"سلطة الأمر الواقع!".. تصريح وزير خارجية السيسي عن سوريا يشعل غضب المصريين

"الأمر الواقع هو ما يعيشه شعب مصر بعد اغتصاب السلطة الشرعية"
استياء واسع تثيره سياسات النظام المصري وإعلامه تجاه الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، دفعت ناشطين على منصات التواصل الاجتماعي لمطالبة مصر بالانشغال بشؤونها وعدم التدخل في شؤون الآخرين.
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وصف خلال حديثه في لقاء صحفي مع قناة العربية السعودية في 10 يناير/كانون الثاني 2025، الوضع الحالي في سوريا بأنه "سلطة أمر واقع".
وأوضح أن هناك تواصلا مستمرا بين مصر وسوريا، وأنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية سلطة الأمر الواقع في سوريا في إشارة إلى بدر الشيباني، موضحا أن مصر مستعدة للانخراط في الحوار والتعاون، مع تأكيد وجود بعض القضايا التي تحتاج إلى معالجة.
ورغم تصريحات الوزير المصري، إلا أنه شارك في الاجتماع العربي الدولي بشأن سوريا، الذي استضافته الرياض في 12 يناير، بمشاركة دبلوماسية عربية وأوروبية، في أول قمة من نوعها منذ سقوط رئيس النظام السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وبرر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، توصيف عبدالعاطي للإدارة السورية الجديدة، بأن "هذا المصطلح يستخدم في حالات ومواقف سياسية تشهد فيها أي دولة انهيارا كاملا للسلطة التنفيذية وقياداتها في فترة سريعة، وينتج عن ذلك فراغ بالمشهد السياسي وتفكك لمؤسسات الدولة".
وأضاف في مداخلة إعلامية أن "هذا الفراغ يتم ملؤه من عناصر أو جهات أو أفراد تقرر أن تأخذ بزمام الأمور، لكن هذه العناصر تكون غير منتخبة في ذلك الوقت نظرا لظروف المرحلة الاستثنائية".
وجاءت تصريحات وزير الخارجية المصرية بالتوازي مع قول رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، خلال تفقد الأكاديمية العسكرية، إنه يجب أن يُسمح لكل الأطياف الموجودة في سوريا وكل القوى والعرقيات أن تكون مشاركة في الحكم هناك.
وبالمعنى ذاته، تحدث وزير الخارجية المصري خلال اجتماع الرياض، عن ضرورة تبني عملية سياسية شاملة بكل مكونات المجتمع السوري وأطيافه، ودون إقصاء لأي قوى أو أطراف سياسية واجتماعية لضمان نجاح العملية الانتقالية.
وندد ناشطون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية على منصتي "إكس"، "فيسبوك" ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #سوريا، #لازم_يمشي، #بدر_عبدالعاطي، وغيرها، بموقف النظام المصري من التطورات في سوريا، مستنكرين تعمد الإساءة للإدارة السورية الجديدة.
وذكر ناشطون النظام المصري بأنه وصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري على الرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي في 2013، وأن السيسي وأفراد حكمه يحكمون قبضتهم على السلطة بقوة الدبابة، داعين السيسي ونظامه لتطبيق ما يعظون به الإدارة السورية بشأن المقاربة الجامعة.
تنديد واستنكار
وتفاعلا مع الأحداث، أشار أستاذ العلوم السياسية خليل العناني، إلى أن عبدالعاطي كأنه يقصد بتصريحه إهانة الإدارة الجديدة في سوريا أو يحطّ من قدرها.
وقال: "بعيدا عن التصريح الخايب وعن التخبط المصري والهستيريا مما يجرى في سوريا، أذكّر الأستاذ بدر بأنه أيضا يعمل وزيرا لسلطة أمر واقع فرضها انقلاب هو شخصيا أسهم في الترويج له والدفاع عن سوءاته داخليا وخارجيا، ولولا ولاؤه الشديد لتلك السلطة وأجهزتها لما وصل لمنصبه الحالي".
وأضاف العناني: "ما هكذا تورد الإبل وإذا بُليتم فاستتروا يا أخ بدر."
من جانبه، كتب رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان: "لما وزير خارجية مصر يصف الحكومة السورية الجديدة بأنها "سلطة الأمر الواقع" يبقى رجل مهزأ، وجاهل، وأحمق، ويضع بلده في مواجهة اعتباطية مع سوريا، ويمنح السلطات السورية كامل الحق في أن ترد على سخافته بطريقتها الخاصة.
بدورها، أوضحت الصحفية إسراء الحكيم، أن الحقيقة هي أن "الأمر الواقع " هو ما يعيشه شعب مصر بعد اغتصاب السلطة الشرعية التى جاءت بالصندوق والانقلاب عليها وإسكات كل أصوات المعارضة بالسجن والقتل والمطاردة بمسوغات قانون العسكر.
