صحيفة عبرية تفسر سبب صمت السعودية حيال تطبيع البحرين

12

طباعة

مشاركة

كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية، أن السعودية هي الداعم الرئيسي لاتفاق تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل، الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 11 سبتمبر/ أيلول 2020، رغم إصرارها العلني على أنها لن توافق على التطبيع، إلا بتطبيق مبادرة السلام العربية.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها، أن "السعودية، صاحبة النفوذ الإقليمي، بقيت صامتة بشكل ملحوظ بعد الإعلان، عن اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والبحرين، حيث لم يعلق أي مسؤول سعودي على هذه الخطوة".

موافقة سعودية

ويُنظر إلى البحرين على أنها دولة حليفة وثيقة لجارتها، السعودية، لذلك من غير المرجح أن تكون الدولة الخليجية الصغيرة قد مضت قدما في التطبيع مع إسرائيل دون موافقة الرياض، بحسب الصحيفة.

ويشير اتفاق التطبيع والتطورات الأخيرة الأخرى، بما في ذلك فتح المملكة العربية السعودية لمجالها الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية، إلى أن تل أبيب والرياض ربما تتجهان نحو تطبيع العلاقات، لكن من المحتمل ألا يتم التوصل إلى هذا الاتفاق قريبا.

ورأت الصحيفة أن "تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية سيكون انتصارا تاريخيا لإسرائيل، إذ سيمثل تحولا مهما في المنطقة، لكن السعوديين لم يلتزموا حتى الآن بأي اتفاق في هذا الاتجاه، على الرغم من دعم واشنطن لخطوات التطبيع والمصالح السعودية المشتركة مع إسرائيل".

وتعد البحرين ثاني دولة خليجية تعلن عن صفقة التطبيع في غضون شهر، على خطى جارتها الإمارات العربية المتحدة، لينظم البلدان الخليجيان إلى الأردن ومصر، و هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان تربطهما علاقات رسمية مع إسرائيل.

ومثل الاتفاق الإماراتي، سيعمل الاتفاق البحريني الإسرائيلي الذي أعلن في 11 سبتمبر/أيلول 2020، على تطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية والأمنية وغيرها بين البلدين.

يأتي ذلك في الوقت الذي تشترك فيه السعودية مع إسرائيل والإمارات والبحرين في اعتبار إيران عدوا مشتركا، وفي إقامة علاقات وثيقة مع واشنطن، إذ تتهم البحرين إيران بإثارة احتجاجات الأغلبية الشيعية في البلاد، ضد أسرة آل خليفة السنية الحاكمة.

واعتمدت البحرين على التدخل العسكري بقيادة الرياض لسحق الاضطرابات الداخلية خلال ثورات الربيع العربي. كما اعتمدت على المملكة العربية السعودية ودول أخرى للحصول على الدعم المالي في الوقت الذي تكافح فيه من تراكم الديون.

خطوة للتطبيع

وعندما زار كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، الذي ساعد في التوسط في الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي، السعودية والبحرين في وقت سابق من شهر سبتمبر/أيلول 2020، قال ملك البحرين: إن "بلاده لن تمضي قدما في التطبيع إلا بالتنسيق مع السعودية، وأن الاستقرار في المنطقة يعتمد على الرياض".

وفيما أكدت السعودية في ذلك الوقت أنها لن تمضي قدما في الصفقة، سمحت الرياض والمنامة للطائرات الإسرائيلية بالتحليق عبر مجالها الجوي في شهر أغسطس/آب 2020، وهو ما اعتبر خطوة مهمة إلى الأمام في اتجاه تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وفي 31 أغسطس، حلقت طائرة إسرائيلية تابعة لشركة "العال" لأول مرة فوق السعودية متجهة إلى دولة الإمارات، وعلى متنها وفد أميركي إسرائيلي بقيادة صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، بمناسبة موافقة أبوظبي على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات السرية الطويلة مع تل أبيب.

وذكرت الصحيفة العبرية، أن "تقريرا لوزارة المخابرات الإسرائيلية نشر في وقت سابق من أغسطس/آب 2020، أن مخاوف الرياض الأمنية تتماشى بشكل وثيق مع مخاوف تل أبيب، مما يمهد الطريق للتعاون بين البلدين".

وقال التقرير: إن "شبكة التهديدات في المملكة تتداخل إلى حد كبير مع شبكة التهديدات التي تواجهها إسرائيل، والتي قد تكون بمثابة أساس للتعاون العسكري والاستخباراتي في إطار ثنائي أو كجزء من تحالفات إقليمية".

