أندري أزولاي.. مستشار ملوك المغرب ومهندس العلاقات مع إسرائيل

12

طباعة

مشاركة

لا يزال يشكل رقما صعبا في المعادلة الدبلوماسية المغربية، فهو اليهودي الوحيد المتبقي من ترسانة العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، الذي يحتفظ بمنصبه مستشارا ملكيا منذ عقود طويلة، رغم اللغط الكثير الذي أثير حوله.

ولد أندري أزولاي، أو كما يطلق عليه "رجل التوازنات مع إسرائيل وعراب اليهود المغاربة في كل مكان"، بمدينة الصويرة (غربي المملكة) عام 1941 لعائلة يهودية من أصول أمازيغية.

يعرّف المستشار الملكي نفسه على أنه "مغربي يهودي أمازيغي عربي". درس في المغرب قبل أن يلتحق وهو في العشرينيات من عمره بفرنسا لمتابعة دراسته العليا هناك، ما جعله يطّلع أكثر على الشأن الفرنسي حتى أصبح مكلفا بالعلاقات الخارجية والعلاقة مع وسائل الإعلام الفرنسية في ديوان ملك المغرب الراحل الحسن الثاني.

واعتبر أزولاي أول رجل سياسة وإعلام واقتصاد يهودي يتقلد منصبا ساميا في المملكة، ووصفته صحيفة "لوموند" الفرنسية بأنه "من النخب السياسية التي بصمت تاريخ المغرب منذ التسعينيات إلى اليوم".

أزولاي أبرز ذلك في أحد حواراته الصحفية، قائلا: "أشكر بلدي وملكي وطائفتي على هذا الامتياز وهذه المسؤولية". واعتبر أنها "إشارة حداثة وإنسانية وسمو يبعث بها المغرب إلى الآخرين لأنني أنا الوحيد فعلا. أنتمي إلى ناد متميز وانتقائي جدا، لأنني في النهاية أنا العضو الوحيد المنتمي لهذا النادي. وهذا هو المغرب الكبير والحقيقي".

في حديث له مع "لوموند" عام 2018، قال المصرفي السابق: إن وجود حركات احتجاجية في المغرب أمر جيد، وأن الدولة تسمح بذلك. وصفت الصحيفة أزولاي بالدبلوماسي الذي "يُتقن فن الكلام المختصر والدال".

غطاء الثقافة

قضى المستشار 29 سنة بين أسوار قصر المشور السعيد بالرباط (مركز الحكم)، وكان يتولى مكانة الرجل الرئيسي في نظام الملك الحسن الثاني، ثم مستشارا من الدرجة الثانية، بعد اعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة.

عن هذا التراجع في الرتبة خلال العهد الجديد، قال أزولاي للصحيفة الفرنسية: "المستشارون ليست لديهم اليوم مسؤوليات تنفيذية، ولكنهم ينخرطون في عملية التفكير والاقتراح".

قد لا يكون للمستشار دور فعال ومؤثر في المشهد السياسي المغربي، لكنه المؤثر رقم واحد في العلاقات المغربية - الإسرائيلية تحت ستار "التعايش الثقافي".

وصفته "لوموند" بأنه "في قلب الدبلوماسية الثقافية وأنه سفير للتلاحم اليهودي الإسلامي"، معتبرة أنها "رسالة تُكرس انفتاح المغرب، وحداثته واعتداله في الوقت نفسه".

لا تمثل له الثقافة هدفا سياسيا فقط، بحسب المصدر ذاته، وإنما "مُحيطا شاملا لمقاومة الأفول والانحطاط، ومضاد للرياح السيئة".

أسس المستشار في عام 1992 - عهد الحسن الثاني - جمعية "الصويرة موغادور"، وأحد أبرز أهدافها يقول مؤسسها: "تعزيز انصهار وتمازج الثقافات والأديان". تنظم الجمعية وتشرف على مجموعة من الأنشطة الثقافية والمهرجانات التي بلغت أوجها في العهد الجديد للمملكة، وأهمها مهرجان "كناوة" وهو لون موسيقي مغربي ذو جذور إفريقية.

