لماذا لا يرغب السيسي بنزول الجيش لمواجهة المتظاهرين؟

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة تركية إن الجيش المصري أكثر من يخيف رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، "لأنه يعلم يقينا أنه لا يمانع في التضحية به ويجعله كبش فداء من أجل حماية مصالحه الاقتصادية وضمان استمرارية نظام الحكم المعقد الذي أنشأه الجيش على مدار 70 عامًا".

ولفت الكاتب "إسماعيل ياشا" في مقالة نشرتها صحيفة "ديرليش بوسطاسي" إلى أن الإطاحة بالرئيسين "حسني مبارك، ومحمد مرسي" خير دليل على إمكانية حدوث ذلك في حال استمرت التظاهرات وأخذت بعدا تصاعديا وهو السبب الحقيقي في عدم وجود رغبة حقيقية لدى السيسي في أن يتصدى الجيش للمتظاهرين كما حدث خلال السنوات العشر الماضية. 

الإسلام السياسي

وبدأ الكاتب مقاله بالقول إن "السيسي شعر بأن مقعده يهتز حين بدأت شوارع القاهرة ومختلف المدن المصرية تزخر بالمتظاهرين الساخطين من حكمه ونظامه، في وقت وصف فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السيسي بأنه ديكتاتوره المفضل؛ وعندما بات الأمر كذلك، حذر السيسي مرة أخرى من حكم الإسلام السياسي".

وقال السيسي قبل أيام إن "الإسلام السياسي هو سبب الفوضى في المنطقة"، وكان هذا الجواب على سؤال وحيد وجهه الصحفيون له حول مظاهرات الأيام الأخيرة، وذلك خلال اجتماعه بنظيره الأمريكي دونالد ترامب على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ74.

ورأى السيسي أن "المهم الذي يجب التأكد منه أن الموضوع، هو أن الرأي العام في مصر لا يستطيع أن يقبل ولن يقبل بوجود الإسلام السياسي ليحكم، ورفض هذا الموضوع عندما تولوا السلطة لمدة عام"، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي بين عامي 2012 و2013.

ورأى الكاتب أن السيسي في تصريحاته هذه يغازل الغرب في قضية الإسلام السياسي التي تخشاها هذه الدول بشكل لافت، ويوجه رسالة مفادها أنها "إن ذهب هو سيأتي الإسلام السياسي". كما حاول السيسي إعطاء انطباع بأن جماعة الإخوان المسلمين تقف وراء المظاهرات في مصر.

وتساءل الكاتب: "على أي استناد قدم السيسي حجته الأخيرة المتعلقة بالإسلام السياسي، سيما وأن التظاهرات الأخيرة دعا لها ممثل مصري ومقاول ورجل أعمال (محمد علي) عمل مع الجيش المصري لسنوات طويلة وهو أبعد ما يكون عن الإخوان المسلمين والإسلام السياسي"، مشددا على أنه لو كان الأمر كذلك أي أن الإخوان المسلمين هم من كانوا وراء التظاهرات لما كان الخوف سيبدو على صوت السيسي وملامحه.

ولفت الكاتب إلى أن الأمر يبدو مختلفا هذه المرة، وسط حديث يجري أن هناك خلافا وتسوية بين الأجنحة في الجيش والمخابرات وقوات الأمن في مصر.

أين الجيش؟

ونقل الكاتب عن موقع "عربي 21" تفاصيل مهمة، حيث تتحدث مصادر عن أن الجيش المصري رفض طلب وزارة الداخلية نزول الجنود إلى الشوارع للتصدي للتظاهرات واستخدام الرصاص الحي؛ كما أشار التقرير إلى أن الرئاسة المصرية لم تضغط على الجيش لمغادرة الثكنات.

وأشارت المصادر إلى أن "مؤسسة الرئاسة لم تضغط على الجيش أو تؤكد على ضرورة تنفيذ أوامر النزول للميادين، خشية استغلال وجود قوات الجيش واحتمالية تنفيذ انقلاب عسكري ضد السيسي على غرار ما حدث مع الرئيس الراحل محمد مرسي، حيث ادعى البعض حينها أن الجيش نزل لحماية الشرعية، بينما في الحقيقة كان تمهيدا للانقلاب وإحكام السيطرة".

وبين الكاتب أن فشل السيسي في مطالبة الجيش بقمع المظاهرات يُفسر على أنه "خائف من الجيش". وأضاف "يشعر الديكتاتور المصري بالقلق من أنه إذا نزل الجنود للشوارع فقد ينفذون انقلابا بدلا من قمع التظاهرات وهو الأمر الذي تكرر مرتين، الأولى في عهد حسني مبارك والثانية في عهد الراحل محمد مرسي؛ حيث فضل الجيش التخلص من الرئيسين وبقاء سلطته كقوة حاكمة حقيقية".

يتابع: "وإن كانت علاقة مرسي بالجيش لم تكن وثيقة، فعلاقة مبارك بالجيش كانت الأقوى على مدار 30 سنة، وعلى الرغم من هذا كله، أطاح الجيش بمبارك في ثورة 25 يناير/كانون الأول، ولن يكون مصير السيسي مختلفا لو تكررت ذات الظروف"، وهذا ما يؤكده مراقبون.

من هؤلاء المراقبين أيمن نور زعيم "حزب غد الثورة" المصري المعارض والذي قال في تصريحات صحفية إن الجيش المصري يمكنه عزل السيسي وفقا للمادة 200 من الدستور، والتي تخول الجيش بحماية البلاد من أي مخاطر  تهددها، أو في حال تعرضت الديمقراطية والحقوق وحريات الأشخاص للانتهاك، كما تسمح بالتدخل للحفاظ على مدنية الدولة.

ورأى نور، أن المادة 200 تصلح كغطاء دستوري للتدخل من قبل القوات المسلحة للدعوة إلى مرحلة انتقالية أو انتخابات رئاسية مبكرة، عقب عزل السيسي، لأن الدستور الحالي أصبح مليئا بالثغرات، ومن بينها هذا النص.

وتنص المادة على أن "واجب القوات المسلحة هو حماية البلاد، وضمان أمنها وأمن أراضيها، وحماية الدستور والديمقراطية، وحماية المكونات الأساسية ومدنية الدولة، ومكاسب الشعب، وحقوق الأفراد وحرياتهم".

وقال الكاتب: "على الرغم من أنه يحاول إعطاء انطباع بأنه لا يوجد شيء، إلا أن السيسي قلق للغاية لأول مرة منذ الانقلاب والذعر الذي تعرض له، لكن هذا الخوف بدون فائدة".

وعلى الرغم من حملات الاعتقال التي طالت الآلاف خلال الفترة الماضية، لكن آلاف آخرين نزلوا للشوارع في معظم المدن تندد بالنظام المصري وتطالب برحيل السيسي.

وختم الكاتب مقالته بأنه "إذا كان الشعب المصري مستمر في ملء الشوارع والساحات بالحشود الكبيرة، فإنه ومن أجل الحفاظ على مكاسب الجيش، وحماية مناصبه ونظامه الاقتصادي العتيد، فلن يتردد الجيش في أن يجعل من السيسي كبش فداء، وعلى العكس من ذلك فإن هذا الاحتمال سيكون مرتفعا لو استمر الأمر على هذا النحو".


المصادر