حبيب نور محمدوف.. رياضي عالمي مسلم ومرشح محتمل لرئاسة داغستان

فاجأ البطل الروسي، حبيب نور محمدوف، الجميع بإعلان اعتزاله بعد فوز مثير حققه على خصمه الأميركي جاستن غايتجي، في مواجهة حبست الأنفاس تمكن فيها من الاحتفاظ بلقب بطل العالم في الفنون القتالية المختلطة لمنظمة "يو إف سي" المقامة في أبوظبي.

"حبيب" أرجع سبب إعلان الاعتزال في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، إلى رحيل والده عبد المناف، الذي توفي متأثرا بإصابته بفيروس كورونا قبل نحو 3 أشهر، بالقول: "اليوم، أريد أن أقول، كان هذا قتالي الأخير. من المستحيل أن آتي هنا دون والدي".

مصارع الدببة

ولد حبيب عبد المناف نور محمدوف لأسرة مسلمة في 20 سبتمبر/أيلول 1988 بقرية سليدي في منطقة تسومادينسكي من داغستان، وهي جمهورية تتمتع بالحكم الذاتي في روسيا، وكانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقا.

انتقل إلى مدينة "محج قلعة اليوم" عاصمة جمهورية داغستان، حيث قضى فيها طفولته، وهو الثاني من بين 3 أطفال، بمن في ذلك الأخ الأكبر محمد وأخته الصغرى أمينة.

عاش بعدها لفترة قصيرة بمدينة كييف عاصمة أوكرانيا، ثم انتقلت عائلة والده من منطقة تسومادنسكي، إلى كيروف آول، حيث قام والده بتحويل الطابق الأرضي من المبنى المكون من طابقين إلى صالة رياضية.

نشأ حبيب نور محمدوف في المنزل مع إخوته وأقاربه، حيث بدأ اهتمامه بفنون القتال عند مشاهدة الطلاب يتدربون في صالة الألعاب الرياضية، وفي الثامنة من عمره دخل رياضة المصارعة تحت وصاية والده عبد المناف نور محمدوف.

ومن أكثر اللقطات التي اشتهر بها البطل الأسطوري حينما كان صغيرا بعمر 9 سنوات، حيث ظهر عام 1997 وهو يصارع دبا صغيرا جلبه له والده، وهي من أكثر اللقطات التي شهدت انتشارا عالميا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلت حبيب واحدا من أكثر المقاتلين قوة في التاريخ.

وفي عام 2001، انتقلت عائلته إلى محج قلعة، حيث تدرب على المصارعة وهو في سن الـ 12، والجودو من سن 15 عاما. وبدأ التدريب في لعبة السامبو القتالية مرة أخرى في عمر 17 عاما تحت إشراف والده، إذ يقول حبيب: "كان الانتقال من المصارعة إلى الجودو أمرا صعبا".

كان البطل الروسي حبيب نور محمدوف يدخل في كثير من الأحيان في معارك شوارع خلال بداياته الشبابية، قبل أن يركز انتباهه وجهوده على فنون القتال المختلطة "إم إم أي".

بطل لا يهزم

بدأ حبيب نور محمدوف دورته المهنية الأولى في فنون القتال المختلطة في سبتمبر/أيلول 2008 وحقق 4 انتصارات في أقل من شهر، وفي 11 أكتوبر/ تشرين الأول من العام ذاته، أصبح حبيب نور محمدوف بطل كأس "Atrium"، بعد أن هزم خصومه الثلاثة.

واستمر لثلاث سنوات دون هزيمة و استطاع هزيمة المقاتل شمخلايف شهبات في بيلاتور، في أول مشاركة له مع "جلوبل إم1" عام 2011، وتلقى دعوة من بطولة القتال النهائي "يو إف سي"، بعد تألقه والفوز في 7 نزالات بمستوى عال في "TKO"، في رحلته للترويج لـ"ProFC".