يحظى المهرجان بإشعاع عالمي كبير، وهو ثاني أكبر مهرجانات المغرب، وأحد الأبرز في العالم، إذ يستقطب أعدادا مهولة من الحضور أغلبهم من جنسيات أجنبية، كما يعرف تغطية إعلامية مهمة من كل وسائل الإعلام الدولية.

تعتمد الأنشطة التي تنظمها الجمعية بشكل أساسي على استقطاب فنانين مغاربة من أصول يهودية جزء كبير منهم يعيش في إسرائيل، وآخرون من المغاربة اليهود المنتشرين في باقي الدول الأجنبية.

تتجسد أهمية مشروع أزولاي من خلال نشاط جمعيته في قوله: إن المعركة من أجل الحوار بين الحضارات وتقارب الديانات هي معركة حياتي، التي بدأت منذ نصف قرن تقريبا، وربما لن يتأتى لي أن أحضر نهاية هذه المعركة لأرى الانتصار الذي سيتحقق فيها.

لكنه المسار الذي قد تكمله ابنته أودري أزولاي، التي انتخبت في 2017 مديرة عامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو"، بعد أن شغلت منصب وزيرة الثقافة والاتصال في الحكومة الفرنسية السابقة.

عراب اليهود

يرى أزولاي أن المغرب هو الفضاء الأكثر شرعية واستعدادا للاتحاد من أجل السلام والتسامح بين المسلمين واليهود، مشيرا إلى أن هناك الآن نحو مليون يهودي في العالم يعتبرون المغرب وطنا لهم وفضاء تعمقت فيه جذورهم. 

وفي إسرائيل هناك نحو 600 ألف يهودي يُقرون بمغربيتهم، ويشكلون أكبر جالية من أصول عربية هناك، ويعتبرهم المغرب سفراء له ومؤثرين في القرار السياسي الإسرائيلي من خلال قوتهم الانتخابية.

 أما في كندا وفرنسا عددهم كبير جدا وفي أمريكا اللاتينية كذلك، حيث يقيم الملايين من اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى هناك منذ نحو قرنين من الزمن. 

يتحدث أزولاي في أحد حواراته بكل فخر واعتزاز عن اليهود المغاربة، الذين غادر أجدادهم وآباؤهم المغرب منذ أجيال عديدة، ولا زال لديهم نفس الرابط الحضاري المغربي والمرجعية الروحية ذاتها، فضلا عن اللغة والموسيقى والطبخ وتقاليد الممارسة الدينية في البيعة للملك.

القضية الفلسطينية

عن رأيه في القضية الفلسطينية، يقول أزولاي: إنه يناضل منذ نحو خمسين سنة من أجل دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل مستقلة، لكن الواقع لم ينصفه إلى الآن.

يروي المستشار الملكي تفاصيل لقائه الأول مع "منظمة التحرير الفلسطينية" عندما أسس جمعية "هوية وحوار" في باريس سنة 1973، قائلا: في تلك الفترة، بالنسبة ليهودي من داخل المؤسسة اليهودية، وأؤكد على هذه الصفة، كان هذا اللقاء نوعا من "الخيانة العظمى".

"كان اللقاء مع مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية سِريا في شمال المغرب، وكان جلالة الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله هو من رتبه. وبالسنة ذاتها، في طليطلة، التقيت بأبي مازن ( محمود عباس) ومسؤولين آخرين"، يضيف أزولاي.

يرى أزولاي أنه مادامت فلسطين في هذا الوضع فإن ديانته اليهودية ستكون في خطر. لا يعتقد المستشار الملكي أن للملف حلولا أو احتمالات أخرى، سوى "دولة فلسطينية كاملة الحقوق إلى جانب دولة إسرائيل التي تقبل أن ترى مستقبل أطفالها مشتركا مع مستقبل أطفال فلسطين".

ويضع "المرصد المغربي ضد التطبيع مع إسرائيل" أندري أزولاي على رأس قائمة المطبعين والمتعاونين مع "الكيان الصهبوني"، وفقا للمرصد.