عبدالمجيد الزنداني.. شيخ يمني تراقبه السعودية بسوار إلكتروني في قدمه

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

طالب ناشطون يمنيون الشيخ عبد المجيد الزنداني، بالظهور في بث مباشر، للتأكد من عدم اعتقاله أو فرض الإقامة الجبرية عليه من قبل السلطات السعودية في مكة المكرمة، كما يتردد.

ذلك التشكيك جاء بعد أن نفى نجله علي الزنداني المقيم في مكة بالمملكة العربية السعودية، الخبر الذي أوردته صفحة "معتقلي الرأي" على توتير والتي  أفادت بأن لديها معلومات تفيد باعتقال الرياض للشيخ الزنداني. 

في 22 يوليو/تموز 2020، غرد حساب معتقلي الرأي قائلا: "تأكد لنا خبر اعتقال الشيخ #عبد المجيد_الزنداني، وأنه حاليا ممنوع تماما من الاتصالات والزيارات". 

بعدها بساعات نشر تغريدة جديدة، أوضح فيها أنه تم الإفراج عن الشيخ الزنداني، وأنه أصبح في بمنزله، لكنه تحت الإقامة الجبرية.

وأضاف الحساب أن السلطات السعودية بعد التحفظ عليه لفترة في مكان التحقيق قامت بتثبيت سوار المراقبة الإلكتروني في قدمه، وتقوم بمراقبة هواتفه.

سبب الاعتقال

يعتقد كثير من اليمنيين بأن السلطات السعودية مارست ضغوطا على أهالي الزنداني من أجل نفي خبر اعتقاله.

عقب ورود أخبار بالتحفظ على الشيخ الزنداني وفرض الإقامة الجبرية عليه، أصبح بعض منتقديه ومعارضيه مدافعين عنه، معتبرين ذلك انتهاكا للسيادة اليمنية في حق سياسي يمني ورجل دين بارز.

لم تذكر أي جهة أسبابا محتملة لاعتقال الشيخ الزنداني، غير أن متابعين عللوا ذلك بارتباطاته العائلية في تركيا، حيث يقيم عدد من أولاد الشيخ في مدينة إسطنبول التركية، أبرزهم نجليه عبد الله ومحمد.

ويشير المراقبون إلى أن الرياض تخشى أن يستخدم الشيخ الإصلاحي علاقاته العائلية كغطاء لأي تحركات تخشى منها السعودية، في حين أشار البعض إلى أن السعودية تلقت أخبارا عن نوايا الشيخ الانتقال والإقامة في تركيا، وهو الأمر الذي رجحه البعض خصوصا بعد ورود أنباء عن تثبيت سوار المراقبة في قدمه.

كان الشيخ الزنداني قد انتقل إلى السعودية بعد اندلاع عاصفة الحزم في 26 مارس/أيار 2015، وأبدى الشيخ تأييده لها، ما جعله هدفا لجماعة الحوثي التي اقتحمت منزله في أبريل/نيسان 2015 للبحث عنه.

مولده وتعليمه

ولد الشيخ عبد المجيد عزيز الزنداني عام 1942 بقرية الظهيبي بمديرية الشعر التابعة لمحافظة إب وسط اليمن، وتلقى تعليمه الأولي كأقرانه في كُتاب القرية، ثم التحق بعدن ودرس التعليم النظامي فيها، حيث كانت عدن تلك الفترة تحت الاستعمار البريطاني.

عقب إنهائه الثانوية انتقل إلى مصر لدراسة الصيدلة في جامعة عين شمس، فدرس لعامين، ثم توقف وانصرف لدارسة العلوم الشرعية.

وخلال تلك الفترة تهيأت له فرصة لقاء قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، على رأسهم الإمام حسن البنا والمجاهد الجزائري الفضيل الورتلاني فتأثر بهم، مع عدد من الطلاب اليمنيين الدارسين هناك، أبرزهم الأديب والثائر اليمني محمد محمود الزبيري، والقيادي عبده المخلافي، إلا أنه سرعان ما تم استدعاؤه من قبل السلطات المصرية، ثم فصله من الجامعة وطرده من مصر.

قرار العودة

بعد فصله من الجامعة بمصر، عاد الشيخ الزنداني إلى اليمن عقب ثورة 1962 مباشرة، وهناك انخرط في سلك التربية والتعليم، التي كانت تسمى حينها وزارة المعارف التي رأسها محمد محمود الزبيري، فألف عددا من الكتب الدينية للمناهج الدراسية، من بينها كتاب التوحيد، الكتاب المدرسي الأشهر.

وفي عام 1967، وعقب الإطاحة بالرئيس عبد الله السلال، تولى الزنداني إدارة الشؤون العلمية في وزارة التربية والتعليم، ثم عيّن رئيسا لمكتب التوجيه والإرشاد عند إنشائه سنة 1975 قبل أن يعين في وزارة المعارف.

وأسهم الزنداني، عقب عودته، بتأسيس جماعة الإخوان في اليمن، ثم بإطلاق حزب الإصلاح اليمني، المحسوب على تنظيم الإخوان.

