لسحب مونديال 2022.. كيف تواصل الإمارات تآمرها ضد قطر رغم المصالحة؟

لندن - الاستقلال | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم توقيع دول رباعي الحصار (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) على بيان قمة "العلا" في 5 يناير/ كانون الثاني 2021 بالمملكة العربية السعودية للمصالحة مع قطر، إلا أن بعضهم لم يكن يحمل نوايا إصلاح حقيقية ويبدو أنه وقع على المصالحة الخليجية مكرها.

الإمارات التي تحدثت تقارير عن تجرعها "كأس السم" بعقد مصالحة مع عدوتها اللدودة قطر، ما زالت تتحرك ضد الدوحة سلبا، وتشن حروبا مستترة في أوروبا ونقاط أخرى على أمل تشويه سمعتها وسحب استضافة مونديال 2022 منها.

أبوظبي استعانت في حملاتها تلك بشركات أوروبية رائدة، ورجال أعمال واستخبارات نافذين في بلادهم للتأثير على الرأي العام الأوروبي، فكيف خططت الإمارات لتلك الحملات؟ وكيف جابهت قطر تلك المساعي غير الحميدة؟.

حملات مضادة 

شركة الاستخبارات السويسرية "بلوتيو أيه جي" التي يترأسها الممول السويسري "صموئيل دانيلوفيتش" كشف أنها تدير عقدا بملايين الدولارات لتنسيق حملات التأثير والتشويه المضادة لقطر في أوروبا لصالح الإمارات، خاصة فيما يتعلق بتنظيم كأس العالم 2022.

وفي عددها الصادر بتاريخ 13 يناير/ كانون الثاني 2021، كشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، دور الشركة، ورئيسها "دانيلوفيتش" المقيم في مدينة لوسيرن السويسرية، في شن حملات مشبوهة لصالح أبو ظبي، ضد الدوحة أشد خصومها في الخليج العربي.

وذكرت المجلة الفرنسية أن الشركة السويسرية تتمتع بنفوذ واسع في أوروبا، ويشغل عضوية مجلس إدارتها، كل من "أوجست هانينج" الرئيس السابق لدائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، و"هانس ويجمويلر"، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإستراتيجية في سويسرا.

إضافة إلى المحقق الخاص "ثورستن ميليس"، مؤسس شركة "بريفنت أيه جي"، الرائدة في مجال الاستخبارات الهجومية في ألمانيا، والأخير مقرب من "هانز جورج ماسن"، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الداخلية في ألمانيا، ويتمتع بنفوذ كبير في بلاده.

وذكر التقرير أن بين شركة "بلوتيو أيه جي" وأبو ظبي، علاقات أبعد من حملات الدعاية ضد قطر، وذلك من خلال شركة "أكويلا أيروسبيس" المتخصصة في تكامل الطائرات، والتي أسسها الحرس المقرب من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

وأوضح التقرير أن "دانيلوفيتش"، بدأ مسيرته المهنية في لندن مع إلمان حسينوف، الذي يشغل عضوية مجلس إدارة "أكويلا". 

قطر ترد 

استعانة الإمارات بشركة "بلوتيو أيه جي" السويسرية، لم يكن جزافيا، حيث أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عاصمته مدينة زيورخ في سويسرا، وهناك يقع المقر الرئيس للفيفا، وبالتالي فإن التداعيات السلبية لحملات التشويه الخاصة بكأس العالم سيكون لها أشد الأثر. 

من جانبها، كانت الدوحة نشطة بالمثل، وتحركت بقوة ضد مؤامرات أبوظبي، حيث كثف المحققون الذين كلفتهم قطر بعمل التحقيقات الخاصة ومجابهة حملات التأثير، لا سيما في القضايا المتعلقة بالاتحاد الدولي لكرة القدم.

كذلك عملت الدوحة على مهاجمة الصحفيين وجماعات الضغط الموالية للإمارات، لا سيما شركة "كورنرستون جلوبال" المملوكة لغانم نسيبة وهو فلسطيني الأصل ومقرب من أبو ظبي، ومن أشد داعمي التطبيع مع إسرائيل، وقد حركته الإمارات لما له من علاقات مع اللوبي الإسرائيلي في أوروبا، للمساعدة في الحملات ضد قطر، وملف تنظيم كأس العالم.

وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول 2019، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الإمارات مولت حملات في لندن لانتزاع استضافة كأس العالم 2022 من قطر.

وذكرت الصحيفة أن "الحملات الإماراتية حاولت المبالغة في تصوير القلق على حقوق العمال في قطر، في إشارة إلى العمال الذين يقومون بتشييد الملاعب والمنشآت المونديالية". 

