صحيفة أمريكية: كيف خططت السعودية للسطو على أكبر حقل غاز بقطر؟

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها، الضوء على تطلعات المملكة العربية السعودية في بناء إمبراطورية للغاز الطبيعي لتفعيل حملتها للتصنيع، حيث تقود الطموحات الاقتصادية لولي العهد محمد بن سلمان حملة تستهدف تجارة الغاز.

وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، فإن صفقة السعودية لشراء الغاز الطبيعي الأمريكي جزء من خطة بقيمة 160 مليار دولار لبناء أصولها من الغاز، حيث من المتوقع أن يرتفع طلب المملكة الغنية بالنفط على الطاقة الجديدة بما يتجاوز قدرتها.

إمبراطورية للغاز

وأشارت إلى أن "المملكة تتوخى إمبراطورية للغاز الطبيعي تغذي المدن الجديدة المستقبلية وتساعد على تطوير الصناعات المحلية في مجالات التصنيع والتعدين والتكنولوجيا".

ولفت تقرير الصحيفة الأمريكية، إلى أن السعودية تنتج الآن ما يكفي من النفط الخام لتلبية الطلب على الكهرباء، لكن القادة السعوديون يحاولون التوقف عن حرق النفط لتوليد الطاقة لأنه يخفض أكبر مصدر لإيراداتها– وهو صادرات النفط.

وأوضحت، أن اتفاق السعودية لشراء الغاز الطبيعي المسال من شركة سيمبرا للطاقة، الذي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء الماضي وأعلن رسميا بعدها الأربعاء، يمثل خطوتها الأولى في شركة - تبيع وتشتري الغاز الطبيعي المسال- حيث تخلفت منذ فترة طويلة عن منافسيها مثل قطر والولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الاتفاقية التي تبلغ مدتها 20 عامًا، تتضمن قيام شركة النفط العربية السعودية المعروفة باسم "أرامكو"، بشراء 5 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا من ميناء آرثر الخاص بسيمبرا، الذي هو قيد التطوير.

ووصفت "وول ستريت جورنال" الصفقة، بأنها واحدة من أكبر صفقات الغاز الطبيعي المسال التي تمت على الإطلاق وأكبرها من حيث الحجم منذ عام 2013 ، وفقا لما ذكرته شركة "وود ماكنزي"، لاستشارات الطاقة في المملكة المتحدة.

وأردفت الصحيفة: "هذه الترتيبات هي الأكثر واقعية في سلسلة من الخطط السعودية لإنتاج وتداول الغاز على مستوى العالم"، مبينة أنه "في شمال السعودية، أطلقت أرامكو ما يسميه بعض المحللين أصغر مشروع لها على الإطلاق ولكنه أحد أهم مشاريعها. حول مدينة طريف، بدأت أرامكو بنجاح في إنتاج الغاز الطبيعي من تقنيات التكسير الهيدروليكي التي أطلقت طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، ولكن نادراً ما استخدمت في السعودية".

وأضافت، أن " استخدام الغاز يتم لتشغيل منشأة التعدين، ما يوفر لمحة عن كيف يمكن للغاز تشغيل صناعات جديدة في المستقبل"، موضحة: "كما عززت أرامكو جهود إنتاج الغاز الطبيعي في حقول كبيرة في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حيث بدأت الشركة في إجراء قياسات زلزالية حول أجزاء من البحر الأحمر، حيث يعتقد البعض أن هناك رواسب كبيرة من الغاز الطبيعي".

ونقلت عن ستيوارت ويليامز المحلل في "وود ماكنزي" الذي درس مشاريع الغاز في السعودية، قوله: إن "الغاز شيء ينمو بشكل كبير. إنهم يلاحقون كل جزيء يمكنهم الحصول عليه". وبحسب الصحيفة الأمريكية، لم ترد "أرامكو" والمسؤولون السعوديون على طلبات التعليق.

وفي بيان صحفي، قال أمين ناصر، الرئيس التنفيذي لشركة "أرامكو": "نرى فرصا كبيرة في هذا السوق وسنواصل متابعة الشراكات الإستراتيجية التي تمكننا من تلبية الطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال".

طموحات بن سلمان

ومضت الصحيفة الأمريكية تقول: "إن الطموحات الاقتصادية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان هي الدافع وراء الغاز. في خطته الاقتصادية، التي تسمى رؤية 2030، يدعو إلى بناء العديد من المدن الجديدة حول الصناعات الجديدة، بما في ذلك نيوم، وهي مدينة كبيرة جديدة من المتوقع أن تكلف 500 مليار دولار. وتدعو الخطط السعودية إلى تصدير الغاز الطبيعي بحلول عام 2030".