استأنف الشيخ دراسته في وقت متأخر، حتى حصل على الدكتوراه من جامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وأصبح من أبرز رجال الدين في اليمن، فرأس هيئة علماء اليمن.

لم تدم إقامة الشيخ الزنداني في اليمن، حتى انتقل للسعودية وعاش فيها فترة، تلقى خلالها العلم الشرعي عن الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد صالح العثيمين، وعمل في التدريس هناك، وأسهم بتأسيس هيئة الإعجاز العلمي في السعودية، وترأسها بعد ذلك.

غير أنه ما لبث أن اختلف مع الحكومة السعودية فعاد إلى اليمن، وأسس جامعة الإيمان للعلوم الشرعية عام 1993، وترأسها بعد ذلك، وهي الجامعة التي استمرت في تدريس العلوم الشرعية حتى السيطرة عليها من قبل جماعة الحوثي في 2015.

تجربته السياسية

إلى جانب كونه داعية إسلاميا ورجل دين بارز، عمل الزنداني كرجل سياسة، فرأس مجلس شورى حزب الإصلاح اليمني، وأصبح من القيادات الكبيرة في الحزب، وأيد انتخاب علي عبد الله صالح في انتخابات 1999 الرئاسية، ضمن التحالف السياسي بين حزبي المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح.

وفي 2011، خرج الزنداني مؤيدا للثورة الشبابية السلمية، التي طالبت برحيل نظام صالح، وذلك بعد قيامه بدور الوساطة في محاولة إقناع صالح بترك السلطة، ضمن عدد من المشايخ من بينهم الشيخ صادق الأحمر.

خاض الشيخ أيضا معركة دستورية بمعية الشيخ عبد الله الأحمر أثناء كتابة الدستور اليمني، ونجحا في إضافة بند إلى الدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية مصدر كل التشريعات.

كان الزنداني من ضمن المجاهدين الذين سافروا إلى أفغانستان إبان الحرب الأفغانية السوفيتية، في منتصف عقد الثمانينيات، وأدرجته الولايات المتحدة في عام 2004 ضمن لائحة المطلوبين لأجهزتها الأمنية، واتهمته بدعم ما تسميه "الإرهاب"، وأصدر مجلس الأمن قرارا بتجميد أرصدته.

كما اتهمته الولايات المتحدة بتمويل الإرهاب، وتقول: إنه "الأب الروحي" لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وطالبت عام 2011 الحكومة اليمنية باعتقاله وتسليمه، لكن الزنداني نفى التهم الموجهة له، وطالب الإدارة الأميركية بتقديم أدلتها للقضاء اليمني.

علاج الإيدز

أثار الشيخ الزنداني الجدل في عدد من المواقف، وحصل على عدد كبير من المنتقدين والمعارضين، كان أبرزها إعلانه في 2004 بأنه توصل إلى علاج للإيدز عبر خلطة من الأعشاب، لم يكشف عنها.

وفي مقابلة مع الجزيرة دعا الزنداني جميع شركات الأدوية ومنظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة إلى زيارة اليمن للاطلاع على العلاج ورؤية نتائج الفحوص، رافضا إعطاء تفاصيل عن الأعشاب ومكان وجودها وذلك لضمان عدم تسريب الاختراع قبل تسجيل براءته.

شكك كثيرون في مصداقية هذا الإعلان، خصوصا أن الشيخ لم يخضع هذا العلاج للفحص المعملي، ولم تتبناه أي مراكز بحثية طبية عالمية محايدة.

محمد نجل الشيخ أعلن أيضا في وقت مبكر من تفشي أزمة كورونا، توصله لعلاج فيروس كوفيد 19، وهو ذات الأمر الذي أثار كثيرا من الجدل والتشكيك في مصداقية هذا الإعلان، ووسع من دائرة الانتقاد للشيخ الزنداني وأبنائه.

وفي وقت سابق من عام 2003، أفتى الشيخ الزنداني بشرعية زواج المسيار إذا تم وفق الشروط الشرعية لعقد الزواج الشرعي، وتراضى الزوجان على التنازل عن حقوق المبيت والنفقة، ما أثار جدلا كبيرا.

الإعجاز العلمي

في مطلع الثمانينيات ألقى الشيخ الزنداني عشرات المحاضرات عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وشهدت محاضراته رواجا في تلك الفترة وتم ترجمتها لعدد من اللغات العالمية، في حين شهدت انتقادات كبيرة من قبل المعارضين للاستشهادات التي يوردها الشيخ في محاضراته ومؤلفاته.

ألقى الشيخ الزنداني مئات المحاضرات في الإعجاز العلمي، وحاضر في عشرات المؤتمرات والندوات العالمية، وألف عددا من الكتب، من بينها   "تأصيل الإعجاز العلمي"، و"علم الإيمان"، و"طريق الإيمان"، و"نحو الإيمان"، و"التوحيد"، و"البينة العلمية في القرآن الكريم".