بدأ محمدوف سنة 2012 رحلته مع بطولة القتال النهائي "يو إف سي" في قسم الوزن الخفيف، واستطاع الفوز بكل المباريات وهزم الكثير من المصارعين بداية من سنة 2012، حيث تغلب على المقاتل كمال شالوريس بالإخضاع، وجليسون تيبو بقرار الحكام.

وكذلك تغلب على وتياغو تافاريس بالضربة القاضية، وهابيل تروخيو وبات هيلي بقرار الحكام، رافائيل دوس إنجوس بقرار التحكيم أيضا، وداريل هورشر بالضربة القاضية، وميخائيل جونسون بالإخضاع، وإدسون باربوزا بقرار التحكيم، وآل ياكوينتا بقرار التحكيم، كونر ماكغوريغور وداستن بويرير بالإخضاع.

ويعد نور محمدوف من المقاتلين المميزين في القتال المختلط حيث خاض 29 نزالا دون هزيمة وهو صاحب أطول سلسلة دون هزيمة في بطولة "إم إم أي"، واحتفظ حبيب بلقب بطل العالم بالإخضاع في الجولة الثانية في بطولة "يو إف سي 254" وهو أول روسي يفوز بها.

أيقونة مسلم

أنهى أسطورة الفنون القتالية المختلطة حبيب نور محمدوف مسيرة حافلة بـ29 انتصارا من دون هزيمة، إذ يعد أول مسلم يفوز بلقب بطل العالم في الفنون القتالية المختلطة في الوزن الخفيف.

وأصبح الأيقونة الأشهر في هذه الرياضة، إذ اكتسب شهرته بسبب العديد من المواقف التي حظيت على إعجاب الملايين حول العالم، خصوصا خلال النزال الشهير الذي جمعه بالأيرلندي ماكغريغور في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018.

وجاء جزء كبير من شهرة حبيب لما أبداه من اعتزازه بدينه الإسلامي، إذ اعتاد التحدث دوما عن إيمانه بالله واستلهامه قوته من عقيدته الإسلامية قبيل كل مباراة، هذا بخلاف ما ينشره عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي لصور شخصية له أثناء أداء فريضة الحج والعمرة.

وفي أكثر من مناسبة عبّر البطل المسلم عن رفضه تناول الخمر مع عدد من اللاعبين، في مقدمتهم منافسه الأيرلندي الذي فاز عليه في اللقاء الشهير، ومنذ ذلك الحين تحول حبيب إلى أيقونة في العالم الإسلامي خاصة بعدما قيل إن سبب الاشتباكات التي حدثت بعد المنازلة بينهما، أن منافسه ماكغريغور وأعضاء فريقه سبوا دينه، فاضطر هو إلى الرد عليهم بالقوة "دفاعا عن دينه وبلاده".

وإثر ذلك ناشد الكثير من المتعاطفين مع حبيب والده بعدم معاقبته وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي طلب من والده عبد المناف عدم الإسراف في معاقبة ابنه، لأنه "تصرف في ظروف استثنائية قاهرة".

وفي عام 2019، تساءلت شبكة "إي إس بي إن" العالمية، في تقرير لها عن البطل، قائلة: "هل محمدوف الأكثر هيمنة في تحدي UFC على الإطلاق؟".

ونقلت الشبكة عن الصحفي الرياضي آريل هيلواني، قوله: "نعم، لقد كنت أقولها على مدار عامين، نور محمدوف هو أكثر رياضي له هيمنة في تلك الرياضة وقعت عليه عيني، لم يخسر إلا جولة واحدة في مسيرته، وهو الآن رصيده 28-0"، وواصل: "هو لا يهزمك فقط، لكنه يسخر منك ويحطمك".

أما صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فعلقت بقولها: "نور محمدوف واصل هيمنته على منافسات الوزن الخفيف كبطل عالمي بلا منازع"، مركزة على مشهد الاحتفال الذي قام به البطل الروسي بالقفز من الحلبة للتعبير عن سعادته بالانتصار، كما ركزت أيضا على الرقم المذهل للاعب الذي يبلغ 28-0.