وزادت الصحيفة: "سيتضاعف الطلب على الكهرباء في السعودية بحلول عام 2030 بسبب الإصلاح الاقتصادي، وفقًا لبنك جدوى للاستثمار، وأحد البنوك في الرياض".

وبحسب "وول ستريت جورنال"، ففي أول نشرة للسندات، قالت "أرامكو"، إن الطلب على الغاز الطبيعي في المملكة سينمو بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030 ، ويمكن أن يتجاوز قدرة الشركة قريبا. وتوفر صفقة "سيمبرا" للسعوديين هزة من الغاز الطبيعي دون الحاجة إلى إيجاد مصادر جديدة للإنتاج.

وتابعت: "لكن من الصعب والمكلف استغلال احتياطي الغاز السعودي مقارنة بالمنتجين الكبار الآخرين مثل روسيا"،  لافتة إلى أن  المسئولين السعوديين كانوا يتعاملون منذ فترة طويلة مع الغاز باعتباره فكرة أقل فائدًا للنفط، على الرغم من امتلاكها رابع أكبر احتياطي للغاز في العالم.

وأكدت الصحيفة، أن "السعوديين أجروا مناقشات واسعة النطاق مع منتجي الغاز الطبيعي الآخرين، ومن المتوقع أن يعقدوا مزيدا من الصفقات في مجال الغاز الطبيعي قريبا".

ونقلت عن "جيسون فير"، رئيس الاستخبارات التجارية في شركة "Poten & Partners"  في نيويورك، قوله: إن "هذه الصفقة تُدخل السعودية إلى السوق. إنها إعلان كبير لشخص يدخل السوق". ومضت الصحيفة تقول: "لقد سعت السعودية إلى تكثيف أنشطتها في مجال الغاز في الماضي".

السطو على قطر

وأشارت إلى أنه في عام 2017، وضع الجيش السعودي خطة للاستيلاء على عمليات قطر في أكبر حقل للغاز في العالم كجزء من غزو مخطط لتسوية النزاعات الأوسع نطاقا بين البلدين، وفقًا لمسؤولين أمريكيين وسعوديين وقطريين غير مخولين بالتحدث.

وأوضحت الصحيفة، أن السيطرة على الحقول القطرية كانت ستجعل السعودية ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بين عشية وضحاها. كاشفة أن "المسؤولين الأمريكيين أقنعوا السعوديين بأن الغزو سيكون بمثابة خرق كبير للنظام الدولي. وبدلا من ذلك، أطلقت السعودية والعديد من الحلفاء المقاطعة الاقتصادية العقابية لقطر.

وأضافت: "في وقت سابق، كان هناك ما يسمى مبادرة الغاز السعودية في التسعينيات، لكن الصفقات مع الشركات الغربية لتطوير إمدادات الغاز المحلية في السعودية لم تتحول لواقع. لقد تم التخلي عن البرنامج في نهاية المطاف"، مشيرة إلى أن بعض الخبراء يشككون في أن تصبح السعودية مُصدّرا ناجحا.

وتابعت الصحيفة: "لقد أصبحت صادرات الغاز أعمالا تجارية عالمية وحشية، مع تقلص أرباح المنتجين الجدد في الولايات المتحدة وأستراليا"، لافتة إلى أنه "حتى اللاعبين الرئيسيين مثل قطر اضطروا إلى التكيف من خلال كونهم أكثر مرونة في شروط العقد. في الماضي ، قال ناصر إنه يعتزم تلبية احتياجات الغاز المحلية قبل التصدير".

ومضت تقول: إن "استهلاك الغاز الطبيعي في السعودية ارتفع بنسبة 60 بالمئة تقريبا من عام 2007 إلى عام 2017، وفقا للمراجعة الإحصائية لشركة بريتيش بتروليوم، حيث تقوم المملكة ببناء محطات جديدة للطاقة تعمل بالغاز".

ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن "الغاز له نظرة أكثر إشراقا من النفط. من المتوقع أن يتراجع الطلب على النفط الخام خلال الـ 15 عاما القادمة، حيث تسعى الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى التحول إلى الطاقة النظيفة أو الطاقة المتجددة".

في الوقت نفسه، بحسب الصحيفة، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز بحوالي 50 بالمئة بين اليوم وعام 2040،  وفقا لشركة "BP PLC".

ونقلت الصحيفة في ختام تقريرها عن تيري بروس، كبير الباحثين في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة ، قوله: إن "رهان أرامكو على الغاز مماثل للقرارات الإستراتيجية التي اتخذتها شركة بريتيش بتروليوم ورويال داتش شل وشركة توتال للتركيز على الغاز".