ارتفاع أسعار البنزين.. هل يدفع الإيرانيين للانتفاض ضد نظام الملالي؟

تأتي إيران في المرتبة الأولى كأرخص سعر للبنزين في العالم بنحو 3 سنت للتر الواحد
في 27 أغسطس/ آب 2024، أثار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، قلق مواطنيه، بإعلانه أن دعم الوقود في إيران "غير منطقي" داعيا إلى تغيير ذلك في أقرب وقت.
وقال بزشكيان، الذي انتُخب في يوليو/ تموز 2024، في مقطع فيديو بثته وسائل إعلام رسمية "ليس هناك أي منطق أن نشتري البنزين بالدولار في السوق الحرة ونبيعه بسعر مدعوم، ويجب على محللي وخبراء الاقتصاد لدينا أن يتصدوا لهذه السياسات الخاطئة".
وتعد أسعار البنزين في إيران، إحدى أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، من الأدنى عالميا، وانتشرت الاحتجاجات في أنحاء البلاد عام 2022 بسبب خفض الدعم الحكومي للمواد الغذائية.
وقبلها في عام 2019، فرضت الحكومة تقنينا للبنزين ورفعت الأسعار 50 بالمئة على الأقل، ما أثار احتجاجات متفرقة في عدة مدن بما في ذلك العاصمة طهران.
إذ تأتي إيران في المرتبة الأولى كأرخص سعر للبنزين في العالم بنحو 3 سنتات للتر الواحد، بحسب تقارير اقتصادية دولية.
وفي هذا السياق، سلط موقع "فرارو" الإيراني الضوء على تأثيرات زيادة أسعار البنزين في إيران على جوانب مختلفة من الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
حيث يشير إلى أن ارتفاع أسعار البنزين يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في نفقات الأسر، وتأثيرات سلبية على دخل ونفقات السائقين وقطاع النقل بشكل عام.
ويحذر الموقع من أن هذه الزيادة في الأسعار قد تكون لها تبعات واسعة على مستويات المعيشة، وقد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية إذا لم يُتعامل معها بحذر.
وفي هذا الصدد، يوصي التقرير بإجراء دراسات شاملة قبل اتخاذ مثل هذه القرارات لضمان أن الفوائد المحتملة تفوق الأضرار المتوقعة.

أزمة شاملة
يستهل الموقع الإيراني تقريره بالقول إنه "في الاقتصاد، لا يمكن تحليل متغير أو ظاهرة بمعزل عن غيرها".
وأضاف: هذا الأمر ممكن فقط في قاعات الدراسة، حيث يُفترض أن العوامل والمتغيرات الأخرى ثابتة أو غير مؤثرة لتسهيل عملية التحليل.
ولكن التحليل الأكثر دقة لأي تغيير أو سياسة هو ذلك الذي يأخذ في الحسبان الجوانب المتعددة للموضوع.
ويدعي الموقع أن "العديد من الأشخاص الذين يقدمون تحليلات لصناع القرار في إيران، وحتى الكثير من صناع السياسات والقرارات ويخلطون بين الواقع والدراسة الأكاديمية. كما أنهم يعتمدون على نظرة أحادية الجانب في اتخاذ قراراتهم.
ويستدل الموقع الإيراني على ذلك بموضوع أسعار السلع والخدمات التي توفرها الحكومة، مثل سعر البنزين.
إذ تقدم البلاد مقترحات لتغيير سعر البنزين بناء على الأسعار الموجودة في دول أخرى أو أسعار مشابهة، دون الأخذ في الحسبان الجوانب المتعددة للمسألة.
وبخلاف ذلك، يرى أنه "من المهم، قبل زيادة السعر، أخذ الجوانب السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية في الحسبان، ويجب تحليل تأثير هذه الزيادة من عدة زوايا".

