مجلة إيطالية: هل بات استقرار ليبيا مرهونا بتخلي الإمارات عن حفتر؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت مجلة ''فورميكي'' الإيطالية تقريرا، تحدث فيه الخبير المختص بالشأن الليبي دانييلي روفينيتي، عن أسباب حالة الجمود للوضع الراهن في ليبيا عقب إعلان  حكومة الوفاق برئاسة فائز السراح ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، الاتفاق على وقف إطلاق النار.

وتطرق الخبير الإيطالي إلى أهمية مبادرات الحوار السياسي واستئناف إنتاج النفط في تحقيق الاستقرار الذي يعتمد بشكل كبير على مصداقية حفتر وتخلي دولة الإمارات العربية المتحدة عن دعم الأخير.

ورأى روفينيتي أن "حالة الجمود مستمرة في ليبيا، وفي أعقاب وقف إطلاق النار-الذي يرتبط صموده بشكل مباشر بمصداقية خليفة حفتر في نواياه الحقيقية للتهدئة- تبدو العملية السياسية أكثر غموضا من أي وقت مضى. خاصة في ظل الاحتجاجات الأخيرة التي اجتاحت طرابلس، والتي أعقبها إيقاف وزير الداخلية فتحي باشاغا عن العمل وفتح تحقيق لاحق ضده لدوره المزعوم في دعم المظاهرات. وهو حدث يزيد من عدم اليقين العام المحيط بالحوار الليبي الداخلي".

مرحلة الجمود

وأكد الخبير الإيطالي أن وقف إطلاق النار المفروض من تركيا وروسيا، بموافقة مصر التي (لحسن الحظ) لا تمتلك طموحات للحرب، لا يزال "يتيما" بسبب عدم إعادة فتح آبار النفط الذي أصبح يشكل "مرضا مزمنا" أصاب البلاد، من حيث الخسائر الاقتصادية (فقدان العائدات) ومن وجهة نظر اجتماعية (بسبب الانقطاعات المتكررة في إمدادات الكهرباء، مع انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة في أشد فترات السنة ارتفاعا للحرارة). 

وأشار روفينيتي إلى أنه لا يبدو الحوار المؤسسي قادرا على تجاوز مرحلة الجمود على الرغم من إحراز تقدم في الأيام الأخيرة، بعد تصريحات فايز السراج رئيس حكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة،  ورئيس برلمان طبرق، عقيلة صالح، المطالبة بوقف دائم لإطلاق النار واستئناف الحوار، لكن لسوء الحظ، يبدو أن كل هذا لا يكفي.

وتابع: أن موقف صالح، بدعم من المصريين، هو "بالتأكيد خطوة مهمة إلى الأمام في الاتجاه الصحيح الذي يميل  إلى عزل حفتر، لكنه ليس كافيا لإعطاء دفعة حقيقية لاستئناف حقيقي للمسار السياسي". وفي حين لاقى هذا التقدم كل الترحيب من الأمم المتحدة وأميركا والجامعة العربية وإيطاليا وألمانيا، اصطدم بأولى العراقيل في التخطيط السياسي للبلاد.

وأوضح روفينيتي، قائلا: إنه "في ظل حديث السراج عن تنظيم انتخابات في مارس/آذار 2021، يهدف صالح إلى تعديل الاتفاق التأسيسي للصخيرات وتشكيل مجلس رئاسي جديد من ثلاثة أعضاء، واحد لكل إقليم (طرابلس وبرقة وفزان) ويكون مقره في سرت بصفة مؤقتة". 

وأردف: يضاف إلى ذلك الشكوك حول استئناف إنتاج النفط، والتي يجب أن تودع عائداته في حساب خاص لمؤسسة النفط الوطنية لدى المصرف الليبي الخارجي. وبعد العديد من الجهود التي بذلها الأميركيون لاستئناف إنتاج النفط وبعد الإعلان في مناسبتين عن إعادة فتح الآبار من حفتر، لم يُستأنف الإنتاج بعد.

مصر والإمارات

وتساءل روفينيتي عن "اللعبة التي يلعبها الجنرال الليبي وراء ذلك"، موضحا أن السبيل لاستئناف حوار سياسي حقيقي واستئناف الإنتاج النفطي، يمر عبر تجاوز حق النقض الإماراتي، التي تواصل دعم حفتر بعد أن راهنت عليه بأموال ضخمة من أجل دخوله المظفر إلى طرابلس وإعلان السيطرة عليها. وعلى الرغم من عدم تحقيق هذه الغاية واستحالة تحقيقها في هذه المرحلة، إلا أنها لا تنوي التخلي عنه في الوقت الحالي. 

في المقابل، استبعدت القاهرة الجنرال المنقلب ووضعته جانبا، وحددت صالح كمحاور جديد مرجعي، تماما كما يحاول الفرنسيون، الذين دعموه دائما بشكل غير رسمي، اتخاذ مسافة منه بعد أن استوعبت باريس أنه غير مرحب به أمام المجتمع الدولي، علاوة على ذلك، لم يعد من الممكن تعريفه بأنه "رجل قوي" بعد فشله الذريع في الهجوم على طرابلس، بحسب الخبير الإيطالي.

 وأضاف: كما اتُهمت مليشياته نفسها أيضا بارتكاب جرائم حرب وجرائم مختلفة ضد الإنسانية. ورغم ذلك، لا يمتلك أي من اللاعبين الدوليين المؤثرين على رقعة الشطرنج الليبية في هذه المرحلة، القوة التفاوضية لإجبار الإمارات على التخلي عن حفتر.

ويرى الخبير الإيطالي أن "واشنطن هي الطرف الوحيد القادر حقا على تنفيذ عملية من هذا النوع، لكن العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة أصبحت متينة خلال  إدارة ترامب، وأبرز مثال على ذلك اتفاق التطبيع الموقع بين الإمارات وإسرائيل الموصوف بالتاريخي والذي سعى ترامب إلى تحقيقه بشدة. 

وأشار إلى أن هناك حرصا من الأميركيين على عدم التدخل في السياسة الإماراتية، خاصة فيما يتعلق بارتباطها بحفتر، وتدرك الدولة الخليجية ذلك لدرجة أنها تسمح لحفتر بإبقاء الوضع في ليبيا عالقا والدفع نحو رفض كل المناشدات والضغوط القادمة من المجتمع الدولي. 

وبحسب روفينتي، فإنه قد يتغير هذا السيناريو في حال انتصار "جو بايدن'' في الانتخابات الأميركية في الثالث من نوفمبر / تشرين الثاني 2020. وفي هذه الحالة يمكن أن يتغير ميزان القوى بين أبوظبي والبيت الأبيض الجديد بقيادة الديمقراطيين، مما يمنح الإدارة الأميركية طريقة لإقناع  الإماراتيين بالتخلي عن الجنرال خليفة حفتر، الأمر الذي من شأنه أن يسمح  بعودة الإنتاج في حقول النفط فضلا عن تجاوز حالة الجمود السياسي، وربما يكون منطلقا للتوصل إلى اتفاق سياسي لإعادة توحيد البلاد.