على المستوى المدني، يقدم برنامج "رؤية 2030" السعودي الذي يحدد الأهداف طويلة المدى للبلاد، بما في ذلك الأمل في تنويع الاقتصاد السعودي، "فرصا في مجالات صادرات التكنولوجيا، وتطوير قنوات التجارة، والتعاون في قطاعات الطاقة والكهرباء والزراعة والغذاء والماء والطيران والسياحة والتوظيف"، حسب التقرير.

"تقارب هادئ"

وافترض الباحثون في الوزارة الإسرائيلية أن "التقارب المعتدل والهادئ" بين إسرائيل والسعودية الذي حدث في السنوات الأخيرة أصبح ممكنا بسبب التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدها العالم، من بينها انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وتقلب أسعار النفط، والصراعات في سوريا والعراق واليمن، إضافة إلى تراجع أهمية القضية الفلسطينية، وصعود ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان".

وعلى الرغم من دعمها الضمني الواضح للاتفاق الإسرائيلي البحريني، قالت السعودية: إنها لن تطبع العلاقات حتى توافق إسرائيل على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، انسجاما مع الموقف المستمر منذ عقود لمعظم الدول العربية.

وبموجب مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي صاغها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، وافقت الدول العربية على إقامة علاقات مع إسرائيل فقط بعد التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين على أساس خطوط الهدنة لعام 1967.

وذكرت الصحيفة، يبدو أن الدعم العربي للقضية الفلسطينية آخذ في التضاؤل، حيث فشلت جامعة الدول العربية في 9 سبتمبر/ أيلول 2020، في تمرير قرار اقترحته السلطة الفلسطينية كان من شأنه إدانة اتفاق التطبيع الإسرائيلي الإماراتي.

وفي إطار اتفاقها مع الإمارات، وافقت إسرائيل على تعليق خططها لضم أجزاء من الضفة الغربية، فيما عارض الفلسطينيون الصفقة بشدة، ووصفوها بـ"الحقيرة" وبـ"الخيانة" .

وأدانت كل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس اتفاق التطبيع الإسرائيلي البحريني، حيث وصفتا الصفقة بأنها "طعنة أخرى في الظهر" من دولة عربية وبالعمل "العدواني" ضد الشعب الفلسطيني.

تطبيع حتمي

وفي سياق متصل، أشاد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بالاتفاق الإسرائيلي البحريني ووصفه بأنه "تاريخي"، بينما لم تشد الأردن بالاتفاق أو تدنه، وشدد بدلا من ذلك على أن السلام العادل في المنطقة يجب أن ينهي سيطرة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية.

وكان كوشنر، الذي يُنظر إليه على أنه لاعب رئيسي في صفقتي التطبيع، قد التقى في وقت سابق من شهر سبتمبر/ أيلول 2020، مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في منطقة "نيوم" شمال غرب المملكة، وهي موطن مركز ضخم للتكنولوجيا الفائقة، يقال: إنه "موقع أول صفقة تجارية بين السعودية وإسرائيل".

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الحكومية أن الجانبين بحثا "ضرورة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتحقيق سلام عادل ودائم". كما ناقشا كيفية تعزيز الشراكة الأميركية السعودية "في جميع المجالات" من أجل تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

وفي أغسطس/ آب 2020، بعد الإعلان عن الصفقة الإسرائيلية الإماراتية، قال كوشنر: إن تطبيع السعودية العلاقات مع إسرائيل أمر "حتمي".

ويُعتقد أن البحرين قد فتحت اتصالات مع إسرائيل بشكل سري في التسعينيات، مع تسارع العلاقات في السنوات الأخيرة. وكان الكثيرون يتوقعون أن تكون الدولة التالية التي تطبع علاقاتها مع إسرائيل، لأنها قدمت منذ فترة طويلة مبادرات علنية مع الدولة اليهودية، حيث استضافت أول تجمع كبير لجهود السلام تبنته إدارة ترامب، والمعروف إعلاميا بـ"صفقة القرن" والذي أطلق عليه في حينها اسم "ورشة عمل السلام من أجل الازدهار"، بالعاصمة المنامة في يونيو/ حزيران 2019.

ولفتت الصحيفة العبرية في ختام تقريرها إلى أنه "من بين الدول العربية الأخرى التي يعتقد أنها على وشك الاعتراف الكامل بإسرائيل، هي سلطنة عُمان والسودان".