وتهكم مختار مخلوف، على وصف وزير خارجية مصر الحكومة السورية الجديدة بأنها "سلطة الأمر الواقع"، قائلا: "كأنّ نظام السيسي ليس سلطة أمر واقع، وأنه نظام شرعي، جاء بالإرادة الشعبية!!.. شرّ البلية ما يضحك."
وأعرب رفعت الحسن، عن رفضه التدخل في الشأن السوري، مستنكرا وصف وزير الخارجية المصري للسلطة القائمة في سوريا بسلطة الأمر الواقع، وعده وصفا لا يخلو من التحقير، وكأنها تقلل من إنجازات حكومة استطاعت في غضون ثلاثة أسابيع فقط خفض سعر الدولار أمام الليرة السورية بأكثر من 50%.
وتهكم قائلا إن "في مقابل ذلك، فإن الحكومة المصرية "العظيمة"، المدججة بالاقتصاديين والمستشارين، والمستفيدة من مساعدات الخليج والمعونة الأميركية، تمكنت من تحقيق إنجاز تاريخي بجعل الدولار الواحد يتجاوز الخمسين جنيها!".
وأضاف: "ربما على الحكومة المصرية أن تتحلى ببعض التواضع وتتوجه إلى حكومة (سلطة الأمر الواقع) لتتعلم منها كيف يُدار الاقتصاد بشكل فعّال.. أما التنظير وإلقاء الأحكام على الآخرين، فمن الأفضل أن يحتفظوا به لأنفسهم، خاصة وهم غارقون في فشلهم الاقتصادي.
واستنكر أحد المغردين، رد فعل مصر على التطورات في سوريا، وعده ردا بطيئا ومتأخرا ومترددا، مؤكدا أن مصر ستخسر كثيرا نتيجة لهذا التردد.
وقال إنه على الرغم من أن تعبير "سلطة الأمر الواقع"الذي قاله الدكتور بدر عبدالعاطي عن الحكومة السورية المؤقتة هو تعبير صحيح علميا لكنه تعبير غير مناسب أن تستخدمه الدبلوماسية المصرية.
إرادة شعبية
من جهته، خاطب الطبيب السوري أيمن مرعي، وزير الخارجية المصري قائلا: "نحن لا يوجد عندنا سلطة أمر واقع يا هذا".
وأضاف: "عندنا سلطة الشعب والأمة السورية الحرة، أما سلطة الأمر الواقع فهي في القاهرة العزيزة التي جاءت على جماجم الأبرياء عبر انقلاب عسكري قاده عميل قاتل ضد رئيس منتخب بريء شهيد".
وأكد مرعي، أن سوريا لم تعد كما كانت من قبل ملطشة، قائلا: "لن نسمح لأي كان أن يتطاول على الشعب وإرادته، الزموا حدودكم واعرفوا قدركم، إنها سوريا العظيمة يا خائن !!!".
وأعرب عن رفضه السكوت على السفهاء بعد الآن بحجة الدبلوماسية وغيرها، قائلا: "يجب إلقام كل سفيه حجراً".
واستنكر أبو إبراهيم شقير، تصريحات عبدالعاطي، متسائلا: “من أنت ليكون من شأنك أن تتكلم في قرار الشعب فتقول سلطة الأمر الواقع؟”
وقال: "سلطة الثورة، سلطة الدولة السورية رغما عن أنف من يأبى.. لا يحق لك أن تريد فيها أو لا تريد".
وعرض صلاح حسني، صورة لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي، وعلق ساخرا: "لو قلنا عليهم حكومة انتقالية وهم جايين بإرادة شعبية هيقولوا علينا واحنا جايين بالدبابة والبندقية حكومة غير شرعية، ولو قلنا سلطة الأمر الواقع هيقولوا علينا سلطة انقلاب، طب وبعدين بقي هتحلها إزاي دي يا واد يا سيسو".
مصر أولى
فيما تهكم الإعلامي قطب العربي، قائلا: "لو دعا بذلك وزير خارجية غربي لكانت مقبولة، لكن أن تأتي هكذا دعوة من نظام مستبد مستأثر بالسلطة، فهذا هو الهزل بعينه".
وأضاف: "لهذا الوزير ومن وراءه قال الشاعر المتوكل الليثي: "يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَلِّمُ غَيرَهُ.. هَلا لِنَفسِكَ كانَ ذا التَعليمُ.. تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا.. كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ.. وَتَراكَ تُصلِحُ بالرشادِ عُقولَنا".
وعقب الكاتب رفيق عبدالسلام، على دعوات وزير الخارجية للإدارة السورية خلال قمة الرياض، متسائلا: “هل ترك السيسي طرفا شريكا في الحكم معه؟ وهل هناك قوة سياسية لم يلاحقها بالسجون والمحاكمات الصورية؟ وهل أبقى على شيء اسمه السياسة بعدما حول الدولة إلى مزرعة خاصة له ولعائلته ولبعض الجنرالات والعمداء من حوله؟”
وقال للسيسي: “طيب ابدأ بنفسك وأشرك معك حتى الأنصار والموالين قبل أن نتحدث عن المعارضين والكارهين للنظام العسكري.”