تأثير رونالدو

وفي 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أوضح بطل العالم لرياضة فنون القتال المختلطة، حبيب نور محمدوف أن سبب نجاحه في مسيرته هو امتلاكه لعقلية النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، في الرغبة في تحقيق الإنجازات والبطولات، حسبما نقلت صحيفة "ذا صن" البريطانية.

وقال البطل الروسي الذي لم يهزم في مسيرته الاحترافية: "عندما التقيت كريستيانو لأول مرة، كان لدي الكثير من الأسئلة التي تدور بخلدي. أردت أن أعرف كيف تمكن من الحفاظ على رغبته في أن يكون الأفضل لمدة 17 عاما على التوالي".

وأضاف: "منذ عام 2003 كان في أعلى مستوى وفي كل مرة في نهاية الموسم يكون في قائمة أفضل 10 لاعبين. لقد فاز بكل شيء أثناء وجوده في مانشستر يونايتد وريال مدريد".

وتابع: "كنت أتساءل كيف تمكن من تحقيق ذلك؟. وبقدر ما فهمت فإن وراء نجاحه طاقته الداخلية، ورغبته، وحافزه، وانضباطه، وتقنيات التعافي ونظامه، وأسلوب تغذيته".

واعترف حبيب أنه يفضل رياضة كرة القدم على أي رياضة أخرى، موضحا: "بطريقة ما، كرة القدم أفضل من رياضة الفنون القتالية المختلطة، فهناك أنت لست مضطرا إلى قتال شخص وتحطيمه، بل تنزل إلى العشب الأخضر وتظهر للجميع ما يمكنك القيام به بشكل احترافي".

وأشار إلى أن: "كرة القدم بالنسبة لي هي الرياضة الأولى"، وزاد: "عندما كنت طفلا، كنت أحلم بأن أصبح لاعب كرة قدم وكنت دائما أشاهد مبارياتها، ولا أشعر بالتعب أو الملل منها على الإطلاق".

وبعد فوز حبيب الأخير وإعلان اعتزاله، نشر رونالدو، من خلال خاصية "ستوري" على حسابه على "إنستجرام"، صورة لأسطورة الفنون القتالية في الوزن الخفيف حبيب الذي يلقب بالنسر، وهو جاثم على أرض الحلبة. وكتب رونالدو على الصورة: "أقدم التهاني لك يا أخي، والدك فخور بك".

مرشح للرئاسة

شهرة حبيب جعلت وسائل الإعلام الروسية تتنبأ بترشحه لرئاسة جمهورية داغستان، حيث نشرت قناة "نيزيغار" على تيلجرام تقريرا تحليليا، اعتبرت بموجبه المقاتل الروسي حبيب نور محمدوف، بطل منظمة "يو إف سي" للفنون القتالية المختلطة، مرشحا محتملا لمنصب رئيس جمهورية داغستان.

ويقيّم التقرير الصفات الشخصية لحبيب كرئيس محتمل لهذه الجمهورية التي هي أحد كيانات روسيا الاتحادية، إذ رأى كاتب التقرير أن حبيب يمتلك "وضوح المواقف، وصفات القيادة غير المشروطة، والالتزام بالقواعد والاتفاقيات، والإدارة الفعالة لموارد مالية كبيرة للمنطقة، والمسؤولية الاجتماعية المعلنة، والاعتراف العالمي به ومستوى العلاقات".

 

وأشار الكاتب إلى عدم وجود إشارات للرغبة في السلطة كمؤشر لموقف مسؤول تجاهها، مؤكدا أن "حجم شعبية حبيب، ودعمه من قبل قيادة البلاد يمكن أن يكون بمثابة ضامن للأعمال التجارية، وعنصرا مفيدا في الساحة السياسية بداغستان".

وأردف: "لم يكن هناك سواه أي شخصية تجمع عليها الناس ويحترمها الأعداء، كما أنه قريب من جميع النخب والعشائر والمؤسسات الحكومية والدينية في البلاد".