سعد الجبري.. سياسي سعودي يطارده ابن سلمان ويخشى مصير خاشقجي

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

رغم السمعة السيئة التي لحقت بالنظام السعودي، على إثر جريمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، التي يشبته بتورط ولي العهد محمد بن سلمان بالوقوف وراءها، إلا أن الأخير، ما زال مستمرا في سلوكه بملاحقة الناشطين والمعارضين، ومحاولة إعادتهم قسرا إلى المملكة، وإخفائهم قسريا.

وفي تقرير حديث، كشفت صحيفة ميدل إيست آي البريطانية، أن الوزير السعودي السابق الدكتور سعد الجبري يتعرض للملاحقة والمطاردة من قبل ولي العهد محمد بن سلمان، وذلك لإعادته ولو بشكل قسري إلى الرياض.

وأضافت الصحيفة أن الجبري الذي كان مقربا من ولي العهد في وقت من الأوقات، وأحد المستشارين الموثوقين لدى ولي العهد بات من أكبر المطلوبين خارج السعودية، لأنه يعتبر تهديدا قويا لمحمد بن سلمان، بحسب الصحيفة.

ومن خلال استمراره بالملاحقة، يظهر محمد بن سلمان عدم اكتراثه بالانتقادات الدولية أو حتى ردود فعل الشارع السعودي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة.

ونفذ الأمير الشاب بداية مارس/آذار ٢٠٢٠ حملة اعتقالات طالت نحو 20 شخصا أبزرهم الأمير أحمد بن عبدالعزيز شقيق الملك سلمان، والأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق الذي أطيح به من منصبه وتنصيب محمد بن سلمان بدلا عنه، تمهيدا لتوليه منصب الحكم في البلاد.

وقد نجا من مسؤوليته عن حادثة اغتيال خاشقجي، مما دفعه وفق تقدير مراقبين إلى الاستمرار بملاحقة آخرين لإثبات وجوده في السلطة وجهوزيته لقمع أي صوت معارض لتوليه العرش، ومن بين هؤلاء سعد الجبري.

من هو؟

وسعد بن خالد بن سعد الله الجبري (مواليد 1960)، حصل على البكالوريوس في العلوم الأمنية من كلية الملك فهد الأمنية بالرياض عام 1979، ثم حصل على ليسانس للغة العربية وآدابها من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عام 1983.

وفي نفس العام حصل على شهادة الدبلوم في برمجة الحاسبات الآلية من معهد الإدارة العامة، ثم حصل على شهادة الماجستير في علوم الحاسب الآلي من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وفي عام 1997 حصل على شهادة الدكتوراه من قسم الذكاء الاصطناعي من جامعة أدنبرة بالمملكة المتحدة.

تولى مناصب رفيعة ومهمة في الدولة، فقد عمل في كلية الملك فهد الأمنية ثم انتقل إلى وزارة الداخلية حيث شغل عدة مناصب من بينها مدير إدارة شؤون الضباط والأفراد بوزارة الداخلية ومستشار أمني.

وتدرج بالرتب العسكرية حتى رتبة لواء ثم عين بالمرتبة الممتازة اعتبارا من 12 يوليو/تموز 2010، وكان في ذات الوقت مسؤولا استخباراتيا رفيعا إبان تولي محمد بن نايف وزارة الداخلية، وقد كان مقربا من محمد بن نايف عندما كان الأخير وليا للعهد،

في 24 يناير/كانون الثاني 2015، أي عقب تولي الملك سلمان الحكم بيوم واحد، صدر أمر ملكي من قبل الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتعيينه وزيرا للدولة وعضوا بمجلس الوزراء، كما صدر أمر ملكي بتعيينه عضوا بمجلس الشؤون السياسية والأمنية قبل أن يصدر أمر آخر في 10 سبتمبر/أيلول 2015 بإعفائه من منصبه.

