"فايننشال تايمز": جهود سعودية لإعادة المعارضين إلى الوطن.. كيف؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، تقريرا كشفت فيه عن محاولات المملكة العربية السعودية إغراء وإقناع مواطنيها المقيمين في الخارج بالعودة إلى المملكة لإسكات أصواتهم، قبل أن يفسدوا "رواية الإصلاح" التي يروّج لها ولي العهد محمد بن سلمان.

وذكرت، أن المبادرة تأتي بعد تسعة أشهر من مقتل جمال خاشقجي، الصحفي السعودي المنفي الذي كان ينتقد ولي العهد السعودي، مما ألحق أضرارا بالغة بسمعة المملكة.

إسكات المنفيين

وأشار التقرير إلى أنه في محاولة لمنع السعوديين الآخرين الذين يعيشون في الخارج من التعبير عن آرائهم بشأن سياسات محمد بن سلمان، يحاول المسؤولون –حسب مصدرين مطلعين- في هذا الوقت إقناع النقاد والمعارضين بالعودة إلى الوطن مع تقديم تطمينات بشأن سلامتهم عند العودة.

ونقلت الصحيفة عن أحد السعوديين في المنفى وصله عرض من السلطات السعودية، قوله: "عادة ما يتصل بك شخص مقرب من القيادة أو وسيط من نوع ما ويقول: "لدي رسالة شخصية من ولي العهد، ووعد بأنه لن يكون هناك أي ضرر أو عقوبة السجن إذا قررت قبول العرض".

ولفت التقرير إلى أنه يبدو أن الحرص الشديد لإعادة المنفيين إلى بلادهم لا يزال ساري المفعول حتى بعد مقتل خاشقجي الذي سبّب للسعودية أسوأ أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وكشفت الصحيفة عن قلق السعودية من المغتربين، فبحسب شخصين على معرفة مباشرة بالموضوع، فإن ارتفاع مستوى القلق بشأن المغتربين السعوديين، قد دفع الديوان الملكي مؤخرا إلى إجراء دراسة حول هذا الموضوع.

وبحسب التقرير، فإن الدراسة، التي لا تزال قيد المراجعة ومن غير المرجح أن تُنشر للجمهور، قدرت أن عدد طالبي اللجوء السياسيين السعوديين سيصل إلى 50 ألف بحلول عام 2030. وأوصت بأن تتخذ الحكومة مقاربة أكثر ليونة في تعاملها مع المنشقين من خلال منحهم خيارات وحوافز للعودة بدلاً من الضغط عليهم والقسوة في معاملتهم.

ارتفاع طلبات اللجوء

وذكرت الصحيفة، أن عدد قليل من المنشقين الإسلاميين السعوديين لجأوا إلى العواصم الغربية مثل لندن وواشنطن منذ التسعينيات، وعاد بعضهم بعد إبرام صفقات مع الحكومة. ولكن مع تضاؤل ​​مساحة النشاط وحرية التعبير داخل المملكة في السنوات الأخيرة، سعت مجموعة أكبر من السعوديين إلى حياة جديدة في الخارج.

وأكدت، أن الحكومة السعودية لم تعلق على طلبات التعليق على الموضوع، إلا أن بيانات وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تشير إلى أن 815 سعوديا على الأقل تقدموا بطلب للجوء في عام 2017، مقارنة بـ 195 في عام 2012.

وبيّن التقرير أن المملكة المتحدة وكندا وألمانيا تعد من بين الوجهات الرئيسية لطالبي اللجوء من السعوديين. بعضهم من طلاب المنح الدراسية الحكومية الذين يقررون عدم العودة.

ولفت إلى أن هناك نساء أخريات هربن من قوانين الوصاية الذكورية. في حين لا توجد منظمة جامعة واحدة تجمعهم بشكل موحّد، إلا أن مشاركاتهم وأصواتهم في الإعلام والصحافة العالمية تمثل تحديًا جديدًا للحكومة السعودية في سعيها لجذب الاستثمار الأجنبي لدعم خطط الأمير محمد بن سلمان.

ونقل التقرير عن أحد الناشطين السعوديين المقيمين في أوروبا، قوله: "جزء كبير من قلقهم هو أن هذه المجموعة في الخارج تشارك في الضغط على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والكونجرس في الولايات المتحدة".

وأضاف الناشط: "لقد لعب المعارضون السعوديون في الخارج دورا رئيسيا في رد الفعل العنيف ضد المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة لأنهم كانوا يعملون بطريقة غير مسبوقة. لو ظلوا صامتين، لكان المجتمع الدولي قد نسي الأمر".

وذكر التقرير أنه في عام 2016، حذر مجلس الشورى في السعودية، من أن أكثر من مليون مواطن سعودي يعيشون في الخارج بشكل دائم. وطلب المجلس من الحكومة "التحقيق في هذه الظاهرة وأسبابها قبل أن تصبح تهديدا أمنيا" أو معضلة اجتماعية"، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.

أدلة على الإعدامات

وأشارت الصحيفة إلى تقرير أنييس كالامار، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، الذي صدر في الشهر الماضي، ويدعو إلى إجراء تحقيق يتناول ولي العهد السعودي بسبب وجود "أدلة موثوقة" على أنه ومسؤولين كبار آخرين مسؤولون عن مقتل خاشقجي. رفضت المملكة العربية السعودية التقرير قائلة إنه يستند إلى "قناعات مسبقة وتحيزات مسبقة الصنع".

ونقل التقرير عن الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إيمان الحسين، قولها إن التغييرات الاقتصادية والاجتماعية في السعودية والتي تحدث بشكل عمودي من أعلى إلى أسفل، ساهمت في حالة من الاستقطاب العميق ودفعت بعض الناس إلى مغادرة البلاد، حتى لو لم تكن أسباب مغادرتهم سياسية.

وختمت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول، إن مناخ الخوف والتوتر نتيجة للتغيرات الجذرية التي فُرضت حتى الآن يمكن أن يستفيد من فتح مجال أكبر للنقاش والتفاهم. ومن شأن ذلك أن يسمح بتنوع وجهات النظر. "إذا تم تعزيز المناطق المشتركة، فسيتم احتواء الأمور داخل البلاد بشكل أفضل".