لوموند: هكذا أصبح رحيل قاسم سليماني أكثر خطورة من وجوده 

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن أي تصعيد قادم بين واشنطن وطهران، قد يهدد خمسة آلاف جندي أمريكي في العراق، ويحولهم إلى رهائن محتملين.

وقال الكاتب جان بيير فيلو، الأستاذ في تاريخ الشرق الأوسط: "انتهى الصراع المفتوح بين الولايات المتحدة وإيران الذي بدأ في 27 ديسمبر/ كانون الأول في العراق وانتهى في 8 يناير/ كانون الثاني بانتصار لا يمكن إنكاره لطهران". 

واشتعل الصراع بعد اغتيال واشنطن، زعيم الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس، في مطار بغداد.

غياب الإستراتيجية

وأشار إلى أن أمريكا ترد فقط على الهجمات ضد مواطنيها أو مصالحها، حيث قتل مقاول أمريكي في كركوك وجرى الاعتداء على سفارة واشنطن في بغداد، مما يثبت للعالم كله غياب الرؤية الإستراتيجية بشكل كبير.

وأكد أن هذا الغياب ليس بالأمر الجديد، "لأن الولايات المتحدة تخلت منذ فترة طويلة عن اعتبار القضية العراقية غاية في حد ذاتها".

وتابع: "قرر جورج دبليو بوش الرئيس الأسبق، في عام 2003، غزو واحتلال البلاد لتشجيع بناء ما يسمى الشرق الأوسط الكبير الموالي للولايات المتحدة، كما أطلق باراك أوباما، في عام 2014 تحالفا ضد تنظيم الدولة، وبذلك، منح البنتاجون الحماية الجوية لسليماني وشبكاته".

ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة الآن تسيطر فقط على عدة قواعد معزولة، لدرجة أنها باتت تقبل بقصف طهران لقواعدها هذه، شريطة عدم تسببها في سقوط ضحايا.

وأضاف "كانت الجمهورية الإسلامية قادرة بالفعل على إطلاق قذائف صاروخية على قاعدتين أمريكيتين في العراق في ذلك اليوم دون أي رد من قبل واشنطن". 

وقال الكاتب: "حقيقة أن هذا القصف لم يتسبب في إسقاط ضحايا ليس أقل أهمية من الهزيمة التي قبلتها بذلك إدارة ترامب". 

ولفت إلى أنه "لا يمكن للبيت الأبيض، المحاصر في العراق بسبب وجود ساحق في القوة لصالح إيران، أن يستعيد سيطرته فقط عن طريق التصعيد الإقليمي، حيث سيصاحب المكاسب العسكرية المحتملة عواقب سياسية واقتصادية مدمرة".  وأكد الكاتب أنه "مع انتصار إيران في هذه المرحلة، يجب تعلم عدد من الدروس الرئيسية". 

التدخل الأمريكي

ويقول: إن هذه الحرب القصيرة الأمد "كرست الواقع الجيوسياسي الجديد، حيث تقلص التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، وفقدت واشنطن حصتها في مواجهة قوة إيرانية جذرت منهجيا شبكات نفوذها خاصة في العراق". 

وبين أن هذا الصراع افتحته إيران، من خلال قذائف الهاون على قاعدة كركوك، حيث قُتل أمريكي، في 27 ديسمبر/ كانون الأول، وانتهى بعشرات الصواريخ، التي أطلقت من الأراضي الإيرانية، ضد قاعدتين أمريكيتين أحدهما غرب بغداد والأخرى في كردستان العراق. 

ونوه بأنه في الوقت نفسه، عانت إيران وأنصارها من أشد الخسائر البشرية، حيث قُتل ما لا يقل عن 25 من رجال الميليشيات الموالية لإيران في غارات أمريكية في 29 ديسمبر/ كانون أول.

وبعد ذلك بيومين كانت هناك محاولة لاقتحام سفارة الولايات المتحدة في بغداد، أتبعها غارة أمريكية في 3 يناير/ كانون ثاني، حيث قتل سليماني وتسعة من رفاقه في هجوم ببغداد. 

وتابع الكاتب الفرنسي: أن البنتاجون زعم أنه "يستعيد الردع" ضد إيران من خلال تصفية رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري، لكن سليماني أثبت، كما ذكرت الدعاية الإيرانية، أن "موته أكثر خطورة من حياته".

وأكد أنه "تم استبدال مهندس السياسة التوسعية للجمهورية الإسلامية على الفور برجل محنك بالفعل"، بينما ساعد موت سليماني على يد "الشيطان الأكبر" في قمع الأصوات المعارضة في إيران والعراق، بعد التنديد من قبل المحتجين في بغداد بتدخلات طهران. 

ورأى جان بيير فيلو أن استعادة الوحدة، على الأقل في الواجهة، للمعسكر الشيعي ضد الولايات المتحدة تمثل إنجازا كبيرا لنظام الخميني الذي تعثرت إستراتيجيته الإقليمية في مواجهة الاحتجاج الشعبي في الخريف الماضي. 

بالإضافة إلى ذلك، صوت البرلمان العراقي بالإجماع في 5 يناير/ كانون الثاني من بين 170 نائبا حاضرين لصالح طرد القوات الأمريكية.  

وقال الكاتب: إن الضربة الإيرانية التي وقعت في 8 يناير/ كانون الثاني، واستهدفت أيضا قاعدة أمريكية في كردستان العراق، جعلت البنتاجون يخطط للتراجع إذا تفاقم الوضع في بقية البلاد.