تأثيرات واسعة
وفي هذا الصدد، يلفت الموقع الإيراني إلى أن "تغيير سعر سلعة مثل البنزين في إيران له تأثيرات واسعة على العديد من الجوانب".
فعلى سبيل المثال، يجب أن تكون الحكومة واعية بأن زيادة مثل هذه، على الصعيد الاقتصادي خصيصا، لها تأثيرات كبيرة، ولا يمكن تبرير هذا الإجراء دون دراسة دقيقة لإثبات فوائده.
ومن بين هذه التأثيرات، يشير الموقع إلى التأثير الكبير الذي سيحدثه هذا الارتفاع على ميزانية الأسرة وتكاليفها.
بالإضافة إلى أن التأثيرات ستصل إلى دخل وتكاليف السائقين وقطاع النقل بشكل واسع النطاق.
وبخلاف ذلك، فإن هذه الزيادة في أسعار الوقود قد تؤثر سلبا على إنتاج السيارات والإنتاج في العديد من القطاعات الأخرى. كما أنها ستؤثر بشدة على التضخم، مما يؤدي إلى تقليل القوة الشرائية للناس، خاصة للموظفين الذين يتقاضون رواتب ثابتة.
وهنا، يخلص الموقع إلى أنه "إذا كان الهدف هو السيطرة على التضخم، فإن زيادة أسعار الوقود تتعارض مع هذا الهدف".
وإذا كان الهدف هو زيادة الإنتاج، فإن زيادة أسعار الوقود تؤدي إلى عكس ذلك. وبقول آخر، فإن زيادة سعر البنزين ستقلل من رفاهية الناس، وستكون لها آثار واسعة على إنتاج وتوفير السلع والخدمات.
وفي هذه النقطة، يبرز الموقع أن “هذه الزيادة تضع العدالة والتناسب في الأسعار موضع تساؤل. فمن ناحية، لن تكون هذه الزيادة لصالح الشعب وستؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي. ومن ناحية أخرى، ستزيد كذلك من أسعار العملات الأجنبية”.
ومن زاوية أخرى، يلفت إلى أن "توقيت الزيادة غير مناسب، حيث لا توجد خطوات وإجراءات واضحة لها. إذ ستتسبب زيادة السعر في عجز ميزانية الدولة، وبالتالي سترتفع الضرائب والتكاليف".
وهذه مجرد أمثلة على الأبعاد الواسعة لزيادة أسعار الوقود، والتي لا ينبغي اتخاذ أي إجراء بشأنها دون دراسة دقيقة.
معالجة الخلل
وتحليلا للهدف الحقيقي وراء مثل هذه الاقتراحات، يقول الموقع الإيراني، إنه يقال إن الهدف هو معالجة الخلل، ولكن إذا كان الهدف هو معالجة الخلل، فهل سيُحل بالفعل من خلال زيادة أسعار البنزين؟ أم أنه مجرد تأثير مؤقت كما كان الحال مع الزيادات السابقة؟"
وبالإشارة إلى وجود طرق أخرى لمعالجة الخلل يمكن أن تكون أفضل من هذا، يتساءل الموقع: “لماذا لا تُستخدم هذه الطرق الأخرى؟”
وهنا، يتشكك الموقع في نية من يتخذ مثل هذه القرارات، متسائلا: “هل الخلل في البنزين مجرد ذريعة لوضع يد الحكومة في جيوب المواطنين لتمويل الميزانية أو تمويل برامج شعبوية؟ أو هل هناك هدف آخر؟”
وفي النهاية، يخلص الموقع إلى أنه "في الأساس، تُقيم قدرات ونجاحات الحكومات من خلال مجموعة من المتغيرات وآثارها".
موضحا أنه "في إيران، للأسف، لا تولي الحكومات، في حالات مثل زيادة الأسعار، الاهتمام الكافي لتأثيراتها، بل تنظر إليها من منظور ضيق، وأحيانا تسعى فقط إلى إخفاء المشكلة بدلا من حلها".
"هذا إن لم يكن لدى البعض الذين يقترحون هذه الزيادة في الوضع الحالي أهداف أخرى"، يختم الموقع.