وجاء الإعفاء على إثر حديث عن لقاء الجبري بمدير المخابرات الأميركية السابق جون برينان، في نفس الشهر، في أثناء زيارة إلى واشنطن لم يكن ابن سلمان على معرفة بها عندما كان وزيرا للدفاع.

وهو الأمر الذي تم اعتباره مؤشرا على تحركات تجري بمعزل عن الملك سلمان ونجله محمد، على الرغم من اطلاع ولي العهد حينها محمد بن نايف حينها على طبيعة تلك اللقاءات.

رحلة الهروب 

غادر سعد الجبري المملكة العربية السعودية، قبيل الانقلاب الذي نفذه العاهل السعودي الملك سلمان، والذي أطاح بمحمد بن نايف من منصبه كولي للعهد، وعين بدلا عنه نجله محمد، في يونيو/حزيران 2017.

وبحسب ميدل إيست آي فإن الجبري غادر بسبب مخاوفه من أن يكون هدفا للاعتقال أو الوضع تحت الإقامة الجبرية، على اعتبار أنه كان من رجال محمد بن نايف، ومحسوبا عليه، بالإضافة إلى نفوذه في وزارة الداخلية، والثروة الكبيرة التي يمتلكها.

ومنذ ذلك الحين، ومع تزايد سطوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في ملاحقة خصومه المحتملين، ضاعف رجال ولي العهد من جهودهم في الإيقاع بسعد الجبري، وإعادته إلى الرياض.

ومع تلك الجهود المكثفة والملاحقة المتواصلة، تنامى شعور لدى الجبري بعدم الأمان في الولايات المتحدة، التي تحظى بعلاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية، منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة، فقرر السفر إلى كندا وتقديم اللجوء السياسي، وهو الأمر الذي حصل عليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وكانت صحيفة ميدل إيست آي قد أكدت في تقريرها أن الجبري تعرض أثناء وجوده في بوسطن بالولايات المتحدة إلى محاولة تسليم قسري إلى السعودية.  

استمرار المخاوف 

ومع وجوده حاليا في كندا، فإن المخاوف ما زالت قائمة بشأن احتمالية وجود جهود تسفر عن الإيقاع بالرجل وتسليمه للرياض.

وقد تساءل موقع ميدل إيست آي إن كان منح الجبري حق اللجوء كان له علاقة بالخلاف الدبلوماسي الذي وقع بين أوتاوا والرياض عام 2018، وذكر بأنه سأل الجهات الاستخباراتية الكندية، لكنها رفضت الإجابة على السؤال أو التعليق على التفاصيل.

وأضاف الموقع أنه حاول عبر عدة قنوات الحصول على إجابات من سعد الجبري ذاته أو حتى من أحد أفراد عائلته، لكنها لم تنجح.

ومع عدم الحصول على معلومات مؤكدة من أحد أفراد عائلته، دوّن المغرد الذي يكتب تحت اسم "العهد الجديد" ويحظى بمتابعة عدد كبير من السعوديين أن سعد الجبري تلقى منذ خروجه من البلد 3 اتصالات بفترات متباعدة.

في الاتصال الأول عرضوا عليه العودة والحصول على منصب كبير، في مقابل أن يدلي بشهادة تدين الأمير محمد بن نايف وتثبت تعاونه مع القطريين وتسليمه لهم ملفات سيادية.

وفي الاتصال الثاني تلقى تهديدا بالتصفية إذا مارس نشاطا إعلاميا في الصحافة أو على موقع تويتر.

وكان الجبري قد كتب مقالة في سبتمبر 2017 لمركز بيليفر التابع لجامعة هارفارد بعنوان "المملكة العربية السعودية.. قيادة جديدة وواقع جديد" أشار فيها إلى التمدد الإيراني في المنطقة وإلى الجهود السعودية الحالية في مواجهة ذلك التمدد.

وفي الاتصال الثالث تلقى تهديدا يطال أفراد عائلته، التي منعت لاحقا من السفر.