وقالت إن "الحملات الإماراتية تضمنت اتهامات للمسؤولين القطريين بدفع رشى لنيل استضافة كأس العالم، الذي سيقام لأول مرة في فصل الشتاء".

وبناء على تلك المستجدات، والأحداث السابقة، حركت الحكومة الفيدرالية السويسرية، قسم خدمات الأمن الخاص (SSSP)، الذي يترأسه "فولفيو ماسارد" وتشرف عليه وزارة الخارجية، لمراقبة حملات التأثير السرية تلك، لضمانة عدم إضرارها بمصالح البلاد.

تسريبات فاضحة 

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، كشف موقع "إنترسبت" الاستخباري الأميركي، أن واحدا من الأهداف الرئيسة لحصار الدوحة، تكمن في عرقلة مشاريع المونديال الجارية على قدم وساق، ومن ثم استخدام حملة علاقات واسعة حتى داخل الفيفا، للتأكيد على أن قطر لن تكون قادرة على استضافة الحدث.

وأفصح الموقع الأميركي عن وثائق خطيرة حول سعي الإمارات لسحب تنظيم كأس العالم من قطر، مستندا إلى وثائق حصل عليها من البريد الإلكتروني لسفير أبوظبي في واشنطن، يوسف العتيبة.

وأظهرت تلك المستندات أدلة على سعي أبوظبي لسحب تنظيم المونديال من قطر، باستخدام ملايين الدولارات، وفتح عدة جبهات ضد ملف قطر، وصولا إلى إجبار الدوحة على التخلي عن استضافة مونديال 2022.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، كشفت وكالة رويترز أن الإمارات استأجرت محللا سابقا في وكالة الأمن القومي الأميركي، لقرصنة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمسؤولين القطريين ومسؤولي الفيفا، على أمل العثور على أدلة تدين قطر بشأن ملف استضافة كأس العالم.

ورقة مقايضة 

صحيفة "فايننشال تايمز" أظهرت حجم التربص الإماراتي بقطر، تحديدا في ظل أجواء الحصار الخانق الذي فرض على الدوحة.

وفي 8 مارس/ آذار 2019، نقلت الصحيفة عن رئيس الهيئة الرياضية الإماراتية محمد خلفان الرميثي قوله: "سلموا جزءا من كأس العالم تسلموا من الحصار. إن مشاركة الإمارات في تنظيم مونديال 2022 مع قطر يمكن أن تكون علاجا للأزمة الخليجية القائمة".

وهو ما دفع المتحدث باسم اللجنة القطرية العليا للمشاريع والإرث خالد النعمة، للتصريح بأن "قطر اعتادت على مواجهة هذه المؤامرات حتى قبل فوزها بحق استضافة بطولة 2022، مما جعلها أكثر دولة تدار ضدها هذه الحملات في أروقة السياسة ودوائر التأثير في المؤسسات الرياضية الدولية".

وأضاف أن بلاده "بذلت الكثير في سبيل الوفاء بالتزاماتها حتى تجاوزت كل الصعاب".

وأكد الأمين العام للجنة حسن الذوادي، خلال مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، على قدرة الدوحة على "التغلب على العقبات اللوجستية التي تسبب فيها الحصار، وأن أعمال البناء مستمرة بزيادة في الحدود الدنيا على التكاليف".

وأضاف: "عندما بدأ الحصار اتصلنا بالمتعاقدين الرئيسيين، ووضعنا سلاسل توريد بديلة، كما تمكنا من الحصول على مواد بديلة من موردين بدلاء. لقد تعرضنا للهجوم والانتقادات منذ سنين، لكننا نواجه هذه الانتقادات، ومشاريعنا تسير كما هو مقرر، وهذا الحصار لا يشكل أي خطر على استضافة كأس العالم".

مسألة انعدام الثقة بين الدوحة وأبو ظبي تحدثت عنها صحف دولية عديدة، وفي 6 يناير/ كانون الثاني 2021، أكدت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أنه "رغم تأكيد البيان الختامي لقمة العلا بالسعودية على عودة العلاقات الكاملة بين قطر ودول المقاطعة واحترام مبادئ حسن الجوار، إلا أن انعدام الثقة ما يزال قائمًا، خاصة بين قطر والإمارات، وأن جذور التوتر لم يتم التطرق إليها".

وقالت "لوفيغارو" إن ما حصل هو تخفيف لحدة التوتر، أكثر من كونه مصالحة إقليمية واسعة النطاق"، وأضافت: "أشك في أننا نشهد تكثيفًا مفاجئًا للتعاون بين الدول الخليجية التي فشلت حتى في جعل قدراتها العسكرية متوافقة منذ 40 عاما، والتي لها مصالح وسياسات متباينة تجاه القوى الخارجية".