا كلا الجانبين في الجزائر

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت صحيفة فرنسية أن "دعم الإليزيه للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لم يكن كافيا لنزع عدوانية الجنرالات الجزائريين، رغم أنه أثار استياء الشباب المحتجين ضد فرنسا".

وقالت "لوموند" إن "ما حدث في 8 أبريل/نيسان 2021، هو سابقة في العلاقات بين الحكومتين الجزائرية والفرنسية، إذ اتهم وزير العمل الجزائري، الهاشمي جعبوب، فرنسا بأنها: العدو التقليدي والأبدي لبلاده".

وأضافت أن "هذا التصريح يثير الصدمة أكثر لأنه يأتي في إطار نقاش حول السياسة الداخلية في مجلس الشيوخ قبل يومين من زيارة رئيس وزراء فرنسا جون كاستكس إلى الجزائر العاصمة، على رأس وفد وزاري رفيع المستوى".

وبعد ساعات من "تهجم" جعبوب، أعلنت الجزائر رسميا إلغاء رحلة رئيس الوزراء الفرنسي لأسباب بروتوكولية، فيما يحاول الصحفي ماتينيون تبرير هذا التأجيل إلى أجل غير مسمى من خلال الوضع الصحي، وفق "لوموند".

واستدركت: "لكن مثل هذا الازدراء يوضح أخطاء السياسة الجزائرية التي انتهجتها باريس منذ أكثر من عام، حتى مع استئناف الاحتجاج السلمي للحراك، الذي أوقفته الأزمة الصحية، مرة أخرى في فبراير/شباط الماضي".

فشل الرهان

وأفادت الصحيفة بأن " الرئيس إيمانويل ماكرون يغذي بطموح محترم للغاية سبل التوفيق بين الذاكرة الفرنسية والجزائرية". 

وتابعت: "لا بد أنه كان يكبح جماحه خلال العهدة الأخيرة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة المحتضر، والذي ضحى به الجنرالات أخيرا، في أبريل/نيسان 2019 ، في مواجهة الاحتجاج الشعبي، لكن الرئيس الفرنسي لم يأخذ في الحسبان المعطيات الجديدة التي فرضها الحراك". 

لذلك اعتقد أن تبون، الذي انتخب في ديسمبر/كانون الأول 2019، بنسبة امتناع عن التصويت بلغت 60 بالمائة، يمكن أن يكون شريكه في "هذا العمل الفرنسي الجزائري العظيم"، بحسب "لوموند".

وأردفت أن "كان هذا من أجل نسيان أن تبون لا يمثل سوى الواجهة المدنية لنظام ما زال متمسكا بقوة بالتسلسل الهرمي العسكري الأعلى، وأن هؤلاء الجنرالات ليس لديهم مصلحة في التوفيق بين الذكريات، الأمر الذي من شأنه أن يثير التساؤل حول خطابهم المتعلق بإضفاء الشرعية من خلال الثورة الوحيدة المناهضة للاستعمار". 

وبهذا أقروا حكاية "ملايين الشهداء" الجزائريين، وهو ما دفع تبون، في مايو/أيار 2020، إلى اتهام فرنسا بارتكاب مذبحة في حق "أكثر من نصف الشعب الجزائري"، تقول الصحيفة الفرنسية.

وأضافت "بعد الضغط عليه للمضي قدما، تجاهل ماكرون هذه الاعتبارات وتعهد في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بفعل كل ما كان ممكنا لمساعدة تبون، الذي وصف بالشجاع". 

أثار هذا الإعلان ضجة في المعارضة التي نددت بـ "تدخل" فرنسا، خاصة وأن تبون كان حينها يضرب، مع 3 أشهر تراكمية، "الرقم القياسي" في دخول المستشفى في الخارج، الذي كان يحتفظ به بوتفليقة في السابق. 

واصل قصر الإليزيه اتباع جدوله الزمني، إذ قدم المؤرخ بنجامين ستورا إلى رئيس الدولة الفرنسية، في يناير/كانون الثاني 2021، تقريرا يجمع "بين الصرامة الأكاديمية والطلب الشعبي".

وبعدها، تم الاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في وفاة المناضل علي بومنجل في مارس/آذار 1957، في حين تم تسهيل الوصول إلى أرشيفات الحرب الجزائرية. 

ولا يقتصر الأمر على أن الجانب الجزائري لا يفعل شيئا في المقابل، ولكن مستشار تبون للذاكرة اختصر تقرير ستورا ليصبح "تقريرا فرنسيا فرنسيا"، في حين رفع رئيس الأركان اللهجة ضد فرنسا، وفق "لوموند".

مناهضة متزايدة 

من جانبه، تحدى الديمقراطي الاشتراكي كريم طابو، الشخصية الأكثر شعبية في الحراك، والذي سجن لمدة 10 أشهر من 2019 إلى 2020، ماكرون علنا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بقوله: "بقدر ما لا نتوقع أي دعم منك، كان تعنتك مفهوما على المستوى الأخلاقي عند الشعب الجزائري". 

وواصل قائلا: "من ناحية أخرى، فإن دعمك الظاهر للنظام الجزائري، وهو أحد أكثر الأنظمة التي تطمس الحرية في البحر الأبيض المتوسط، يكشف عن سوء نيتك ونفاقك السياسي". 

وأكد أن "احتجاجات الحراك، التي عادت من جديد في 22 فبراير/شباط الماضي، تتميز الآن بشعارات مناهضة لفرنسا بضراوة غير مسبوقة".

وعلقت لوموند قائلة: تم تصنيف ماكرون وفرنسا على أنهما "شريكان" للجنرالات و"النظام العسكري" القائم منذ 1962، والذي يريد المحتجون أخيرا استبداله بـ"سلطة مدنية وديمقراطية". 

وأشارت إلى أن "هذا الكفاح من أجل الاستقلال الجديد للبلاد، الذي استهدف حتى الآن الطبقة الحاكمة في الجزائر العاصمة، يثير الآن تساؤلات حول المستعمر السابق". 

ولفتت الصحيفة إلى أن "مثل هذا الغضب ضد فرنسا ملحوظ بشكل خاص بين المتظاهرين الشباب الذين هتفوا في 13 أبريل/نيسان الجاري، (فرنسا عادت، لكن الثورة لا تزال هنا)"

واستدركت قائلة: إن "الشعب التونسي امتلك  بعد الإطاحة برئسيه الراحل زين العابدين بن علي عام 2011، أناقة عدم مؤاخذة فرنسا على دعمها الثابت للديكتاتور المخلوع". 

وأوضحت أنه "على الأقل، أظهر النظام التونسي، حتى سقوطه، قربه من باريس، في الوقت الذي تراكم فيه فرنسا في الجزائر استياء كل من السلطات والحراك". 

واعتبرت لوموند أن "عدم رد الفعل من باريس على استفزاز جعبوب يشجع إستراتيجية التوتر لدى القادة الجزائريين". 

وهكذا، وجه المتحدث باسم الحكومة الجزائرية، عمار بلحيمر، في 10 أبريل/نيسان الجاري، تهديدات مبطنة للسفير الفرنسي متهما إياه بالارتباط كثيرا بالمعارضة. 

وردت وزارة الخارجية الفرنسية هذه المرة، معبرة عن "استنكار" مثل تلك "الهجمات التي لا تعكس جودة العلاقات الثنائية ولا ديناميات تقويتها".