عبر وساطة روسية.. ما حقيقة عودة العلاقات التركية مع نظام بشار؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تزايد الحديث مؤخرا، عن وساطات روسية تسعى لإيجاد تقارب بين الجانبين التركي والسوري، عبر لقاءات أمنية بين رئيس جهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان، ونائب بشار الأسد للشؤون الأمنية علي مملوك في روسيا.

صحيفة المونيتور الأمريكية، نشرت مقالا للصحفي التركي المقرب من النظام السوري فهيم تستكين بعنوان "الأزمة السورية تملي على أنقرة  السلام مع دمشق" كشف فيه عن جهود تبذل من قبل موسكو من أجل تحقيق مصالحة بين النظامين السوري والتركي.

تستكين قال: "فرضت المتاعب المشتركة التي يعاني منها الطرفان، التجاوب لوساطة روسية تدفع بأنقرة لوقف دعمها للمعارضة وإنهاء الحرب، ومن ثم مساعدة دمشق على الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، مقابل مزايا يمكن تقديمها لأنقرة، تتمثل في المساهمة في إعادة الإعمار، وملف الطاقة شرق البحر الأبيض المتوسط".

حسب الكاتب، "في حال نجحت الوساطة الروسية في التوصل إلى اتفاق بشأن إدلب، المعقل الأخير للمعارضة، فإن مجريات الحرب ستتغير بالكامل"، واعتبر أن اللقاء الذي عقد بين فيدان ومملوك هو أول اجتماع رفيع المستوى منذ عام 2011، حيث تدرك تركيا - أكثر من أي وقت مضى- أنه من غير الممكن إنهاء الأزمة السورية دون مد الجسور مع دمشق، وإعادة العلاقات معها على أساس اتفاق أضنة (1998) الذي ينص على تعزيز التعاون الأمني ضد المنظمات الإرهابية".

المرصد الإستراتيجي للدراسات (سوري معارض) تحدث أيضا عن وجود تفاهمات بين الجانبين التركي والسوري أفضت إلى الاتفاق على 9 نقاط، أهمها تعزيز الحوار، والتعاون في مجال "مكافحة الإرهاب". 

تأتي تلك الجهود في ظل تطورات قد تهدد مسار التفاوضات التركية السورية، حيث شنت القوات التركية، في 3 فبراير/شباط 2020، هجمات استهدفت فيها 56 موقعا سوريا، أدت لمقتل 76 جنديا سوريا، وذلك ردا على مقتل 8 جنود أتراك قضوا في قصف مدفعي لقوات بشار على رتل عسكري تركي في مدينة إدلب، حسب  بيان أصدرته وزارة الدفاع التركية.

الجانب الاستخباراتي

تقارير إعلامية زعمت تلقي أنقرة وعودا بمنحها مزايا اقتصادية كبيرة تتمثل في المساهمة بملف الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، والمساهمة في إعادة إعمار سوريا، مقابل أن توقف أنقرة دعمها للمعارضة السورية في معقلها الأخير بإدلب، وتعمل على إعادة تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.

إلا أن ذلك يبدو مستبعدا وغير قابل للتطبيق في ظل التطورات الحاصلة في المشهد السوري، إذ ليس من السهولة الحديث عن عودة العلاقات التركية السورية لسابق عهدها، ودفع المعارضة السورية نحو خيار التسوية مع نظام دمشق.

حسب متابعين، فإن أكبر إنجاز سوف تحققه تلك اللقاءات، إن نجحت، سوف تكون متعلقة بالجانب الاستخباراتي والأمني، بالإضافة إلى التعاون فيما يتعلق  بمواجهة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وذراعه المسلح "وحدات حماية الشعب"، وهو الأمر الذي إن تم فلن يتم إلا بمقايضة مع الجانب التركي تتمثل بانسحاب أنقرة من الشمال السوري.

كانت وكالة أنباء نظام بشار الأسد (سانا) ذكرت أن أنقرة أبدت استعدادها النظر في مسألة سحب قواتها من شمال سوريا، إذا ضمنت دمشق السيطرة الكاملة على الوحدات الكردية، وقامت بإجراء بعض التغييرات الهيكلية، بما في ذلك قصر سيطرة النظام على جنوب المنطقة الآمنة".