ورد محمد الدمنهوري، على قول وزير الخارجية المصري إن مصر تدعو إلى إفساح المجال للقوى السياسية في سوريا بأطيافها كافة إلى ممارسة حقها السياسي، قائلا: "أنا أقول له مصر أولى بذلك".
وعاب يحيى بدير، على وزير الخارجية المصري قوله في اجتماع الرياض: إن إيواء سوريا الجديدة الإرهابيين هو عمل استفزازي ويشكل تهديدا للدول العربية، قائلا: “يا معالي وزير الخارجية.. ألا تملك عبارات دبلوماسية ألطف من هذه الدبشات؟”
ورصد الصحفي محمد جمال عرفة، ملاحظات عدة على اجتماع وزراء الخارجية العرب في السعودية لمناقشة مستقبل سوريا في حضور وزير خارجية سوريا الجديد (أسعد الشيباني)، منها أنه لم أر أي صور لأي مصافحة بين وزيري خارجية مصر وسوريا.
وأشار إلى أن الوزيرين (ربما تصافحها في الكواليس أو أن الوزير المصري بدر عبد العاطي هو الذي لم ينشر صورة مصافحته له على موقع الخارجية خاص بعد أزمة وصفه وزير خارجية سوريا في قناة العربية بأنه "وزير خارجية الأمر الواقع!!").
ولفت عرفة إلى أن الوزراء العرب التقطوا صورة تذكارية ومعهم وزراء ألمانيا وأوروبا ولم يظهر بينهم الوزير السوري! (وفق الصور والفيديو).
موضحا أن قناة العربية بثت لاحقا فيديو آخر لعودة كل الوزراء لالتقاط صورة تذكارية أخرى وفيها وزير خارجية سوريا، وقيل إن الوزير السوري احتج بشدة لقيام الوزراء بالتقاط صورة بدونه فعاد جميع الوزراء ليتصوروا مرة أخرى مع الوزير السوري.
وكتب الناشط السوري محمد خير كنغو: “وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء، في تصريح لا يتحلى بأدنى معايير الأعراف الدبلوماسية يصف وزير خارجية مصر القيادة في سوريا بسلطة الأمر الواقع ويوصي بحياة سياسية متنوعة وكأنه المُنعم المتفضل وصاحب قرار !؟ ”
وخاطب الوزير المصري قائلا: “البلطجة هذه باستطاعتك ممارستها في المكان الذي تربيت فيه، أما أمام سوريا الجديدة فعليك أن تقف باستعداد واحترام وتعرف حجمك وحجم سيدك الانقلابي الذي يحكم مصر بسلطة الأمر الواقع..”.
ورأى صلاح الدين، أن وزير الخارجية المصري كان من الواجب عليه قبل أن يتدخل في الشأن السوري، أن يدعو إلى عملية سياسية في مصر المخطوفة دون إقصاء فصيل وأن يدعو الجيش المصري للعودة إلى سكناته، مؤكدا أن ذلك لو حدث لعاد الإخوان للحكم.
الإعلام يشيطن
واستنكارا لشيطنة الإعلام المصري الإدارة السورية الجديدة، تساءل عبدالفتاح: "لماذا رجال الإعلام المصري مثل أحمد موسى ومصطفى بكري والديهي وإبراهيم عيسى والغيطي والباز وأحمد سالم وووو .. منزعجون من تخلص الشعب السوري من المجرم بشار".
ووجه حديثه لهؤلاء الإعلاميين قائلا: "سوريا تخلصت من قتل الناس تحت التعذيب ومن دمر المدن والذي أعاد سوريا إلى ما قبل التاريخ".
وتساءل الصحفي سليم عزوز: هل هناك خلية أزمة شكلت للتعامل مع الأزمة السورية -سمها الأزمة السورية- والتي لا يجوز أن تترك لوزير خارجية يتصرف بقواعد المكايدة، ويصف وزير خارجية سوريا، بوزير خارجية الأمر الواقع في مقابلة مع قناة العربية.
وخاطب وزير الخارجية المصري قائلا: "يا أخي خليك دبلوماسي.. ايه شغل خالتي وخالتك واتفرقوا الخلات ده؟!"، مؤكدا أن الأزمة السورية لا يجوز تركها لإعلاميين يصورون لأهل الحكم أنهم قادرون على ابتزاز أحمد الشرع.
وأضاف عزوز ساخرا: "أن تتصور أن الشرع هو نجيب ميقاتي، ومن ثم بشوية ضغوط أو بشوية فلوس يسلم لك الشباب الذين قاتلوا معه.. فاسمح لي أقولك أنت لا تعرف الناس..(أنت شوفت الناس فين؟)!".
كما تساءل سمير الضاهر: "إلى أين تتجه مصر، وإلى أي حضيض يريد زبانية السيسي أن يحملوها، بعد المراهقات الإعلامية لإعلام السيسي من أمثال أحمد موسى ومن على شاكلته، يأتي دور المراهقات السياسية للبطانة الفاسدة لنظام الانقلاب الدموي في مصر".