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أن بلاده تسعى إلى "تشجيع التعاون الأمني بين سوريا وتركيا على الحدود المشتركة"، في وقت شهد فيه الشمال السوري عملية تركية  بالتعاون مع المعارضة السورية، لفرض منطقة آمنة، على شريط حدودها مع سوريا، وطرد الوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، من المكان.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تلك التفاهمات قد تتركز حول قبول نظام الأسد بإنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، تحت إشراف تركي، وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قد شدد في وقت سابق أن السيطرة الفعلية على المنطقة الآمنة يجب أن تكون بيد تركيا.

أردوغان، قال: إن "بلاده ترفض أي حل خارج هذا الإطار"، موضحا أن "تركيا هي القوة الوحيدة التي ستضمن أمن المنطقة، بينما يعجز التحالف الدولي عن إنشاء منطقة آمنة وإرساء الأمن فيها".

وتتولد لدى أنقرة مخاوف من أن تكون المنطقة الآمنة محضنا جديدا للتنظيمات الإرهابية سواء الوحدات الكردية التي تشكل تهديدا قوميا للأمن التركي، أو التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل تنظيم الدولة، حسب مراقبين.

صعوبات الاتفاق

وفق خبراء، في حال قبول أنقرة سحب قواتها من شمال سوريا، فإنه يتوجب على الأسد إيجاد آلية للقضاء على الوحدات الكردية بشكل كامل، وهو الأمر الذي سيشكل صعوبة أمام نظام بشار، إذ أن ذلك يمثل تضحية بحلفائه الأكراد، غير أنه في نفس الوقت، أمر غير مستبعد الحصول من جانب نظام الأسد في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الحرج الذي يعيشه النظام.

في المقابل، فإن الأمر الذي سيمثل صعوبة أمام أنقرة هو إعادة تطبيع العلاقة من الأسد، لكن أنقرة لن تكون ملتزمة بهذا الإجراء، ويبدو أن لديها الاستعداد للتخلي عن المزايا التي عرضت عليها فيما يتعلق بملفي نفط شرق المتوسط وإعادة الإعمار، لأن الحديث عن مستقبل سياسي سوري يكون الأسد جزءا منه لن يكون أمرا مقبولا من قبل المعارضة السورية، الحليف السياسي لأنقرة.

غير أن أنقرة سوف تدفع بالمفاوضات باتجاه ملفات تتعلق بالوجود التركي العسكري شمالي سوريا، وملف الوحدات الكردية، بالإضافة إلى ملف المنطقة الآمنة.

جهود مضاعفة

لم تكن هذه المرة الوحيدة التي تقود فيها روسيا وساطة بين أنقرة ونظام الأسد، بل سبقتها عدة جولات من المفاوضات، غير أنها ضاعفت جهودها مؤخرا بعد أن تولدت مخاوف لديها من تأثر مصالحها في سوريا، عقب اندلاع الأزمة الإيرانية الأمريكية جراء مقتل قاسم سليماني مطلع يناير/كانون الثاني 2020.

بوتين أجرى زيارة عاجلة ومفاجئة مطلع الشهر ذاته، قابل فيها بشار الأسد في القاعدة العسكرية الروسية بدمشق، وحذره من السماح لإيران باستخدام أراضيه في استهداف المصالح الأمريكية هناك، ردا على استهداف سليماني.

موسكو أبدت تخوفها على تأثر مصالحها في سوريا، والخشية من الدفع بها لمواجهة الولايات المتحدة أو إسرائيل في سوريا، إذا تم استهداف مصالحها.

بالموازاة مع تلك الزيارة، ضاعفت موسكو من جهودها في الوساطة بين الجانبين التركي والسوري، وذلك لضمان بقاء نظام الأسد، الذي يعني بقاء المصالح الروسية في سوريا.

الجهود التي تقودها روسيا ليست هي الوحيدة، وإن كانت هي الأعلى من حيث المستوى،  فهناك وساطات إيرانية بموازاة ذلك، أفصح عنها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في أبريل/نيسان 2019.

ظريف قال: إنه يجري جهود وساطة بين تركيا وسوريا، وأعلن ظريف أنه أجرى "لقاء مطولا مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وعرض تقريرا عن اللقاء على السيد أردوغان".

وقال ظريف: إن إيران ترغب في أن تسود علاقات ودية بين تركيا وسوريا، ودول المنطقة على وجه العموم.

وحسب صحيفة الإندبندنت، فإن إيران ترى نفسها في مأزق مركب في المسألة السورية، لهذا فهي تسعى إلى التوفيق بين تركيا ونظام الأسد لتسهم في حل المشاكل التي تعترض إستراتيجيتها في الداخل السوري.